رغم ابتعادها لأكثر من عشر سنوات:
سميرة أحمد: لم أفكر أبداً فى الاعتزال
سهير عبدالحميد
فى ركنٍ هادئ داخل نادى الجزيرة، وبين أصدقائها المقربين، تقضى النجمة القديرة «سميرة أحمد» معظم أوقاتها فى سكينةٍ ورضا، بعيدًا عن صخب الحياة اليومية. لكنها لا تعتبر ذلك اعتزالًا للفن، بل فترة تأملٍ وانتظارٍ لعملٍ جديد يضيف إلى مشوارها الطويل الذى ما زال حاضرًا فى ذاكرة الجمهور وقلوبهم، مؤكدةً أنها لم ولن تفكر فى الاعتزال.
«حمامة السينما الوديعة» كما وصفها الكاتب والمخرج الكبير «يوسف فرنسيس»، و«امرأة من زمن الحب» كما يلقبها جمهورها، ألقاب كثيرة حملتها النجمة، لكنها تظل تفضل اللقب الأول الأقرب إلى قلبها، لأنه يختصر علاقتها النقية بالوسط الفنى، القائمة على الود والاحترام.

وقبل أسابيع قليلة من عيد ميلادها، التقتها روزاليوسف، لتفتح معها صندوق الذكريات وتستعيد معها رحلة فنية بدأت من سُلَّم الكومبارس، حتى صارت إحدى أيقونات السينما المصرية.
> فى البداية حدثينا كيف تتعاملين مع يوم ميلادك الذى يوافق 15 نوفمبر ولن نذكر العام؟
بضحكة شديدة ردت قائلة: فى الحقيقة لا أحتفل بعيد ميلادى لكن أصدقائى المقربين هم الذين يحتفلون به فى جو عائلى بسيط بعيدًا عن أى صخب وأعتبره يومًا عاديًا جدًا.
> وما أغلى هدية تلقيتها خلال عيد ميلادك؟
- أغلى هدية تلقيتها من ابنتى «جليلة» وهى أغلى شىء والأقرب لقلبى وأحتفظ بها دومًا، وهى فنانة تشكيلية موهوبة، فمثلا هى أهدتنى صورًا وتابلوهات كثيرة رسمتها لى وموجودة فى كل جدران بيتى، ومنها صورة غالية جدًا على قلبى تجمعنى وأختى الراحلة «خيرية»، أضعها فى مكان مهم فى بيتى حتى تظل أمام عينى.
> بمناسبة الحديث عن ابنتك جليلة.. ما أهم شىء ورثته عنك؟
- أولا أنا اخترت لها اسم «جليلة» لأنه اسم عزيز علىّ، وهو اسم حماتى التى كنت أحبها وأحترمها، لذلك سميتها «جليلة» على اسم جدتها لوالدها، أما الشىء الذى ورثته عنى فهو الصدق ولا تخشى فى الحق لومة لائم.
> هل صحيح أنكِ رفضت دخولها الفن؟
- لماذا أرفض وأنا فنانة وأعشق الفن لكنها اختارت الرسم وأحبته وأقامت معارض فى مصر وأمريكا واختارت أن تكون بعيدة عن الأضواء.
> لكن بعض الفنانين يرفضون أن يدخل أبناءهم الفن من باب الخوف عليهم من مصاعب المهنة؟
- لست مع هذا الكلام، فالفن مثل أى مهنة مليئة بالصعوبات، والمشقة التى يمر بها الفنان، وهى التى تجعل لنجاحه معنى، كما أن الحياة لا تقدم النجاح على طبق من فضة، فأنا مثلا بدأت كومبارس بأدوار صغيرة، وأفخر بذلك، لكن بتعبى ومجهودى واجتهادى وسعيى الدائم لتطوير نفسى وصلت لحلمى، وصنعت اسم «سميرة أحمد» الذى تعرفونه.

> عندما يبتعد الفنان عن الساحة يفسر البعض ابتعاده أنه اعتزال.. فى رأيك متى يقرر الفنان أن يعتزل؟
- بالنسبة لى فكرة الاعتزال غير واردة، وسأظل حتى آخر لحظة فى عمرى فى الفن لكن أن يمر الوقت وأنا بعيدة عن الساحة فهذا يجعل البعض يظن أننى اعتزلت، ولكن فى الحقيقة أنا لدى أكثر من مشروع أعمل عليه، منها مسلسل (بالحب هنعدى) للكاتب «يوسف معاطى»، وهو جاهز منذ سنوات وتعاقدت فيه مع عدد من النجوم منهم «حسين فهمى» والمخرجة «رباب حسين» وأتمنى أن يرى النور قريبًا لأن الجمهور وحشنى، فأنا أحيًا بحب الناس.
> المتابع لمشوارك سيلاحظ أن معظم الشخصيات التى قدمتها أقرب للمثالية.. فهل هذا كان قرارًا منك؟
- بالتأكيد أى شخصية أقدمها يكون المعيار الأول لموافقتى عليها هو النص، لكن هناك سببًا آخر جعلنى أرفض تقديم أدوار الشر أو دور يجعل الناس تكرهنى، والسبب فى ذلك فيلم قدمته فى بداياتى اسمه (غراميات امرأة) مع «سعاد حسنى» وجسدت فيه دور شر، وفى مشهد منه ضربت «سعاد»، وفوجئت بعدها أن الناس تسبنى فى الشارع ويلوموننى: «ليه ضربتى سعاد حسنى» ولم يصدقوا أن هذا تمثيلا، فقررت من وقتها ألا أقدم دورًا يسبب كراهية الناس لى.
>ذكرتِ فى كلامك أنكِ فخورة ببداياتك بأدوار صامتة وصغيرة.. حدثينا عن هذه المرحلة؟
- لا أنكر أننى بدأت كومبارس وسعيدة بهذا الكفاح اللذيذ، وكان عمرى وقتها 16 عامًا فى فيلم (حبيب الروح)، وقلت جملة واحدة لـ«ليلى مراد».. وهى «تشربى شامبانيا يا ليلى هانم «وأخذت أجرًا عن هذا المشهد «جنيه واحد»، وهو أول أجر أخذته و«أنور وجدى» قال لى وقتها: «أنت هتبقى نجمة»، وتنبأ بذلك، ويمر الوقت وتتحقق النبوءة وتكون أول بطولة لى أمامه فى أفلام (ريا وسكينة) و(الأستاذ شرف)، وانطلقت بعدها لأقدم البطولة النسائية فى عدد كبير من الأفلام معظمها فى أدوار البنت الطيبة.
> وكيف حدثت النقلة فى نوعية الأدوار التى قدمتها من البنت الطيبة الأرستقراطية لمرحلة أخرى من الأدوار مثل: (الخرساء وقنديل أم هاشم وخان الخليلى)؟
- البداية كانت عندما بدأ المخرجون يسندون إلىّ أدوار البنت من ذوى الاحتياجات الخاصة خاصة العمياء لدرجة أننى قدمت خمسة أفلام أظهر فيها بدور فاقدة البصر، وهو ما جعل الصحافة تطلق علىّ «ممثلة الأدوار الخاصة» ذوى الاحتياجات الخاصة لدرجة أننى كنت أتحايل عليهم لأقدم أدوارًا عادية حتى لا يتم حصرى فى هذه النوعية من الأدوار، ومع ذلك أنا سعيدة بأنى أكثر فنانة جسدت هذه الفئة لأنهم يستحقون، وأعتز جدًا بأفلام مثل (الخرساء)، وهو مقتبس عن رواية عالمية وإنتاج «عبدالحليم حافظ» و«محمد عبدالوهاب» وإخراج «حسن الإمام»، وأتذكر وقتها أنى ذهبت لمدرسة للصم والبكم لأقترب من هذه الفئة، وأراهم وأفهم طريقة تعبيرهم، وهذا الفيلم له معزة خاصة جدًا عندى، والدكتور «عبدالقادر حاتم» كرمنى وأخذت الجائزة الأولى عنه، وعندما شاهده المخرج الأمريكى «أندرو مارتون» أشاد بى، وقال إننى تفوقت على بطلة الفيلم الأمريكى الذى تم اقتباسه عن نفس الرواية.

> هل عانيت من غيرة النجمات فى بداياتك؟
- زمان كان الوسط الفنى مختلفًا، فكنا نشجع بعضنا ونتمنى الخير لبعضنا، وكواليسنا كلها دمها خفيف، ولو كانت هناك غيرة وحروب فى هذا الزمن فأنا لم أقابلها.
> أتوقف عند تعاونك مع الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس.. حدثينا عنه؟
- كان تعاونًا مثمرًا جدًا حيث قدمت معه (البنات والصيف) وكتب عنى فى «روزاليوسف» وقتها أنى قدمت الدور أفضل مما كتبه.. كما قدمت معه فى الإذاعة (أنف وثلاث عيون) مع «عمر الشريف».
> من المراحل المهمة فى مشوارك خطوة الإنتاج.. حدثينا عن كواليس أهم الأفلام التى قمتِ بإنتاجها؟
- أنا أنتجت أفلامًا كثيرة مثل: (البرىء) و(البحث عن سيد مرزوق) و(امرأة مطلقة) وغيرها، وأنا سعيدة جدًا بهذه الخطوة لأننى تركت أفلامًا مهمة فى تاريخ السينما المصرية، وأتذكر أن وقت فيلم (البرىء) تم منعه من العرض بأمر من وزير الداخلية، ولم يصرح بخروجه للنور إلا المشير «أبوغزالة» الذى شاهده فى عرض خاص وقمنا بوضع جملة فى بداية الفيلم أن الأحداث تدور فى زمن آخر وحددنا تاريخ الأحداث.
> ماذا عن أكثر المخرجين الذين أثروا بشكل كبير فى مشوارك؟
- هناك أسماء كثيرة لكنى أتوقف عند «حسن الإمام» الذى تعاونت معه فى (الخرساء)، وهو كان يحب أن المشاهد تقدم بواقعية، فمثلا مشاهد الضرب فى فيلم (الخرساء) كانت حقيقية، لذلك كان يلازمنا فى الاستديو فريق إسعاف لأنى أظل مريضة بالأيام من تأثير مشاهد الضرب.
> هل هناك فكرة لكتابة مذكراتك؟
- بالفعل ابنتى «جليلة» تفكر فى هذا الأمر، وتسجلها بنفسها لكن ليس لدى رغبة لتحويلها إلى عمل فنى لأن معظم السير الذاتية التى قدمت لم تنجح باستثناء (أم كلثوم).
> كيف ترين صورة المرأة فى الدراما خاصة أنكِ قدمتِ نماذج كثيرة للمرأة فى أعمالك؟
- للأسف لا تعجبنى وأنا ضد إظهار إهانة المرأة فى الأعمال الفنية وأن تضرب وتتعرض للإهانة بالألفاظ، وعندما أشاهد عملا فنيًا معروضًا فيه ذلك أغلق التليفزيون على الفور، وليس بالضرورة أنه لكى نعرض قضية جريئة أن نتجاوز.
> لماذا لم يكن للمسرح نصيب من مشوارك؟
- لأنه كان يحتاج إلى وقت ومجهود والتزام يومى لعرض المسرحية وظروفى لم تسمح خاصة أننى كنت مشغولة طول الوقت.
> سبق وتبرعتِ ببعض ملابس أعمالك لصندوق تحيا مصر.. ألم تفكرى فى إقامة متحف لباقى ملابس أعمالك؟
- لدى غرفة كاملة مليئة بالمقتنيات الخاصة بأعمالى لكنى أفضل أن يقام مزاد أتبرع بعائده لأى مكان خيرى.
> هل هناك شخصية تتمنين تقديمها؟
- أتمنى تقديم شخصية والدة شهيد سواء من الجيش والشرطة أو من المدنيين. >







