الأحد 22 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رؤية لمستقبل الشرق الأوسط (بمذاق إسرائيلى)

هؤلاء يكتبون عن السيناريوهات

رؤية لمستقبل الشرق الأوسط (بمذاق إسرائيلى)

1 - تعددت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو منذ طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر 2023 حتى الآن عن تغيير الواقع الاستراتيجى فى الشرق الأوسط، ومن هذا المنطلق كانت سياساته وائتلافه الحاكم تركز على تصفية القضية الفلسطينية، وتكريس الهيمنة على المنطقة سواء فى لبنان وسوريا وقطاع غزة، وإيران تحت شعارات توراتية.



وفى الحقيقة أن رؤية نتنياهو للواقع الجديد المزعوم للشرق الأوسط هو شرق أوسط يعاد تشكيل خريطته عبر الحروب لتحقيق أرض إسرائيل الكاملة (إيريتس يسرائيل هاشليما) طبقًا لادعاءات نبوءاتهم فى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد؛ لأن قيام هذه الدولة حسب معتقداتهم هى مقدمة لمجىء المسايا إلى الأرض كمَلك منتصر ويحقق لليهود الألفية الذهبية.

2 - تعتبر إسرائيل نفسها دولة اليهود فى العالم التى تم إحياؤها من قبل الشعب اليهودى للتخلص من عقدة الاضطهاد والكراهية وقد استمدت شرعيتها من الميراث التاريخى لليهود والوعد الإلهى والغرب الذى سخره الله لإقامة الدولة. 

3 - اتخذت إسرائيل من ذريعة عملية طوفان الأقصى الفرصة لتصفية القضية الفلسطينية ولتدمير قطاع غزة، والسعى لتحقيق الهدف المخطط له عبر سنوات لتهجير سكانه، وخلخلة التوازن الديموغرافى فى القطاع باستهداف الأطفال والشباب والنساء، وتجنيد ميليشيا محلية لخَلق توازن ميدانى ضد حماس، وشيطنة وكالة أونروا الداعمة للاجئين الفلسطينيين، والإبادة الجماعية واستخدام المساعدات الإنسانية كوسيلة من وسائل الحرب.

ساهمت إسرائيل فى إسقاط نظام الأسد فى سوريا وهدفت إلى خَلق عمق استراتيجى لها فى سوريا وتأسيس واقع جديد مستخدمة مسألة الدروز والشركس كذريعة للتدخل، وصولاً إلى إعلان «الشرع» مؤخرًا فى حديث للإعلام الإسرائيلى استعداده للانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية.

 قامت إسرائيل بتدمير أذرع إيران على مراحل، ميليشيا حزب الله فى لبنان، وطالبت بنزع أسلحته، كما قامت بعدة عمليات عسكرية ضد أنصار الله فى اليمن، ونفذت عمليات خداعية ضد إيران واغتيالات لقادتها العسكريين وعلماء الذرة فيها .…

4 - أفرزت التحركات الإسرائيلية فى مجملها عن مشهد إقليمى معقد تداخلت فيها الولايات المتحدة بغطاء سياسى ومعلومات استخباراتية ودعم كامل، وشهد إخفاقات لدور الأمم المتحدة وتعثر اّليات الحوكمة العالمية، ومساندة غربية لإسرائيل غير قابلة للتصدع، وخلق بيئة أمنية غير مسبوقة وقابلة للتغيير، وإعادة النظر فى الحسابات العسكرية والاستراتيجية فى المنطقة.

5 - على الرغم من ذلك؛ خرجت أصوات من داخل إسرائيل وخارجها تحذر من الجنوح الإسرائيلى فى المنطقة:

تحت عنوان غطرسة إسرائيل حذرت الإيكونوميست من مستقبل الدولة العبرية وترى أن الغطرسة قد تتحول إلى كارثة وأن إسرائيل قد تدفع ثمنًا باهظا نتيجة توسعها المفرط فى العمليات العسكرية وتصاعد الصراعات الداخلية التى تهدد تماسكها.

كما ذكر البروفيسور الإسرائيلى أورون سالوم- أن إسرائيل تواجه تفككا مؤسسيًا وفوضى اقتصادية واجتماعية قد تؤدى إلى انهيار الدولة- وأن جوهر الأزمة نموذجان؛ الأول نموذج إعلان الاستقلال القائم على الديمقراطية والمساواة، والثانى نموذج متعصب من أمثال سموتريتش يهدد بتحويل إسرائيل إلى دولة ثيوقراطية.

6 - يثبت الواقع العملى فى منطقة الشرق الأوسط أنه لا مصلحة لإسرائيل فى القيام بأى عملية تسوية فى المنطقة، وأن الصبغة الدينية التوراتية قد أصبحت شعار المرحلة فى إسرائيل وفى شرعنة الحروب، وأن سياسة الرئيس ترامب القائمة على الازدواجية من فرض الهيمنة واستخدام التهديد المباشر، وفى نفس الوقت دعوته لوقف الحروب قد عرقلت كل المساعى لإحلال سلام عادل ومقبول لدول المنطقة؛ وبخاصة مع استخدام حق النقض مؤخرًا فى مجلس الأمن ضد وقف العدوان فى غزة.. (وهى المرة الأولى فى عهد ترامب، والخامسة للولايات المتحدة منذ 7 أكتوبر 2023) ومع تصريح سفيره فى إسرائيل مؤخرًا أن الولايات المتحدة لم تعد تؤيد إقامة دولة فلسطينية وأن هذا الموضوع لم يعد يمثل أهمية للولايات المتحدة.

هناك مخاوف أمنية مشروعة وبيئة إقليمية معقدة تلقى بظلالها على منطقة الشرق الأوسط قد تتحول إلى فوضى إذا ما اتسعت رقعة الحرب سواء بانضمام الولايات المتحدة أو الناتو للحرب على إيران، وتجاهل ما يجرى من عمليات إبادة فى غزة، ولن يقتصر الأمر على الجانب السياسى والعسكرى وإنما سيشمل البعد الاقتصادى للمنطقة أيضا إذا ما تم إغلاق مضيق هرمز أو باب المندب أو دخول محور المقاومة العراقية والميليشيات الأخرى.

أصبحت منطقة الشرق الأوسط تعانى من حالة تفكك وانفصام غير مسبوق، صراعات داخلية فى عدد من دوله ( سودان - ليبيا....)، وصراع من جانب اّخر على قيادة المنطقة من جانب دول الخليج، ومحاولات تهميش وضعية دول المركز فى المنطقة، وذلك رغم أن عوامل القوة فى هذه الدول لا تؤهلها للقيادة.

وفى خضم هذه الأجواء، صدر تقرير بريطانى عن مؤسسة جى اّى إس الأوروبية لتحليل السياسات تحت عنوان (عودة الدبلوماسية المصرية إلى البزوغ) يشيد بمرونة وقوة الدبلوماسية المصرية فى عهد الرئيس السيسى؛ وبخاصة فى التعامل مع الأزمات المتفاقمة، ودورها كوسيط إقليمى وعلاقات دولية متوازنة وخبرة تاريخية فى إدارة الأزمات، ووعى القيادة المصرية بخطورة مخططات التهجير ودعوتها لإعادة إعمار غزة وتأكيدها على أن الحل الوحيد لتحقيق الاستقرار فى المنطقة يكمن فى استعادة الحقوق الفلسطينية وفقًا للشرعية الدولية.

 

سفير مصر الأسبق فى تل أبيب وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية