الأحد 28 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

مصر والمغرب صدام كروى مؤجل

قبل أن يلتقيا داخل الملعب، التقى منتخبا مصر والمغرب فى لعبة الأعصاب، كل طرف يربح ليهرب خطوة أخرى من الصدام، كل انتصار لا يقربه من خصمه، بل يبعده عنه، وفى بطولة لا ترحم، تحوّل الطريق إلى النهائى لمعركة ذهنية، عنوانها الأبرز: كيف تؤجل مواجهة لا مفر منها؟



 

كلما التقى اسم مصر باسم المغرب فى كأس الأمم الأفريقية، خرجت مباراة استثنائية، وكتبت سطرًا جديدًا فى تاريخ القارة، لكن فى النسخة الحالية قرر الطرفان تأجيل كتابة هذا السطر، ليس خوفًا، بل وعيًا بحجم المعركة، وبأن خسارتها قد تعنى وداع الحلم مبكرًا. لم تكن صدارة المجموعات هدفًا بريئًا، ولا انتصارات الجولة الأولى مجرد بداية قوية.. خلف الكواليس يدير منتخبا مصر والمغرب واحدة من أعقد معارك كأس الأمم الأفريقية: معركة تأجيل الصدام، تحقيق العلامة الكاملة أصبح أداة استراتيجية، لا لفرض الهيمنة فقط، بل لتفادى خصم يعرف كل طرف أنه الأخطر فى طريق التتويج.

 مصر.. حسابات تفادى أصحاب الأرض

المنتخب المصرى بقيادة حسام حسن، يدخل البطولة وهو يدرك أن مواجهة المغرب تعنى الاصطدام بمنتخب أصحاب الأرض والجمهور، والأقوى قاريًا فى السنوات الأخيرة، مدفوعًا بسجل إنجازات استثنائى:

• المركز الرابع فى كأس العالم، كأول منتخب إفريقى يبلغ نصف نهائى المونديال.

• برونزية أولمبياد باريس.

• التتويج بكأس العرب فى قطر بعد مباراة ماراثونية أمام الأردن.

منتخب يملك شخصية بطولات، ويقوده نجم استثنائى بحجم أشرف حكيمى، المتوج بجائزة أفضل لاعب فى أفريقيا، وصاحب التأثير الحاسم فى أكبر المواعيد.

بالنسبة لمصر، تفادى هذا الخصم فى الأدوار المبكرة ليس ترفًا، بل ضرورة منطقية فى بطولة قصيرة النفس، تُحسم بتفصيلة واحدة.

 المغرب.. هاجس الفراعنة لا يغيب

على الجانب الآخر، لا يقل قلق المنتخب المغربى من مواجهة مصر، رغم امتلاكه كتيبة نجوم لا تقل بريقًا، وعلى رأسها محمد صلاح أسطورة الكرة المصرية ونجم ليفربول، وعمر مرموش نجم مانشستر سيتى، إلى جانب مجموعة تجمع بين الخبرة والسرعة والقوة البدنية.

أسود الأطلسى يدركون أن اسم مصر فى البطولات الأفريقية لا يُقاس فقط بالأداء، بل بالتاريخ والقدرة على إدارة اللحظات الحرجة، الأرقام الأخيرة تعزز هذا الشعور، إذ تفوق الفراعنة فى آخر مواجهتين بين المنتخبين بكأس الأمم الأفريقية:

• 2017: هدف قاتل لمحمود عبدالمنعم «كهربا».

• 2021: فوز مصرى بنتيجة 2-1، بتوقيع محمد صلاح ومحمود حسن تريزيجيه.

هذا التفوق النسبى، إلى جانب الخبرات المتراكمة للاعبى مصر تحت قيادة حسام حسن، يفسر سعى وليد الركراكى لتفادى المواجهة فى منتصف الطريق، وتأجيلها إلى الخطوة الأخيرة… إن كان لا بد منها.

 أرقام البداية.. مؤشرات القوة

الجولة الأولى من «الكان» قدمت إشارات واضحة على أن المنتخبين هما الأقوى حتى الآن، رغم اختلاف السيناريوهات.

منتخب مصر خرج فائزًا من مواجهة درامية أمام زيمبابوى، النتيجة قد تبدو متقاربة، لكن تفاصيل المباراة تقول إن الفراعنة «فعلوا كل شيء»: استحواذ، فرص، ضغط متواصل، وسيطرة رقمية واضحة على مجريات اللعب.

 مصر × زيمبابوي: هيمنة كاملة

على مستوى النتيجة، فازت مصر 2–1، لكن على مستوى الأرقام، كانت المباراة من طرف واحد تقريبًا.

• الاستحواذ: 77 % لمصر مقابل 23 %

• الأهداف المتوقعة (xG): 2.52 لمصر مقابل 0.37

• إجمالى التسديدات: 35 لمصر مقابل 8

• التسديدات على المرمى: 11 مقابل 3

• الفرص الخطيرة: 8 لمصر مقابل صفر

• التمريرات الصحيحة: 603 مقابل 113

• الهجمات: 112 مقابل 55

تلك الأرقام تعكس سيطرة مطلقة لمنتخب مصر فى كل مفاصل اللعب: استحواذ، بناء، ضغط، وعدد فرص، لكنها فى الوقت نفسه تفتح تساؤلًا مشروعًا: لماذا احتاج هذا الكم الهائل من التفوق الرقمى ليحسم المباراة بفارق هدف واحد فقط؟

المنتخب المصرى صنع، ضغط، وحاصر، لكنه دفع ثمن الهفوات الدفاعية وغياب الحسم المبكر، ليبقى الانتصار معلقًا حتى الدقائق الأخيرة.

 المغرب.. بداية مقنعة 

فى المقابل، بدأ منتخب المغرب مشواره فى البطولة بتحقيق فوز 2–0 على جزر القمر فى مباراة لم تكن مريحة كما توقّع الجمهور، بل جاءت بعد شوط أول متكافئ نسبيًا تمكّن فيه الفريق المضيف من فرض سيطرته تدريجيًا.

أبرز ما قدمه المغرب فى المباراة:

• الاستحواذ: نحو 70 % لصالح المغرب مقابل 30 % لجزر القمر.

• التسديدات: 16 محاولة مقابل 4 فقط للخصم.

• التسديدات على المرمى: 7 مقابل 2.

• التمريرات الدقيقة والفعّالة: 582 تمريرة دقيقة مقابل 218.

• الزّيعات الركنية: 5 مقابل 0.

• درجة دقة التمرير: 90 % للمغرب مقابل 76 % لجزر القمر.  

المغرب بدوره قدم أوراق اعتماده بقوة، بالفوز على جزر القمر بنتيجة 2-1، فى مباراة أكد خلالها قدرته على الحسم، حتى عندما لا تكون الظروف مثالية.

 هجوم مصر مقابل سيطرة مغربية

من خلال الأرقام المتاحة، يبدو أن مصر قدمت أداءً أكثر هجومًا وعددًا من الفرص مقارنة بمنافستها، بينما المغرب أظهر سيطرة أكبر فى الاستحواذ والتنظيم التكتيكى عبر التمرير والبناء من الخلف، رغم أن الضغوط على مرمى جزر القمر لم تضعف تمامًا.

 صلاح.. الدافع الشخصى والتاريخي

بعيدًا عن الحسابات الجماعية، يحمل محمد صلاح دوافع خاصة فى هذه النسخة. نجم مصر الأول سجل هدفه فى النسخة الخامسة على التوالى من كأس الأمم الأفريقية، ليواصل كتابة اسمه فى سجل الكبار.

صلاح رفع رصيده إلى 8 أهداف فى تاريخ مشاركاته بالكان، متساويًا مع أحمد حسن فى المركز الثالث بقائمة هدافى المنتخب فى البطولة عبر التاريخ.

ولا يفصله عن القمة سوى خطوتين كبيرتين:

• حسن الشاذلى – 12 هدفًا

• حسام حسن – 11 هدفًا

أرقام لا تبدو بعيدة، إذا ما واصل صلاح الحضور فى الأدوار المتقدمة… وهو ما يعيدنا مجددًا إلى لعبة التأجيل، وإلى أهمية الوصول لأبعد نقطة ممكنة.

 صدام لا مفر منه

مصر والمغرب يسيران فى البطولة وهما يعلمان أن الصدام بينهما قد يكون حتميًا. الفارق الوحيد هو متى؟

فى دور الـ16؟

فى نصف النهائى؟

أم فى المشهد الختامى، حين لا مجال للهروب ولا مساحة للحسابات؟

حتى ذلك الحين، ستستمر لعبة التأجيل، وستظل العيون مترقبة، لأن هذه المواجهة أينما وقعت، لن تكون مجرد مباراة، بل فصلًا جديدًا فى صراع على عرش القارة السمراء.