موسم تساقط شباب الإرهابيـــة

ابراهيم محمود
دول عدة أعلنت مؤخرًا تسليم شباب من الإخوان لمصر، وذلك بسبب انضمامهم لتنظيمات متطرفة أو لتورطهم فى جرائم وأعمال عنف.
تسليم هؤلاء يعنى شيئين؛ الأول أن هذه الدول التى سلمتهم أدركت خطورة جماعة الإخوان وأن الجهود المصرية فى تعريف العالم بهذه الجماعة نجحت بالفعل، والأمر الثانى أن هناك ثقة فى المحاكمات التى سيخضع لها هؤلاء على عكس ما تحاول الجماعة الإرهابية تصوير الأمر.
بعض هؤلاء الشباب الذين تم تسليمهم أبلغ عنهم شباب وأعضاء فى جماعة الإخوان بأنفسهم للتخلص منهم، وهى عادة إخوانية قديمة، وجزء من تركيبة الكائن الإخوانى أنه مستعد للتضحية بكل من حوله فى سبيل أن يبقى هو والقيادات، فهو يريد الحفاظ على نفسه بشكل غريزي، أما القيادات فيزرعون فيه ضرورة الحفاظ عليهم منذ أن كان طفلًا لديهم بحجة أن ضياع «الإخوة الموجود فوق» –أى القيادات- وضياعهم يعنى ضياع الدعوة.
إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين والاستعداد لتسليمهم أو تسليمهم بالفعل لم يأت من دولة واحدة حتى لا يبدو الأمر وكأنه حالة فردية، بل من دول متعددة، منها تركيا وماليزيا والسويد، ومن بين الدول الثلاث دولتان يحكمهما فى الأساس إخوان وهما تركيا حليف الجماعة التى يحكمها الإخوانى رجب طيب أردوغان، ماليزيا بقيادة الإخوانى مهاتير محمد.
لم يكن أحد يتوقع أن تُسلم أنقرة واحدًا من الجماعة، لكن حقيقة الأمر أن الجماعة إن لم تجد منّ تخونه تخون نفسها، أى أن أفرادها يخونون بعضهم البعض.
البداية من تركيا، عندما رحلت السلطات التركية محمد عبدالحفيظ حسين المحكوم عليه بالإعدام فى قضية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، -كما أنه مدان فى قضايا عنف وإرهاب أخرى وذلك بعد وصوله من العاصمة الصومالية مقديشو إلى مطار اسطنبول بتأشيرة «غير مناسبة»، حسبما تصريح ياسين أقطاى مستشار الرئيس التركي.
محمد عبدالحفيظ، يعمل مهندسًا زراعيًا، ويسكن مدينة السادات بالمنوفية، واحتجز داخل مطار أتاتورك فى 17 يناير الماضي.
وتسبب «عبدالحفيظ» فى أزمة داخل جماعة الإخوان، بعدما تداول نشطاء على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، صورة له فى طائرة الترحيل إلى القاهرة، وهو على مقعد مقيد اليدين إلى الخلف الأمر، الذى أثار حفيظة شباب جماعة الإخوان فتبادلوا الاتهامات، وبعضهم رأى أن تركيا بدأت مرحلة التخلى عنهم، وبعضهم رأى أن الخيانة من داخلهم.
ونشر العديد من أعضاء جماعة الإخوان المقيمين بتركيا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعى يعترضون فيها على طريقة تعامل السلطات التركية مع الشاب المدان بقتل النائب العام، مشيرين إلى أنها المرة الأولى التى ترد السلطات التركية مصريا إلى بلده.
صبرى أبو الفتوح القيادى بالجماعة صرح بأن تركيا رحلت «عبدالحفيظ» بشكلٍ مفاجئ، وألمح إلى أن السلطات التركية تتعاون مع مصر ضد أعضاء الجماعة تحت ذريعة التأشيرات المزورة وعدم استكمال الإجراءات، إلا أنه قال فى مرحلة لاحقة أن الشاب المُرحل «يتبع جماعة الجهاد ولا ينتمى للإخوان»، وهذه الذريعة تتخذها السلطات التركية كسبب لتبرير ترحيل عبدالحفيظ.
بعض أعضاء الجماعة أعلن صراحةً موافقته على ترحيل «عبدالحفيظ» حتى ولو كان مصيره الإعدام طالما أن ذلك فى مصلحة الجماعة بحجة أنه باع نفسه فى سبيل ذلك، وكتب أحدهم ويُدعى حسن داود قائلًا: «يا جماعة قاعدة درء المفاسد مقدمة على جلب المنافع، وهذا الأخ لم يكن ممكنًا أنه يُقال أنه من الإخوان، لأنه ستوجه للجماعة تهم إرهابية، ومن ثم تضيع الدعوة فى أعين الناس لأن الأخ من المنوفية ومعروف أنه إخوان، فأخف الضررين الزعم بأنه جهادى وعلى هذا الأساس تم تسليمه كحل وسط يُحافظ على صورة الجماعة وفى نفس الوقت لا يُفاقم الخسارة، مثل تسليم الأخ عبدالرحمن أبو العلا، لأن خسارة شخص باع نفسه لله أفضل كثيرًا من خسارة الجماعة كلها وتوقف التبرعات والتمويلات بناءً على إعلان التورط فى قضية النائب العام، وهذا الطريق الصعب اختارته الجماعة ولا بد أن تكمل فيه، ولا بد ن يُضحى الجميع، وعلى الجميع السمع والطاعة فى المنشط والمكره.
تفكير الجماعة فى تسليم الشباب يؤكد أن هناك المزيد ممن سيتم تسليمهم، وهو ما حدث بالفعل، حينما أعلنت ماليزيا إلقاء القبض على 20 شخصًا من الجماعة واعتزامها ترحيلهم، وتم الإفراج عن 16 منهم، وبقى 4 تتبقى بعض الإجراءات لترحيلهم، وهؤلاء من الموضوعين على قوائم الانتربول الدولى المطلوبين لدى السلطات المصرية، ومحكوم على أحدهم بالإعدام والآخرون بالسجن المؤبد، وهم محمد عبدالعزيز فتحى عيد، عبدالله محمد هشام مصطفي، عبدالرحمن عبدالعزيز أحمد مصطفي، وعزمى السيد محمد إبراهيم.
هؤلاء الأربعة من أصل 20 مطلوبا أمنيا لمصر، من شباب الإخوان المتورطين فى ارتكاب جرائم عنف وإرهاب ومحكوم عليهم بالسجن، فروا إلى ماليزيا بطريقة غير شرعية وحاولوا الإقامة فيها بصفة غير قانونية، وتدخل أعضاء بالجماعة لدى السلطات الماليزية وتم الإفراج عن 16 منهم فيما تبرأوا من الأربعة بحجة أنهم ينتمون للجهاديين.
شباب الإخوان المتواجدون فى قطر وتركيا وماليزيا أصابتهم صدمة من ترحيل الرباعى فخاطبوا مراكز حقوقية ماليزية وأوروبية، لوقف قرار الترحيل بزعم أن ترحيل هؤلاء الشباب إلى مصر يمثل خطورة شديدة على حياتهم وأنهم معرضون لانتهاكات كثيرة، ودعوا لإطلاق حملات تضامن مع هؤلاء وتحريض المسئولين فى المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها، من أجل تقديم المساعدة فى عدم ترحيلهم إلى مصر.
ودشن شباب جماعة الإخوان، هاشتاج «شباب ماليزيا»، من أجل تقديم دعوات لسلطات ماليزيا، لعدم تسليم الشباب إلى مصر، كان من بينهم المذيع الإخوانى المطرود من قناة الشرق طارق قاسم، الذى دعا شباب الجماعة الإرهابية لإثارة الرأى العام لوقف قرار ترحيل زملائهم، بينما قدم عدد من الشباب رسائل مصورة، دعوا فيها الأمين العام بالجماعة محمود حسين الهارب فى بريطانيا، للتدخل لوقف ترحيل الشباب، فى ماليزيا وتركيا وقطر وبريطانيا وغيرها من الدول الحاضنة للإرهابيين.
كما شارك شباب من الجماعة فى هذه الحملات لوقف الترحيل وكتبوا منشورات فيسبوكية على موقع التواصل الاجتماعى موجهة إلى مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي، وبالفعل خاطبه البعض على صفحته الرسمية ليستجديه فى إيقاف قرار الترحيل.
فى السياق ذاته، ألقت السلطات السويدية القبض على عنصر من تنظيم الإخوان الإرهابي، تمهيدًا لترحيله إلى القاهرة، وهو عبدالمنعم حماد البهى حماد، وذلك بعدما توجه إلى السفارة المصرية، مع ضابطين سويديين، لاستخراج وثيقة سفر مصرية، تنفيذًا لقرار ترحليه وتسليمه للأجهزة الأمنية المصرية، بعد رفض طلبه للجوء السياسي.
فيما حاولت جمعيات ومنظمات موالية للإخوان فى أوروبا، مخاطبة السلطات السويدية، لوقف تنفيذ قرار ترحيله.