الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
أسئلة حول الانتخابات

أسئلة حول الانتخابات

طرحت الانتخابات البرلمانية، التى أوشكت على النهاية، العديد من التساؤلات بسبب الظواهر التى صاحبتها، ونحتاج الإجابة عليها من قبل كل المعنيين بالحياة السياسية فى مصر، وأهمها: ما أسباب انصراف الناخبين عن المشاركة فى الانتخابات، وانخفاض نسبة التصويت فى كل الدوائر ؟ هذا العزوف يحتاج إلى دراسة علمية محايدة وشفافة تكشف أسبابه، الأمر لافت للنظر ويجب أن يحظى باهتمام الدوائر السياسية ومراكز الأبحاث والدراسات، خاصة أن هذه الانتخابات تتعلق باختيار أعضاء مجلس نيابى له حق التشريع وإصدار قوانين تتعلق بمصالح المواطنين لمدة خمس سنوات قادمة، وهو ما يجعل المواطن فى الأوضاع العادية يتحمس لاختيار من يراه صالحا للتعبير والدفاع عن طموحاته ورغباته ومصالحه، لكن عندما يحدث العكس ويتجاهل الانتخابات والبرلمان فهذا يشير إلى وجود مشكلة كبيرة ويثير عدة أسئلة، وأولها: هل نظام الانتخابات الحالى ملائم لطبيعة المصريين، وهل وجود القوائم المطلقة أحد أسباب هذا العزوف؟ خاصة أنها انتهت فى الانتخابات الحالية إلى قائمة واحدة بعد استبعاد قوائم أخرى من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات لأسباب مختلفة، ما جعل الأمر أقرب إلى الاستفتاء، حيث تحتاج القائمة إلى موافقة 5 % فقط من عدد الذين أدلوا بأصواتهم، لكن يجب ألا ننسى أننا مررنا بتجربتين للقوائم، الأولى قائمة مطلقة فى الانتخابات التى جرت عام 1984، والثانية نسبية عام 1987، وكانت نسبة التصويت أكبر فى الحالتين مما حدث فى هذه الانتخابات، علما بان كلا الانتخابين تم إبطالهما من قبل المحكمة الدستورية، البعض يرى أن نظام القائمة هدفه ترشيح كوادر شعبية ومعها كوادر علمية فى تخصصات مختلفة، وكثير من هؤلاء ليست لديهم قدرة على جذب الأصوات والتعامل مع الجماهير، وأن اختيارهم هدفه الاستفادة من إمكانيتهم ومؤهلاتهم العلمية فى أداء البرلمان لدوره، وكذلك تفيد القائمة فى تمثيل فئات ليس فى استطاعتهم مجاراة المرشحين وطرقهم وألاعيبهم، مثل المرأة والأقباط وذوى الهمم والمصريين فى الخارج، بالتالى فإن وجودهم فى القائمة يكفل لهم المنافسة مع القوائم الأخرى- إن وجدت- ويمكنهم من حشد الجماهير، ورغم وجاهة هذا المنطق، فإن السؤال المطروح: هل الأحزاب القائمة استطاعت القيام بهذه المهمة؟، والإجابة من خلال نسب التصويت: لا، فالواقع أنها فشلت جميعها فى الوصول إلى الشارع وحشد الناخبين وإقناعهم بالذهاب لانتخاب مرشحيها؟، ومن الأسئلة المهمة أيضا: هل طريقة التنافس على المقاعد الفردية كانت سببا فى انصراف الناخبين عن المشاركة؟ وأنه لم يعد للانتخابات نفس البريق القديم، بسبب اتساع الدوائر خاصة فى المحافظات، حتى إن بعضها أصبحت تمثل ثلاثة مراكز، يضم كل واحد منها أكثر من 40 قرية، ما يعنى أن المرشح لا بد أن يكون معروفا فى 120 قرية على الأقل، ولنصف مليون مواطن لهم حق التصويت، وفى بعض الدوائر يصل العدد إلى مليون ناخب، وبالطبع من المستحيل على أى مرشح أن يصل ويتصل بكل هؤلاء مهما كانت قوته وشعبيته، وإذا كان البعض يعوِّل على أن المرشح على المقاعد الفردية من الأفضل أن يكون منتميا لحزب حتى يستطيع أن يحصل على أصوات من كل هذه القرى بمساعدة كوادر حزبه، وأن ذهاب المواطن للانتخابات وحماسه للمرشحين مفترض أن يكون نابعا من إيمانه ببرنامج الحزب وأفكاره ورؤاه ومبادئه، لكن ذلك لم يظهر فى الانتخابات، حيث جاءت نسبة التصويت متدنية، بجانب نجاح عدد غير قليل من المستقلين رغم صعوبة مهمتهم، وأعتقد أن حتى الأعداد البسيطة التى أدلت بأصواتها كان ذلك من أجل المرشحين أنفسهم، ولذلك ترتفع النسبة قليلا فى دوائر الصعيد بسبب العصبية القبلية وانتماء المرشحين إلى عائلات معروفة، ورغم ذلك جاءت نسبة التصويت منخفضة للغاية فى هذه الدوائر، أيضا من الأسئلة المطروحة: هل السبب فى العزوف اختيار مرشحين ليس لهم شعبية أم أن المشكلة فى الأحزاب نفسها وأنه ليس لها أنصار؟ أم أن أعضاءها لم يخرجوا -إذا وجدوا- لمناصرة مرشحيها؟، يتساوى فى ذلك أحزاب لها ما يزيد على نصف قرن مثل حزبى الوفد والتجمع أو الأحزاب التى نشأت بعد ثورتى يناير ويونيو، من المؤكد أن وضع الحياة الحزبية يحتاج إلى مراجعة ودراسة، فلدينا عدد كبير من الأحزاب لكنها جميعا بدت فى الانتخابات كغثاء السيل ومثل الزبد يذهب جفاء، إننا نريد أحزابًا نافعة تمكث فى الأرض ويرتبط بها المواطن ويذهب للانتخابات من أجلها، لهذا فإن الأمر كله يحتاج إلى إجابات عن هذه الأسئلة، فليس من المفيد أن يأتى برلمان يقال عنه إنه يعبر عن الشعب ويشرع له فى حين أن من انتخبوا أعضاءه قلة قليلة من المواطنين، ما يعنى أن الأغلبية العظمى من الشعب قالت لهم: لا نريدكم، أو على الأقل غير متحمسين لكم، وهو ما يجعل البرلمان غير محل ثقة.>