الأحد 27 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الإفتاء تطلق دورة تدريبية للصحفيين لمواجهة فوضى الفتاوى

مفتى الديار: الصحفى المتخصص هو خط الدفاع الأول فى معركة الوعى

فى خطوة لمواجهة فوضى الفتاوى وتصحيح الخطاب الدينى، أطلقت دار الإفتاء المصرية دورة تدريبية للصحفيين.  المبادرة تهدف لتمكين الإعلاميين من أدوات الفهم الدينى السليم، ضمن شراكة تؤسس لوعى مجتمعى وحصانة ضد التضليل.



ضبط الخطاب الدينى

أطلقت دار الإفتاء المصرية هذا الأسبوع برنامجًا تدريبيًا نوعيًا للصحفيين بعنوان: «الإعلام الدينى بين المهنية والوعى».

جاء هذا البرنامج بمشاركة نخبة من كبار علماء الدين وأساتذة الإعلام، وبحضور رسمى بارز يؤكد على أهمية هذه الخطوة فى الظرف الراهن.

وصف الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، الحدث بأنه «مشهد ملهم وعظيم وغير مسبوق»، مؤكدًا أن الشراكة بين دار الإفتاء ونقابة الصحفيين تمثل نموذجًا رائدًا للتكامل المؤسسى، وتمهد لـ«بناء جسر من التعاون البنّاء بين المؤسسات الوطنية لخدمة الوطن، ومواجهة التحديات المعقدة التى يفرضها عالم متسارع تتدفق فيه المعلومات وتختلط فيه الحقائق تحت سقف مفتوح اسمه «السوشيال ميديا». 

وشدد على أن «قلوب المصريين تتطلع إلى عمل مشترك يورث الطمأنينة، ويقدم خطابًا متزنًا».

من جانبه، قدم الدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر الشريف، رؤية الأزهر وتحليله لوضع الإعلام اليوم، خاصة فيما يتعلق بتغطية القضايا الدينية محذرًا مما أسماه بـ«الإعلام الرمادي»، قائلًا: «يتظاهر هذا الإعلام بالحياد بينما يحمل أجندات خفية، ويروج لآراء شاذة، ويمنح منابر لمجاهيل يزرعون التشويش والبلبلة». 

واعتبر أن خطورته «تفوق الإعلام الأسود الذى يعلن عداءه بوضوح»، مؤكدًا أن «الكلمة اليوم أقوى من السلاح، وبها تُصنع الحروب ويُبنى الوعي». 

ودعا الإعلاميين إلى مراجعة مواثيق الشرف المهنى، والحذر من تقديم النكرات كقدوات أو إعادة نشر فتاوى دون فهم لسياقاتها وظروفها.

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتى الديار المصرية أن إطلاق البرنامج التدريبى جاء إدراكًا من دار الإفتاء لدور الصحفى فى مواجهة الفتاوى العشوائية وتحصين المجتمع.

وقال: «الصحفى المتخصص هو خط الدفاع الأول فى معركة الوعى، وتمكينه من أدوات الفهم الدينى أمر لا بديل عنه». 

وأوضح أن دار الإفتاء تسعى إلى بناء شراكة معرفية ومهنية مستدامة مع الإعلام، تضمن نقل المعلومة الدينية بدقة، دون إثارة أو انحراف.

تحديات العصر الرقمي

مع انطلاق الدورة، بدأت المحاضرات التوعوية التى تؤصل لمفهوم الإعلام الهادف بعيدًا عن إثارة البلبلة، وتهدف إلى بناء الوعى المعرفى لدى الصحفيين نحو القضايا الدينية والفتاوى.

فى أولى المحاضرات، تناول الدكتور رضا عبدالودود، عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر، استراتيجيات التعامل الإعلامى مع الفتاوى المنتشرة على وسائل التواصل. 

أشار إلى أن وجود 6.5 مليار مستخدم لهذه المنصات و45 مليون مستخدم لفيسبوك فى مصر وحدها، يجعل من الإعلامى طرفًا مباشرًا فى تشكيل وعى الجمهور. 

وحذّر عبدالودود من خطورة تحويل الفتوى إلى «تريند»، مؤكدًا أن: «ما يثير الانتباه ليس بالضرورة ما يفيد المجتمع... والفتوى ليست مادة للعرض الطريف أو الغريب، بل مسئولية دينية وإعلامية». 

كما دعا إلى تجاهل المروجين للشهرة والفتاوى الشاذة، والعودة دومًا إلى المؤسسات الرسمية، وعدم الوقوع فى فخ «الفتوى الفردية»، خصوصًا فى قضايا شائكة مثل التكفير أو المعاملات البنكية.

مواجهة الاختراقات الفكرية 

من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، أن الصحافة صارت «سلطة مؤثرة تصنع الرأى ولا تكتفى بنقله»، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء لم تعد تتحدث فقط إلى الداخل المصرى، بل إلى «6 مليار عين تتابع وتراقب»، ما يتطلب من الإعلامى إدراك هذا الاتساع الجغرافى والعمق الثقافى لما ينشره. 

وحذّر نجم من الاختراقات الفكرية التى تُرصد وتُحلل فى مراكز بحثية عالمية مثل RAND وMEMRI، مما يستدعى إدراك الصحفى لأهمية ما يكتب وينقل.

أما الدكتور عمرو الشال، فتحدث عن ضرورة فهم الواقع قبل نشر أو تحليل الفتوى، مؤكدًا أن كثيرًا من الفتاوى تتغير بتغير الزمان والمكان، وأن نشر فتاوى قديمة خارج سياقها قد يحدث بلبلة مجتمعية، قد تصل لتهديد السلم العام.

وأشار إلى أن احترام التخصص هو حجر الأساس فى صناعة الفتوى، وعلى الإعلامى أن يستقى معلوماته من أهلها، وأن ينقل الدين بصورته الحقيقية، بعيدًا عن التشدد، مؤكدًا أن الأصل فى الشريعة هو اليسر.

ولم تغب قضايا الذكاء الاصطناعى عن الدورة، حيث اتفق المحاضرون على أنه لا يصح الاعتماد على الذكاء الاصطناعى للحصول على الفتاوى، سواء من قِبل المواطن أو الصحفى، لأن الفتوى «ليست مجرد معلومة جاهزة بل عملية اجتهادية دقيقة تراعى النص والواقع والمآل».