
احمد باشا
تيار الشراكة الحرام بين «صباحى» و«ساويرس»!
كان يا ما كان، عقب نجاح ثورة 30 يونيو أن برزت فكرة إيجابية من شباب فاعل حاول أن يقفز فوق مساحات الخلاف السياسى بتأسيس ما يسمى بتيار (الشراكة الوطنية 25-30) فى إشارة لا تخلو من دلالة إلى تكامل الثورتين وتشابههما فى الأهداف والدوافع بحثا عن مستقبل أفضل وأن الأخيرة جاءت مصححة لسابقتها!
كالعادة، كل فكرة رائعة تنحرف عن مسارها، وتنجرف عكس تيارها، بعد الرؤية الرومانسية التى وضع لبنتها الناشط المعروف «هيثم الشواف» - صاحب الفكرة- وحاول جاهدا مع زملاء له الحفاظ على نقائها من المتنطعين والمتطلعين لأدوار تبنى ولا تهدم، فكانت الاعتراضات على ضم أسماء محسوبة على شخصيات بعينها أو مدعين أو ينتمون لتيارات غير وطنية كالإخوان مثلا!
سريعا ضعفت مقاومة الإصلاحيين الحقيقيين لينسحب «هيثم الشواف» وآخرون قبل لحظة الميلاد الحقيقية ليفرض «شادى الغزالى حرب» سيطرته المطلقة ويقوض الفكرة من مضمونها الوطنى، وبدلا من أن تكون «جسرا» موصلا بين ثورتين صنع منها «طريقا دائريا» ليتسلل منه الخونة والإرهابيون والطابور الخامس إلى المشهد السياسى وإيجاد نافذة لهم يطلون من خلالها على المرحلة الانتقالية، فكان أن ضمت أعضاء من 6 أبريل وجماعة الإخوان الإرهابية ومن ينتمون لما يسمى بالطريق الثالث بكل مشتملاته الداعمة لأبوالفتوح وتبنى أفكار «البرادعى» و«عمرو حمساوى»!
حاول تيار الشراكة أن يلعب على مشاعر الجماهير الغفيرة الراغبة والمطمئنة لرئيس من خلفية عسكرية وبادروا عن طريق «شادى الغزالى حرب» إلى إقناع اللواء «مراد موافى» بالترشح مبكرا، وذلك لسببين: الأول قطع الطريق على المشير السيسى فى الترشح، والثانى أن خيالهم المريض صور لهم قدرتهم السيطرة على اللواء «موافى» متناسين قيمة وقدر ووطنية الرجل الذى أعلى المصلحة العليا للبلاد على أى طموح شخصى له، فأصابهم إعلانه عدم الترشح ودعمه للمشير السيسى بصدمة جعلتهم يوجهون البوصلة للفريق «سامى عنان»، وبالفعل جرى تكليف «إسراء عبدالفتاح» بهذه المهمة وباءت أيضا المحاولة بالفشل أمام مواقف الرجلين المحترمة، فلم يكن أمامهم إلا المرشح «حمدين صباحى»!
لذا لم يكن مستغربا استقبال التيار له وعقد لقاء داعم لترشحه وترتيب مؤتمر صحفى واجتماع مغلق تجاوز فيه «صباحى» وزايد وأعلن عن نيته بمحاكمة «السيسى» حال وصوله للحكم ردا على أحدهم - أترفع عن ذكر اسمه- سأله عن العدالة الانتقالية وضرورة محاكمة طنطاوى والسيسى وسأله عن قتلى الإخوان وهو نفس الشاب صاحب التويتة إياها التى قال فيها: «إذا كان محمد محمود رمز الصمود فإن رابعة رمز الإنسانية»، وهذا الشخص هو نفسه من أطلق مع الإخوان حملة «امسك فلول» التى ابتز بها ومن خلالها عددا كبيرا من المسئولين ورجال الأعمال والسياسيين!
أصبحنا أمام فسطاطين.. الأول على اتساعه وضخامته مؤمن بالمشروع الوطنى للتغيير من الداخل ويسعى إلى تقدير مؤسسات الدولة ويحترم دورها المقدس فى الحفاظ على استقرار البلاد ورافض أى أجندات أو مشروعات أمريكية وخارجية سابقة التجهيز تستهدف تقسيم البلاد والإضرار بالجيش الوطنى وتوريطه فى حروب أهلية ويسير وراء مرشحه عبدالفتاح السيسى.
وفسطاط أقل قيمة وقامة وأكثر ضجيجا يضم كل المتناقضات ويتخذ من بريق الشعارات منهجا وبرنامجا ولا يرى، فأصبح «صباحى» وعاء لكل الأصوات والتيارات المتنافرة مما جعله وتيار الشراكة وتياره الشعبى وصلة فى اتجاهين يعبر من خلالها الإخوان الذين سيصوتون له فى الانتخابات المقبلة وصدرت للقواعد أوامر بذلك الأمر حتى لو كان الموقف المعلن هو المقاطعة!
وعليه ستبدأ موجات متتالية من الهجوم على الدولة ومؤسساتها، وبالأخص الجيش المصرى واستحضار شعارات «يسقط حكم العسكر» التى رددها وتساءل عنها أعضاء تيار الشراكة فى لقائهم مع المرشح حمدين صباحى وأن تنسيقا يجرى مع 6 أبريل والإخوان وأبو الفتوح وحمزاوى فيما أسموه بالطريق للثورة الثالثة!
كان لافتا أن أشير إلى أن الخلافات الأولية فى تأسيس ما يسمى تيار الشراكة كانت ضمن أسبابها رغبة «شادى الغزالى حرب» و«جون طلعت» فى إعطاء مفاتيحها إلى رجل الأعمال «نجيب ساويرس» الذى كان أن استقبل حزبه الذى أسسه «المصريين الأحرار» كل اجتماعات تأسيس تيار الشراكة وغيره من أنشطة وفعاليات الائتلافات والحركات الأخرى،
نجيبب رأس حربة عائلة «ساويرس» فى المدلل والأشهر والمتحدث إعلاميا عنها يتوارى خلفه الأب «أنسى» والشقيقان «ناصف» و«سميح».. رجل علمانى إلا كثيرا.. قبطى معتدل إلا قليلا.. سياسى غير متزن.. كان نجما ساطعا خلال عهد مبارك وشملته رعاية الرئيس الأسبق، وصار فجأة من حكماء ثورة 25 يناير.. جلس على كل الموائد، حضر كل الاتفاقات، لعب على كل الأحبال، بما فيها أيضا قدم مع المشروع الوطنى وأخرى مع حمدين ليكتمل بذلك ميلاد الثالوث الأسود (ملياردير رأسمالى وسياسى إنشائى وبينهم شباب متنطع يدعى الثورية)!
كانت الانتخابات السابقة كاشفة لزيف شعارات «صباحى» حين تلقى دعما ماليا ضخما من رجل الأعمال «فريد خميس» أحد رموز عهد مبارك والحزب الوطنى فهل يكررها هذه المرة مع «ساويرس» ويكون تيار الشراكة هو عراب تلك العلاقة الحرام؟!