الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المسيحوفوبيا

المسيحوفوبيا


يتحدث البعض فى الغرب عن تنامى الاسلاموفوبيا والذى يعنى الخوف المرضى من الإسلام، وتستغل الجماعات العنصرية والمتطرفة كل عملية إرهابية فى تخويف المجتمعات الغربية من المسلمين وتزايد أعدادهم هناك وتربطهم بالإرهاب، بحيث تخلق حالة من الكراهية والعداء للإسلام وأتباعه، ويساعدها فى ذلك أفعال وتصرفات بعض المسلمين الذين يعيشون فى الغرب متصورين أنهم يطبقون تعاليم الإسلام ويدافعون عن مبادئه وهو منها ومنهم برىء، مثل الإصرار على ارتداء النقاب، أو إثارة معركة عن بناء المآذن فى سويسرا رغم أن الإسلام لم ينص على بنائها وهى فقط نوع من العمارة لا علاقة له بالدين، أو أن يعيشوا فى جيتوهات منعزلة عن باقى المجتمع.
هذه التصرفات يتم استغلالها رغم قلة عدد من يقومون بها فى التحامل على الإسلام ونشر الكراهية والخوف منه، ورغم أن الرهاب من الإسلام غير عقلانى مثل أن المسلمين سيصبحون الأغلبية فى أوروبا ولا يستند إلى تهديد حقيقى وفعلى إلا أنه يزداد فى أوروبا حتى إن بعض المؤسسات العلمية أجرت دراسات علمية عنه، نفس الأمر يحدث فى مصر ولكن مع المسيحية، فهناك جماعات متطرفة مصابة بالمسيحوفوبيا أى الخوف من المسيحية، وهى نفس أعراض الإسلاموفوبيا مع اختلاف التفاصيل نظرا لاختلاف المجتمع، فنجد هنا من يرفض بناء الكنائس، ولأنه يخاف من هذا المبنى فإنه يصور الأمر للعوام والبسطاء على أن وجود الكنيسة ضد الدين وأن بناءها فى أرض الإسلام لا يجوز، رغم أن الدين السمح يبيح بناء الكنائس، ويقر قيام المسيحيين بأداء طقوس عبادتهم حتى إن النبى صلى الله عليه وسلم سمح لنصارى نجران بالصلاة فى مسجده عندما زاروه فى المدينة المنورة، ويبدو أن المصابين برهاب المسيحية يدفعهم المرض إلى نشر الفتاوى الخاطئة  بين البسطاء وإيهامهم بخطر وجود الكنائس فى بلدهم، المرض بالمسيحوفوبيا ليس جديدا ولكنه يتنامى فمنذ سنوات ادعى المصابون به  أن الأقباط يريدون إنشاء دولة قبطية فى إحدى محافظات الصعيد مثل أسيوط، وهو ما رد عليه المتنيح البابا الراحل شنودة الثالث  بأنه أمر غير عقلانى لأن الكنائس والأديرة منتشرة فى كل المحافظات المصرية ولا يمكن تركها، كما أن الأقباط يتواجدون فى كل ربوع مصر ومن المستحيل أن يتركوا ممتلكاتهم وأعمالهم ومصالحهم ويتكدسوا جميعا  فى محافظة واحدة.
الرهاب من المسيحية جعل البعض يتدخل لمنع المسيحيين من تولى بعض المناصب ويكفى ما حدث عند اختيار محافظ قبطى لقنا بعد ثورة يناير حتى إنه تم قطع الطرق وإيقاف السكك الحديدية اعتراضا على تعيينه، وكأن وجود محافظ مسيحى سيحول المحافظة إلى المسيحية، نفس المرض يحول دون تعيين  الأقباط معيدين أحيانا ويكفى اعتراف د.جابر جاد نصار رئيس جامعة القاهرة السابق بأن قسم النساء بطب القصر العينى لم يعين معيدا مسيحيا منذ سنوات بعيدة، هذا الإقرار يعنى أن لدينا مشكلة فالمرضى بالمسيحوفوبيا يطلقون شائعات من قبيل أن أطباء النساء والتوليد المسيحيين سيستغلون مهنتهم فى تعقيم المسلمات كما أنه لا يجوز لغير المسلم رؤية أجسادهن وكأنهن فى مسابقات للجمال وليست مريضات، نفس الأمر ينطبق على مناصب كثيرة لا يتم اختيار مسيحيين لها خوفا من استغلال هذه المواقع لصالح المسيحيين وضد المسلمين، من أعراض هذا المرض أيضا  الفتاوى التى تحرم تهنئة الأقباط بالأعياد، وتمنع توليهم المناصب المهمة لأنها من الولاية الكبري، وهو أمر لم يعد موجودا فى ظل الدولة الحديثة ونظم الحكم الحالية، وربما تأتى كوابيس لهؤلاء المرضى بأن المسيحيين أصبحوا أغلبية فى مصر وأنهم يمنعون بناء المساجد، ولا يجد المسلمون مكانا للصلاة فيه، كما أنهم ممنوعون من تولى مناصب مهمة ومميزة، بجانب فتاوى كنسية بعدم التعامل معهم أو مصادقتهم أو تهنئتهم بأعيادهم لأنهم كفار، ورغم أن الدستور والقانون يعطيهم كل الحقوق كمواطنين ومنها حرية الاعتقاد وحق إقامة الشعائر الدينية إلا أن التطبيق العملى يجعل كل هذا حبرا على ورق، حيث يتم التضييق عليهم من قبل السلفيين والمتطرفين المسيحيين وتقف بعض أجهزة الدولة مهادنة لا تحميهم ولا تمكنهم من حقوقهم التى كفلها لهم القانون، كل هذه الكوابيس والهواجس التى لن تحدث أبدا تدفع المرضى بالمسيحوفوبيا إلى اتخاذ مواقف تخالف قواعد الإسلام الحنيف السمح.
ما سبق نماذج بسيطة لمرض رهاب المسيحية والذى يجب أن ندرسه ونحاول مواجهته قبل أن  يتحول إلى وباء يعم المجتمع ووقتها سيصعب علاجه. 