الأحد 18 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

خطوة مهمة على طريق تجديد الخطاب الدينى قانون الفتوى الشرعية ينهى فوضى التضليل والتشدد

فى خطوة تشريعية مهمة لضبط الفتوى الدينية فى مصر، وافق مجلس النواب على مشروع قانون لتنظيم إصدار الفتاوى الشرعية، والذى أحاله مجلس الوزراء فى مارس 2025، إلى البرلمان لمناقشته وإقراره، فى إطار جهود الدولة لتقنين الفتوى، وضمان صدورها من جهات رسمية معتمدة، ومنع الفوضى التى تسببت فيها الفتاوى العشوائية على مدار السنوات الماضية.



ويُعد هذا القانون إحدى أبرز الخطوات الإصلاحية فى ملف الخطاب الدينى بمصر وبخاصة فى مجال الفتوى، ويأتى استجابة لدعوات متكررة من المؤسسات الدينية الرسمية، وعلى رأسها الأزهر ودار الإفتاء، لحماية المجتمع من فتاوى التضليل والتشدد، التى انتشرت عبر الإنترنت والمنابر غير الرسمية.

وبينما يُنتظر صدور القانون رسميًا، تظل الأنظار متجهة نحو كيفية تطبيقه، ودور المؤسسات المعنية فى إنفاذه بما يحقق التوازن بين حرية التعبير الدينى والانضباط العلمى فى الفتوى.

 أهداف القانون

ويهدف مشروع القانون إلى تحديد الجهات المختصة بإصدار الفتوى الشرعية، وتنظيم عملية الإفتاء فى وسائل الإعلام ومنصات التواصل، فضلًا عن وضع عقوبات صارمة على من يتجاوز هذا الإطار.

وينص المشروع على أن الجهات الوحيدة المخولة بإصدار الفتوى الشرعية العامة هى: هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية. كما يجوز لوزارة الأوقاف إنشاء لجان فتوى بقرار من الوزير المختص، على أن تكون خاضعة للضوابط الشرعية وتحت إشراف الجهات العلمية المعتمدة.

ومنح المشروع هيئة كبار العلماء الكلمة الفاصلة فى حال تعارضت فتاوى الجهات المختلفة، بما يرسّخ دورها كمصدر للضبط والمرجعية فى القضايا الشرعية الكبرى.

ويُلزم القانون وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعى،  بعدم نشر أو إذاعة الفتاوى إلا من خلال الجهات الرسمية المنصوص عليها، حفاظًا على الأمن الفكرى والاجتماعى للمجتمع المصرى.

 دور الأزهر الشريف

ورحب الأزهر الشريف بالمشروع من حيث المبدأ، مؤكدًا أن ضبط الفتوى بات ضرورة ملحة. إلا أنه تم التأكيد على ضرورة أن يكون للأزهر المرجعية العليا دون إشراك جهات غير متخصصة فى إصدار الفتاوى.

وأكد وكيل الأزهر الشريف أن مشروع القانون يحقق انضباط الفتوى فى الشارع المصرى ويحقق ارتباطًا اجتماعيًا وأسريًا وكان لابد من حسمه لما يمثله من طفرة غير مسبوقة فى مجال الفتوى.

فيما تمت الاستجابة لمقترح الأزهر الشريف بالتعديل، بأن تصدر اللائحة التنفيذية بناء على عرض الأزهر الشريف.. واقترح وكيل الأزهر الشريف، أن يكون نص المادة (9) من مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية على النحو التالى: تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الأزهر وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به.

ومن المقرر أن تعد اللائحة التنفيذية لهذا القانون من خلال لجنة تشكلها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف خلال شهر من تاريخ العمل بهذا القانون، وتضم فى عضويتها كلا من وزير الأوقاف ووكيل الأزهر ومفتى الجمهورية.

فيما أعلن الدكتور أسامة الأزهرى،  وزير الأوقاف، الموافقة على مقترح الأزهر الشريف فى هذا الشأن، وقال: فى برلمان مصر العظيم، وتحت قبته يشرفنى أن أبدى القبول لكل ما أدلى به ممثل الأزهر الشريف من تعديلات، احتراما وإجلالا لأزهرنا الشريف.

وتابع «الأزهرى»: وزارة الأوقاف كانت وستظل الأبنة البارة بالأزهر الشريف الذى سيظل القبلة التى نهتدى بها جميعا وهو ما أيده أيضا الدكتور على جمعة، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب.

هيئة كبار العلماء من جانبها كانت قد أكدت أن الفتوى علم دقيق لا يجوز لغير المتخصصين فيه الخوض فيه، وأن الأزهر، بكونه المؤسسة الإسلامية الأعرق فى العالم، هو الجهة الأجدر بالإشراف الكامل على عملية الإفتاء العام.

وأشاد الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف بمشروع القانون مؤكدًا اصطفاف أبناء الشعب فى رحاب مجلس النواب الذين اتفقت كلمتهم على أن هذا القانون يتصدى لكل صور الخطأ والعشوائية فى مجال الفتوى ويبرز الدين السمح، مؤكدًا أن مصر يقف أبناؤها على قلب رجل واحد؛ حيث تصطف وزارة الأوقاف مع دار الإفتاء مع نقابة الأشراف خلف الأزهر الشريف وخلف الإمام الأكبر شيخ الأزهر.

كان المركز الإعلامى للأزهر الشريف قد أصدر بيانا، لشرح أسباب رفض الأزهر إنشاء لجان فتوى تابعة لوزارة الأوقاف، حيث أكد أن الرفض جاء انطلاقًا من الحرص على ضبط الشأن الدينى،  وإسناد الفتوى للمعنيين بها، وفقًا لأحكام القانون والدستور، وعدم التداخل فى الاختصاصات المنصوص عليها دستورياً وقانونياً.

وأشار المركز الإعلامى إلى أن الأزهر يقوم بدوره فى مجال الإفتاء من خلال ما يقرب من 250 لجنة فتوى رئيسة منتشرة فى مختلف المحافظات، تعمل على تلبية احتياجات المواطنين الشرعية بكل مهنية واستقلالية، وتخضع للإشراف الكامل من قِبل الأزهر وهيئاته المختصة.

من جهته أكد الدكتور عبدالهادى القصبى شيخ مشايخ الصوفية ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، موافقته على مشروع قانون تنظيم الفتوى مؤكداً أن مشروع القانون له أهمية قصوى فى التصدى لفوضى الفتاوى، واستطاع بكفاءة أن يحدد من هو المختص بالإفتاء واستطاع أن يميز بدقة بين الفتوى الشرعية وبين الإرشاد الدينى،  واستطاع أن يميز أيضا بين الفتوى العامة والتى تتعلق بالشأن العام ومن المختص بها، وبين الفتوى الخاصة التى تتعلق بالشأن الخاص ومن المسئول عنها ثم يسر السبيل إليها وأكد الدكتور عبدالهادى القصبى أننا نحتاج لهذا القانون الذى يصب فى مصلحة القيم الدينية والأخلاقية ويحافظ على سلامة وأمن المجتمع.

 ملامح القانون

وتتمثل أبرز ملامح مشروع القانون فى الآتى: 

أولا: تحديد الجهات المختصة بالإفتاء، حيث يُحصر إصدار الفتاوى الشرعية العامة، المتعلقة بالقضايا المجتمعية، فى كل من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية. أما الفتاوى الخاصة بالأفراد، فتتولاها هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء المصرية، ولجان الفتوى بوزارة الأوقاف.  ثانيا: إنشاء لجان فتوى بالأوقاف، حيث ينص القانون على إنشاء لجان فتوى شرعية خاصة داخل وزارة الأوقاف بقرار من الوزير المختص، مع تحديد شروط وضوابط عملها. وفى حال تعارض الفتاوى، يُرجح رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. 

ثالثا ضبط الإرشاد الدينى،  حيث يؤكد القانون حق الأئمة والوعاظ بالأزهر الشريف ووزارة الأوقاف فى أداء مهام الإرشاد الدينى وبيان الأحكام الشرعية للمسلمين، دون أن يُعد ذلك تعرضًا للفتوى الشرعية، مع الالتزام بأحكام قانون تنظيم الخطابة والدروس الدينية. 

رابعا: تنظيم النشر الإعلامى للفتاوى، حيث يلزم القانون المؤسسات الإعلامية والمواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعى بعدم نشر أو بث الفتاوى الشرعية إلا من الجهات المختصة وفقًا للقانون، وكذلك عند استضافة متخصصين للفتوى فى البرامج الإعلامية، أن يكون الضيوف من المعتمدين وفقًا للقانون. 

خامسا: عقوبات صارمة للمخالفين، حيث حدد مشروع القانون عقوبات صارمة لكل من يخالف أحكامه، سواء بإصدار الفتاوى الشرعية دون اختصاص، أو بنشرها فى وسائل الإعلام دون التحقق من صدورها عن الجهات المعتمدة. 

 اعتراض نقابة الصحفيين

فيما رفضت نقابة الصحفيين ما ينص عليه قانون الفتوى من حبس الصحفيين، حيث طالب خالد البلشى نقيب الصحفيين بإلغاء عقوبة الحبس الواردة فى المادة (٨) من مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية المقدم من الحكومة لمجلس النواب فيما يتعلق بمخالفة مواد نشر وبث الفتاوى.

 تدريب للصحفيين 

أعلنت دار الإفتاء المصرية عن إطلاق برنامج تدريبى متكامل يستهدف الصحفيين والإعلاميين المعنيين بالشأن الدينى،  تحت شعار: «إعلام مهنى لخطاب إفتائى رشيد»، وذلك فى شهر يونيو القادم فى مركز التدريب بدار الإفتاء المصرية.