
احمد باشا
«فرقة الفهلوية» للكوميديا السياسية!
أغلبهم - إن لم يكن جميعهم - كان يسير فى ركاب الدولة ونظامها، وما إن فاته تحقيق طموحه الشخصى، أو انسحب الإعلام عنه، أو تم تهميش أدواره حتى انقلب عليها من النقيض للنقيض، وبذلك تجمع شتات أولئك المحبطين للثأر الشخصى تحت لافتة عريضة صنعوها من أوهامهم وأعادوا تقديم أنفسهم كمناضلين فى وجه الدولة وأجهزتها معتمدين على ضعف ذاكرتنا!
هم أشبه بأوراق اللعب «الكوتشينة» التى يعاد «تفنيطها» كل مرة تحت اسم مختلف.. فالوجوه ذاتها تلبس شعارا سياسيا حتى تستنفد فيه فشلها ثم تخلعه وترتدى غيره.. «فرقة الفهلوية» تضم نفس الوجوه التى كانت سابقا تحت لافتة «كفاية» ومنها إلى حركة «6أبريل» ثم «جماعة العمل الوطنى» و«مصريون من أجل انتخابات حرة» وقبلها «الجمعية الوطنية للتغيير» وأخيرا «تنظيم عاصرى الليمون» الذى ألبسنا فى الحيط!
يتقافزون من شجرة نظام إلى أخرى.. يقتاتون على أوراق خضراء بطعم الدولار.. يسبحون بحمد العم سام ويولون وجوههم شطر البيت الأبيض.. أسود على دماغهم بإذن الله!
ناموا فى فراش كل أعداء الوطن.. من حضن إلى حضن.. تغطوا بملاءات فاضحة زينت بشعارات نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وخرجوا مفضوحين بفعلتهم الشائنة لما رفعت عنهم الثورة الغطاء فبانت سوءتهم!
الحجة التى عادة ما يطلقونها وهى مطالبتهم بالتغيير، وتعبيرهم عن السأم من وجود ذات الأشخاص فى النظام أو المعارضة الشرعية «الأحزاب» ارتدت فى وجوههم.. فهم أنفسهم لا يتغيرون.. وتجدهم فى كل مناسبة لا شرعية، وتحت كل اللافتات.. من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. وفى كل مرة يفشلون فيها يتواطأ معهم الإعلام الخاص، الذى يسايرهم تحت أى مسمى.. والأمر فى النهاية لا يزيد على تغيير فى المساحيق.. أما جوهر الفشل لديهم فثابت، وأهدافهم الحقيقية فى الثأر أو تعويض إحباطهم ثابتة أيضا!
الفهلوية مجموعة من الأفراد تجمعهم مطاردة أحلامهم، وأخطر وأسوأ ما فيها أنهم يقدمون أنفسهم على أنهم أبطال النضال من أجل الديمقراطية!
25 يناير فتحت البوابة الواسعة على مصراعيها حتى تسرسب منها أجيال متعاقبة من الفهلوية تسلموا عصا التتابع من رموز وقيادات أمثال أيمن نور وحمدين صباحى وحمدى قنديل ليطل علينا مصطفى النجار بسماجته وإسراء عبدالفتاح بالشبهات التى تدق حولها بالعمالة للخارج وحمزاوى بحظاظته.. قائمة طويلة لا تنتهى إلا بقطع الحبل الذى اعتادوا السير عليه!
أيمن نور عراب الفهلوة بدرجة رئيس قسم.. من «وفدى يمينى» إلى «غد ليبرالى» ثم انحرف يسارا كعميل أمريكانى وأخيرا انبطح على بطنه فى خندق الإخوان الإرهابيين.. تتبع سيرته ومسيرته تجعلك تقف فى تقاطعات من الحيرة حول طموح شاب ظهر فى ثمانينيات القرن الماضى حاول أن يقترب من أبواب النظام السابق، ولما لفظته تحول إلى آلة لصنع الأكاذيب وتلفيق التهم وباع نفسه للشيطان الأمريكى وقبل أن يستخدموه حتى الابتذال فى لعبة ممجوجة ويدعمونه كمرشح رئاسة فشل فى الحفاظ على مقعده البرلمانى!
تدهور به المقام ليسجن فى قضية مخلة للشرف، وتنازل عما تبقى لديه من رصيد الشرف ليتسول عفوا صحيا لم يكن يستحقه.. لولا الثورة ما كنا اكتشفنا حاسة الفرز فينا، ما كنا نستطيع أن نجزم بأن «أيمن نور» بطل من ورق، صناعة أمريكية صرف، يتنقل ويقفز بمهارة بين الحبال، رفع راية الجهاد السياسى فى وجه نظام مبارك، لدرجة أنه أصبح رمانة الميزان فى العلاقات المصرية - الأمريكية فترة بوش الابن!
«نور» انطفأ، فقد بريقه بعد خيانته للجماعة الوطنية وارتمائه فى الحضن الحرام للجماعة الإخوانية، برر لها سقطاتها ودافع عن جرائمها فى سبيل طموحه الشخصى والبحث عن دور أو مساحة من المشهد!
الآن مطرودا - غير مأسوف عليه - من جنة الوطن تلاحقه لعنات ملايين المصريين التى تطهرت من دنس خيانته، ولن ينل شرف أن يوارى جسده - بعد عمر قصير- الثرى المصرى!
من «نور» إلى «صباحى» حبل الفهلوة موصول.. بدايته تتشابه مع المفضوح «أبوالفتوح».. بنى مجد من وهم، ارتدى عباءة عبدالناصر وتاجر بها وتربح منها وكان أول من خان عهده ووعده!
سار فى ركب البرادعى الذى هاجم الثورة وقال إن «ناصر» اضطهد والده.. خيالات الزعامة جعلته ينشق عن الحزب الناصرى وسعى لتأسيس حزب بنفس الأفكار تحت لافتة تحمل اسم «الكرامة» التى «مرمط» كل معانيها عندما خان أفكاره وأنصاره ومن انخدعوا فيه ومد يده فى يد الإخوان الإرهابيين رغم العداء التاريخى لمدرسته الفكرية التى يدعى أنه أحد تلاميذها البارين ومدرستهم من أجل 4 مقاعد فى البرلمان الساقط لا تسمن ولا تغنى جوعه السياسى!
الأقدار وسوء التقدير وضعته فى مرتبة متقدمة بين مرشحى الرئاسة.. عاش النفخة الكدابة بكل تفاصيلها، حاول اللعب على كل الحبال وأن يعيد طرح نفسه رئيسا للبلاد مستغلا سذاجة شباب غرر به، ورغبة إخوانية فى البحث عن حصان يمتطونه وإدارة أمريكية تقف ضد صالح الأمة المصرية.. يتهرب من فتح ملفاته القديمة وعلاقاته من أنظمة كانت أكثر استبدادا ودموية وفسادا من مبارك، وهو يعلم ما ينتظره إذا نشرت تفاصيل صندوقه الأسود على الملايين الغفيرة، فلم نسمع له حسا عن الثورة السورية ولم يفتح فمه عما جرى فى ليبيا ولا فى مصير ولى نعمته «القذافى»!
«حمدين صباحى» لا هو يخطف اللباب ولا يشغف الألباب، لا هو أقام صلاة للمعارضة ولا نقض وضوءاً للنظام.. لو أنه زعيم كبير لالتف حوله الناس.. لو أنه سياسى مدهش لاجتذب الألوف.
أتمنى أن يخوض الانتخابات الرئاسية القادمة فى مواجهة رجل بقدر السيسى حتى يعرف مقداره ورأى الشعب المصرى فيه ولا يصدعنا بعباءة عبدالناصر التى لو نطقت لتبرأت منه!
«عمرو حمزاوى» نبتة شيطانية غرسها الأمريكان فى أوساط النخبة المصرية، طل علينا عبر نافذة جريدة المصرى اليوم من خلال مقالات موجهة كان ينشرها بصفته باحثا فى معهد كارنيجى أضفت عليه هالة وحماية ونسى الجميع أنه لا شىء يأتى من الغرب يسر القلب!
قدم أوراق اعتماده للحزب الوطنى المنحل والتحق بأمانة السياسات، ولما تكشفت نياته ومقدماته ومؤخراته وأچندته غير الوطنية لفظوه، فرد الصاع صاعين واقترح وتحمس وتبنى إقرار مادة العزل السياسى ضد أعضائه!
حماسة غامرة ملأته بعد أن نجح بأصوات الدباديب والقلوب فى الوصول إلى برلمان المسخرة بعد 25 يناير.. الأسد تحول إلى أرنب فجأة.. هرموناته الثورية أخذت فى التآكل بعد 30 يونيو.. بلع لسانه.. تخلى عن «حظاظة» يده التى تمنحه الطاقة والشجاعة.. خفت صوته أمام جرائم الإخوان، لم تؤثر فيه دماء جنودنا فى رفح، ولا خيانة الوطن، ولا بلطجة الميليشيات المسلحة، ولا الهجمات الإرهابية.. طلب لهم السماح والعفو والاندماج!
لم تجرؤ الولايات المتحدة وأجهزتها أن تصف ما جرى فى 30 يونيو بأنه انقلاب عسكرى أمام الملايين الغفيرة التى خرجت من كل فج عميق ثائرة على حكم الإخوان.. تركت أذنابها وذيولها ينطقون بها كما فعل «حمزاوى» إذ أعمى الله بصيرته وأعمى هو بصره ووصف ما جرى بأنه «انقلاب ناعم» تماما مثله!
التطور الطبيعى للسفسطة السياسية.. يتحدث لساعات بلكنة غريبة.. يصك مصطلحات مبهمة.. تنظير لا ينقطع.. يمارس الرومانسية السياسية على الشاشات.. كلامه مجرد هرى، وغى، ورغى!
مضطرب فى آرائه.. يسير على حبل مشدود.. يتقافز أحيانا فى حركات بهلوانية سياسية حسبما تأتيه الأوامر.. كانت الثورة فاضحة له ولأمثاله ونزعت عنهم كل الأقنعة!
لم أجد سببا لحيرة البعض فى تشخيص حالة البلادة والسماجة التى تلازم «مصطفى النجار» وهو من تربى ونشأ داخل جماعة الإخوان الإرهابية بكل انغلاقها وأساليبها المتخلفة والسلطوية والجامدة فى توجيه وتجنيد من ينضمون إليها.. فلازال الخروف يسكن بداخله!
تخارج بتفاهم من الجماعة الإرهابية ليخترقوا به تنظيمات وحركات شبابية فتدرب مع 6 أبريل على إسقاط النظام، ولما تم المراد ساهم فى إسقاط الدولة وركب على أكتاف «البوب الصالح» وتصدر المشهد وتبناه رجال أعمال تقربوا منه زلفى باعتباره أحد رموز نكسة يناير وفتحوا له خزائنهم وأسسوا له حزبا (العدل) وهيأوا له مقعد فى البرلمان!
تعامل هو وأشباهه وأشياعه مع مصر على أنها «تورتة» يعيدون تقسيمها حسب أهوائهم بعد أن تحالف معهم المهزوزون والتابعون لهم من نخبة وإعلام، وأرهبوا مخالفيهم بتهمة معاداة الثورة، سريعا ما تلقفتهم أمريكا واقتحموا أمن الدولة وأفشوا أسرارها وأسرار زملائهم وتهافتوا على المناصب والامتيازات.. ولما تكشفت حقيقتهم فى التسريبات المنشورة وبان حجم خيانتهم للوطن وضحالة رؤيتهم وبئس مقصدهم لم يبدون ندما عما اقترفوه وأخذتهم العزة بالإثم وانتقلوا بمنتهى الفهلوة إلى خانة الضحايا.. رد الله كيدهم فى نحرهم!
قائمة الفهلوية تطول ولا تستوعبها مقالة أو حتى سلسلة مقالات.. الأمر يحتاج إلى جبرتى معاصر يؤرخ لتلك الشلة بكل جرائمها وبلاويها وعفونتها وما ارتكبوه من ذنوب فى حق الوطن والجماهير المخدوعة، فكل ما تقدم نقطة فى بحر!