بنات حواء.. متحرشات بالرجال!
صفاء الليثى
«قصة آدم وحواء فى الماضى والحاضر»، جملة دعائية على أفيش فيلم (بنات حواء) للثنائى الناجح «محمد فوزى ومديحة يسرى»، فى توجُّه لا يختلف عن «حسين صدقى»، ولكن فى فيلم كوميدى غنائى أنتجه المطرب صاحب شركة الأسطوانات، المحاط دائمًا بالجميلات مع زوجته التى شاركته أفلامًا عديدة، والتى تظهر هنا كسيّدة عصرية صاحبة محال للملابس باسم (الصَّبا والجَمال). رسم لنا سيناريو «أبو السعود الإبيارى» صورة كاريكتاورية عن امرأة تؤسّس جمعية «المرأة تساوى الرجل»، ويسخر الفيلم من النساء (ذوات الشنب).. يتحدى «فوزى» بطلته أن تقع فى حبّه وتعود أنثى كما يرغبها الرجال.
بدأت من خلال سلسلة مقالات للتعرف على (القيم الاجتماعية فى أفلامنا) بفيلم (أقوى من الحب) لـ«مديحة يسرى» أيضًا، التى كانت مرفوضة كامرأة متسلطة، و«شادية» كانت النموذج الذى يروّج له الرجال ومنهم صُناع فيلم (بنات حواء). فـ«شادية» مخطوبة لـ«أناناس» ولديها سياسة فى الحب والزواج هى «تنضيف جيوب الرجالة»، وبدلال «شادية» تقول «هوه فى أحلى من كده؟!». رفض «عصمت، مديحة يسرى» للزواج يعوق سعى «حكمت، شادية» فى الزواج لأنها الأصغر. نتعرف من الفيلم على التقليد الاجتماعى بعدم زواج الابنة الصغرى قبل الكبرى، ولأن الفيلم مبنىّ على الكوميديا الساخرة لا نلمح أى قيمة اجتماعية جادة يناقشها الفيلم باستثناء هذا التقليد، فقط السخرية من النسويات ودعاوَى المساواة التى كانت ظاهرة ومتوازية مع ثورة يوليو ورغبتها فى تحرير النساء. فى أول مُشاهَد الفيلم «عصمت» ترتدى البنطلون وتضم شعرها وترفض الحب والزواج وتعتبره ضد مبادئ الجمعية.
لا يجاهر «محمد فوزى» بعدائه للمساواة بل يقول «ادخلى البرلمان واطلبى المساواة، مع الاعتراف بأنك ست..عاوزك تحسّى كواحدة ست، عاوز قلبك يتغير».. الفيلم ذكورى بامتياز يُظهر النساء متحرشات بالرجال، «حكمت» تغازل «وحيد، محمد فوزى»، «يا جماله»، وتنجرف للعبته فى إغاظة أختها وتكاد تتخلى عن خطيبها، «أناناس، إسماعيل يس». «زينات صدقى» أيضًا تقع صريعة جمال «محمد رضا» وتغازله ناسية تعليمات رئيستها «حكمت» هانم. الغزَل الصريح بالكلمات لم يكن مرفوضًا ولا يُطلق عليه تحرش لفظى، المعاكسات بين الطرفيْن كانت سائدة ومن دونها لا تكتمل علاقة الحب ولا تتحول إلى زيجات. «وحيد» يغازل «عصمت»، وعندما يستفزها لتشرب الخمر كما الرجال ينفلت لسانها، ويقول لها «أنتِ قلتِ كلام حلو قوى».
يصل الفيلم إلى قمة سخريته من النساء النسويات عندما يُبدّل «وحيد» صفحة من خطاب «عصمت» فتقول وهى منطلقة بحماس، «خلق الله المرأة للزواج وإنجاب الأطفال، فالرجل هو الرجل ولو كان له ذنَب، والمرأة هى المرأة ولو كان لها شنَب» تُفصَل «عصمت» من الجمعية وينجح الذكر المتباهى بجماله فى إيقاعها فى حبه، مشهد منقول غالبًا من فيلم أجنبى به تأتى إلى بيته بحجة إنقاذ أختها وتكون هناك عاصفة ورعد خارج البيت ثم مطر، رُغم ندرة حدوثه بمصر، هى بفرو وغطاء أوروبى للرأس، تبدو جميلة كنجمة هوليوودية.. «نيازى مصطفى» وفريق فيلمه يقدمان الجَمال بمساعدة محلات شملا، حتى إن هناك عرض أزياء ختاميّا تلبس فيه «عصمت» فستانًا رائعًا للزفاف وينتهى الفيلم نهايته السعيدة بزواج الجميلة من الرجل الوسيم، وزواج «حكمت» من «أناناس»، وزواج كوميديانة الفيلم من موديل الرسامين، الممثل «محمد رضا» فى ملابس صياد نموذج لجمال ذكورى شعبى.
«محمد فوزى» بطلًا ومنتجًا لفيلمه يقدم ما يشبه النصيحة للمرأة بألا تتحدث عن المساواة وأن تهتم بأنوثتها وتستسلم للحب، هو هنا رجل محافظ كرأسمالى متمسك بمكتسبات الرجال عبر العصور منذ « آدم وحواء»، يؤكد على صورة المرأة المفضلة لديه وقد غازلها فى أغنيته، (الورد له فى روايحه لغات.. حَكَم الزهور زى الستات)، وراقصة تظهر من زجاجة العطر ثم يتسع الكادر لتقدم الأنثى رقصتها، بما يجيده المخرج «نيازى مصطفى» من حيَل سينمائية سبّاقة، وصورة رائعة لمدير التصوير الكبير «وحيد فريد»، عالية الجودة.. التفاصيل كلها عاكسة للجمال، غير مَعنية بما يروّج له نظام ثورة يوليو من مساواة المرأة بالرجل، «محمد فوزى» يعلنها صريحة، «الإنسان مش ممكن يحارب الطبيعة، الراجل راجل والست ست».>