الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رسائل «المخابرات الأمريكية» فى ألعاب المراهقين العرب!

رسائل «المخابرات الأمريكية» فى ألعاب المراهقين العرب!
رسائل «المخابرات الأمريكية» فى ألعاب المراهقين العرب!


منذ ظهور ما يسمى بألعاب الفيديو، لم تتوقف الصحف العالمية، وعلماء النفس، وخبراء سلوك الطفل، والمراهقين، بتحليل ردود أفعال هؤلاء الصغار -والتى عادة ما تكون عنيفة-، كرد فعل لبعض الألعاب القتالية.
وإذا كانت وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، قد انتبهت –بطبيعة الحال- لتلك التحليلات، وتدخلت فى بعــض تلك الألعاب، لدس أفكار الإدارة الأمريكية، وتوجيه المراهقين بشكل غير مباشر، فإن شركة
«Kuma Reality Game»، تعد أسوأ مثل للتعاون مع وكالة التجسس الأشهر فى العالم.
فمن بين العديد من الألعاب، التى ابتكرتها تلك الشركة محاكيةً الواقع،كما يريده الأمريكيون، يتخللها عدد من اللعب الخبيثة، والمحاورة لعقول هؤلاء الصغار.
فعلى سبيل المثال –لا الحصر-، توجد لعبة «Kuma war»، أو «كوما وور»، وهى لعبة قتالية فى صورة حلقات مسلسلة، تعيد خلق صراعات حقيقية، فى شكل ألعاب الفيديو، باستخدام معلومات، تم اختيارها بدقة شديدة من حسابات الخبراء العسكريين، وسجلات وزارة الدفاع الأمريكية، والأبحاث الأصلية.
الإصدار الأول للعبة كان فى عام 2004. وبينما كانت العديد من الحلقات تدور حول (العراق)، فقد أعادت الشركة تنظيم أحداث حول دول: (أفغانستان، وإيران، وكوريا الجنوبية، وفيتنام، والمكسيك)، توجه من خلالها اللاعب، لأن يقتنع بوجهة النظر، والحوار المؤيد لأمريكا، ويجعله فرحًا بلذة الانتصار الغربي، وغالبًا ما تتضمن تلك الحلقات، مقابلات مع الخبراء العسكريين، والجنود والمشاركين فى العملية الواقعية، داخل أحداث اللعبة.
ومن الحلقات المريبة فى اللعبة، تلك التى ظهرت تحت عنوان «الوقفة الأخيرة لعدي، وقصي»، وهى المعركة، التى يُقتل فيها أبناء الرئيس العراقى الراحل «صدام حسين». كما وصف الهجوم فيها بأنه «نقطة تحول فى عملية حرية (العراق)، وعلامة فارقة فى الحرب على الإرهاب» !!!
كما تعد حلقتا «الفلوجة: عملية الفجر»، و«أسامة 2001: تورا بورا» من الحلقات المريبة أيضًا. و تشير الحلقتان إلى العمليتين اللتين شنتهما (الولايات المتحدة) ضد (العراق، وأفغانستان). وحاولت الحلقتان أن تثبتا للمراهقين أن ما فعلته الإدارة الأمريكية، هو الصواب.
كما تعاقد مسئولو شركة «كوما» فى عام 2006 مع الحكومة الأمريكية، لتصميم تكنولوجيا الألعاب للمساعدة فى تدريب القوات الأمريكية لذلك فهى بهذا تعد ذراع الإدارة اليمنى.
ومن ثم أصدرت فى نفس العام، الجزء الثانى من اللعبة «كوما وور 2»، وكانت المهمة الأولى فيها، هى إعادة قتل الأردنى «أحمد فضيل نزال الخلايلة»، الشهير بـ«أبو مصعب الزرقاوي» عضو تنظيم «القاعدة» فى دولة (العراق)، الذى قاد معسكرات تدريب المسلحين فى (أفغانستان). لكنه اشتهر بعد ذهابه إلى الأراضى العراقية، حيث كان مسئولًا عن سلسلة من الهجمات، والتفجيرات خلال «حرب العراق».. كما أنه مؤسس ما سمى بتنظيم «التوحيد والجهاد» فى فترة التسعينيات، و ظل يتزعمه حتى مقتله فى يونيو 2006، بعد أن ذبح أحد الرهائن الأمريكيين، يدعى «يوجين أرمسترونج» فى (العراق).
كما أصدرت اللعبة أيضًا فى «المهمة 107»، حلقة باسم «رد الفعل لموت أسامة بن لادن»..أما عام 2013، فكانت المهمة النهائية بعنوان: «سقوط (سرت) وموت معمر القذافي».
وبسبب انتشار هذه اللعبة، ألقت السلطات الإيرانية فى عام 2011، القبض على ضابط بسلاح البحرية الأمريكي، يدعى «أمير ميزرا حكمتي»، أحد مطورى تلك اللعبة، بينما كان يزور جدته فى (إيران)، بتهمة التجسس، والعمل لدى شركة ألعاب الفيديو، التى كانت تحاول سرًا، غرس المفاهيم الأمريكية عن (الشرق الأوسط).
ومن جانبها نقلت صحيفة «طهران تايمز» الإيرانية اعترافات الجاسوس الإيراني،الذى اعترف بعمله لصالح وكالة «DARPA» الأمريكية. وأضاف: «بعدها ذهبت إلى شركة الألعاب «كوما»، مضيفًا أن: «شركة الكمبيوتر هذه كانت تتلقى الأموال من «وكالة الاستخبارات المركزية»، من أجل إنتاج، وتصميم، وتوزيع أفلام، وألعاب خاصة مجانية، بهدف التلاعب بالرأى العام فى (الشرق الأوسط)..كما كان هدف الشركة، هو إقناع الشعب الإيراني، وشعوب العالم أجمع، بأن كل ما تقوم به (الولايات المتحدة) من اعتداءات على بلدان أخرى، هو إجراء جيد».
 وعليه، حُكم على «حكمتي» بالإعدام، ليكون بهذا أول أمريكى يصدر بحقه هذا الحكم فى المحاكم الإيرانية، منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وبالفعل كانت هناك حلقتان للعبة تدور حول (إيران)، إحداهما تستند إلى مهمة إنقاذ الرهائن الأمريكيين الفاشلة داخل الأراضى الإيرانية عام 1980، والأخرى نُشرت عام 2005، بناءً على الأزمة النووية. ودارت حول الجندى –بطل اللعبة- وهو من القوات الخاصة الأمريكية، الذى يتسلل إلى المنشأة النووية الإيرانية فى مدينة (نطنز) فى محافظة (أصفهان)، الواقعة على بعد 150 ميلًا جنوب العاصمة (طهران). ولكن اختراق الطوق الأمنى ​​حول الهدف لن يكون سهلاً. وهنا تكون مهمة الفريق المساعد.. حيث يتسلل إلى القاعدة، ومن ثم يحصل على أدلة مؤكدة على تخصيب مادة «اليورانيوم» بطريقة غير مشروعة، وبعدها يكون عليه أن ينقذ رجاله من الداخل، ويدمر أجهزة الطرد المركزي.
ويبدو مما سبق أنها عملية إعلامية، ترعاها الإدارة الأمريكية، تهدف إلى تعزيز التوجه الأمريكى بين الجماهير المستهدفة ببراعة، فيما يتعلق بخطورة برنامج إيران النووي.
وبالعودة للحكم الإيرانى على المبرمج الأمريكي.. فقد تم تخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن 10 سنوات، بعد جهود، وضغوط أمريكية عليا.
ثم أطلق سراحه، بعد أكثر من أربع سنوات، كجزء من تبادل السجناء بين (الولايات المتحدة، وإيران)، التى استمرت مفاوضاتها السرية لأكثر من عام بين الطرفين.. واستبدل فيها الجاسوس الأمريكي، وثلاثة أمريكيين آخرين بينهم مراسل صحيفة «واشنطن بوست» فى (طهران) «جيسون رضائيان».
وتعليقًا على تلك اللعبة، أكد «إيان بوجوست» الأستاذ بجامعة جورجيا للتكنولوجيا ، أن أكثر الألعاب إقناعًا، هى تلك التى تُعد نموذجًا للأنظمة الحقيقية، وتتيح للمستخدمين فرصة رؤية عواقب مسارات العمل المختلفة.. بمعنى أدق قد تسعى لعبة تستهدف الإيرانيين إلى إظهار مزالق الإسلام السياسى أو قيمة المشاركة فى حركة معارضة ديمقراطية.

وبعد أن وجدت «كوما» شغف شباب الوطن العربي، كغيره من شباب العالم، قامت الشركة بتعريب لعبة «وحدة النمر» القتالية، ليصبح ترويجها أسهل بينهم.
وبالفعل وجدت اللعبة المكونة من 139 حلقة رواجًا كبيرًا، وكانت مليئة برسائل غير مباشرة. فتُحارب «وحدة النمر» و تضم نخبة من أقوى المقاتلين العرب،الذين تم تجنيدهم بعيدًا عن قواتهم المسلحة، من قبل شخصية غامضة يدعى (الأم)- الأشرار داخل اللعبة، ليحققوا ما أسمته (العدالة، واسترداد الكرامة). وهى فكرة تدعو إلى عدم الانتماء إلى الأوطان، بشكل غير مباشر، وأن (التمرد) على النظام، هو ما سيحقق العدالة.. أى أنها فكرة مشابهة للأوضاع الداخلية السورية، فيما يسمى بـ(المعارضة السورية)، بقيادة «الجيش السورى الحر»، الذى يعادى نظام «بشار الأسد»، وتنظيم «داعش» الإرهابى فى نفس الوقت.
كما تتبلور تلك الفكرة لدى المراهقين، بأن مقاتلى تلك الوحدة، هم (الأشراف، الذين يناضلون من أجل أوطانهم، وحياة أفضل لشعوبهم، بالتخلص –حسب توجيه اللعبة- من النظم، التى وصفت بالاستبدادية تارة، والفاسدة تارة أخرى)، خاصة وأنه توجد بعض الشخصيات من تلك الفرقة، لا تتمتع بتاريخ أمني، بل هم مجرد أشخاص عاديين، كالشباب الذين يلعبون اللعبة، وأن هذا التمرد لا يحتاج سوى التدريب.
وتتكون (وحدة النمر) من القائد «الأم»، واسمه الحقيقى الرائد «وليد» من الوحدات الخاصة الأردنية، وتدعى اللعبة أنه تعرض للخيانة فى أرض المعركة، مما جعله يتمرد، وينشئ «وحدة النمر» السرية عام 2005. ثم يجند «الام» عددًا من الشخصيات من جيوش بعض الدول العربية، وأطلقت اللعبة عليهم لقب «الحراس اليقظين على الكرامة العربية، الذين يجلبون العدالة، حيث لا توجد»، فى رسالة خبيثة للغاية، وغير مباشرة لعقول المراهقين.
وفى جمله أشد خبثًا كتب الفيديو، الذى يعرف تلك الشخصية، بأنه: «قائد صارم، عادل، يتوقع الأداء الممتاز..ثم كتبت بعدها (والله يساعد أولئك الذين يخذلوه)»!!
وعن باقى شخصيات الوحدة، فهم: (النمر 1) واسمه «ماهر»، وهو ملازم أول، وطيار محترف، سعودى الجنسية.. تم تجنيده بعد خدمته فى الحرس الوطنى السعودي، والذى يتزوج من «سما حلال» رئيسة مكافحة الإرهاب بجامعة الدول العربية. وأخت (النمر 4).
أما (النمر 2) فهو الملازم أول «سعيد» من القوات الخاصة المصرية، وهو صاحب الخبرة الواسعة، ورجل المهام الصعبة.. لكنه يظهر فى اللعبة الكارتونية بلحية طويلة، على الرغم من كونه أمرًا ممنوعًا.
ويأتى بعده الملازم أول «نعيم الليبي» من قوى الأمن الداخلى اللبناني، بفرع المعلومات، ليكون (النمر 3). وهو خبير محنك فى مجال التكنولوجيا فى المقام الأول، وقناص ماهر بعدها.. على الرغم من أنه كان يعمل كمنسق أغانى «DJ»، قبل أن يتجه إلى الأمن الداخلى اللبناني، بعد مقتل أخيه، على يد جماعة «فتح الإسلام» فى (طرابلس).
أما الملازم «مصطفى حلال» الفلسطيني، فهو (النمر 4)، والذى الذى يمتاز بمهارته فى القتال  والتخفي، لكنه يتضح من الفيديو، أنه يستعمل سيفًا، وكأنه محارب «ساموراي»، أكثر من السلاح الناري.
وأخيرًا يأتي، شخص فى مهمة مؤقتة، يدعى «الجزائرى» ، وهو خبير فى التكنولوجيا، و يتقن ثمانى لغات. وكان «الجزائرى» نجمًا فى كرة القدم سابقًا، لكنّه أصبح مستشارًا موثوقًا  به عند «أم»، وهو العضو الأكثر غموضًا.
أما الأشرار فى تلك القصة، فيأتى على رأسهم حركة «حماس»، بالإضافة إلى الجيش الإيراني، وقوات النظام السوري، ومنظمة «حزب الله»، وأخيرًا تنظيم «داعش» الإرهابي، وكنتيجة طبيعية و(روسيا) أيضًا ضمن قائمة الأعداء بشكل غير مباشر، ويظهر ذلك من خلال الأحاديث بين ما أسموهم بالأشرار.. بينما تقع أماكن الحدث فى دول (مصر، وسوريا، العراق، وفلسطين، ولبنان.. وغيرها).
كما تظهر بعض الشخصيات الحقيقية فى الحلقات، مثل الرئيس السورى «بشار الأسد»، لكن بشكل مهان جدًا، بجانب شبيه قائد فيلق «القدس»، التابع للحرس الثورى الإيرانى «قاسم سليماني».. وغيرهما من الشخصيات السياسية.
والأسوأ، هو إظهار الجانب الإسرائيلى كونه، هو (ضحية الرعب) لما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط، ويظهر ذلك من اجتماع مسئولى الحكومة الإسرائيلية الذين يناقشون قلقهم لما يحدث حولهم.
ولتحقيق مزيد من الإثارة، اختلفت اللهجات العربية المحلية داخل اللعبة، بين المصرية، والخليجية، والسورية، والعراقية، وغيرها.
أما تسويقها، فقد برع مبرمجوها فى نشرها بشكل خاص.. حيث أنشأوا لها حسابًا خاصًا على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، وكثفوا إعلاناتها.. بل وصلوا إلى حد إنشاء موقع (ويب) خاص للعبة باللغة العربية.
وأخيرًا، يبدو مما سبق، أن وكالات الاستخبارات الأمريكية، تقوم بألعاب فيديو لإثارة الاضطرابات، مع إضفاء جزء من أحداث المنطقة الممزوجة، بوجهة نظر، وتزييف للغرب، كما تكون أكثر تركيزًا على سيناريوهات صنع القرار.