ثورة الـ"Decoupage"..وثروته!

رحمة سامى
ظلت «الكراكيب» لوقت طويل عقدة بالنسبة لكثيرين، فبين التخلص منها بثمن زهيد أو تركها من دون فائدة، كان تحويلها لقطع فنية هو الحل الأمثل، إذ أصبح عالم الحرف اليدوية وصناعة الفنون أحد أهم مصادر الدخل، وبلغ حجم اقتصاد الحرف اليدوية حول العالم إلى 100 مليار دولار.
ويعد «الديكوباج» من أبرز الفنون اليدوية التى تعتمد على قصاصات الورق القديمة فى صناعة لوحات فنية، وتجديد قطع الأثاث القديمة بأدوات بسيطة، ونظرًا لأن الحرف اليدوية لها مساحة خاصة فى التراث المصرى، تم إطلاق المبادرة الشاملة من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بتوفير 200 مليار جنيه، وإعطاء قروض ميسرة للشباب بفائدة لا تتجاوز %5 لتوفير فرص عمل ودعم الاقتصاد مما يحقق الاستفادة من الخامات المحلية. بالإضافة لإنشاء غرفة صناعة الحرف اليدوية عام 2016، لدعم صناعة الحرف اليدوية والحفاظ على التراث المصرى الحضارى، ورعاية المبدعين الحرفيين فى جميع القطاعات الحرفية. «روزاليوسف» تواصلت مع عدد من السيدات البارعات فى الحرف اليدوية وفى فن الديكوباج بشكل خاص لنعرف كيف حول الديكوباج حياتهن العادية لقصص نجاحات ملهمة. جيهان أيوب، حصلت على بكالوريوس تجارة جامعة القاهرة وأكملت الدراسات العليا فى مجال إدارة الأعمال جامعة الزقازيق، إلا أنها ككثير من السيدات المصريات تنازلت عن أحلامها لتربية أبنائها ورعاية بيتها، وبعد فترة قررت أن تنشئ مشروعها فى المنزل تحت «دانتيلا»، مؤسسة لفن الديكوباج. وعن طبيعة فن الديكوباج تقول: «تعتمد خطوات هذا الفن على مجموعة من الأدوات كاللصق بالغراء، ألوان اكليريك وغيرهما من الأدوات وفقًا لاستخدام هذا الفن فيختلف تزيين الأسطح الصلبة، عن اللوحات.. والديكوباج يعود أصله للقرن الثانى عشر قبل الميلاد، فى منطقة شرق سيبيريا، ومن ثم الانتشار فى فرنسا فى القرن الثامن عشر، حيث يتم تجميع القصاصات، ومن ثم دهنها بالأصباغ، ليكون الناتج منظرًا ثلاثى الأبعاد بارزًا، فيستخدم الديكوباج للعمل على أسطح الأثاث الخشبى والزجاج والأوانى والجدران والقماش والورق المقوى». وتضيف جيهان.. «بعد أن أصبحت لدى الخبرة الكافية فى هذا الفن قررت التطوع لتعليمه فى كثير من المستشفيات والجمعيات الخيرية، ليكون نقطة التحول الرئيسية فى حياتى وتحقيق طموحى». بدأت «جيهان» برنامج تدريب للفنون والحرف اليدوية، لإعداد جيل من المدربين قادر على توصيل المعلومة، وإنشاء مشاريعهم الخاصة، موضحة، أنه يمكن دمج فن الديكوباج مع بعض الفنون الأخرى مثل فن صناعة لوحات الزهور المجففة إذ يتم تجفيف بتلات الزهور والأوراق، ثم ضغطها ولصقها على لوحات خشبية ملونة، وطلاء الزهور باستخدام عدة طبقات من الورنيش، لتتحول تلك الأوراق والزهور إلى لوحات فنية تتحدث باسم الطبيعة. وعن مدى رواج هذا الفن تجاريًا، تؤكد أن العديد من البازارات المعتمدة على الصناعات اليدوية والحرف تطلب منتجات الديكوباج، التى أصبحت رائجة بشكل كبير، خاصة بعد استخدام خامات تتماشى مع الأشكال التى تتطلبها السوق. أما وفاء إبراهيم، خريجة كلية التربية النوعية فتقول «عملت فى العديد من أعمال الهاند ميد إلا أن الديكوباج أكثر ما أثار اهتمامى.. كان هدفى فى البداية عمل منتجات للمنزل ولشغلى،وبعد عرض أعمالى على صفحتى الشخصية على الفيس بوك بدأ الجميع يطلب منى إقامة ورش تعليمية تساعد الجميع فى تحسين وضعه المادى،وبالفعل بدأت فى تحضير ورش تعليمية». وتضيف «وفاء» أن الديكوباج أصبح مصدر دخلها الأساسى.. لافتة لأنها تجيد كل أنواع الديكوباج سواء تعتيق، استنسل، تعتيق روسى،تجديد أثاث وأشياء قديمة «مجال الديكوباج متشعب للغاية فيساعد على أن يكون مصدر دخل جيد جدًا ويفتح بيوتًا بشهادة جميع من تعلمه.. كمان بنقدر نستفاد من كل حاجة حوالينا ومفيش حاجة بنرميها». وعن كيفية تحديد أسعار منتجات الديكوباج تقول إنه «يتوقف على أسعار الخامات الموجودة فى السوق، وحسب نوع الأثاث؛ فهناك أثاث يكون متهالكًا للغاية ما يدفعنى للسنفرة من جديد وغيرها من الخطوات، فالعمل فى أثاث مصنوع من قبل أصعب كثيرًا من البداية فى خشب أبيض. الرغبة فى الاستقلال كانت دافع «وفاء» للتوسع فى المشروع وتدريب السيدات المتزوجات «بعد أن أنجبت كان من الصعب أن أجد فرص عمل جيدة فى أى مجال فالجميع يخشى أن يوظف سيدة حديثة الولادة، فقررت أن أقيم مشروعى الخاص ومهم بالنسبالى إن ربات البيوت حياتهم ما تقفش عند تربية الأبناء فقط». بالنسبة لريهام مكاوى كان عشق الألوان هو سبب دخولها لعالم الديكوباج وتقول «وأنا صغيرة كنت بحب ألوان الأزهار خاصة زهرة التوليب، وبدأت فى الرسم كنوع من الهواية.. وسافرت هولندا مع أسرتى ورأى رسوماتى فنان هولندى تنبأ لى بمستقبل فنى كبير، ومن ثم تطورت وأصبحت أجيد فن النحت أيضًا، حتى التحقت بكلية التربية الفنية جامعة حلوان». وتضيف ريهام «بعد التخرج عملت فى مجالات فنية مختلفة مثل العمل فى قسم التصوير الزيتى بالكلية وبعض شركات الدعاية والإعلان، وتدربت فى مجلة علاء الدين للأطفال وهذا كان بسبب حبى الشديد للألوان، إلا أن إشباع رغباتى الفنية لم يكن قد اكتمل بعد». قررت بعد ذلك عمل مشروع حر للفنون كفنانة تشكيلية وأقمت عدة معارض، بمجال الموزاييك «وجدت أن الديكوباج هو أحب الفنون لقلبى،لأنه منحنى المتعة الأكبر فى إنجاز الأعمال الفنية المختلفة والمبتكرة أيضًا.. وببقى مبسوطة عند تحويل قطع] أثاث قديمة إلى تحفة فنية.. كمان الديكوباج بيعتمد على طرق استكمال الرسومات وتلوينها فمن يراها لا يستطيع التفريق بينها وبين اللوحة المرسومة باليد كاملة وده كان ممتع بالنسبالى». وتؤكد «ريهام» إمكانية الاعتماد على الديكوباج كدخل أساسى لكن ذلك يتطلب الاطلاع على كل جديد وتطوير الشغل والدخول فى مجالات أكبر، لتصبح المنتجات متميزة وتلفت نظر الناس، موضحة أن مجالات الديكوباج متعددة إلا أنها تعشق فكرة تجديد الأساس بالديكوباج وتحويل القديم لقطعة فنية مميزة ووحيدة «one piece». كما أسست «ريهام» ورشة صغيرة داخل منزلها، تروج من خلاله لمنتجاتها وقطعها الفنية، وأيضًا من خلال صفحة تحمل اسم «Precious Decoupage» لعرض أعمالها الفنية المختلفة. الدكتورة «منى ممدوح» تركت مجال الصيدلة لتتجه للحرف اليدوية من خلال احتراف وتعليم الديكوباج.. تقول «فى 2014م، انشغلت بفن الديكوباج والتطريز، وبعد أن أتقنت هذه الفنون اهتممت بعمل ورش فنية لتدريب الفتيات والسيدات، لأننى أردت نقل كل خبرتى لنساء أخريات.. كمان أنا مقتنعة أن الفن قادر على تحويل كل ما هو قديم إلى تحفة فنية راقية، لذلك فأغلب منتجاتى تستخدم فى تقديم الهدايا والديكورات المنزلية وبحس إنى بجمع بين العمل اللى بحبه والدخل المناسب». الديكوباج بالنسبة لـ«مروة عصام الدين، مؤسسة «مركز ديكوباج فلورى لفن الديكوباج» كان مجال دراستها وهوايتها فى الوقت ذاته إذ تقول «درست التصميم الداخلى والأثاث وتخرجت فى كلية الفنون التطبيقية عام 2003، وبعد العمل فى مجال الديكورات قررت الاتجاه إلى فن الديكوباج لتحويل أثاث المنزل مرة أخرى وهو ما تميزت فيه بالفعل». و لم يقتصر دورها على تنفيذ التابلوهات والصوانى كالمعتاد فى هذا الفن بل قررت أن تطوره من خلال إعادة تصميم وحدات المنازل والأثاث القديمة لتحيا من جديد باستخدام فن الديكوباج «ساعدنى فى الأمر كثيرًا مجال دراستى، وفى عام ٢٠١٧، افتتحت مركزى الخاص ليكون قاعة فنية لعرض وبيع جميع مستلزمات فن الديكوباج، من أخشاب وأوراق ولكن بتصميمات جديدة وخلابة، توضح مروة أنها تقدم ورش تعليم الديكوباج بمستويات مختلفة من تعليم المبتدئين إلى تطوير عمل المحترفين».