الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
25 عاما على رحيل رائد التواصل الإسلامى المسيحى

25 عاما على رحيل رائد التواصل الإسلامى المسيحى


 منذ أيام، مرت ذكرى رحيله الـ25 فى هدوء لا يليق بما قدمه للفكر المسيحى والإسلامى ،من المفترض أن مثل هذه المناسبات فرصة لإعادة طرح أفكار الرجل الذى وهب نفسه وحياته للحوار بين الإسلام والمسيحية، ومد الجسور بين أتباع الديانتين، وكان هدفه مثلما قال «إقامة مجتمع على أساس إنسانى شامل يضع الله مركزه ويلبى مطالب المسيحية والإسلام والعالم الحديث المعاصر بغير أن يمثل ذلك فقدانا لأى أحد»، الأب الدكتور جورج قنواتى، صاحب الاسم المعروف لكل المهتمين بحوار الأديان والتقارب بينها، وكانت إسهاماته البارزة فى هذا المجال منارة أضاءت الطريق لمن مشوا بعده على نفس نهجه، وكل مؤلفاته شاهده على جهده المشكور فى تحقيق هذا الغرض الإنسانى الرائع، ولد الأب قنواتى بالإسكندرية عام 1905 لعائلة يونانية أرثوذكسية، ولكنه تحول بعد ذلك إلى الكاثوليكية، وحصل على بكالوريوس الصيدلة من جامعة القديس يوسف اليسوعية ببيروت، ثم دبلومة الهندسة الكيميائية من جامعة ليون بفرنسا، وفى عام 1934 التحق برهبنة الدومينيكان، وهنا بدأت رحلته البحثية والفكرية، فدرس الفلسفة واللاهوت وحصل على الدكتوراه عام 1948 من جامعة مونتريال، وكانت رسالته عن «مفهوم الخلق بين ابن رشد وتوما الأكوينى» وهو ما يبين اهتمامه بالحوار بين الحضارات والانفتاح على الآخر فى مرحلة مبكرة من حياته، وحسب ما قاله الكاتب البارع والباحث المعروف هانى لبيب فى كتابه «أبونا قنواتى.. مشوار العمر»- وهو الكتاب الوحيد عنه باللغة العربية - «إن الأب قنواتى أسهم مع الفيلسوف الفرنسى الشهير لويس جارديه فى ترجمة وشرح التصوف وعلم الكلام الإسلامى إلى الفرنسية حيث أصدرا كتابا بعنوان «مقدمة فى علم الكلام الإسلامى» والذى تم ترجمته إلى العربية فى ثلاثة أجزاء تحت عنوان «فلسفة الفكر الدينى»، عين الأب قنواتى أمينا لمكتبة معهد الدومينيكان للدراسات الشرقية بالقاهرة ثم مديرا للمعهد، فاهتم بالتواصل مع جامعة الأزهر ومجمع اللغة العربية، واستعانت به جامعة الدول العربية فى مجال الفلسفة واللاهوت، وحسب ما كتبه الباحث الدكتور محمود كيشانه والحاصل على الدكتوراه فى الفلسفة الإسلامية «إن الأب قنواتى أقام حواره الحضارى بين الإسلام والمسيحية على أساس من الاتفاق فى الموضوعات الآتية: الله واحد – الله حى قيوم – الله خالق السموات والأرض – الله محب للبشر – الله ذو الغفران والرحمة – الله هو الحميد المجيد – الأنبياء يرسلهم الله – الله يحيى الأموات ويرضى الأنفس – الإنسان والعبادة – الإنسان واعترافه بحقوق الله»، هذه الموضوعات تمثل جسورا بين الديانتين ويمكن على أساسها الالتقاء بين أتباعهما، لقد كرس الأب قنواتى حياته من أجل هذه القضية، ولهذا كانت معظم دراساته وكتبه عن الحضارة الإسلامية مثل « المسيحية والحضارة العربية» و«المدخل إلى التصوف الإسلامى» وفلسفة الفكر الدينى بين الإسلام والمسيحية «ومؤلفات ابن رشد ومؤلفات ابن سينا وتاريخ الصيدلة عند العرب» و«فلسفة ابن رشد» وغيرها من المؤلفات القيمة، لقد كانت إسهامات الأب قنواتى كبيرة حتى إن معهد الدومينيكان بالقاهرة حسب ما كتبه هانى لبيب «افتتح مكتبة كبيرة عام 2003 باسم جورج قنواتى تضم أكثر من 90 ألف مجلد متخصص فى الدراسات الإسلامية والعربية والشرقية نصفها باللغة العربية والنصف الآخر باللغات الأوروبية، كما تحتوى على أكثر من 8 آلاف وثيقة و650 دورية»، الأب جورج قنواتى قيمة كبيرة وما أحوجنا إلى أمثاله وأفكاره الآن، وأعتقد أنه ما زال أمامنا فرصة للاحتفاء به رغم مرور ذكرى وفاته فى 28 يناير الماضى، فهل تهتم وزارة الثقافة وجامعة الأزهر ومجمع اللغة العربية وكل المعنيين بالحوار الإسلامى المسيحى والتواصل بين الحضارات؟