الأحد 28 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الدكتور مدبولى واليوم التالى

الدكتور مدبولى واليوم التالى

ليس فى الدستور المصرى ما يُلزم الحكومة بتقديم استقالتها بَعد بَدء انعقاد مجلس النواب الجديد، ولا يوجد نَصٌّ يُلزم رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة جديدة مع مباشرة المجلس لأعماله، لكن الرئيس يملك -إذا ما رأى ذلك-  سُلطة تكليف رئيس وزراء لتشكيل حكومة جديدة يَعرض برنامجها على مجلس النواب للحصول على ثقته.



وهكذا سنكون خلال أسابيع أمام ثلاثة أحتمالات:

إمّا أن تستمر حكومة الدكتور مصطفى مدبولى كما هى.

أو أن يتم تعديل وزارى (موسع أو محدود) على نفس الحكومة برئاسته.

أو أن يتم إعفاء الدكتور مدبولى وحكومته وتتشكل حكومة جديدة.

الاحتمال الأخير إذن وارد، وقد يكون فرضية مُرَجَحة؛ خصوصًا إذا وضعنا فى الاعتبار أنّ الدكتور مصطفى مدبولى يتولى المسئولية منذ 7 سنوات كرئيس للوزراء سبقتها أربع سنوات كان فيها وزيرًا للإسكان ثم قائمًا بأعمال رئيس الوزراء، وخلال هذه السنوات قَطعَ الشوط الأكبر فى عملية تحديث البنية الأساسية وإطلاق المشروعات الكبرَى وخطوات الإصلاح الاقتصادى بما صاحبها من صعوبات وعثرات، مرورًا بإدارة أزمات صعبة فى مقدمتها أزمة «كورونا» وتداعيات الحرب «الروسية- الأوكرانية» على مصر.

وإذا ربطنا ذلك بالقدرة الطبيعية على التحمل، ثم ربطناه أيضًا بضرورات التغيير السياسى لضخ حماسًا وطاقات جديدة، وبأولويات الدولة فى المَرحلة الحالية والتى من المنطقى أن يتصدرها إطلاق عقد اجتماعى كامل وواضح يتضمن بناء حياة سياسية قوية وخُطط إصلاح واسعة شاملة لا تقتصر على الجانب الاقتصادى فقط؛ بل تستهدف إحداث طفرة علمية وتعليمية وصحية، وتسعى للاستثمار فى البنية البشرية ثقافةً وفكرًا ووعيًا وتتصدّى لتشوهات قيمية خطيرة، بما يؤدى فى النهاية إلى تحقيق رضا مجتمعى عام وبعث مقومات القوة المصرية الناعمة فى مواجهة تحديات إقليمية ودولية، وعلاج آثار الدواء المُرّ الذى تحَمَّله المصريون جرّاء المَرحلة التأسيسية الصعبة للإصلاح الاقتصادى.

إذا وضعنا كل ذلك فى الاعتبار؛ فقد لا يكون الدكتور مصطفى مدبولى هو رئيس الوزراء القادم.

وعند هذه النقطة؛ أجد من واجبى الإشارة إلى أمْر قد يكون مُهمًا.. فبصرف النظر عن التقييمات المختلفة لأداء الدكتور مدبولى فى سنوات ولايته السبعة وكم الانتقادات والاتهامات التى واجهها وتحمَّلها بصبر نشهد له به (وبعضها يُحترَم وفى محله) وكم الأخطاء التى تعدّدت بحكم طول مُدة ولايته.. إلاّ أننى أرى أن خروجه من موقعه التنفيذى (إن حدث) لا يجب أن يعنى نهاية دوره فى العمل السياسى العام.. ليس فى إطار أعباء المسئوليات التنفيذية المرهقة ولكن فى سياق عدم التفريط فى حجم وعمق الخبرات التى تراكمت لديه وإلمامه الكبير بكل تفاصيل الملفات المهمة فى إدارة الدولة.

وهنا لا أقصد أن يتولى الدكتور مَنصبًا استشاريًا شرفيًا، فهذا الرجل ربما هو الوحيد الذى استمر فى قلب العمل التنفيذى بلا انقطاع على مدار ما يقرب من 20 عامًا، وهو أصلح مَن يمكن أن يُبنى على وجوده مبدأ تشكيل مجلس رئاسى رفيع المستوى لخبراء الدولة يضم أسماءً مهمة فى مجالات تغطى أولويات الدولة فى المرحلة الحالية، ممّن شغلوا مواقع تنفيذية رفيعة ولديهم خبرات واسعة وإلمام كبير بالملفات الأهم على أرض الواقع.. وهذا يختلف بالقَطع عن المجلس الاستشارى لعلماء وخبراء مصر الذى يضم كفاءات علمية ممتازة دون شك لكنّ أعضاءه لم يتولوا مناصب حكومية تنفيذية عليا.

وأعتقد أن وجود مثل هذا المجلس الرئاسى للخبراء التنفيذيين احتياج مُهم الآن؛ حيث إن الدور الذى يمكن أن يؤديه إلى جانب المجلس الاستشارى للعلماء (لا أعلم مدى تفعيله لكنّ قرارًا رئاسيًا صدر بإعادة تشكيله يناير الماضى) سيتيح بين يدى الرئيس- والحكومة بالتالى- رؤية شاملة متكاملة علميًا وتنفيذيًا وعلى مستوى رفيع وموثوق سواء فيما يتعلق بتقديرات أى أوضاع حاضرة أو رُؤَى مستقبلية.

وفى جميع الأحوال؛ فإن هذا الاتجاه يفتح مسارًا منتظمًا وفعالًا لتداول أهم الكفاءات والخبرات المصرية والاستفادة منها بما هو أوسع من محددات وقيود المَواقع الوظيفية.