أسامة سلامة
لماذا ترفض كنائسنا المصرية الصهيونية المسيحية ؟
لا تحتاج كنائسنا وطوائفنا المسيحية الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية الدفاع عن نفسها ضد أى أقاويل أو تلميحات أو إشارات تربطها بالمسيحية الصهيونية، فموقفها ضدها معلن من سنوات طويلة، منذ بداية الاختراق الصهيونى للمسيحية وكنائسنا تتصدى له ولتفسيراته المتعنتة للكتاب المقدس، ولدينا كثير من الدراسات والأبحاث التى تكشف زيف هذا الاتجاه سواء قديما أو حديثا، وعلى سبيل المثال كتابات الراحلين البابا شنودة والأنبا غرغوريوس أسقف البحث العلمى السابق والأنبا يؤانس مطران طنطا السابق، وعند الكنيسة الإنجيلية كثير من الكتب أبرزها «الاختراق الصهيونى للمسيحية» للدكتور القس إكرام لمعى وكتاب» المسيحية الصهيونية» للدكتور القس رفيق إبراهيم، أما الكنيسة الكاثوليكية فيكفى أن الفاتيكان لم يعترف بإسرائيل إلا بعد توقيعها اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، كل الدراسات السابقة عرضنا موجزا لأفكارها فى مقالات سابقة تزامنًا مع العدوان الإسرائيلى على غزة بعد 7 أكتوبر2023، بهدف توضيح موقف كنائسنا من إسرائيل ودورها فى دعم القضية الفلسطينية، ولكن يبدو أنه من المهم إعادة التذكير بها كل فترة، خاصة عندما يتم تداول منشورات على وسائل التواصل الاجتماعى أو كلمات فى برامج فضائية عن الصهيونية المسيحية دون توضيح للمشاهد البسيط موقف كنائسنا منها، ويصبح الأمر ضروريًا عندما يتعلق الكلام بدعوة أحد القساوسة الأمريكان المنتمين للصهيونية المسيحية بتجنيد مائة ألف مسيحى ليكونوا سفراء لإسرائيل بدولهم، وهو ما قد يؤدى إلى الخلط عند البسطاء من المشاهدين بين المسيحيين المصريين وبين كنائس أمريكية تعتنق هذا المبدأ المغلوط،
هدف الصهيونية المسيحية هو إنشاء دولة إسرائيل ودعمها واستيلاؤها على أرض فلسطين، ويمكن تلخيص أفكارها المستندة إلى التفسير الحرفى والمتعسف لبعض آيات الكتاب المقدس فى عدة نقاط :
أولا: الاعتقاد بأن اليهود شعب الله المختار لذا يجب مباركة إسرائيل وتأييد سياساتها الدموية،
ثانيا: أرض إسرائيل كما هو محدد فى الكتاب المقدس من النيل إلى الفرات وهو ملك حصرى لليهود حسب وعد إبراهيم، ولذلك يجب ضم الأرض وإخراج الفلسطينيين من منازلهم وتوسيع المستوطنات وتوطيدها.
ثالثا: أورشليم «القدس» العاصمة الأبدية لليهود ولا يمكن تقاسمها مع الفلسطينيين.
رابعا: إعادة بناء هيكل سليمان ومكانه فى حرم المسجد الأقصى بجانب حائط المبكى، ضرورة لعودة المسيح وبداية الملك الألفى. تصدت كنائسنا لهذه الأفكار بقوة، ويمكن تلخيص كتابات آباء الكنيسة الأرثوذكسية والإنجيلية ومواقف الكنيسة الكاثوليكية فى عدة نقاط:
«إسرائيل الحالية لا علاقة لها بإسرائيل التى ورد ذكرها فى الكتاب المقدس، بل هى عصابات صهيونية تمثل حركة استعمارية فاشية عنصرية ترتكز فى مبادئها على العدوان، وتستخدم العنف لتحقيق أهدافها».
«إسرائيل فى الكتاب المقدس بمدلولها الرمزى تشير إلى الكنيسة المسيحية أى المؤمنين بالمسيح فى العهد الجديد، وبهذا فإن إسرائيل القديمة فى الكتاب المقدس تتميز عن إسرائيل الحالية التى لا سند لها من الكتاب المقدس».
«المسيحية ترى أن أورشليم وجبل صهيون وأرض الميعاد المقصود بها الكنيسة والحياة الأبدية فى السماء وليس فلسطين كما يقول الإسرائيليون».
«عبارة نسل إبراهيم لا يقصد به النسل الجسدى بل نسل إبراهيم الروحى وهم جميع المؤمنين بالمسيح، أما عن مملكة داوود الخالدة التى يسعون جاهدين لإقامتها فإن اليهود فهموا الملك فهمًا حرفيًا ماديًا أما الله فيقصد بالمملكة المُلك الروحى».
«إسرائيل انتهت كدين فالمسيحية تؤمن أن التوراة كان كتابا ناقصا أتمته المسيحية بتعاليمها وعقائدها الواردة فى العهد الجديد وبناء عليه فلا وجود الآن لليهودية كدين، وبالتالى لا وجود لإسرائيل، أما إسرائيل الحالية فهى دولة سياسية من وجهة النظر المسيحية».
«إن كل نبؤات العهد القديم التى تشير إلى كيان لشعب اليهود وكنيستهم وهيكلهم، لابد أن تُفهم على أنها قد تمت فى الماضى بمجئ المسيح أو قبل مجيئه بالجسد، وكل نص يشير إلى نجاح لهم أو انتصار على أعدائهم يجب أن يُؤخذ على أنه حصل فعلا فى إحدى رجوعاتهم السابقة لمجئ المسيح لأنهم قد سُبوا خارج بلادهم ورجعوا إليها عدة مرات بحيث لم يعد لتلك النصوص دلالة على نصر جديد أو نجاح جديد، وبتأسيس الكنيسة المسيحية أمست الكنيسة اليهودية غير موجودة».
«جاءت المسيحية وتسلمت ما عند اليهود من وديعة، الكتب المقدسة، العقائد، الرموز، الطقوس الدينية، الإيمان ذاته، وبعد ذلك انتهى دور اليهود كمجموعة تحمل الإيمان فى وقتنا الحاضر، وأصبح الإيمان بوجود الله فى كل ركن من أركان الأرض».
«لم يعد من المعقول ولا من الممكن أن نجمع المؤمنين بالله من أرجاء العالم كله ومن كل القارات لكى نضعهم فى أرض معينة،، لذا انتهت فكرة المعزل الدينى الذى بسببه وضع الله هؤلاء الناس فى الأرض، ولم تعد هناك حكمة من وجود أرض يقبع فيها اليهود أو غير اليهود».
«انتهت فكرة شعب الله المختار، وكان قد اختار اليهود فى القديم ليحملوا الإيمان ليس بسبب كونهم يهوداً، وإنما لأنهم كانوا المجموعة الوحيدة التى تعرف الله ماعدا قلة متفرقة فى جهات أخرى، أما الآن فأصبح الشعب المختار هو من يؤمن بالله، لأنه من غير المعقول أن يرفض الله كل من يؤمن به ويقول لكل المؤمنين فى الأرض لا أعرفكم، أنا لا أعرف إلا اليهود، الله هو إله الكل، الكل خليقته ورعيته وصنعة يديه، وهو إله لجميع الشعوب على الأرض»،
هذا ملخص لموقف كنائسنا من الصهيونية المسيحية وقد جمعتها نصًا من كتابات البابا شنودة والأنبا غرغوريوس والأنبا يؤانس والأب متى المسكين، والدكتور إكرام لمعى والقس رفيق إبراهيم، وهى تجيب على السؤال لماذا ترفض كنائسنا الصهيونية المسيحية؟











