الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مصر تربح ديون «النقد الدولى»

مصر تربح ديون «النقد الدولى»
مصر تربح ديون «النقد الدولى»


لم يعد أمام ضخ قرض صندوق النقد الدولى إلى الاقتصاد المصرى إلا خطوة صغيرة، بعد الاتفاق المبدئى على القرض الذى سيكون على مدار ثلاث سنوات.
ويأتى القرض فى فترة بالغة الصعوبة بالنسبة للاقتصاد، ومن المنتظر وفقا لـ«كريس جارفيس» مستشار الصندوق لمنطقة آسيا والشرق الأوسط، أن عرض الاتفاق على المجلس التنفيذى للصندوق خلال الأسابيع المقبلة للبت فيه.

وقالت شبكة «سى إن إن» الأمريكية إن مصر تعانى نقصا حادًا فى الاحتياطى النقدى منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير والاضطرابات السياسية التى أعقبتها وأدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وتراجع تحويلات المصريين فى الخارج.
وتخوفت تقارير علمية من أن تكون مصر قد ربحت المفاوضات لتثقل كاهلها شروط الصندوق، التى يرى معارضو القرض أنها قد تشكل تدخلا فى السياسة الاقتصادية المصرية.
وخفض البنك المركزى المصرى قيمة العملة المحلية بأكثر من 10 % فى مارس الماضى، وهو أكبر تخفيض لقيمة العملة لمرة واحدة منذ عام 2003.
ومع ذلك، لم تنجح هذه الخطوة فى إيقاف تراجع قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار، الذى تجاوز سعره 13 جنيها فى السوق السوداء، فى حين يبلغ السعر الرسمى الذى حدده البنك المركزى المصرى حوالى 8.88 جنيه.
وتطرقت تقارير عالمية إلى الاتفاق، وطرحت السؤال: هل هذا الإجراء سيؤدى بالفعل إلى تحسين أسواق الصرف الأجنبى وتقليص عجز الموازنة وخفض الدين الحكومي؟
ووفقا لوكالة «بلومبرج» الدولية فإن على الحكومة المصرية أن تعمل على ضرورة «التنفيذ السريع» للعديد من التدابير لاستعادة الاستقرار الاقتصادى، ويشمل برنامج الحكومة الاقتصادى خططًا لإدخال الضريبة على القيمة المضافة، وخفض دعم الكهرباء ويتوقع خبراء الاقتصاد فى البنك المركزى خفض قيمة العملة المحلية أو اعتماد نظام سعر الصرف المرن لجذب الاستثمارات التى من شأنها تعزيز الاحتياطيات الأجنبية وتهدف إلى تحسين أداء سوق الصرف الأجنبى، وخفض التضخم إلى أقل من 10 %.
وشدد الخبراء على أن الانتقال إلى نظام سعر الصرف المرن سيعزز القدرة التنافسية، ويسفر عن دعم الصادرات والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر، وهذا من شأنه تعزيز النمو وفرص العمل والحد من الاحتياجات التمويلية.
وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» فقد واجهت الحكومة المصرية انتقادات متزايدة فى الأشهر الأخيرة بسبب تدهور الاقتصاد والركود وخفض قيمة العملة، وهو ما أدى إلى اضطرار مصر إلى الاستدانة من مؤسسات دولية فى محاولة إنعاش اقتصاد «يحتضر»، وبالإضافة إلى قرض صندوق النقد الدولى فهناك تفاوض على قرضين من البنك الدولى وبنك التنمية الأفريقى، إلى جانب إصدار سندات دولارية، وقروض أخرى من دول وجهات تمويل لم يتم الإعلان عنها.
وبحسب التقرير فقد وصل حجم الدين الداخلى المصرى إلى نحو 2.25 تريليون جنيه مصرى، كما وصل حجم الدين الخارجى إلى 53 مليار دولار، ما يثير تساؤلات حول قدرة مصر الفعلية فى إدارة اقتصادها فى الفترة المقبلة.
ويشير مراقبون إلى أن القرض فى هذا الوقت مفيد لمصر، لأن السياق الاقتصادى الذى تعيشه البلاد، يؤكد أن هناك خللا كبيرا لن يتم سده إلا بالقرض خصوصا وأن مصر تعانى من مشاكل تمويلية عالية وهو سبب زيادة عجز الموازنة المتواصل، وعلى الرغم من أن الدين الخارجى لم يعد يسمح بقروض جديدة، خاصة وأن سعر الفائدة عالى إلا أنه لم يكن هناك بديل من الاقتراض.
ولكن يوضح التقرير أن القرض سيجعل صندوق النقد طرفا فى برامج اقتصادية لتنفيذها ما يلقى بظلاله على الكثير من المخاوف وهو كون الصندوق سيعمل كمشرف على اقتصاديات الدولة، وعلى سياسات أسعار الصرف، بل سيشرف فى إطار تحليل شامل للحالة الاقتصادية العامة وهو ما يرجح حالات للتحكم فى القرار واختراق السيادة، خاصة أن الصندوق يدفع الحكومات المقترضة إلى مزيد من السياسات التقشفية وخاصة فى ظل الفائدة المرتفعة على المبلغ المقترض، ويدعو إلى تخفيض الإنفاق الحكومى، وذلك عن طريق تقليل الخدمات الاجتماعية ورفع الدعم وتشجيع الخصخصة، بل أحيانا مضاعفة الضرائب، وبدلا من أن يساهم الصندوق فى تحسين اقتصاد الدولة المقترضة، يثقلها بالديون والمعاناة.
وبحسب صحيفة «مونيتور» الامريكية فإن الخبراء يؤكدون على ضرورة التأكد من القدرة على السداد، وأيضا التأكد من جاهزية الوزارة التى ستتسلم القرض على تنفيذ المشروع الممول بقرض خارجى، إضافة إلى تحليل الأثر الاقتصادى للمشروعات، وتحديد الأثر التنموى والبعد الاجتماعى المرجو منها، أيضا يتخوف المراقبون من الاستدانة وأيضا من مساعدات دول الخليج، وأى أموال قادمة لأنها ستفنى فى سد الطلب على النقد الأجنبى، وكان الأولى هو الاستثمار، وضبط الاستيراد ووقف التهريب فى المنافذ الجمركية.
أيضا تطرقت الصحيفة إلى المجلس الأعلى للاستثمار الذى كلفه السيسى بالإشراف على السياسات الاستثمارية للدولة فى كل القطاعات والمحافظات، ويخضع لإشرافه المباشر، وتحت رئاسته، وبحسب التقرير فهناك تفاؤل لخضوع المجلس إلى إشراف الرئاسة.
 وتتمثل الهيئات الحكومية المعنية بتذليل العقوبات أمام المستثمرين فى مصر فى كل من مجلس إدارة هيئة الاستثمار والمناطق الحرة برئاسة وزير الاستثمار والمركز القومى لتنمية وترويج الاستثمار، ولجنة تظلمات من قرارات هيئة الاستثمار، ولجنة وزارية لفض منازعات الاستثمار، ولجنة وزارية أخرى لتسوية منازعات عقود الاستثمار، بجانب وجود المحاكم المتخصصة بالمنازعات الاقتصادية، ودوائر استثمار أخرى فى القضاء الإدارى.
وبحسب التقرير الأمريكى فإن مشاكل الاستثمار الحالية والتى دفعت البلاد للاقتراض كثيرة منها تخصيص الأراضى وتسعيرها، والتعقيدات الإدارية، وقانون الاستثمار فى صيغته الحالية، وإجراءات الربط الضريبى، والتعقيدات الجمركية بكل صورها، ودعم الطاقة، والإجراءات البيروقراطية ذات العلاقة بالحصول على موافقات للمشاريع الاستثمارية، بما تشمله من استخراج التراخيص، ونظام تسوية المنازعات.
ولفتت الصحيفة النظر إلى أن كل تلك الخطوات سواء الاقتراض أو مجلس استثمار تحت إشراف مباشر من الرئيس ليست أيضا حلولا عملية وأنها حلول غير مستدامة وتدفع بجميع المؤسسات إلى مزيد من عدم الكفاءة والبيروقراطية، وربما كان الحل هو تفكيك حقيقى للأزمات التى يعيشها مجال الاستثمار فى مصر، كمشكلة هيكلية لها أبعاد اجتماعية واقتصادية، وهى مرتبطة بالاضطراب السياسى فى مصر والإقليم وبانخفاض أسعار البترول فى العالم، التى لها علاقة بقطاع مصر الخارجى المرتبط بتحويلات المصريين من الخارج خصوصا فى دول النفط، أو المساعدات الخليجية.