تقارير توثق مجازر ضد الأطفال فى الساحل:
جرائـم الإبادة الطائفية فى سوريا

عبدالله رامى
بينما تُعاد صياغة الجغرافيا بأقلام المصالح.. هناك فى الساحل السورى دمٌ لم يجف.. وصرخات أطفالٍ لا تزال عالقة فى سماء الصمت الدولى.. جرائم تثبت أن الجولانى لم يتحول إلى أحمد الشرع.. وأن طبع «الإرهابى» غلاب.. مهما ظننا من تغيير.. فسوريا أرض العرب أصبحت -للأسف- حديقة خلفية لدولة الاحتلال.. يديرها خليفة موهوم.
مؤخرا، كشفت المنظمة الدولية لرصد الجرائم ضد الإنسانية عن تقرير صادم بعنوان: «لا مكان للأقليات: مجازر الساحل السورى... جرائم لا تسقط بالتقادم».
ليعيد فتح جراح الساحل السورى، وتوثيق واحدة من أكثر المجازر وحشية فى التاريخ المعاصر، حيث تحوّل الأطفال إلى أهداف، لا ناجين.
إذ يسرد التقرير سلسلة من الجرائم البشعة التى ارتُكبت بحق مدنيين، معظمهم من الأطفال، فى الساحل السورى، على خلفية طائفية ممنهجة، ويضع المجتمع الدولى أمام مرآة عجزه.
«لا مكان للأقليات».. ذاكرة المجازر التى لا تُمحى
يتعرض التقرير إلى خلفيات المجازر التى انطلقت من شرارة دموية تحولت لاحقًا إلى ما يشبه «حفلة انتقام طائفى»، قُتل فيها العشرات بطرق مروّعة، وتعرضت قرى بأكملها للاجتياح والإعدامات الميدانية.
أحد أكثر الفصول إيلامًا كان توثيق إعدام 67 طفلًا وطفلة، تبدأ قائمتهم من «محمود محمد عيسى- 7 أعوام» وتنتهى بـ«يوسف آصف مصطفى- 14 عامًا».
الأعمار الصغيرة، والوجوه التى لم تلامس الحياة بعد، تكشف أن القتل لم يكن عرضيًا؛ بل مخططًا بهدف الإبادة الطائفية.
يبرز التقرير فصلًا بعنوان: «اختطاف الفتيات… عودة السبي»، يوثّق فيه حوادث اختفاء قسرى لفتيات، أشارت شهادات لاحقة إلى تعرُّض بعضهن للاستعباد الجنسى والمعاملة الوحشية. ويعتبر التقرير هذا الانتهاك امتدادًا لجرائم الحرب، ويضعه فى خانة جرائم ضد الإنسانية.
على لسان الشهود، يصف التقرير عمليات تصفية استهدفت الهوية الدينية، حيث يقول أحد الناجين:
«كانوا يسألون عن الطائفة قبل إطلاق النار. من لم يكن على هويتهم يُقتل فورًا».
وفى فصلٍ مخصص لـ«ردود الفعل الدولية»، ينتقد التقرير بشدة الاكتفاء بـ«القلق» و«الاستنكار»، دون إجراءات فعلية للمحاسبة، سواء عبر مجلس حقوق الإنسان أو المحكمة الجنائية الدولية.
ويؤكد أن «الجناة لا يزالون طلقاء»، وأن الإفلات من العقاب بات هو القاعدة.. بل أن المجرمين الحقيقيين قد وصلوا لكرسى الحكم فى دمشق.
التقرير يختتم بجملة واضحة: «هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم».
فى محاولة لترسيخ مبدأ العدالة المؤجلة، لكنه فى الوقت نفسه يوجه اتهامًا صريحًا للصمت العالمى باعتباره شريكًا فى استمرار الانتهاكات.
ما كُشف فى هذا التقرير ليس مجرد توثيق لمجزرة؛ بل إعادة تذكير بأن هناك أطفالًا قُتِلوا لأنهم ينتمون لهوية مختلفة، وأن هناك فتيات تم سبيهن فى القرن الحادى والعشرين، وأن العدالة لا تزال غائبة.
الأكيد أنه لا مكان للأقليات فى ظل حكم متطرف.. وحين يصل الإرهاب الدينى لكرسى الحكم فلا مكان للعدالة أصلا.