الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عن دراستها فى الموال المصرى وفنونه: حنين طارق.. أصغر حاصلة على جائزة الدولة التشجيعية

اسمعهن..



«روزاليوسف» تقدم مساحة حرة للتعرف على الموهوبات فى المجالات المختلفة.. نلقى الضوء على الأفكار.. التحديات.. الطموح.. نقدمهن للوسط الثقافى والفني..

من هنا تبدأ الرحلة فاسمعهن.. 

يحمل كل إنسان فى قلبه شغفًا بشىء ما، وإذا كان هذا الشغف حقيقيًا ظهرت «أماراته» وتجلى فى كل مظاهر الحياة..

فى سبتمبر الماضى، حاورنا الباحثة حنين طارق، حيث كانت تبدأ أولى خطواتها فى الدراسة الأكاديمية للتراث والفن الشعبى، وكانت قد «قررت أن يكون الفلكلور مجال دراستها ورحلة بحثها المقبلة، تبحث عن الحكاية المفقودة على طريقة الأساطير».. لم يكن الأمر بالنسبة لها مجرد حب للمواويل والفلكلور، فهى باحثة حقيقية تريد أن ترى الحياة بعيون مختلفة.

اليوم «حنين» هى أصغر حاصلة على جائزة الدولة التشجيعية فرع الموال الشعبى عن دراسة مهمة بعنوان «الموال المصرى.. تنوعيات أدائية».

ربما يكون المحرك الأساسى لرحلة «حنين» مع التراث هو أمنية أو حلم لها منذ الطفولة بأن تطلب من الله عند دخول الجنة مشاهدة حكاية البشر كاملة على شاشة عرض كبيرة. وإلى أن تتحقق تلك الأمنية فإنها قررت تجميع تلك الصورة من أفواه العابرين وحكاياتهم، وتصطاد الحكايات من الطرقات والأزقة، لتصل إلى الله فى نهاية المطاف مليئة بالحكايات عن خلقه.

عندما سألتها عما جذبها فى دراسة الأدب والفنون الشعبية، قالت: «الرهافة والخيال». وشرحت إجاباتها موضحة: «فى الفلكلور عمومًا يشعر الإنسان بكل ما حوله، ينحى غروره جانبًا، ولا يشعر أنه مركز الكون، تظهر الحكايات أن أبطالها قادرون على الشعور بأبسط الأشياء، بل يعتبرون كل ما حولهم يشعر أيضًا.. على سبيل المثال كانت تقول لى أمّى إن جدتى كانت دائمًا ما تسمّى الله عند تقطيع بصلة؛ لأن البصلة لها رأس وبالتالى لها شعور، الآن يمكن أن تقول إن ذلك مجرد كلام هزلى من دون معنى وتستنكر «إزاى يعنى البصلة هتحس»، لكنهم افترضوا ذلك وصدقوه؛ لأن كل حاجة ليها روح».

تعتز حنين طارق بعملها وبحثها فى الفلكلور والآداب الشعبية وراء الحكايات، لذلك نجدها فى دراستها الحاصلة على الجائزة قد جمعت قرابة الـ20 ألف كلمة ميدانية من لقاءات أجرتها ومشاهدات من أصحاب الموال.

بعد فوزها بالجائزة توقفت عند معنى مهم قالته أثناء حوارها: «المرأة هى الحافظ الأول للتراث والحكايات»، هكذا تؤمن بدورها كامرأة فى المقام الأول وباحثة فى إكمال تلك السلسلة من حفظ التراث والحكايات والبحث عنها، إذ تحدثت بشغف كبير عن دور المرأة فى وصول التراث إلينا: «حكايات السيدات هى التى ساهمت فى وصول التراث إلينا، وهن من يرددن الأمثال الشعبية.. وخلال بحثى عن السِّيَر وجدت أن الكثير من مغنىّ السيرة ورثوها عن أمهاتهم، كانت الأم تلقن أبناءها السيرة لتكسبه صنعة تؤمّن له مصدر دخل ومكانة فى المجتمع.. أمّا صورة المرأة فى الحكايات نفسها؛ فقد تتعدد الروايات وتختلف كطبيعة الفلكلور، لكن أغلب الحكايات تعزز المرأة وتقدرها.. حتى إننا نجد فى معظم السير الشعبية أن المرأة هى التى تبادر بالحب ما يدل على قوة وحضور كبير للأنثى فى الحكاية الشعبية».

بالطبع فإن التوقف الآن على حصول باحثة لم تتجاوز 24 عامًا على «التشجيعية» أمر مهم ومبهج، لكن الأهم أننا عندما نستدعى رؤيتها منذ حوالى عام نجدها «حقيقية وجادة» حتى قبل أى الجوائز، وربما يرد ذلك على من يصف جيلنا بأنه مشوش أو لا يعرف ماضيه، وجاءت مبررات اللجنة لحصول الباحثة على الجائزة تأكيدًا على ذلك:

- قدمت المؤلفة دراسة علمية للموال فى صوره المختلفة، حيث عرضت فى الفصل الأول بعض التعريفات عن الموال وأنواعه من حيث الشكل والمضمون.

- تميزت الدراسة بالجمع الميدانى لمواد الموال فى سياقات أدائية مختلفة، وحفلت المادة بكثير من القضايا المهمة التى طرحها الرواة وهم متميزون فى مجال الموال.

- اعتمدت الباحثة لغة عربية واضحة وسليمة وتميز الكتاب بالإخراج الجيد والمراجعة اللغوية المنضبطة إلى حد كبير. 

- اعتمدت الكاتبة مراجع علمية دقيقة الصلة وموثوقة فى موضوع الكتاب. 

- يحتوى الكتاب كمًا وافيًا من المواويل الشعبية التى جمعتها الباحثة بنفسها أو من خلال دراسات ميدانية لباحثين آخرين.

بناء على هذه المعطيات، أجمعت اللجنة على منح «حنين طارق» جائزة الدولة التشجيعية.. والأهم أننا فزنا بباحثة مهمة فى مجال الفلكلور.