الأحد 6 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
العدوان هو طريق السلام الإبراهيمى!‏

رسالة تهديد إسرائيلية إلى العرب:

العدوان هو طريق السلام الإبراهيمى!‏

هذه رسالة تهديد من بتسلئيل سموتريتش إلى العرب، رسالة علنية غير مشفرة، ولا قادمة ‏عبر وسطاء، لغاتها قاطعة وعباراتها حادة تصل إلى حد الوقاحة، رسالة يطلب فيها ‏سموتريتش إعلان الاستسلام للفكرة الصهيونية، والتوقيع على وثيقة رسمية يسلم فيها ما تبقى ‏من العرب «كابينة» القيادة إلى إسرائيل، مقابل السلام الإسرائيلي!‏



وسموتريتش ليس مجرد وزير مالية فى حكومة نيتانياهو أو يهودى متطرف فى أقصى ‏اليمين، أو صهيونى من مجرمى الحرب ضد الفلسطينيين، هو «حالة عقلية غالبة» فى ‏المجتمع الإسرائيلى، ولهذا كان عنوان رسالته التى نشرها على منصة إكس قبل أيام: (‏السلام من خلال القوة)، كان يصف واقع العرب وأحوال منطقة الشرق الأوسط، وبالطبع كان ‏وصفه خليطا من الدقة والتهويل، الصدق والأكاذيب، لكن أكثر الأوصاف كذبا وتدليسا هو ‏عنوان الرسالة الذى ربط بين القوة والسلام، وهو ربط له فلسفة وتاريخ منذ الامبراطورية ‏الرومانية، بينما السلام الذى يريده سموتريتش هو «السلام المفروض بالعدوان»، وليس بالقوة ‏الرشيدة!‏

وطبيعى أن يبدأ سموتريتش رسالته بالتهليل لحرب الاثنى عشر يوما على إيران، ويتفاخر ‏بالقوة التى أظهرها جيش الإبادة الإسرائيلى، فى عدوانه المفاجئ على إيران، والذى مكنه ‏من سحق تهديد معلق فوق رأس إسرائيل..‏

بالطبع لم يتذكر ومستحيل أن يذكر «ما فعلته» إيران فيهم من خسائر داخلية، نفسية قبل أن ‏تكون مادية، والخسائر المادية يسهل تعويضها أما الخسائر النفسية فهى تُحفر فى النفوس ‏لفترة قد تطول أو تقصر حسب ظروف مجتمع تنهشه الحرب منذ 20 شهرا متصلة، ويرتكب ‏جيشه كما هائلا من جرائم الحرب ضد الفلسطينيين ستظل تطارده مهما حاولت الولايات ‏المتحدة تهريبه من قبضة العدالة!‏

المهم أن سموتريتش تجاوز «الزهو والصلافة» فى مقدمة الرسالة، ليدخل مباشرة إلى ‏الغرض منها، فكشف عن سبب الحرب على إيران بجملة لا تقبل أى تفسيرات جانبية، إذ قال: ‏طبيعى أن يتبع ذلك أن نتحرك لتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية، ونحن ملتزمون تمامًا مع ‏الرئيس ترامب أن نفعل ذلك!‏

نعم هذا هو الهدف الحقيقى للحرب، لا القضاء على تهديد نووى ولا إزالة خطر صواريخ ‏بالستية.. إلخ، كلها حجج يدرك الأمريكان والغرب مدى كذبها، فالحديث الإسرائيلى الأمريكى ‏عن البرنامج النووى الإيرانى عمره فوق العشرين سنة دون أن نجد «كرامة» واحدة تثبت ‏صحة العمل على القنبلة النووية، وهو يشبه خرافات الرئيس جورج بوش الابن عن أسلحة ‏الدمار الشامل فى العراق الذى دمروه وقسموه!‏

وقال بالنص: هذا هو السلام من أجل السلام، أى أن العدوان على إيران كان من أجل السلام ‏مع العرب أو ما تبقى من العرب خارج الاتفاقات الإبراهيمية!‏

وحدد الطريق إليه: إن هزيمة محور الإرهاب الإيرانى وإظهار قوة إسرائيل كسرا «الخوف» ‏الذى كانت تحمله دول عربية من إيران، وهو ما يدفعهم إلى الاقتراب من إسرائيل، فالناس ‏فى منطقتنا يبتعدون عن الضعفاء ويتبعون الأقوياء، وإسرائيل هى أقوى لاعب فى الشرق ‏الأوسط، ومن يختار الوقوف معنا، سيحصل على كل شىء، الأمن والفرص الاقتصادية، ‏والابتكار، والتكنولوجيا والقيم وأكثر!‏

إذن كانت حرب إسرائيل على إيران، باعتراف سمويتريتش، هى استعراض قوة أمام «دول ‏الشرق الأوسط»، حتى تنهار من الإعجاب بالبلطجى الإسرائيلى وترتمى فى أحضانه، وتبنى ‏معه مستقبلا عائليا زاهرا..‏

ومن باب الأدب لن نسأل أدون سموتريتش عن أى قيم تتمتع بها إسرائيل وهى ترتكب أكثر ‏الجرائم بشاعة ضد الإنسانية، ونسأله: إذا كانت إسرائيل بهذه القوة، فلماذا تدخلت الولايات ‏المتحدة فى اليوم العاشر من الحرب بأقوى الطائرات على وجه الأرض، وحلقت بها من ‏قاعدة وايتمان فى ميزورى إلى طهران، 21 ألف كيلومتر ذهابا وإيابا، هل تعلم أن تكلفة ‏تشغيل القاذفات الاستراتيجية ب-2 تتراوح ما بين 60 إلى 80 ألف دولار فى الساعة، وقد ‏طارت فعليا 37 ساعة، وأن تكلفة الذخائر الملقاة لا يقل ثمنها عن نصف مليار دولار، نهيك ‏عن تكاليف الخدمات اللوجستية والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والدعم.. إلخ، وقدرت ‏بعض التقارير الصحفية تكلفة تلك الضربة بمليار ونصف مليار دولار من جيوب الأمريكيين ‏دافعى الضرائب، فهل كان ترامب يستهلك هذا المبلغ وأنتم منتصرون متفوقون؟، كأنه يلقى ‏به فى نهر بوتوماك بالعاصمة واشنطن احتفالا بنصركم الهائل، أم كان يحاول بكل طاقته ‏وضع نهاية سريعة للحرب قبل أن تتفاقم خسائر إسرائيل «النفسية والمادية»؟ ولأن الكذب «مالوش» رجلين، اعترف سموتريتش بفضل «الشراكة القوية مع الولايات ‏المتحدة، ثم حاول أن ينحرف بهذه الشراكة إلى الحلم أو يتجه بها إلى محطة الوصول ‏المطلوبة، وهى المملكة العربية السعودية، فقال: من مصلحة السعودية أن تستغل هذه ‏الشراكة، وتنضم إلى الاتفاقات الإبراهيمية، وعلى السعودية أن تدفع ثمن السلام مع ‏إسرائيل»، فإسرائيل حسب قوله هى التى نفذت العمل الشاق بالوقوف ضد حماس وإيران ‏اللذين يهددان السعودية كما يهددان إسرائيل! ‏

وهذا كذب مفضوح.. نعم السعودية هى الدولة الخليجية الأهم التى لم تنضم إلى الاتفاقات ‏الإبراهيمية، ويسيل لعاب إسرائيل عليها!، لكن إسرائيل هى أكبر خطر إرهابى فى المنطقة، ‏وربما فى العالم أجمع، دولة قائمة على العنف والدم والقتل والإبادة والسطو على أرض ‏الغير، باعتراف الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية وأكثر من نصف دول العالم..‏

نعم إيران تهديد، وأى دولة يمكن أن تمثل تهديدا للآخرين، وإلا ما كان لجيوش الدول ‏ضرورة، والتهديد درجات ومستويات، وإسرائيل أخطر مئة مرة من إيران، وإيران تجاور ‏العرب منذ قديم الزمان، ولم يحدث أن ارتفع خطرها إلى الحد الذى ارتفع إليه الخطر ‏الإسرائيلى، إسرائيل مصاص دماء، ناعم وخبيث، يغازل ليتسلل وفى لحظة يشرب الدم ‏النقى لمن يأمن لها، فهذه طبيعتكم وتاريخكم حتى قبل 1948!‏

المدهش أن سموتريتش يحذر السعودية من ذكر كلمة فلسطين، وقال: إن فكرة إعطاء ‏السعودية دولة فلسطينية فى مقابل السلام بعيدة جدا عن الواقع!‏

أى إسرائيل تريد سلاما يسهل لها الوصول إلى شرايين الدم النقى لتمتصه، وتشترط أن تدفع ‏السعودية ثمن هذا السلام التى تسعى هى إليه، متجاهلة أن دول الخليج لم تكن أبدا فى حالة ‏حرب معها، بحكم المسافة وطبيعة علاقات هذه الدول بالولايات المتحدة. ‏

بالطبع لم يذكر الكويت، فالكويت لها موقف مبدئى يصعب أن تغيره، وأيضا لم يذكر لبنان ‏ولا سوريا، بسبب أحوالهما الداخلية الصعبة!‏

لكن وزير الخارجية جدعون ساعر، فى مؤتمر صحفى مشترك مع نظيرته النمساوية فى ‏منتصف الأسبوع الماضى، قال: إن إسرائيل معنية بتوسيع دائرة الاتفاقات الإبراهيمية، ‏ويمكن أن تنضم لها سوريا ولبنان، لكنه استدرك: إسرائيل فرضت قوانينها على هضبة ‏الجولان قبل أكثر من 40 سنة، وسيبقى الجولان جزءا من إسرائيل فى أى اتفاق سلام، وأى ‏اتفاق مع سوريا سيكون مجرد ضمانات أمنية والتزامات بالعمل ضد أنشطة إرهابية، وتطبيق ‏الهدوء فى المناطق المحاذية لإسرائيل، أى أن المطلوب من سلام سوريا هو تأمين حدود ‏إسرائيل معها!، يا لها من صفقة لا يجرؤ «شيلوك» نفسه فى التفكير فيها!‏

أليست الدول العربية جميعها فى خطر داهم؟، أنها أمة تقف مضطربة منقسمة وربما مغمضة ‏العينين على باب الشرق الأوسط الجديد، فهل تفيدها رسالة سموتريتش لتدرك حجم هذا ‏الخطر؟!، فإذا فتحته هوت، وإذا أعادت حساباتها نجت!‏.