الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جنازة حارة والميت «سوبر هيرو»

جنازة حارة والميت «سوبر هيرو»
جنازة حارة والميت «سوبر هيرو»


أجمع النقاد وجمهور السينما أن المخرج البريطانى «كريستوفر نولان» هو «جان لوك جودار» فى رداء جديد، فكما نقل الأخير السينما إلى ما بعد الحداثة، أسس «نولان» ما أسماه البعض «موجة الواقعية الجديدة»، وذلك عندما أهدى للعالم إحدى روائع السينما الخالدة، وهو فيلم «The dark knight»، الذى جعل المخرجين وكتاب السيناريو يعيدون حساباتهم فى طريقة السرد السينمائى وتقنيات خلق الشخصية.
وبدون مبالغة اعتبر النقاد أن السينما الأمريكية بالذات، قبل «نولان» شيء وبعده شيء آخر، فكما استعان «نيشته» الفيلسوف الألمانى بمطرقته الشهيرة لتحطيم أصنام الفلسفة، أمسك «نولان» بمطرقة فنية وطفق يحطم مفاهيم السينما التقليدية فى رسم شخصية البطل الخارق وأضفى جانبًا ظلاميًا واقعيًا على شخوصه، بل قلب أيضًا إشكالية الانتصار الدائم للخير على الشر، وهى الـ«تيمة» الرئيسية التى عادة ما تعتمد عليها أفلام الأبطال الخارقة وتقدمها بشكل ساذج وسطحى.
بعد أن أعلن «نولان» أنه لن يقدم أى عمل فنى يتضمن بطلاً خارقًا، شعرت شركة «دى. سي» للقصص المصورة والتابعة لاستديوهات «وارنر بروس» بالإحباط، وأرادت استغلال نفس النجاح الذى حققته فى كتابة القصص المصورة منذ الثلاثينيات، لتحققه على الشاشة الفضية، إلا أنها تناست أن أكبر منافس لها وهى شركة «مارفيل» قد سبقتها بخطوات عديدة فى هذا المجال.
فمنذ عام 2000 و«مارفيل» تقدم أفلامًا ناجحة جماهيريًا مثل سلسلة «Spider man» ، لكنها كانت هى الأخرى تعتمد على الصورة النمطية للبطل الخارق، واستمرت الشركة على هذه الحال حتى ظهور «The dark knight»،  الذى جعل اسم «دى. سي» مدويًا فى الوسط السينمائى، لتدرك «مارفيل» بعد نجاحه أن عليها ترتيب أوراقها وتغير من «التيمة» الرئيسية لأفلامها.
وسرعان ما أعلنت الشركة عن عالم جديد يحمل هذه «التيمة» ويضم هؤلاء الأبطال يدعى «عالم مارفيل السينمائي» وخرجت من عباءته أفلام منفصلة لأشهر أبطال القصص المصورة، مثل: «Iron man» و»Captain america»  و «Thor» وغيرها، بل أعادت إنتاج سلسلة «Spider man» مرتين بعد فشل السلسلة التى أدى فيها «أندرو جارفيلد» دور البطولة، وأنتجت كذلك مسلسلات تليفزيونية لأبطال خارقين كانت قد فشلت أفلامهم فى السابق مثل شخصية «Daredevil» ، ناهيك عن سلسلة الأفلام التى تجمع هؤلاء الأبطال جميعًا بعنوان «Avengers» التى صنفت على أنها الأعلى ربحًا على الإطلاق.
هذا النهم الإنتاجى أشعل غيرة «دى. سي» وجعلها تسير على درب «مارفيل»، وتخلق عالمها الخاص بعنوان «عالم دى. سى السينمائي» فى 2011، ووضعت خطة تستمر حتى 2020 لإنتاج أفلام ومسلسلات منفصلة لأشهر أبطالها الخارقين، كما استعانت بمخرج خبير فى تحويل القصص المصورة إلى قصة سينمائية، ألا وهو «زاك سنايدر»، الذى حقق شهرة سيئة فى تخريب أفلام السلسلة، وأصبح من «المغضوب عليهم»، نظرًا لاستعانته بتقنيات سينمائية تعتمد على التضخيم المبالغ فيه والمتكرر للحدث السينمائى، وقد أطلق الجمهور على هذه التقنيات فيما بعد مصطلح «تأثير زاك سنايدر».
لكن.. هل نجحت خطط «دى. سي» وتفوقت على «مارفيل»؟ وهل حققت تلك الأفلام النجاح المرجو منه؟.. الإجابة لا، فمنذ طرح فيلم «Man Of steel» وهو باكورة أفلام عالم «دى. سى السينمائي»، شعر الجمهور والنقاد بالإحباط الشديد، وألقوا باللوم على «دى. سي» و«زاك سنايدر» لفشل هذا الفيلم، إلا أن الشركة لم تعبأ بالانتقادات واستمرت فى خططها فقط لمجاراة «مارفيل» وكانت النتيجة كارثية.
فجميع الأفلام التى أعقبت Man Of steelتعرضت لسيل عارم من الانتقادات ولاقت فشلاً ذريعًا وحظيت بسمعة سيئة بين الأوساط المحبة لشخصيات «دى. سي»، واتهم الجميع الشركة بتعمد التخريب والاستعجال فى إنتاج أفلامها لتحقيق أرباح أكثر من «مارفيل»، وأنها تتخذ من نجاح الأخيرة مقياسًا لها، على عكس «مارفيل» التى تتخذ من «تيمة» أفلام «نولان» مقياسًا لها، ومن المفارقات أن ثلاثية «نولان» من إنتاج «دى. سي»، لكنها منفصلة عن عالمها السينمائى.
أيضًا أرجع النقاد الفشل الذريع لأفلام «دى. سي» إلى فرض الشركة رؤيتها على المخرجين وقطع مشاهد عديدة ومهمة من الأفلام، كما كانت الحال مع «Suicide squad» الذى حذف منه 22 مشهدًا أغلبها للممثل «جاريد ليتو»، الذى أدى دور «الجوكر»، وهو الأمر الذى أغضبه كثيرًا وجعله يندم على المشاركة فى الفيلم.
ويرى البعض أن «دى. سي» قامت بقطع هذه المشاهد لأنها تحاول إرضاء جميع أطياف الجمهور، وهو أمر مستحيل، وقد ترسخت هذه الفكرة عند النقاد حينما أعلنت الشركة أنها ستعيد تصوير أغلب مشاهد «Justice League» بحيث يبدو أقل «ظلامية» وعلى غرار أفلام «مارفيل».
وما زاد الطين بلة انتحار ابنة «سنايدر» واعتذاره عن استكمال إخراج الفيلم، لتستعين الشركة بمخرج الجزء الأول من «Avengers» وهو «جوس ويدون»، الذى أعاد تصوير الفيلم برؤيته الخاصة، وقام باقتطاع مشاهد شتى من الفيلم بحيث أثر هذا على الحبكة الرئيسية، لتكون النتيجة كارثية أيضًا ويخرج الفيلم أشبه بـ«المسخ».