الجمعة 2 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ثورة الإيرانيات ضد «الشادور» على طريقة الخومينى

ثورة الإيرانيات ضد «الشادور» على طريقة الخومينى
ثورة الإيرانيات ضد «الشادور» على طريقة الخومينى




قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن اختبارا سنويا للإرادة بدأ فى مختلف أنحاء إيران بين شرطة الآداب والنساء اللاتى يرتدين ثيابا تعتبر غير مقبولة ومخلة بالآداب فى هذا المجتمع. لكن هذا العام، تبدو المخاطر عالية بشكل غير عادى، فمع محاولة القادة الإيرانيين تشتيت انتباه الرأى العام عن المشاكل الاقتصادية نتيجة العقوبات الدولية الصارمة عليها، يخاطر هؤلاء القادة باستنفار قطاعات واسعة من المجتمع الذى يعانى أصلا من انقسامات حادة وعنيفة.
 

 
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979 ظهر الحجاب إلزاميا على نساء إيران وفى الوقت الذى لم تتغير فيه القوانين الخاصة بنوعية اللباس الملائم للمرأة الإيرانية، باتت بعض النساء أكثر جرأة فيما يجب عليهن ارتداؤه، خالقات بذلك صراعا يشتعل كل صيف مع ارتفاع درجات الحرارة.
 
وأضافت الصحيفة أن الحملات الحكومية هذا العام تميزت بوجود فرق مختلطة الجنسين لشرطة الآداب تتمركز فى الميادين  الرئيسة لطهران. وأوضحت أن شرطة الآداب الإيرانية  قامت هذا الصيف بإغلاق 53  مقهى و87 مطعما فى طهران، والسبب فى ذلك هو تقديم الخدمة لزبائن ترتدين حجابا غير لائق، أو اتهامات أخرى تتعلق بالاختلاط بين الجنسين، مثل السماح للنساء بتدخين الشيشة.
 
كذلك ألغت الشرطة بشكل مفاجئ العديد من الحفلات بسبب الملابس غير الملائمة والتواصل الزائد بين الذكور والإناث، كما تم إغلاق 80 كشكا فى معرض دولى للغذاء الشهر الماضى بسبب أن النساء اللائى يعملن فيها إما منتهكات لقواعد ارتداء الحجاب أو واضعات مساحيق تجميلية أكثر من اللازم.
 
وقالت الصحيفة أن تلك التطبيقات العدائية للقوانين والعقوبات الصارمة ولدت استياء كبيرا، ونقلت عن إحدى النساء المعتقلات بسبب ارتداء ثياب ذات أكمام قصيرة قولها «أنا امرأة بالغة، وأستطيع أن أقرر ما يجب أن أرتديه، وأستطيع أن أتخذ تلك القرارات بنفسى».
 
 وأضافت الصحيفة إن السلطات الإيرانية هذا العام أخذت على عاتقها قضية الزى غير الإسلامى الذى ترتديه النساء على أنه مسألة تمس الأمن القومى لها، وواحدة من التدخلات الغربية طويلة الأمد فى الشئون الإيرانية. وأوضحت أن المسئولين الإيرانيين يعتبرون أن ارتداء الحجاب بشكل غير لائق هو السبب فى انتشار مجموعة كبيرة من الأمراض  الاجتماعية فى الوقت الراهن، مثل تأخر سن الزواج لدى الفتيات واتجاه بعض النساء للعمل فى الدعارة، ودائما ما تلقى السلطات باللوم على «عناصر خارجية». ونقلت الصحيفة عن قائد شرطة طهران أحمد رضا رادان قوله : إن الدعم المقدم للحجاب غير اللائق الذى ترتديه النساء هو «جزء من الحرب الناعمة التى يستخدمها العدو ضدنا».
 
وقالت الصحيفة إنه على عكس العديد من قادة إيران أبدى الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد منذ عام 2010 تسامحا كبيرا فى هذا الموضوع قائلا إن الحجاب غير اللائق أو المخل بالآداب ليس جريمة. ونقلت عن نجاد قوله : «بدلا من إغلاق دور السينما والمطاعم، يجب على السلطات أن تعطى الناس الخيار، وإذا أعطى الناس الخيار، فإنهم قطعا سيختارون الثقافة والمعتقدات الإيرانية».
 
وأشارت الصحيفة إلى أن موقف نجاد أثار حفيظة العديد من خصومه السياسيين، ودأبوا على مهاجمته واصفين إياه بالمناهض للثورة والموالى للغرب، ومنهم على مطهرى، وهو سياسى محافظ وعضو برلمانى ومرشح محتمل ليحل محل أحمدى نجاد فى 2013  والذى اتهم أحمدى نجاد بأنه يروج لأفكار جنسية.
 
وقالت الصحيفة إن مثل تلك الممارسات تثير ردود فعل عنيفة من جانب الإيرانيين، إذ يشعر المعتقلون بإحساس متزايد من الاغتراب فى بلدهم، ودائما ما تخبر شرطة الآداب الإيرانية المعتقلين المرتدين لحجاب غير لائق أن إيران «دولة إسلامية ونحن لا نريد أناسا متشبهين بالغربيين فى بلدنا».
 
وتقول سحر 30 عاما التى تم إلقاء القبض عليها لارتدائها بلوزة ذات أكمام لايتجاوز طولها ساعديها: «إننى امرأة ناضجة. ويمكننى أن أقرر ما أرتديه. بوسعى اتخاذ تلك القرارات بنفسى. ووصف رئيس شرطة طهران، أحمد رضا رادان، هذا الشهر، الدفاع عن الحجاب غير المناسب بأنه «جزء من حرب العدو الناعمة ضدنا».
 
فى إيران ودول إسلامية أخرى، أصبح الحجاب، أو غطاء الرأس، يحدد سمات نوع من أزياء النساء، يتمثل الهدف الأساسى منه فى إخفاء علامات الأنوثة. فى إيران، دائما ما كان معنى الحجاب هو تغطية شعر النساء ومعظم أجزاء جسدهن، ومنذ فترة طويلة، كانت الملابس الطويلة وغطاء الرأس يمثلان الحد الأدنى للزى الشرعى المقبول.
 
وعلى الرغم من ذلك فإنه على مر السنين، تغير شكل الزى الذى يمكن اعتباره حجابا، والآن يمكن مشاهدة أنواع مختلفة من الأزياء فى أى مدينة إيرانية، من الشادور الأسود الذى يغطى الجسم بأكمله، إلى أغطية الرأس زاهية الألوان التى نادرا ما تظل ثابتة فى مكانها على الرأس.
 
وتمثل محلات الملابس الطويلة وأغطية الرأس بعضا من أكثر متاجر التجزئة نجاحا فى طهران، حيث تسعى النساء إلى مجاراة اتجاهات الموضة السائدة، وقد ظهرت البنطلونات الجينز الضيقة والأحذية التى بدون كعب هذا العام فى شوارع طهران، تخفيها جزئيا الملابس الطويلة الفضفاضة التى تثير حفيظة الكثيرات.
 
وتقول الواشنطن بوست إنه يجب أن يحظى رأى نجاد بقبول فى وقت تواجه فيه إيران ضغط العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة وغيرها من القوى الأجنبية الأخرى، والتى تستهدف إجبارها على وقف برنامج تخصيب اليورانيوم.
 
ويقول روزبى بارسى الباحث المتخصص فى الشأن الإيرانى بمعهد دراسات الأمن التابع للاتحاد الأوروبى: «العودة إلى الجذور المتشددة مصدر راحة عظيم واستراتيجية بقاء مؤكدة حينما تكون المواقف بشأن القضايا الأخرى المهمة أقل وضوحا»، غير أن هذه الممارسة تحمل أيضا خطر خلق رد فعل معاد، فهؤلاء اللاتى تم إلقاء القبض عليهن يقلن إن لديهن شعورا متزايدا بالاغتراب فى بلدهن.
 
وقد ألقى القبض مؤخرا على الشقيقتين ماهناز 28 عاما وماهين 29 عاما لأن ماهين كانت ترتدى ملابس اعتبرتها شرطة الأخلاق قصيرة جدا، تقول ماهناز، التى تحدثت مشترطة عدم الكشف عن اسمها الأخير: «كانوا فظين جدا معنا» وتضيف: «قالوا لنا إذا كان إلقاء القبض عليكما لعدم التزامكما بارتداء الحجاب المناسب يضايقكما، فعليكما الرحيل من البلاد. هذه دولة إسلامية ونحن لا نريد مواطنين يفضلون المظهر الغربى».
 
 ويعتبر العثور على إيرانيين حضريين لدعم البرنامج الهادف لفرض الحجاب مهمة صعبة جدا، فكثير من النساء اللائى يرتدين أزياء محافظة أيضا يبغضن بشدة دوريات الشرطة.
 



تقول نفيسة 50 عاما، وهى أم لثلاث فتيات يرتدين الشادور الذى يبدو أشبه بالخيمة:
 
«إجبار الناس على ارتداء زى معين أمر عديم الجدوى ولن يأتى بالنتائج  المأمولة. إننى أعارض  ذلك تماما، لأن مثل هؤلاء الفتيات لايخالفن قواعد الشريعة الإسلامية».
 
مصطفى، وهو مستشار تسويق عمره 46 عاما وصف للصحيفة كيف ألقى القبض على ابنته البالغة من العمر 16 عاما فى مركز تسوق مزدحم، تحدث قائلا: «اقتادوها إلى سيارة الشرطة وأخبروها بأنهم يريدون فقط الحديث إليها»، وأضاف: «بمجرد دخولها السيارة تغير الجو العام بأكمله، وتحدثوا إليها بشكل مهين أدى إلى بكائها».
 
وبعد احتجاز ابنته «بنافشى» لفترة قصيرة، تم إطلاق سراحها. ويقول مصطفى: «أتعلمون ماذا كان رد فعلها تجاه الحادث برمته؟ «قالت: أبى، بمجرد أن أنهى دراستى بالمرحلة الثانوية سأغادر هذه الدولة بدون رجعة».