
محمد جمال الدين
قطار التنمية وصل إلى سيناء
عام بالتمام والكمال، هى الفترة التى غابت فيها سكك حديد مصر عن دخول أرض سيناء العزيزة.. حدث طال انتظاره لسنوات عديدة، ولكنه تحقق مؤخرا عندما استقبلت محطة بئر العبد أول قطار قادمًا من محافظة الإسماعيلية عبر كوبرى الفردان أعلى قناة السويس، المحطة اصطف على أرصفتها فى ملحمة حب فريدة تتميز بالفرح والامتنان، جمع غفير من القيادات التنفيذية والشعبية، ومشايخ القبائل والعواقل والمواطنين، بحضور الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة، واللواء الدكتور خالد مجاور محافظ شمال سيناء، واللواء أكرم جلال محافظ الإسماعيلية، لتنهى فترة من الغياب الطويل لهذا الجزء الغالى عن باقى أجزاء الوطن.
حدث تاريخى يؤكد للقاصى والدانى ولكل من سولت له نفسه أن مصر حكومة وشعبا يمكن أن تتناسى أو تتغافل أو تتاجر بأرض سيناء الغالية، كما سبق وأن حاولت جماعة إرهابية سابقة، لأنها الأرض التى رويت بدماء المصريين، وهى نفسها التى خطط لها الكيان الإسرائيلى وبعض الدول الكبرى توطين الأشقاء الفلسطينيين عقب ترحيلهم من أرضهم فى قطاع غزة، طبقا لمخطط تزامن مع نشر معلومات مسربة فى مواقع إسرائيلية عن وضع المخابرات الإسرائيلية خطة ووثيقة من أجل نقل المدنيين فى قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى «مخيمات» فى شبه جزيرة سيناء المصرية كمرحلة أولى، ثم بناء مدن دائمة وممر إنسانى فى المرحلة الثانية، كما اقترحت إنشاء منطقة أمنية داخل إسرائيل لمنع النازحين الفلسطينيين من الدخول مرة أخرى إلى ارضهم، وللأسف هذا المخطط المشبوه وافقت عليه دول تدعى زورا وبهتانا أنها كبرى، ولكن تأكد فشله وفشل من فكر فيه أو دعمه، حين استقبلت محطة بئر العبدالقطار الذى طال انتظاره، الذى جاء ضمن مشروع ممر العريش- طابا الذى سيربط سيناء بباقى أنحاء مصر، ويبدأ مشروع الممر من ميناء العريش البحرى حتى منفذ طابا البرى، ويربط بينهما خط سكك حديد العريش - طابا وهو امتداد لخط الفردان - بئر العبد- العريش مرورا بمنطقة الصناعات الثقيلة فى وسط سيناء، ما يشكل طريقا مهما يخدم حركة التجارة والصناعة والتعدين بطول مساره ويربط البحر الأبيض المتوسط بخليج العقبة، كما يخدم الممر، وفق ما ذكرت وزارة النقل المصرية، المناطق اللوجستية الجارى إنشاؤها بشبه جزيرة سيناء وهى: الطور ورفح والعوجة والحسنة والنقب وطابا ورأس سدر وبئر العبد. وبعيدا عن المخطط الاستيطانى إياه الذى لا يتمنى الخير لمصر وشعبها، يأتى مشروع الممر ضمن إطار خطة الدولة للتنمية المستدامة 2030 وتنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسى، بتحويل مصر إلى مركز إقليمى للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت وتطوير منظومة النقل فى البلاد، والتى من ضمنها أيضا إعادة تأهيل وتطوير وإنشاء خط سكة حديد بطول إجمالى حوالى 500 كيلو، يخدم نقل الركاب والبضائع والتجمعات السكنية والصناعية والتعدينية بسيناء، عن طريق ربط المصانع بوصلات سكك حديدية ثم التصدير عبر ميناء العريش وطابا إلى الخارج. ولهذا تحديدا تسعى الحكومة لإعادة توزيع السكان وتوطين 3 ملايين من المصريين فى سيناء، من أجل تأمين ودعم البعد الأمنى والسياسى للحدود الشرقية للبلاد من خلال خلق تجمعات عمرانية وزراعية ومشروعات صناعية فى المناطق الصناعية الأربع، وهى منطقة الصناعات الثقيلة فى وسط سيناء، ومنطقة الصناعات الحرفية فى العريش، ومنطقة الصناعات المتعددة فى بئر العبد، ومنطقة الصناعات الغذائية فى رفح. بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات تعليمية وخدمية وتوسعات لتعمير المنطقة وجذب الاستثمارات إليها، وجذب السكان من المصريين للإقامة والعمل فى سيناء، وكذلك إقامة مشروعات صحية وإنشاء مستشفيات متطورة ومراكز صحية ونقاط إسعاف حديثة لرفع مستوى الخدمة الطبية وإنشاء مناطق ومجمعات صناعية وزراعية وتعدينية، ومجتمعات عمرانية ومد الطرق والجسور والأنفاق.
من أجل هذا وذاك يحمل إعادة تشغيل قطار الخير والتنمية على تراب سيناء الغالية دلالات عدة، يأتى فى مقدمتها الأمن القومى المصرى، لكون أرض سيناء البوابة الحدودية لمصر من جهة الشرق، لذا يعد ربطها بباقى محافظات الجمهورية بالقطار أو الأنفاق والكبارى تعزيزًا للأمن القومى المصرى، وهذا ما يتحقق الأن خاصة بعد القضاء على الإرهاب، الذى كان سببا رئيسيا فى عرقلة خطة التنمية المستدامة لجل أجزاء مصر وليس سيناء فقط. وهذا ما تدركه وتعيه تماما مصر حكومة وشعبا وجل من يعيش فوق أرضها.