الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
انتصرنا.. لأننا لم نعرف هؤلاء!

انتصرنا.. لأننا لم نعرف هؤلاء!


 من حُسن حظنا، ورحمة ربنا بنا، أن السلفيين لم يظهروا فى المجتمع المصرى قبل حرب أكتوبر المجيدة.. ولم يكن لهم وجود وتأثير وانتشار.. ولهذا لم ينشغل المصريون بفتاوى مثل نكاح الوداع وجواز معاشرة البهائم، ولا بأسئلة من عينة هل الممارسة الجنسية مع الزوجة المتوفاة زنى أم حلال؟، ولا بأحاديث آداب الدخول إلى دورات المياه، وغيرها من الأسئلة التافهة والفتاوى الغريبة، التى اهتمت بها وسائل الإعلام مؤخرًا، وانتشرت بين الناس وشغلتهم لفترات طويلة.

ومن المؤكد أيضًا أنه لم توجد وقتها الفتاوى السلفية التى تحرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم ومناسباتهم الدينية، أو الحديث عن عدم جواز تولى الأقباط المناصب العليا لأنها من الولاية الكبرى، أو رفض بناء الكنائس والاعتداء عليها أو حرقها وهدمها إذا استثنينا حادث الخانكة الشهير عام 1971. كما لم تكن هناك نساء منقبات ولا محجبات ولم يكن الحديث عن ملابس المرأة مطروحا، ولا النظر إليها باعتبارها «حريم»، بل كانت مكانتها وقتها فى صعود مستمر.. وظنى أنه لو كان السلفيون موجودين وأفكارهم منشرة بين المواطنين البسطاء؛ للحقت بنا هزيمة فادحة أشد وأكبر وأخطر من نكسة يونيو 1967، إذ إنّ المجتمع الذى تشغله صغائر الأمور، والمعارك التافهة، ويبتعد عن مواجهة القضايا الحقيقية؛ لا يمكنه الانتصار.. ويعانى عجزًا وشللاً يمنعه من التقدم للأمام.. كما أن البلد الذى يعانى انقسامًا طائفيًا، وتشتعل به الفتن الدينية لا يمكنه توحيد جهوده.. فإذا كانت جبهته الداخلية مشتتة، فكيف يتمكن من مواجهة عدوه؟!
ما حدث فى حرب أكتوبر هو العكس من ذلك، كانت الجبهة الداخلية متماسكة، والجهود موحدة، والأهداف محددة، لم يكن أحد يسأل عن الهوية الدينية للمواطنين ولا كانت الأديان محلا للنقاش والاختلاف العبثى، ولم يجرؤ أحد على ازدراء دين الآخر أو الانتقاص من حقوقه بسبب عقيدته أو وضعه الاجتماعي.. كان الكل على قلب رجل واحد، وكانت القضية الكبرى التى توحد حولها الجميع هى تحرير الأرض واستعادة الكرامة.
كان العِلم هو الطريق إلى تحقيق هذا الهدف.. توارى الجهلاء، وابتعد الرويبضة.. فلم ينشغل المجتمع بتوافه الأمور، ولهذا نجح العبور وتخطى جنودنا البواسل قناة السويس وحطموا خط بارليف وحققوا الانتصار.
الآن نحتاج إلى العودة إلى نفس سمات مجتمع أكتوبر حتى نتمكن من العبور إلى المستقبل، ولهذا لا بد أن نعتمد على العِلم الحقيقى وأن نبتعد عن الخرافات، وأن نواجه صانعى القضايا التافهة التى يحاولون من خلالها إبعادنا عن قضايانا الحقيقية، وأن نتصدى لدعاة الفتنة الطائفية الذين يتمنون تمزيق الوطن ويرغبون فى تحويله إلى طوائف دينية واجتماعية تتناحر مع بعضها البعض، وإذا لم نفعل ذلك سريعا فلا أمل فى عبور حاجز الأفكار المتخلفة ولن نتمكن من تحطيم خط التخلف الذى يحاول البعض بناءه لكى يعوق تحقيق انتصارنا واستعادة مكانتنا.