الأحد 22 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
إيران وإسرائيل.. حرب العلم والتكنولوجيا

إيران وإسرائيل.. حرب العلم والتكنولوجيا

كان أهم الأهداف الإسرائيلية فى هجومها على إيران هو اغتيال عدد من العلماء الإيرانيين العاملين فى البرنامج النووى الإيرانى، وكان الرد الإيرانى القاسى هو استهداف معهد وايزمان الذى يضم نخبة من العلماء الإسرائيليين ويجرى أبحاثًا مهمة فى المجال النووى والعسكرى، أى أن الهدف الأول لكل دولة من الاثنتين هو حرمان الأخرى من عقولها المفكرة، إسرائيل المعتدية وإيران المعتدى عليها تدركان تمامًا أن القضاء على العلماء وتدمير مراكز الأبحاث هو الطريق الأول للنصر  فى الحروب، إسرائيل تريد حرمان إيران من استكمال مشروعها النووى فإذا تعذر تدمير المفاعل فلتوقفه أو تعطله مؤقتًا من خلال  استهداف العقول العلمية القادرة على إنجاز المشروع، وإيران تعرف أهمية معهد وايزمان للعسكرية الإسرائيلية منذ تأسيسه عام 1934 تحت اسم دانييل سييف، قبل أن يتم تغيير اسمه عام 1948 إلى وايزمان تكريمًا لأول رئيس لدولة الاحتلال، الوصول إلى المعهد وتدميره أو تعطيله لا يقل أهمية عن قتل العلماء الإيرانيين، فهو يؤدى دورًا كبيرًا فى دعم الجيش الإسرائيلى، ويسهم بشكل مهم فى المجالات العسكرية، وهو متخصص فى مجالات الفيزياء النووية وأبحاث النظائر المشعة والإلكترونيات والرياضيات التطبيقية والكيمياء العضوية والفيزياء الحيوية، وله إسهامات عديدة فى أبحاث الذكاء الاصطناعى وتطوير أنظمة الرصد والمراقبة وأجهزة التوجيه والتعقب، ولأنه مستودع الأسرار النووية والعسكرية الإسرائيلية فإنه لا يسمح لغير الإسرائيليين بالانتساب إليه والعمل فيه، العلم هو أساس الحروب من قبيل الزمان واختراع البارود والبندقية كان عاملاً حاسمًا فى المعارك، ثم توالت الاختراعات من مدافع وقنابل وطائرات وصواريخ، حتى وصلنا إلى  القنبلة النووية التى ألقتها أمريكا على هيروشيما ونجازاكى فى اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، وكان لها الدور الأكبر فى استسلام اليابان وانهيار دول المحور ألمانيا وإيطاليا واليابان، ومن وقتها أصبح هاجس أمريكا والعالم الغربى وإسرائيل ألا يمتلك أحد غيرهم قنبلة نووية أو تقنيات تصنيعها، ولهذا كان العلماء العرب المتخصصون فى المجالات النووية هدفًا دائمًا لإسرائيل وأمريكا والغرب عموما، واغتيالهم أحد أساليبهم المتكررة لمنع العرب والدول التى تراها معادية لمشروعها الاستعمارى والصهيونى من امتلاك هذا العلم، وعلى سبيل المثال تم اغتيال سميرة موسى ويحيى المشد وسعيد السيد بدير وعلماء عراقيين وباكستانيين وغيرهم كثيرين.



العلم نقطة مهمة فى الحرب الإسرائيلية الإيرانية فقد استخدمت إسرائيل  تقنيات حديثة ومنها الذكاء الاصطناعى فى الوصول إلى الأهداف الإيرانية بدقة حتى إن صواريخها اخترقت الشقق التى يسكن فيها قادة جيش إيران وعلماؤها، ودخلت غرف نومهم دون هدم باقى المنزل، وبالمقابل كانت المسيرات والصواريخ التى استهدفت إسرائيل صناعة إيرانية خالصة، وبغيرها لم يكن فى استطاعتها  الاستمرار عدة أيام فى الحرب، ولولا أنها صناعة محلية لنفذ مخزونها سريعًا، فقد كانت إيران تعانى من حصار دولى لسنوات طويلة، ولكن اكتفاءها الذاتى فى كثير من المنتجات أعانها على الصمود، وتطوير منظومة صواريخها ساعدها فى الرد على العدوان الإسرائيلى، وأيًا ما ستنتهى إليه هذه الحرب سواء بسقوط طهران ونظامها خاصة إذا تدخلت أمريكا  لصالح إسرائيل، أو استمر صمود إيران لفترة طويلة، فإن كل ذلك يقودنا إلى أهمية الاهتمام بالعلم وجعله الفريضة الأولى لنا، وأن التصنيع لا غنى عنه إذا أردنا أن نتقدم وأن ندافع عن أنفسنا ضد أى هجوم محتمل، ولعل ما يذكر للرئيس جمال عبدالناصر هو اهتمامه بالعلم والتصنيع وخاصة التصنيع الحربى، عندما قام بإنشاء العديد من المصانع فى مجالات مختلفة، وأسس المركز القومى للبحوث فى الدقى عام 1956 بهدف  خلق كوادر علمية متخصصة، وإعداد أبحاث ودراسات وعمل تجارب فى جميع مجالات علمية عديدة، كما تم تأسيس أكاديمية البحث العلمى عام 1972، وكانت وقتها  باسم الهيئة القومية المسئولة عن العلوم والتكنولوجيا بمصر قبل أن يتغير اسمها عام 1998 وتتحول من هيئة إلى أكاديمية شاملة، وأصبح هدفها وضع السياسات العلمية وإعداد برامج تطوير البحث العلمى، وتوفر برامج تنمية ودعم الموارد البشرية من الباحثين، وتشجع التميز فى شتى المجالات العلمية، وإنشاء برامج البحث العلمى والمشروعات التكنولوجية متداخلة الاختصاصات، ولكن مع الوقت ضعف الاهتمام بها أصبحت أبحاثها ودراساتها فى أدراج المكاتب يعلوها التراب، وهو نفس ما حدث مع مركز البحوث الذى تراجع دوره كثيرا، الآن مطلوب منا الاهتمام بالمراكز العلمية والبحثية، وإنشاء أقسام للتخصصات الجديدة فى الجامعات وهو ما طالب به الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ فترة داعيًا إلى دعم تعليم هذه العلوم الحديثة، وهو ما نتمنى تنفيذه بالفعل، على أن يكون دور الجامعات والمعاهد العلمية تخريج كوادر مؤهلة لإجراء الأبحاث والدراسات وليست مجرد منح شهادات تخرج، مطلوب أيضا  زيادة الإنفاق على البحث العلمى والاهتمام بالعلماء فى جميع التخصصات، والعمل على الاستفادة منهم بدلاً من تركهم يهاجرون للخارج، مع ضرورة وضع التصنيع على رأس قائمة الأولويات، بغير ذلك لن نستطيع أن نواكب العصر ونحمى أنفسنا من أى عدوان محتمل، ولكن للمفارقة المؤلمة بينما العالم كله يلهث من أجل العلم للأسف  لدينا من ينادى  بعودة الكتاتيب.