الجمعة 24 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. عصام الشماع والصورة الأخيرة!

كلمة و 1 / 2.. عصام الشماع والصورة الأخيرة!

‎كل من يعرف عصام الشماع أعاد تأمل الصورة الأخيرة لفنان موهوب، لديه منهج وأسلوب وإطلالة وزاوية رؤية، إلا أنه لا يتواجد على الخريطة، وأعماله الأخيرة لم تحقق النجاح الجماهيرى أو النقدى، وهكذا تشكلت الصورة الذهنية.



‎هل ارتضى عصام مثلا بدور المتفرج أو المتأمل؟ بعد أن تابعنا له فى البدايات فيلمى (الأراجوز) و(كابوريا) وقبلهما فيلمه التليفزيونى (طالع النخل)، أعماله الأخيرة والتى ساهم بإخراج جزء منها كانت أقل وهجًا وعمقًا. 

كثيرًا ما نقرأ أو نشاهد أو نسمع، عن آخر ما أبدعه الفنان قبل الرحيل ونضفى عليه الكثير من الظلال على اعتبار أنه الأجمل، الواقع يؤكد أنه ليس بالضرورة كذلك، كما أننا نبحث بين السطور عن شىء يشير إلى أن الفقيد كان يتوقع الموت، ونمسك بكلمة أو بموقف عابر ونعتبره دلالة على أنه كان موقنًا باقترابه من شاطئ الوداع!

مثلاً قبل رحيل نجيب الريحانى، التقى بليلى مراد فى أسانسير عمارة (الإيموبيليا) حيث كانا يقطنان معًا، وقال لها: (ألم يحن الوقت أن نقدم معًا عملاً فنياً قبل ما أموت)، قالت له: (بعد الشر يا أستاذ)، وبمجرد أن عادت للشقة أخبرت زوجها أنور وجدى، وأخرج من درج مكتبه ملخص قصة (غزل البنات)، كان بصدد إعدادها للسينما، ليلعب البطولة أمام ليلى مراد، منح القصة لنجيب الريحانى وتوأمه بديع خيرى ليجريا التعديلات المطلوبة على السيناريو، وقبل تصوير المشهد الأخير رحل الريحانى، وكما قال لى مونتير الفيلم الأستاذ كمال الشيخ، إنه تم تغيير التتابع، وجاءت النهاية بأغنية (عينى بترف وراسى بتلف)، أحلى وأعمق، موت الريحانى لم يكن فى الحسبان، ودموعه فى هذا المشهد، لم تكن كما فسرها البعض، حزنًا على اقتراب مغادرة الحياة.

على عكس مثلاً رحيل أحمد زكى، فى فيلم (حليم ) كان هناك سيناريو معد وجاهز فى حالة الرحيل، وهو ما دفع المخرج شريف عرفة لإعداد خطة أطلق عليها (رقم 2)، وهكذا تمت الاستعانة بهيثم أحمد زكى، بطل السيناريو البديل.

‎الشريط السينمائى لم يملك مقومات البقاء، فى دار العرض، وخفت مع الزمن تواجده فى الفضائيات، قطعًا كانت تلك أمنية أحمد زكى، فهو كان مغرمًا بتقديم الشخصيات العامة، تمنى العديد منها مثل أسامة بن لادن والشيخ متولى الشعراوى والمشير عبدالحكيم عامر، وصرح أكثر من مرة أنه سيؤدى شخصية حسنى مبارك فى فيلم عنوانه (الضربة الجوية)، خاصة أنه قدم فيلمين عن الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات، فبات لزامًا عليه أدبيًا تقديم مبارك، ولا أدرى هل كان بالفعل فقط حريصًا على إعلان ذلك حتى يتجنب أى موقف قد يحسب عليه أم أنه كان بصدد أداء دور مبارك؟ فى كل الأحوال، مهما تباينت الآراء حول أفضل أفلام أحمد زكى لا يمكن أن نضع بينها (حليم).

آخر ما غنت أم كلثوم (حكم علينا الهوى) كتبها عبدالوهاب محمد ولحنها بليغ حمدى، لم تستطع أم كلثوم تقديمها فى حفل، سجلتها فقط على أسطوانة لأنها صحيًا لم تكن تقوى فى مطلع عام 1973 أن تغنى أمام جمهور.

(حكم علينا الهوى)، ليست أجمل ولا واحدة حتى من أجمل ما غنت أم كلثوم، رغم أنها ترنيمتها الأخيرة. (السيد كاف) آخر فيلم أخرجه صلاح أبوسيف عام 1994، ورحل بعدها بعامين، ولم يكن بالقطع (كاف)، كاف ليصبح من أهم أفلام أبوسيف ولم يكن فى أحاديثه الخاصة الأخيرة يذكر- كاف- أبدًا بالخير!

آخر فيلم لعاطف الطيب (جبر الخواطر)، عرض عام 1998 بعد رحيله بثلاثة أعوام، تدخلت عوامل عديدة فى الإعداد النهائى لهذا الفيلم الذى أنهى «الطيب» تصويره، لكنه لم يلحق المونتاج النهائى، لم يكن (جبر الخواطر) من بين الأفلام المهمة لهذا المخرج الاستثنائى، الذى نذكر له روائعه مثل (البرىء) و(الحب فوق هضبة الهرم) و(الهروب) و(سواق الأتوبيس) و(ليلة ساخنة) وغيرها...؟!

هناك قطعًا من الأسباب الكثيرة الخارجة عن إرادة عصام الشماع التى حالت دون استكماله المشوار الفنى بنفس ألق البدايات، ولكن هل قاوم الشماع بما يكفى، ثم لم يجد أمامه سوى الاستسلام ؟ سيظل سؤالاً يبحث عن إجابة!