الإثنين 29 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الإصلاحات تمهد لبدء جنى الثمار

عام تصحيح المسار الاقتصادى

فى تقريره عن الاقتصاد المصرى كشف صندوق النقد الدولى بمناسبة المراجعة الخامسة والسادسة لمصر، أن الاقتصاد يظهر مؤشرات على نمو قوى، وسط ارتفاع معدل النمو إلى 4.4 % فى عام 2025/2024 مقارنة بـ2.4 % فى العام السابق، كما تحسن ميزان المدفوعات بشكل ملحوظ رغم التحديات الخارجية، بدعم من استمرار قوة تحويلات العاملين فى الخارج وإيرادات السياحة، إلى جانب النمو القوى للصادرات غير البترولية.



 

وأكدت فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولى، قوة الأداء المالى مع تحقيق فائض أولى 3.5 % من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2024/2025، ونمو الإيرادات الضريبية بنسبة 36 % فى السنة المالية 2025/2024، نتيجة توسيع القاعدة الضريبية، وإقرار التسهيلات الضريبية والجمركية.

هذا التقرير لم يأت من فراغ لكنه واحد من ضمن سلسلة تقارير تصدر عن المؤسسات الدولية حول المؤشرات الايجابية فى الاقتصاد المصرى على مدار عام 2025 مع توقعات بانطلاقة قوية فى العام الجديد 2026، وذلك وسط نمو مستقر وثقة متزايدة فى وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية على مستوى دول العالم.

كما يشهد الاقتصاد الدولى اضطرابات حادة فى معدلات النمو والتضخم وتكلفة التمويل، فيما يأتى الاقتصاد المصرى فى التقارير الدولية خلال عامى 2025–2026 ليزيد الثقة مدعوما بإصلاحات هيكلية وتحسن ملحوظ فى المؤشرات الكلية، وتقييمات إيجابية من البنك الدولى ومؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية.

 إشادات المؤسسات الدولية 

جاءت تقارير البنك الدولى عن الاقتصاد المصرى لتؤكد أنه يسير فى اتجاه نمو مستقر خلال عامى 2025–2026، وطبقًا لتقارير الصندوق تم رفع التوقعات لمعدل النمو الحقيقى إلى نحو 4.3% فى العام المالى 2025/2026، مع توقعات بارتفاعه إلى ما يقرب من 4.8 % على المدى المتوسط.

وأكدت تقارير البنك الدولى أن هذا التحسن يأتى نتيجة تراجع معدلات التضخم مقارنة بالذروة السابقة، وتحسن تدفقات النقد الأجنبى، خاصة من السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، وزيادة الاستثمارات العامة والخاصة، وتقدم الدولة فى إصلاح مناخ الأعمال والتحول الرقمى، كما أشاد البنك الدولى بمشاركة مصر الفعالة فى تقارير جاهزية الأعمال 2026 وهى خطوة تعكس التزام الحكومة بتحسين بيئة الاستثمار وتقليل الأعباء البيروقراطية. 

كما شهد عام 2025 تطورات إيجابية فى التصنيف الائتمانى لمصر، حيث رفعت «ستاندرد آند بورز» التصنيف السيادى لمصر من B- إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة.

بينما أكدت مؤسسة فيتش أن تصنيف مصر عند B مع نظرة مستقرة، لافتة إلى مرونة الاقتصاد المصرى والدعم الدولى المتواصل فيما عدلت مؤسسة موديز النظرة المستقبلية إلى إيجابية بدلًا من سلبية، وهو ما يعد مؤشرًا مهمًا لتحسن تقييم المخاطر.

واستندت وكالات التصنيف الدولية فى تقاريرها عن الاقتصاد المصرى إلى عدة أسباب جوهرية وهى الالتزام بالإصلاحات الاقتصادية ومرونة السياسة النقدية وسعر الصرف وتحقيق فائض أولى فى الموازنة وتحسن الاحتياطيات الأجنبية وزيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية فى النمو.

وخلال عام 2025 سجل الاقتصاد المصرى نموًا ملحوظًا فى الصادرات غير النفطية وتحسن فى ميزان المدفوعات، كما شهدت الفترة الماضية التوسع فى دور القطاع الخاص واستقرارًا نسبيًا فى المالية العامة رغم الأزمات العالمية.

وتمثل التقييمات الإيجابية من البنك الدولى ومؤسسات التصنيف رسالة ثقة واضحة للأسواق الدولية، حيث تسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز استقرار التمويل الخارجى وتحسين صورة الاقتصاد المصرى عالميا.

ووفقًا لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء هناك توقعات اقتصادية إيجابية سيشهدها الاقتصاد المصرى خلال 2025 /2027 ومن المتوقع نمو الاقتصاد بنسبة 5.2 % فى 2025 /2026 وبنسبة 5.4 % فى 2026 /2027، ويمكن القول إن التطورات التى شهدها الاقتصاد المصرى خلال عام 2025 مهدت الطريق لعام جديد من الاستقرار المالى والاقتصادى والانطلاق نحو مزيد من التنمية. 

 تزايد معدلات النمو

وفقًا لبيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى سجل الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى لمصر نمو سنوى بلغ 4.8 % خلال الربع الثالث من العام المالى 2024/2025 (يناير – مارس 2025) وهو أعلى معدل نمو ربع سنوى يتم تحقيقه منذ حوالى 3 سنوات ويأتى هذا الأداء اللافت بعد تسارع فى النمو ويعكس هذا التحسن الواضح تعافى ملحوظ فى قطاعات حيوية مثل الصناعة التحويلية والسياحة والإنشاءات إلى جانب زيادة ملحوظة فى الاستثمارات العامة والخاصة مما يدل على بدء جنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية.

 انخفاض معدلات البطالة

انعكست معدلات النمو على تراجع البطالة وكشفت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع معدل البطالة إلى تسجيل إلى أدنى مستوياته خلال الربع الأول من عام 2025 حيث بلغ 6.3 % من إجمالى قوة العمل ويعد هذا التراجع امتدادًا لاتجاه نزولى بدأ منذ الربع الأول من عام 2024 حيث انخفض المعدل تدريجيًا من 6.7 % فى الربعين الأول والثالث من 2024، إلى 6.3 % فى الربع الأول من 2025، كما يعكس هذا التحسن زيادة فى حجم المشتغلين مقابل انخفاض فى أعداد المتعطلين.

 استقرار سعر صرف الجنيه

كانت أهم المؤشرات التى نجح الاقتصاد المصرى فى تحقيق استقرار بها هى توفير العملة الأجنبية بعد أن شهد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصرى تقلبات حادة خلال الفترة من مارس 2024 إلى يونيو 2025؛ حيث بدأ التحول الكبير مع قرار البنك المركزى المصرى بتحرير قيمة الجنيه أمام الدولار مما أدى إلى انخفاض إلى ما يقارب 50 جنيها، فى خطوة استهدفت معالجة أزمة نقص العملة الأجنبية وجذب تدفقات رأسمالية جديدة، والقضاء على السوق الموازية، وشهد الجنيه تحسنًا، ليستقر السعر عند 49.9 جنيه وهذا التراجع النسبى يعكس بعض المؤشرات الإيجابية على صعيد السياسة النقدية وتحسن المعروض من العملات الأجنبية، ثم مزيد من التراجع ليصل أعلى سعر شراء للدولار عند مستوى 47.520 جنيه، بينما بلغ أعلى سعر بيع 47.620 جنيه.

 ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج

أكد تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن تحويلات المصريين بالخارج تمثل ركيزة استراتيجية للاقتصاد القومى وواحدة من أهم مصادر تدفقات النقد الأجنبى المستقرة، وقد شهدت السنة المالية 2024/ 2025 تدفقات قياسية فى تحويلات المصـريين العاملين بالخارج، حيث سجلت نحو 36.5 مليار دولار، بمعدل زيادة 66.2% مقابل نحو 21.9 مليار دولار خلال السنة المالية 2023/2024.

 كما سجلت تحويلات المصريين بالخارج خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2025 ارتفاعا استثنائيا بنسبة 45.1 %، لتصل إلى 30.2 مليار دولار، مقارنة بنحو 20.8 مليار دولار فى الفترة ذاتها من العام السابق، بينما حققت تحويلات شهر سبتمبر 2025 وحده نموا سنويا قدره 30.9 % مسجلة 3.6 مليارات دولار.

 زيادة حجم التجارة الخارجية

وبالتوازى مع هذه الإجراءات الإصلاحية ساهمت قفزة الصادرات فى دعم استقرار أسعار الصرف خلال العام حيث شهدت الصادرات غير البترولية طفرة لتسجل 44.4 مليار دولار مقابل 37.5 مليار دولار مع تراجع الواردات الى 74.9 مليار دولار مع التصنيع المحلى.

وأسفر هذا الأداء عن تحسن كبير فى الميزان التجارى وأظهرت البيانات أن هناك تركزًا واضحًا  فى الأسواق التصديرية الرئيسية؛ حيث شكلت الصادرات طفرة إلى عدد من الدول منها الإمارات، تركيا، السعودية، الولايات المتحدة، وإيطاليا، كما تركزت الصادرات السلعية غير البترولية فى مجموعة من المنتجات، يتصدرها الذهب بنسبة 15.99 %، يليه الأسمدة الأزوتية، الحمضيات، والأسلاك والكابلات المعزولة.

 تزايد الاستثمار الأجنبى المباشر

ومع الإجراءات المتتالية التى تتخذها الحكومة للإصلاح الاقتصادى شهدت مصر زيادة فى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر خلال العام المالى 2024/2025؛ حيث ارتفعت من 2.7 مليار دولار فى الربع الأول إلى 3.3 مليار دولار فى الربع الثانى، ثم بلغت 3.7 مليار دولار فى الربع الثالث، مسجلة بذلك أعلى مستوى فصلى خلال الفترة.

وأدت الإجراءات الحكومية لتحسين مناخ الاستثمار، ومن بينها منصة رقمية تربط جميع الجهات المعنية وتقدم نحو 460 من الخدمات والإجراءات   لتيسير عمل  الشركات والمستثمرين، إلى جانب العمل على إطلاق منصة أكبر للكيانات الاقتصادية تجمع كل إجراءات التأسيس والتراخيص للشركات والخدمات للمستثمرين بحيث يتم اختصار الوقت والإجراءات للأنشطة الاقتصادية المختلفة، إلى تحسن بعض المؤشرات المتعلقة بالاستثمار والتجارة الخارجية.

وطبقًا لتصريحات حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، فإن الاستثمار الأجنبى زاد خلال العام الجارى بنسبة تتراوح من 20 % إلى 25 %، كما يصل عجز الميزان التجارى هذا العام إلى 30 مليار دولار وهو أقل مستوى له منذ عام 2010. وسجلت مصر قفزة نوعية فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر، حيث تصدرت قائمة الدول الأفريقية واحتلت المرتبة التاسعة عالميًا من حيث حجم التدفقات الاستثمارية، وفقًا لتقرير الاستثمار العالمى الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) لعام 2025، وبلغت قيمة التدفقات نحو 47 مليار دولار، وهو رقم قياسى يعكس جاذبية السوق المصرية فى ظل مشروعات كبرى تحويلية، أبرزها صفقة “رأس الحكمة” التى بلغت وحدها 35 مليار دولار، وتعد من أكبر الاستثمارات المعلنة عالميا خلال العام بجانب صفقة علم الروم، ويعكس هذا الإنجاز ثمار جهود الحكومة فى تهيئة بيئة استثمارية أكثر تنافسية، من خلال تطوير البنية التحتية، وتحسين الإطار التشريعى والتنظيمى، إلى جانب التوسع فى القطاعات الواعدة مثل الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.

 تحقيق فائض بالموازنة العامة للدولة

شهد أداء الموازنة العامة للدولة تطورات كبيرة، وطبقًا لتصريحات أحمد كجوك، وزير المالية، فإن الوزارة تستهدف التوسع فى التمويل المبتكر مثل مبادلة الديون بالاستثمارات أو مقايضة الديون لزيادة الإنفاق على التنمية البشرية والحماية الاجتماعية مشيرًا إلى أن معدل دين أجهزة الموازنة للناتج المحلى انخفض بأكثر من 11 % خلال عامين ونستهدف النزول لأقل من 80 % فى يونيو 2026 بجانب تحقيق فائض أولى بمعدل 3.6 % من الناتج المحلى فى العام الماضى واستهداف 4 % وبالتوازى ارتفعت معدلات النمو، كما سجل القطاع الخاص نمو قوى بنسبة 73 % وفى نفس الوقت تحسن الأداء المالى والاقتصادى والضريبي.

ووفقًا لبيانات وزارة المالية فإن معدل النمو يتجاوز التوقعات وسجل 4.4 % بأداء قوى للتصنيع والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والقطاع الخاص يقود الاستثمارات فى مصر بمعدل نمو 73 %خلال العام المالى الماضى كما أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية انعكست فى فائض أولى 3.6 % من الناتج.. وهو أعلى من المستهدف رغم التحديات، وتم خفض دين أجهزة الموازنة للناتج بنسبة 10 % خلال عامين والدين الخارجى للموازنة بنحو 4 مليارات دولار وقفزت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى نحو 12.2 مليار دولار خلال العام المالى الماضى وتتميز بالتنوع الكبير فى القطاعات والفائض الأولى يزيد على 170 مليار جنيه والمديونية الحكومية مستمرة فى التراجع.

طفرة فى ايرادات الضرائب والجمارك

كما شهد العام الحالى طفرة فى الايرادات الضريبية بزيادة 35 % دون أعباء على المواطنين مع إطلاق حزمة التيسيرات الضريبية الاولى والثانية وإنهاء المنازعات، وزادت الإيرادات الضريبية 35 % دون ضرائب أو أعباء جديدة بسبب النشاط الاقتصادى وبدء توسيع القاعدة الضريبية بشراكة الثقة.

ومع استمرار فكر التيسير الضريبى تستهدف تحقيق 2.65 تريليون جنيه فى الإيرادات الضريبية، مع توقعات بنمو كبير فى إيرادات القيمة المضافة إلى نحو 967.9 مليار جنيه، وارتفاع الإيرادات الجمركية إلى 135.8 مليار جنيه.

 الاستثمارات فى التنمية البشرية 

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريرًا تناول من خلاله رأس المال البشرى فى مصر وركز التقرير على الاستثمار فى رأس المال البشرى بوصفه أساس النمو الاقتصادى المستدام.

أشار التقرير إلى تكثيف الدولة المصرية استثماراتها فى التنمية البشرية خلال 12 عامًا مضت حيث وجهت نحو 7.6 تريليونات جنيه لقطاعات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والثقافة والشباب والرياضة والبنية الرقمية، وارتفعت نسبة الاستثمارات المخصصة للتنمية البشرية من جملة الاستثمارات العامة من 17 % فى العام المالى 2014/ 2015 إلى 28 % فى العام المالى 2025/ 2026، بالتزامن مع تنفيذ مشروعات كبرى مثل: المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» التى تم تخصيص نحو 70 % من استثماراتها لبناء الإنسان وتحسين جودة الحياة، خصوصًا فى صعيد مصر والمناطق الأكثر احتياجًا، بالتوازى مع تبنى سياسات الانضباط المالى لخلق حيز إضافى للإنفاق الاجتماعى.