الأحد 15 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مصر وإيران إجابات جديدة على أسئلة قديمة

مصر وإيران إجابات جديدة على أسئلة قديمة

تعيد مسألة التطور فى العلاقات المصرية - الإيرانية أخيرًا، طرح مجموعة من التساؤلات المهمة، التي طالما ارتبطت بمساعى ومحاولات الانفتاح بين القاهرة وطهران، خلال العقود الأربعة الأخيرة، بداية ما إذا كانت هناك مراجعات فى السياسات الإيرانية تضمن خطى التقارب؟ وهل تجاوز البلدان مرحلة استكشاف واختبار العلاقات الثنائية، إلى مستوى أعلى من التعاون والتنسيق؟، وفرص وصول العلاقات إلى مستوى التطبيع الدبلوماسى وتبادل السفراء، وتأثيرها على ملفات إقليمية خصوصًا التي ترتبط بمصالح مصر الاستراتيجية بشكل مباشر؟



ظلت مثل هذه التساؤلات حاضرة مع كل طرح لمستوى الحوار بين مصر وإيران، بعد أن انقطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما فى نهاية سبعينيات القرن الماضى، ثم توقفت عند مستوى محدود، واستدعى التقدم فى مستوى التشاور والتنسيق السياسى، الذي أظهرته لقاءات واتصالات مسؤولى البلدين خلال الفترة الأخيرة، البحث عن إجابات جديدة لأسئلة قديمة حول التقارب المصري - الإيرانى.

 

واقعيًا تقف العلاقات المصرية - الإيرانية، عند مستوى تمثيل دبلوماسى منخفض، وهو مكتب رعاية المصالح، غير أن طهران لم تتوقف عن المبادرة والسعى لاستعادة علاقاتها مع القاهرة، خصوصًا خلال الأشهر الأخيرة، والتي كان آخرها زيارة وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى للقاهرة، مطلع شهر يونيو الحالى، ومعها جاء الإعلان عن «بدء مرحلة جديدة فى علاقات البلدين».

وعبر عن ذلك الأمر، وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبدالعاطى، خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع عراقجى، حينما أشار إلى أن «هناك رغبة متبادلة فى تطوير العلاقات وسيتم إطلاق مسار للمشاورات السياسية على المستوى دون الوزارى، ليعقد بشكل دوري لتناول جوانب العلاقات الثنائية، إضافة إلى العديد من الملفات الإقليمية التي تهم البلدين».

 مشاورات سياسية 

وكانت الرسالة واضحة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال استقباله لوزير خارجية إيران، حينما أكد على «أهمية استمرار المسار الحالى لاستكشاف آفاق التطوير المشترك للعلاقات بين القاهرة وطهران»، وهو ما يعكس توافر الإرادة للتقارب والتنسيق بين البلدين، لا سيما فى القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

وما عزز ذلك الأمر، نتائج المشاورات السياسية بين وزير الخارجية المصري، ونظيره الإيرانى أيضًا، والتي تناولت قضايا إقليمية مهمة ترتبط بالأمن القومى لمصر ومصالحها الاستراتيجية، كالوضع فى غزة ولبنان وسوريا والبحر الأحمر، ويبدو أن نتائج تلك المشاورات أظهرت تفاهمات بين القاهرة وطهران، للحد الذي خرج بعدها عراقجى يتحدث عن «مساحة الثقة بين البلدين».

وفى هذا الإطار، اعتبر عراقجى، فى حديثه بالمؤتمر الصحفى مع وزير الخارجية، أن «علاقات بلاده مع مصر، تشهد مسارًا متقدمًا وغير مسبوق نحو التعاون والتقارب»، وأن المباحثات «أسفرت عن الاتفاق على استمرار المشاورات السياسية، إلى جانب العمل على زيادة حجم التبادل التجاري وتعزيز التعاون السياحى».

ولم تكن المشاورات السياسية البعد الوحيد فى زيارة عراقجى، الذي يعكس مستوى التقدم فى العلاقات، إذ قام بجولة فى منطقة «خان الخليلى» التاريخية، تناول خلالها العشاء فى مطعم نجيب محفوظ، رفقة عدد من الشخصيات المصرية، بينهم ثلاثة وزراء خارجية سابقون، هم: عمرو موسى، ونبيل فهمى ومحمد العرابى، ليؤكد بعدها مرة أخرى أن «الدبلوماسية بين مصر وإيران، دخلت مرحلة جديدة، من مستوى التفاعل والتعاون السياسى، والأهم مستوى الثقة والاطمئنان غير المسبوق فى علاقات البلدين».

 زخم اللقاءات الدبلوماسية

مساحات التعاون والحوار التي ظهرت فى مشاورات وزير الخارجية الإيرانى بالقاهرة، لا يمكن فصلها عن سياق أشمل، تسعى فيه إيران لتعزيز علاقاتها مع مصر، على وقع التطورات الإقليمية، ذلك أن زيارة عراقجى، جاءت ضمن سلسلة من اللقاءات والاتصالات المستمرة مع المسؤولين المصريين خلال الفترة الأخيرة، وهو ما عبر عنه بوضوح فى تصريحاته الأخيرة بالقاهرة، بأن «لقاءه بالرئيس السيسى، هو الرابع، وأن مشاوراته مع وزير الخارجية كانت اللقاء العاشر الذي يجمعهما».

وهذه المرة الثالثة التي يزور فيها وزير الخارجية الإيرانى القاهرة، منذ شهر أكتوبر الماضى، (فى أقل من عام)، إلى جانب لقاءات أخرى مع المسؤولين المصريين، على هامش اجتماعات ولقاءات دولية، وهو ما يعكس الزخم فى علاقات البلدين، خلال السنوات الثلاث الماضية، خصوصًا بعد توجه طهران منذ حكومة الرئيس السابق، إبراهيم رئيسى، لاتباع سياسة تحسين العلاقات مع دول المنطقة العربية.

والواقع أن زيارة عراقجى الأخيرة، ما هى إلا محطة أخيرة، ضمن سلسلة من اللقاءات التي جمعت مسؤولى البلدين خلال الفترة الأخيرة، بداية من الصعيد الرئاسى، ففى نوفمبر 2023، كان قد التقى الرئيس السيسى، مع نظيره الإيرانى السابق، إبراهيم رئيسى، على هامش القمة العربية الإسلامية المشتركة فى الرياض، كما التقى الرئيس الإيرانى الحالى، مسعود بزشكيان، على هامش قمة تجمع البريكس فى مدينة كازان الروسية، فى شهر أكتوبر الماضى، وزار الرئيس الإيرانى القاهرة فى شهر ديسمبر الماضى، للمشاركة فى قمة منظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى.

وبموازاة ذلك، حقق عدد من الزيارات الدبلوماسية، اختراقًا لحالة الجمود فى العلاقات خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد زيارة وزير الخارجية المصري السابق، سامح شكرى، لطهران فى مايو 2024، للمشاركة فى مراسم تشييع جثمان الرئيس الإيرانى السابق، كما زار الوزير بدر عبدالعاطى طهران فى شهر يوليو الماضى، للمشاركة فى مراسم تنصيب الرئيس الإيرانى، بينما مثّلت زيارة عراقجى الأولى للقاهرة فى شهر أكتوبر الماضى، نقطة تحول فى علاقات البلدين، ذلك أنها كانت أول زيارة لمسؤول إيرانى للقاهرة منذ 2013.

 العزلة الإيرانية 

وبعيدًا عن مشاهد الزخم فى علاقات القاهرة وطهران، من المهم التوقف أمام مجموعة من الدوافع التي تحكم مسار التطور فى مستوى العلاقات، فبالنظر إلى مستوى التفاعلات الإقليمية والدولية، نجد أن إيران لم تتوقف عن المبادرة والسعى للحوار وتطوير مستوى علاقاتها مع القاهرة.

وإذا كان توجه السياسة الإيرانية، استعادة علاقاتها مع مصر ودول عربية ودول الجوار، فإن دوافعها تنطلق بالأساس، للخروج من نفق العزلة الإقليمية والدولية، المفروضة عليها بعد أن فقدت كثيرًا من نفوذها فى الإقليم، فى ضوء التطورات والتوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط أخيرًا، إلى جانب البحث عن التوازن الاستراتيجى فى المنطقة، فى ضوء ما يتردد عن إعادة تشكيل لشرق أوسط جديد.

ولا يمكن فصل تطورات العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، عن مراجعات إيران الإقليمية، ووضعها فى المنطقة، فى ضوء التحولات فى الجبهة اللبنانية والسورية التي تنخرط فيها طهران بشكل مباشر، وعلى وقع الثقل والتأثير الكبير للدور المصري، فى تلك الحرب، نتيجة لسياسة التوازن الاستراتيجى فى علاقاتها الخارجية.

وربما ما يشجّع إيران أيضًا، هو أن الشرق الأوسط يشهد تحولات فى نمط التفاعلات الإقليمية والدولية، لذلك تتجه طهران نحو التعاون والتفاهم، وهو ما يتجلى فى تحسّن العلاقات الإيرانية الخليجية إلى حد كبير.

وإذا كانت الاستراتيجية الإيرانية قائمة على تحسين علاقاتها مع دول الجوار العربى، إلا أن التباعد الجغرافى مع مصر، وفقًا للتصريحات الصادرة عن مسؤولى الدولة الإيرانية، بمن فيهم المرشد الإيرانى، فإن رغبة طهران فى تحسين علاقاتها مع مصر ورفع مستوى العلاقات، ليست بعيدة عن هذا السياق، ذلك أن طهران تتحرك إقليميًا فى دوائر السياسة الخارجية المصرية، وخصوصًا فى سوريا والعراق وغزة ومنطقة باب المندب والقرن الأفريقى.

 الملف النووى الإيرانى

ومن المهم التوقف أيضًا أمام بعد مهم فى توقيت زيارة وزير الخارجية الإيرانى الأخيرة للقاهرة، يتعلق بالمفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، بشأن برنامجها النووى، وهى من الملفات التي ناقشتها محادثات عراقجى مع المسؤولين فى مصر.

وما يعزز ذلك، هو لقاء الرئيس السيسى، مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل جروسى، فى القاهرة، قبل ساعات من استقباله عراقجى، حيث أكد السيسي خلال لقائه مع جروسى، على «ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط»، وشدد على أهمية «تبنى مقاربة شاملة لمعالجة جميع مسائل الأمن الإقليمى فى الشرق الأوسط لضمان الأمن والاستقرار».

زيارة مدير وكالة الطاقة الذرية للقاهرة، شهدت تأكيدات على زيادة التعاون بين مصر والوكالة فى تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار، لذلك جاءت التقديرات للربط بين تلك الزيارة، وبين زيارة عراقجى للقاهرة، خصوصًا أن الرئيس السيسى، أكد خلال لقائه، على «أهمية المفاوضات بين طهران وواشنطن، وعلى ضرورة وقف التصعيد، للحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة».

وفى الوقت نفسه، استمع الوزير عبدالعاطى، من نظيره الإيرانى إلى تقييم لنتائج جولات المفاوضات الخمس بين الولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووى الإيرانى، وأعرب عن التطلع بأن تُكلل تلك المفاوضات بالنجاح، بما يؤدى إلى التوصل إلى تسوية سلمية شاملة ومستدامة تسهم فى نزع فتيل التوتر وتحقيق التهدئة وتجنيب المنطقة التصعيد وعدم الاستقرار.

هذه المواقف، دفعت مراقبين، لاعتبار أن مصر قد تلعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران، فى ملف البرنامج النووى، فى إطار حوار إقليمى ودولى تدعو إليه القاهرة، بغرض التهدئة ووقف التصعيد فى المنطقة.

 مرحلة جديدة بنفس المحددات

والواقع أن العلاقات المصرية - الإيرانية، مرت بتقلبات كثيرة، على مدار القرن الماضى، وغلب على معظمها حالة عدم التقارب والتوتر، وكان المحرك الرئيسى لها، شكل النظام الدولى، والتفاعلات الإقليمية بالمنطقة، وبالنظر لمحطات مهمة فى علاقات البلدين، منذ عشرينيات القرن الماضى، نجد أن العلاقات كانت متقاربة مع علاقة المصاهرة بين العائلتين الحاكمتين، بزواج شاه إيران، من الأميرة فوزية، شقيقة الملك فاروق، غير أنها توترت، مع وقوع الانفصال الرسمي فى علاقة المصاهرة.

وفى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، كان التوتر السمة الغالبة فى علاقات البلدين، على وقع رفض مصر، موقف «حلف بغداد»، الذي تبنى توجهات غربية بزعامة إيران وتركيا، وبعد اعتراف شاه إيران عام 1960 بإسرائيل، فى حين عاد الاستقرار فى عهد الرئيس السادات، وبدا ذلك فى اعتراف السادات، بمساعدة شاه إيران لمصر فى حرب أكتوبر 1973، غير أن العلاقة بين البلدين توترت، بعد إعلان السادات استضافة شاه إيران، بعد الثورة الإيرانية عام 1979، ما دفع طهران لقطع العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة.

واستمر التوتر بين البلدين، فى بداية نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، قبل أن يتم رفع مستوى التمثيل الدبلوماسى لبعثتى رعاية المصالح، عام 1991، وظهرت بوادر تحسن فى العلاقات عام 2000، مع إجراء أول اتصال هاتفى بين مبارك ونظيره الإيرانى محمد خاتمى، غير أن العلاقات توترت عام 2004، إثر إعلان أجهزة الأمن محاولة إيرانية لتجنيد جاسوس مصري.

ومع تولى الإخوانى المعزول، محمد مرسى، السلطة فى 2012، قام بزيارة لإيران، وكانت الأولى لرئيس مصري منذ عام 1979، ورغم أن الرئيس الإيرانى وقتها، أحمدى نجاد، قام بزيارة للقاهرة فى 2013، إلا أن ذلك لم يعكس تطورًا ملحوظًا فى العلاقات التي تدهورت، بسبب دعم «نظام الإخوان»، للثورة السورية ودعوته لإسقاط نظام بشار الأسد.

وبعد ثورة 30 يونيو، وتولى الرئيس السيسي السلطة، عادت علاقات القاهرة وطهران، إلى حالة الاستقرار، وفقًا لمجموعة من المحددات الثابتة، وأهمها الحفاظ على أمن الخليج العربى، بعدّه امتدادًا للأمن القومى المصري، وربما أتاحت تلك الوضعية، الفرصة أمام الجانب الإيرانى لتطوير علاقاته مع مصر، حيث أشار المرشد الإيرانى على خامنئى، فى عام 2023، إلى أن «بلاده ليس لديها أى مشكلة فى عودة العلاقات بشكل كامل مع القاهرة، فى إطار التوسع فى سياسات حسن الجوار».

وإذا كانت هناك مرحلة جديدة من التشاور والحوار بين القاهرة وطهران، أكد عليها مسؤولو البلدين أخيرًا، فإن الثابت فيها المحددات المصرية فى العلاقات مع إيران، وأهمها ما يلي: - رفض التدخل فى الشؤون الداخلية للدول، وهو مبدأ ثابت من مبادئ السياسة الخارجية المصرية، تؤكد عليه، لمنع التدخلات فى شؤون الدول العربية، خصوصًا دول الجوار التي تشهد توترات وعدم استقرار سياسى وأمنى، كما هو الحال فى ليبيا والسودان، وأيضًا لبنان وسوريا والعراق.

- المحدد الآخر، التأكيد على حماية أمن الخليج العربى، ذلك أن مصر تؤكد دائمًا على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمنها، وهى مسألة أشار إليها الوزير بدر عبدالعاطى، فى تصريحاته بعد المشاورات مع عراقجى، حينما قال إن «أمن دول الخليج من أمن مصر وأمن مصر من أمن دول الخليج وبالتالى كل تحسن فى العلاقات بين إيران وجيرانها استنادًا إلى مبدأ حسن الجوار والتعاون هى مبادئ مهمة جدًا ومستقرة فى السياسة الخارجية المصرية».

 مراجعات دون شروط 

الحديث الإيجابى عن مستوى الحوار والتشاور المصري - الإيرانى، لا يمكن عدّه نقلة نوعية فى مسار العلاقات، فى ظل استمرار مجموعة من النقاط الخلافية بين البلدين، وفى مقدمتها اسم شارع «خالد الإسلامبولى» بإيران، الإرهابى قاتل الرئيس الراحل أنور السادات، وظل تمسك الجانب الإيرانى ببقاء اسم الشارع وصورة الإسلامبولى، من النقاط التي ترفضها القاهرة.

من هذا المنطلق تترقب القاهرة، مراجعات إيرانية لسياساتها ومن بينها تغيير اسم الشارع، مع ضمانات لعدم التدخل، أو محاولات للمد الشيعى، كى تخطو نحو تقارب أكبر مع طهران. ويبدو أن طهران بدأت النظر فى بدائل تغيير اسم شارع الإسلامبولى بطهران، لكن ستبقى أى مراجعات تتخذها إيران دون شروط أو التزامات من جانب القاهرة، التي تنتظر من الجانب الإيرانى مزيدًا من المراجعات على صعيد السياسات الإقليمية، لدعم الشرعية الحكومية بدول المنطقة، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية.

 استدعاء مواقف قديمة 

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه فى ضوء الواقع الجديد للحوار المصري - الإيرانى، هو المرتكزات التي يمكن أن تسير من خلالها القاهرة وطهران بخطى متقدمة، والانتقال من مرحلة الاستكشاف واختبار العلاقات إلى مرحلة تعاون.

وهنا قد تأتى المواقف الإقليمية المشتركة فى صدارة المرتكزات التي يمكن البناء عليها فى هذا الصدد، من خلال استدعاء مشاريع قديمة مشتركة، كالتي أشار إليها الوزير بدر عبدالعاطى، مع نظيره الإيرانى، وهو «مشروع إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية».

فوفقًا لوزير الخارجية المصري، كانت لمصر الريادة مع إيران، فى منتصف سبعينيات القرن الماضى، للتقدم بمشروع قرار إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وهو خط ثابت فى السياسة الخارجية المصرية، وقال إن «قضية منع الانتشار على رأس أولويات مصر»، وقال إن «مصر حريصة على تطبيق معاهدة منع الانتشار كاملة، وعلى رأسها المبدأ الخاص بعالمية تلك الاتفاقية وانطباقها على جميع الدول دون استثناء».

 التنسيق بشأن القضايا الإقليمية 

المسار الثانى المهم، فى علاقات القاهرة وطهران، مسألة التنسيق المشترك بشأن قضايا المنطقة، خصوصًا أن إيران تتداخل فى ملفات دوائر السياسة الخارجية المصرية، وبالتالى توظف القاهرة علاقاتها بهدف خفض التصعيد والحد من الصراع، ومن القضايا المشتركة التي تنسق فيها القاهرة وطهران ما يلى:

1 - التطورات فى لبنان، حيث تعمل مصر على دعم لبنان وحكومته ومؤسساته الوطنية، وتؤكد على رفض المساس بسيادة لبنان وسلامة أراضيه، وضرورة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية والانسحاب الفورى غير المنقوص للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وتطبيق القرار 1701 من جانب كل الأطراف دون انتقائية.

2 - التطورات فى سوريا، ذلك أن القاهرة تؤكد على ضرورة دعم الشعب السورى، واحترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضى السورية، وأن تكون سوريا مصدر استقرار فى المنطقة، وتؤكد أيضًا ضرورة تدشين عملية سياسية جامعة تضم جميع مكونات وأطياف المجتمع السورى لتجاوز هذه المرحلة الدقيقة.

3 - التهدئة فى غزة، حيث تضطلع مصر بدور رئيسى، بهدف التهدئة، ووقف إطلاق النار، بعدّها وسيطًا أساسيًا مع قطر والولايات المتحدة، وتسعى لحشد الجهود الدولية، لوقف العدوان على القطاع، والبدء فى عملية إعادة الإعمار، دون تهجير للفلسطينيين.

4 - التطورات فى البحر الأحمر، حيث تعمل مصر على ضرورة حماية حرية الملاحة بالبحر الأحمر، وأهمية استعادة الهدوء بالإقليم، وتعول على الجانب الإيرانى، من أجل وقف جماعة الحوثيين اليمنية، لهجماتها على السفن المارة بالبحر الأحمر، بما يعيد حركة الملاحة البحرية لطبيعتها، خصوصًا أن مصر تأثرت اقتصاديًا، نتيجة لتراجع إيرادات قناة السويس، بسبب هذا التصعيد.

 الاقتصاد والسياحة

وقد تجد القاهرة وطهران فى المجال الاقتصادى أرضية مشتركة، وهو ما بدا فى تصريحات وزيري خارجية البلدين، أن المرحلة الجديدة من العلاقات، ستشهد تعاونًا اقتصاديًا، وزيادة التبادل التجاري، إلى جانب تنشيط القطاع السياحى.

والأسبوع الماضى، قال وزير التراث الثقافى والسياحة والحرف اليدوية الإيرانى رضا صالحى أميرى، إن بلاده تتطلع لتوقيع مذكرة تفاهم مع الجانب المصري، لتعزيز السياحة بين البلدين، مشيرًا إلى أن استراتيجية الحكومة الإيرانية، تهدف لإعادة فتح الطريق إلى مصر.