السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الجامعات الأمريكية شوكة فى حلق واشنطن: من «ڤيتنام» لـ«غزة».. رجعوا التلامذة!

منذ تأسيس الجامعات الأمريكية فى عواصم العالم كان الهدف واضحًا.. فبدلاً من تدشين قاعدة عسكرية لفرض أفكارك بالقوة؛ اجعلها تتسلل فى نسيج المجتمع وأفكاره.. اجعل شبابه أنصارًا لأفكارك.. يتحدثون باسم الديمقراطية «بمفهومها الأمريكى» طبعًا.. ويرتدون ملابسهم بما يتلاءم مع صيحات الموضة فى أمريكا.. بهذه الطريقة تصبح «الجامعة» أكثر تأثيرًا وفائدة من «القاعدة العسكرية».



لكن ما حدث خلال العقود الأخيرة يؤكد أن الولايات  المتحدة «حضرت  عفريت» لا تقوى على مواجهته الآن.. فالشباب والطلاب الذين آمنوا بأفكارها وبديمقراطيتها.. يقفون أمامها الآن.. يهتفون باسم الحرية ضد ما يحدث من إبادة جماعية فى غزة.

هذه المرة أمريكا هى الخصم.. يهتف الشباب باسم الديمقراطية.. فتواجههم الشرطة بكل أشكال القمع! ما يحدث اليوم هو نتاج لما حاولت الولايات المتحدة فعله بالأمس فى عواصم العالم.. وفى السطور التالية نستعرض أهم المحطات المهمة والمؤسسة لهذا المشهد فى العقود الماضية:

استعادت صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست ذكرَى الاحتجاجات الطلابية المناهضة لحرب فيتنام عام 1968، فى ظل الاحتجاجات الحالية فى الجامعات الأمريكية على حرب غزة؛ خصوصًا مع استدعاء الشرطة لتفريق المعتصمين فى كلتا الحالتين.

ومع أن الصحيفتين أبدتا تركيزًا على سرد أحداث عام 1968؛ فإن تشابُه الظروف ساقهما إلى المقارنة بين جيلين غاضبين من الحرب فى ظروف سياسية متشابهة، قبيل انعقاد المؤتمر الوطنى الديمقراطى، وفى وجه انتخابات مهمة بالنسبة للمرشح الديمقراطى الرئيس الحالى جو بايدن.

وإذا كانت صحيفة واشنطن بوست اكتفت بالإشارة إلى الاحتجاجات فى جامعة كولومبيا فى نيويورك باعتبارها ردًا للاعتبار لاحتجاجات عام 1968؛ فإن نيويورك تايمز، ذهبت فى المقارنة بين اللحظة إلى أبعد من ذلك.

رأت نيويورك تايمز- فى عمود الكاتب تشارلز م. بلو- أن هناك جيلين من الشباب فى كلتا اللحظتين مستعدان للاحتجاج، أولهما أنضجته حركة الحقوق المدنية والحداد الوطنى بعد اغتيال الرئيس جون كيندى والسيناتور روبرت كيندى والقس الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور، والثانى نشأ مع الحركات الاحتجاجية، مثل «احتلوا وول ستريت» و«حياة السود مهمة» وحملة باركلاند بولاية فلوريدا، وحملة السيطرة على الأسلحة الطلابية.

انساق جيل 1968 فى حركة بدأت فى حرم الجامعات ونمت، وراء قناعة أخلاقية كأساس لغضبه بشأن حرب فيتنام، الحرب التليفزيونية الأولى التى تمكن الأمريكيون من رؤية أهوالها فى الوقت الحقيقى تقريبًا، والتى جنّد لها خلال عامين مليون أمريكى.

أمّا الجيل الحالى- حسب تشارلز م. بلو- فهو يتابع الحرب الإسرائيلية على غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ويشعر الكثيرون منهم بالرعب مما يرونه، ليبدأ انتشار الاحتجاجات المناهضة للحرب من حرم الجامعات.

وفى هذا السياق؛ دعا أكثر من ألف قس أسود الرئيس بايدن إلى الضغط من أجل وقف إطلاق النار فى غزة، كما كان مارتن لوثر كينغ جونيور، قد أعلن معارضته للحرب فى فيتنام، قائلاً إنه «مضطر إلى رؤية الحرب كعدو للفقراء ومهاجمتها على نحو ما».

وأشارت الصحيفة إلى أنه كما حدث عام 1968 ستنتهى الفصول الدراسية ويعود الطلاب إلى منازلهم لفصل الصيف، ولكن معارضتهم لن تنتهى كما لم تنتهِ فى ذلك الوقت، إذ تخطط الجماعات المناهضة للحرب لتنظيم احتجاجات كبيرة أثناء المؤتمر الوطنى الديمقراطى.

وقال حاتم أبودية، من شبكة الجالية الفلسطينية الأمريكية: «سننظم مسيرة بتصاريح أو من دونها، وسيكون هذا الاحتجاج هو الأهم منذ عام 1968 فى شيكاغو، عندما نظم المتظاهرون ضد حرب فيتنام وحركة تحرير السود مظاهرات حاشدة تم قمعها بعنف».

ونبّه الكاتب إلى أن هناك دعمًا كبيرًا لقضية الطلاب، إذ وجد استطلاع للرأى أن الشباب الأمريكيين يدعمون سياسة جديدة، وأن 5 من كل 6 منهم يدعمون وقفًا دائمًا لإطلاق النار فى غزة، كما وجد استطلاع آخر أجرته جامعة كوينيبياك أن 53 % من الديمقراطيين يعارضون إرسال المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل. غير أن هذه مقامرة متهورة- حسب نيويورك تايمز- لأن المتظاهرين والعديد من الناخبين يشعرون بالاستياء من شىء أكثر من مجرد مسألة عادية تتعلق بالسياسة الخارجية.

فكثيرٌ منهم يعتقد أنهم إنما يتفرجون على إبادة جماعية بمساعدة وتحريض من رئيس أمريكى دعّموه، وهم بالتالى يشعرون بأنهم متورطون بصفة شخصية فى صراع يتزايد فيه القتل دون نهاية فى الأفق، وهذه مسألة أخلاقية بالنسبة لهم، ولن يتغير موقفهم بسهولة.

لقد شاهد الناسُ كل هذه الأشياء على أجهزة التلفاز والهواتف الخاصة.

وذكر الكاتب أن أعداد القتلى والجرحى تجاوزت كثيرًا 100 ألف، وهذه أرقام كبيرة يرافقها مستوى من المعاناة غير مقبول، وسوف يوضح الشباب هذه النقطة هذا الصيف فى شيكاغو، وفق قوله.

«مايك..أنت مقزز».. هكذا واجه طلاب جامعة كولومبيا رئيس مجلس النواب الأمريكى

بصيحات الاستهجان والانتقاد استقبل طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية رئيس مجلس النواب الأمريكى مايك جونسون ومجموعة من النواب، الأربعاء، الماضى خلال زيارته للجامعة لإلقاء خطاب أمام المحتجين على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وأطلق المتظاهرون هتافات ضد جونسون عند اقترابه من المنصة وبدء خطابه، مهاجمًا ما أسماه معاداة السامية ومن يصفهم بأنهم «يطالبون بمحو دولة إسرائيل من الخريطة ومهاجمة طلابنا اليهود الأبرياء».

وتحوّل خطاب جونسون، الذى غلبت عليه لغة تهديد الطلبة المتظاهرين وإدارة الجامعات، لسجال بينه وبين الطلبة المتظاهرين، فما أن قال جونسون كلماته تلك حتى هتف المتظاهرون «لا نستطيع سماعك»، ليرد عليهم جونسون «استمتعوا بحرية التعبير».

وقال جونسون إن هدف زيارته هو دعم الطلاب اليهود الذين يتعرضون للترهيب من قبل بعض المتظاهرين المناهضين لإسرائيل.

وجاءت زيارته بعد وقت قصير من تمديد الجامعة الموعد النهائى للتوصل لاتفاق بشأن إزالة مخيم الاحتجاج من صباح الأربعاء الماضى إلى صباح أمس الجمعة، وأصبح اعتصام جامعة كولومبيا رمزًا للاحتجاجات التى باتت تشهدها العديد من الجامعات الأمريكية.

ويطالب الطلاب المحتجون الجامعات بإنهاء التعاون مع إسرائيل ويسعون إلى الضغط على الإدارة الأمريكية لوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.

مئات الاعتقالات ضد  الطلبة المعتصمين

كما وصل عدد المعتقلين إلى المئات ويعد اعتقال 108 طلاب فى كلية إيمرسون فى بوسطن، و93 طالبًا فى جامعة جنوب كاليفورنيا فى لوس أنجلوس، و34 طالبا فى جامعة تكساس فى أوستن، و100 طالب فى جامعة كولومبيا فى نيويورك، و45 طالبًا فى جامعة ييل، هو أحدث الإحصائيات المعلنة من الجامعات الأمريكية.

إن مطالب الطلاب الأمريكيين فى هذه الحركة واضحة؛ حيث يطالبون الجامعات بالامتناع عن إنفاق أصول الجامعات الكبرى فى شركات تصنيع الأسلحة أو غيرها من الصناعات التى تدعم حرب الكيان الصهيونى ضد غزة وبالتالى منع «الإبادة الجماعية» هناك.

تزايُد الشعور بالخوف داخل أمريكا من وصول الاعتصامات الى النقابات العمالية

وفى السياق نفسه؛ بات واضحًا ازدياد الشعور بالخوف من انتشار عدوى الاعتصامات وخروجها من أسوار الجامعات الأمريكية إلى المجتمعات المحيطة بها.

ومن أكثر ما يقلق المجتمع الأمريكى هو وصول تلك الاحتجاجات إلى النقابات العمالية لما لهذه النقابات من تأثير كبير على سير العمل هناك وأن أى اضطرابات داخل هذه النقابات قد يؤدى إلى شلل كبير داخل الولايات المتحدة بأكملها.