الأربعاء 3 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
محمد إبراهيم..الوزير الذى هزم نفسه!

محمد إبراهيم..الوزير الذى هزم نفسه!


من - مصلحة السجون- استدعت الرئاسة «محمد إبراهيم» بإمكانياته الشرطية المحدودة.. ليتولى أهم وزارة سيادية فى أدق لحظة من عمر الوطن!
 
رضى أن يحل محل الوزير السابق «أحمد جمال الدين» وقدم ضباط وأمناء وأفراد الشرطة قربانا تحت أقدام مكتب الإرشاد.. ليعود بنا إلى المربع رقم واحد فى علاقة الشعب بالشرطة بعد عامين من محاولات إصلاحها فى أعقاب ثورة يناير!
بنفس الأساليب القديمة والمتربة جاء «إبراهيم» الذى كان يشغل منصب مدير أمن أسيوط وقت الانتخابات الرئاسية وقيل إن أحد أهم أسباب اختياره للمنصب أنه كان مرافقا للمرشح «محمد مرسى» وقتها فى زيارته الترويجية، ثم انتقل إلى مصلحة السجون قبل اختياره للمنصب الذى لم يكن يخطر فى كل أحلامه التى تحققت برغبة رئاسية أعطت له الضوء الأخضر فى أن تمضى عصا الأمن دون رقيب أو حسيب تسحل وتقتل، وبقيت نفس العصا عصية على التعامل مع الأولتراس!
 
الخرطوش والرصاص الحى والضرب والسحل الموشوم على أجساد المواطنين من الاتحادية إلى بورسعيد مرورا بالدقهلية ظل محشورا فى خزن البنادق عندما هاجم الأولتراس الأهلاوى منزل وزيرى الداخلية الأسبق والحالى والاعتداء على مديرية أمن الجيزة!
 
كل الحكومات علقت فى رقبة المنظومة الأمنية فشلها فى تحقيق طموحات الشعب والمطالب الفئوية وارتكنت إلى الحلول القمعية التى تمارسها الشرطة نيابة وتطوعا عن الفشل الحكومى لتحتمل ما يفوق طاقتها وجعلتها منبوذة ومكروهة من عموم المصريين، ولهذا قامت الثورة عليها، وقبل أن تستوعب الدرس جاء الوزير الجديد ليعيد الكرة مرة أخرى!
 
العلاقة بين الداخلية والأولتراس لم تعرف لحظات تفاهم إلا فى أوقات محدودة وقت أن كان اللواء «إسماعيل الشاعر» مديرا لأمن العاصمة حيث فتح قنوات اتصال مع كابوهات الأولتراس واستطاع احتواءهم وامتصاص حماستهم وتعصبهم.. لأن جموح شباب فى هذه المرحلة العمرية لم يكن أبدا الحل الأمنى مجديا معه وهو ما لم تفهمه كل مؤسسات الدولة حتى الآن ووضعت الشرطة «كارت حشر» بين مجموعات الأولتراس وبين الثوار والنظام!
 
عقيدة الأولتراس تحظر عليها العمل بالسياسة، وكان استدعاء الثوار لهم فى أحداث محمد محمود والقصر العينى خطيئة أخرى عندما وضعتهم على خط النار فى مواجهة الشرطة وساهم الإعلام فى تعظيم دورهم النضالى وأطلقوا عليهم «جنود الميدان» ليخرجوا من ملاعب الرياضة إلى ميادين السياسة وأصبحوا عرضة للاستغلال السياسى من بعض القوى بما فيها جماعة الإخوان!
 
قبل أن تستعيد الشرطة هيبتها وترمم أركانها جاءها «محمد إبراهيم» لينزع عنها أجهزة التنفس الصناعى ويقدمها فى مواجهة الجماهير الغاضبة واكتفى بتأمين مقرات الإخوان وترك مقرات وزارته عرضة للاعتداء كما جرى الأسبوع الماضى عند مديرية أمن الجيزة.. أضاع هيبة الدولة عندما انصاع لتهديد الأولتراس وتصرف بحماقة عندما قرر بليل نقل المتهمين بمذبحة بورسعيد من سجن مدينتهم دون دراسة أو إعلام للحاكم العسكرى أو لمدير الأمن ليشعل النفوس فى المدينة الباسلة ويضع جنوده وضباطه فى محرقة الغضب البورسعيدى!
 
الضعف والارتباك سمات لا تخطئها عين فى تقييم أداء الوزير لا يعنى إدارة إقليم «أسيوط» أمنيا أن تكون مؤهلاً لإدارة دولة بأكملها، حيث تتضاعف المسئوليات فى هذا التوقيت الدقيق الذى كان يحتاج إلى رؤية سياسية حكيمة!
 

 
كانت الثغرة التى مر منها الجميع سواء أمناء وأفراد الشرطة الذين ضغطوا عليه لتحقيق مطالبهم الفئوية، ثم تنظيم الضباط الملتحين، وكذا الخارجون عن القانون بعد أن زادت معدلات الجريمة فى عهده، والأولتراس الذين استباحوا منصبه حين حاصروا منزله فى القاهرة ومنزل عائلته فى السويس، وأخيرا الإخوان الذين جاءوا به وجعلوه رجلهم!
 
«محمد إبراهيم» الوزير الذى لا يقول «لا».. فرحته بالمنصب غير المتوقع جعلته يقدم فروض الولاء والطاعة.. حتى أنه لم يخرج يعلق على ما ذكره صحفى أمريكى نقلا عن القيادى الإخوانى «محمد البلتاجى» بمسئوليته عن هيكلة وزارة الداخلية.. لم يفعل مثلما فعل «أحمد جمال الدين» الذى رفض أن يسلم نفسه وضباطه لمكتب الإرشاد، واشترى شرفه المهنى وضحى بالوزارة وقال فى وجه النظام «لا»!
 
تعلل بأن التظاهرات والظروف السياسية هى السبب فى تأخير إصدار حركة مساعدى الوزير الـ 31 المفترض إجراؤها من فترة والتى كانت لو تمت يمكن أن تساعد فى استقرار وسد الفجوة فى اتخاذ القرار الأمنى.. لكن ارتباكه أرجأ الأمر ليتسع الرتق وترتعش الأيدى فى اتخاذ أى قرار!
الإضراب الشرطى أصبح عدوى بطول البلاد وعرضها اعتراضا على سياسات الوزير والتضحية بهم، غاب عنه أن النظام لن يحميه من المساءلة، وأنه سيلقى به فى أقرب منحنى غير مأسوف عليه ولا مانع من تقديم رقبته فداء لاستمرار النظام حتى أنه قد يحسد «العادلى» على مصيره!
 
بيدى لا بيد الأولتراس.. هكذا قرر الضباط فى إضرابهم مع تصاعد وتيرة الأحداث، ولم يعد فى الأفق بارقة أمل ولم تعد بزاتهم الشرطية تحميهم من سخط المواطنين والثوار.. قرروا أن يتطهروا من سياسات الوزير قبل أن تطولهم أيادى الشعب والقانون الذى لن يرحمهم على تجاوزاتهم!
 
 
«إبراهيم» يقامر بوزارة الداخلية وبأمن المصريين، وسياسته المختلة تدفع فى اتجاه مخطط أخونة الوزارة بحجة التطهير.. جهاز الشرطة لا يختلف أمره عن الجيش فكلاهما ملك للشعب المصرى وليس لأى نظام، فالزمن لا يعود أبدا للوراء!