
طارق الشناوي
كلمة و 1 / 2..
نفتح الشباك ولا نقفل الشباك!
هذا هو السؤال الذى يؤرق الرقابة طوال عهودها، اختار الرقيب الكاتب الكبير عبدالرحيم كمال الطريق الأصعب وفتح الشباك.
لديكم مثلاً الفيلم القصير «آخر المعجزات» للمخرج عبدالوهاب شوقى عن قصة قصيرة لنجيب محفوظ، منعت الرقابة فى العام الماضى عرضه فى اللحظات الأخيرة على افتتاح مهرجان «الجونة»، وطبعًا هذا القرار صَدّر للرأى العام العالمى، انطباعًا سلبيًا عن ملف حرية التعبير فى مصر، بينما الرقيب الحالى الكاتب الكبير عبد الرحيم كمال وافق على عرضه فى مهرجان القاهرة السينمائى ممثلاً للسينما المصرية فى مسابقة الأفلام القصيرة، وهو ما تكرر أيضًا مع فيلم «12 شرق» لهالة القوصى الذى سبق عرضه فى مهرجانىّ «كان» و«برلين»، إلا أن الرقابة فى العام الماضى توجست من السيناريو وأخذا كالعادة بالأحوط منعت عرضه تباعًا فى مهرجانىّ «الجونة» و«القاهرة»، بينما الرقيب الحالى وافق على عرضه جماهيريًا قبل شهرين فى سينما (زاوية).
أتذكر أيضًا قبل بضع سنوات تم ترشيح الفنانة الفلسطينية الكبيرة هيام عباس للحصول على جائزة «الهرم الذهبى لإنجاز العمر» فى مهرجان القاهرة، وتدخل الرقيب السابق لمنع التكريم قائلاً إنها ممنوعة من دخول البلاد، وثبت أنه غير صحيح، وهذا العام سوف يتم تكريمها فى مهرجان القاهرة.
الرقيب يملك الكثير من الأوراق التى يستطيع عن طريقها الانحياز للحرية والدفاع بكل ما يملك من أسلحة الإقناع لتمرير الأفلام والأغنيات الممنوعة، لو كان حقًا يريد فتح باب الحرية، سنكتشف مع الأيام، عندما نعيد قراءة العديد من مواقف الرقباء، أنه بقدر إيمان الرقيب بالحرية بقدر ما نرى شعاع الضوء القادم فى نهاية النفق المظلم.
روى لى الناقد الكبير الراحل المستشار مصطفى درويش، أنه أثناء توليه المسئولية عن الرقابة فى أعقاب هزيمة 67، فوجئ بأن فيلم «المومياء» لشادى عبدالسلام، والذى احتل المركز الأول ليس فقط كأفضل فيلم مصرى ولكنه أيضًا أفضل فيلم عربى، وذلك طبقًا لاستفتاء أجراه مهرجان دبى السينمائى 2013.
هذا الفيلم كان عدد من الرقباء وأيضًا أشباه المثقفين يريدون مصادرته؛ لأنهم اعتبروه يتنكر لعروبة مصر ويُعلى من انتمائها الفرعونى على حساب عروبتها، إلا أن درويش سخر من تلك القراءة المتعسفة وأجاز على مسئوليته عرض الفيلم، وهكذا نفتح الشباك!!>