
أسامة سلامة
مؤامرة على الرئيس!
لست من المطالبين بالتحقيق مع كاتب خطاب الرئيس مرسى الذى ألقاه فى باكستان بتهمة الإهمال الجسيم، وذلك بعدما تبين أنه ملىء بالأخطاء والجهل، مما أدى إلى إحراج د. مرسى.. بل إننى أطالب بالتحقيق مع هذا المسئول باعتباره مشاركا وضالعا فى مؤامرة على الرئيس.
نعم إنها مؤامرة.. وإلا كيف يمتلئ خطاب رئيس جمهورية لدولة كبرى بمعلومات غير دقيقة، عن أسماء شهيرة لعلماء مسلمين.. ظللنا طوال تاريخنا نفتخر بهم وندلل على عطائنا العلمى بإنجازاتهم وابتكاراتهم.
والحرج كان مضاعفا لأن الرئيس مرسى ينتمى إلى جماعة تضع ضمن شعاراتها الإسلام الأممى وضمن أهدافها عودة الخلافة التى تجمع الدول الإسلامية، وتتضمن أدبياتها تذكير الناس بفضل هؤلاء العلماء على العالم.
ولكن الرئيس المنتمى إلى جماعة إسلامية ظهر جاهلا بهؤلاء الأجلاء وتخصصاتهم واكتشافاتهم العلمية التى سبقوا بها العالم.. رغم أنها معلومات بسيطة يعرفها طلاب الإعدادى والثانوى!
إن نقرة صغيرة على «كيبورد» أى جهاز كمبيوتر يخرج مئات المعلومات ويدققها فلماذا لم يفعلها كاتب الخطاب؟ لماذا لم يقم بهذا الجهد البسيط الذى لن يستغرق سوى دقائق معدودة؟!
كيف لشخص أوكلت إليه هذه المهمة أن يتقاعس عن التأكد من معلومات سيلقيها الرئيس ضمن خطاب موجه إلى شعب دولة أخرى، والمصيبة أنها دولة إسلامية ويعرف الكثير من أهلها هذه المعلومات.. فهل ما حدث مجرد عشوائية وتخبط فقط؟ حقيقة مصر منذ وصول الرئيس مرسى وهى تدار بهذه العقلية والطريقة، وأن معظم قرارات الرئيس لم تصدر بعد دراستها ومعرفة أبعادها وتأثيرها، ولهذا فإن كثيرا منها تم التراجع عنها، وأصبح المواطنون ينتظرون إلغاء القرارات وليس تطبيقها ويعولون على عدم تنفيذها مادامت الحكومة غالبا ستتراجع عنها بعد اكتشافها أنها غير ملائمة ولا مناسبة.
الأكثر أن المحاكم تدقق القوانين التى تصدر بعد مناقشات مفترض أنها مستفيضة من مجلس الشورى.. حيث يكشف القضاة جهل من أصدروها.
لقد أحاط الرئيس نفسه بمجموعة ليس هدفها خدمة البلد، وإنما تحقيق أهداف الجماعة، ولهذا تأتى القرارات والقوانين بل مواد الدستور مفصلة على المقاس، ولأن الترزى غير ماهر ولأن أغراضه ليست لصالح المواطنين، فإنها تصدر مليئة بالعيوب والثغرات التى تمكن الطاعنين عليها من الحصول على أحكام بوقف العمل بها.. نعم كل هذه أدلة على أن ما حدث فى خطاب د. مرسى هو استمرار لسياسة التخبط وعدم الدراية بإدارة البلد، والجهل بأساليب الحكم، وعدم فهم بروتوكولات الرئاسة، لكن لا أصدق أن ما حدث مجر د خطأ غير مقصود، فالمهمة الموكلة إلى كاتب الخطاب بسيطة للغاية، ولو طلب الرئيس من ابنه الذى يشتم المعارضين لوالده على مواقع التواصل الاجتماعى «تويتر» و«فيس بوك» أن يتوقف قليلا عن هذه اللعبة ويساعده فى التأكد من الأسماء التى يحتويها خطابه لفعل ذلك بسهولة ويسر.. ولكن الشخص المسئول عن الخطاب لم يفعل ذلك الأمر الهين واليسير.. لماذا؟
لأن هناك فعلا مؤامرة على الرئيس.. بحيث يظهر وكأنه لا يعرف ولا يدرى، وتظل هذه الصورة فى مخيلة المواطنين المصريين والعالم كله طوال فترة حكمه خاصة العالم الإسلامى، هى محاولة للانتقاص من قدره وقيمته، ولعلنا نتذكر ما حدث للرئيس بوش الابن الذى مازال العالم يتندر على جهله حتى الآن، وظلت أكثر الكتب مبيعا فى أمريكا لفترة تلك التى تجمع نوادره وطرائفه.. مثلا اعتقد بوش أن الزعيم الأفريقى مانديلا توفى وذكر ذلك فى أحد لقاءاته.. أيضا قال لملكة إنجلترا: لقد عاصرتِ 10 رؤساء أمريكيين واحتفلت معنا بالعيد الوطنى عام 1776 «بدلا من أن يقول 1976» أى أنها عاشت أكثر من مائتى عام، من نوادره أيضا أنه لم يعرف اسم رئيس باكستان.. ولم يستطع أن يفرق بين «إيباك» منظمة التعاون الاقتصادى لدول آسيا والمحيط الهندى و«أوبك» منظمة الدول المنتجة للبترول، ولكن أفضل ما قاله هو أن معظم وارداتنا تأتى من خارج أمريكا.وأن «للأجنحة أحلاما».
بوش أينما ذهب حتى بعد تركه رئاسة أمريكا بسنوات، ظل اسمه «بوش الجاهل» لدى قطاع عريض من الأمريكيين والكتاب العالميين.. ولهذا فإننى أعتقد أن د. مرسى تعرض لمؤامرة هدفها تشويهه.. أما إذا كان هو الذى ارتجل الخطاب أو أنه مازال يعتقد أن ما حدث خطأ عادى وأن من حوله مخلصون له، فإنه فى هذه الحالة يكون هو الذى تآمر على نفسه!