«المالكى» يفتح أبواب جهنم على معارضيه

علواني مغيب
كشفت التحولات التى جرت على الساحة العراقية خلال الأيام الأخيرة، عن حجم المعارضة الهائلة لرئيس الحكومة المنتهية ولايته نورى المالكى،، وكان أبرز تلك التحولات قيام تكتل برلمانى ضم مجموعة كبيرة من كتلة دولة القانون وهى كتلة المالكى بالإضافة إلى كتلتى الفضيلة والإصلاح الوطنى إلى جانب الكتلتين الكبيرتين والأساسيتين وهما المجلس الإسلامى الأعلى والتيار الصدرى وإصرارهما على عدم التجديد للمالكى لولاية ثالثة، هذا بالإضافة إلى الموقف الكردى المعلن من فترة طويلة رفض التجديد للمالكى كما كشفت التحولات أيضا عن المعارضة الإقليمية والدولية بدرجة لم يسبق لها مثيل أثناء تشكيل وزارات فى الشرق الأوسط إلى الحد الذى دفع مجلس الأمن الدولى إلى إصدار قرار بالترحيب بترشيح البرلمان لدكتور حيدر العبادى، كما أن الإدارة الأمريكية وفى ليلة واحدة أرسلت ثلاثة تعليقات معادية للمالكى كما أن العاهل السعودى رحب بترشيح البرلمان بما يعنى فتح أبواب الخليج مرة أخرى وإعادة العلاقات إلى سابق عهدها مع العراق.
لقد نجح المالكى وبصورة كبيرة فى الإيحاء بأنه الرجل الذى لايستطيع سياسى عراقى أن يقف بوجهه وقبل أيام قليلة توعد بفتح أبواب جهنم على كل من يريد التلاعب بالدستور والاستحقاق الانتخابى وبمجرد أن تدخلت أمريكا وأظهرت رفضها صراحة بقاء المالكى تبخر وانتهى الرجل الذى كان يرعب الشيعة ويقصف ويقتل السنة ويهدد ويتوعد الكرد.
وكانت اللفتة الذكية من الكتل المعارضة لبقاء المالكى بترشيح شخصية من داخل حزبه مما فتح الأبواب للحديث عن ديكتاتورية المالكى التى جعلته لايرفض فقط تسليم السلطة لمعارضيه، بل لمرشح من داخل حزبه يحمل نفس مبادئه، إنه المالكى الذى تشبث بالسلطة جاء فى آخر لحظة معارضا توجيهات المرجعية الشيعية بخصوص التغيير فى الحكم حتى انتخاب حيدر العبادى من قبل البرلمان عارضه بشدة معتبرا تعيين رئيس جديد للوزراء انتهاكا خطيرا للدستور مع أن الذى رشح العبادى الدكتور إبراهيم الجعفرى رئيس الحكومة الأسبق والقيادى بحزب الدعوة.
وقد حظى ترشيح دكتور حيدر العبادى بتأييد أغلب الكتل السياسية العراقية والعبادى حاصل على الدكتوراة فى الهندسة الإلكترونية والكهربائية من جامعة مانشستر وتولى مسئولية العديد من اللجان البرلمانية خلال السنوات الماضية إلا أن الأوضاع الراهنة فى العراق تجعل من الصعب على أى مسئول أن يحقق أى إنجاز فى أى اتجاة إلا إذا تضافرت كل الجهود لانتشال العراق من عثرته.
ومن المشاكل المستعصية على الحل طيلة السنوات الماضية والتى تعتبر تركة ثقيلة أورثها المالكى لخلفه وتتلخص هذه المشاكل فى تحقيق المطالب والحقوق الشعبية المشروعة التى يأتى فى مقدمتها المصالحة الوطنية الحقيقية التى لا تقصى أحدا وإعادة النظر فى الأمور التى أثرت على اللحمة الوطنية ولاسيما قانون اجتثاث البعث مع جذوره وتعديل قانون الإرهاب وكذلك إطلاق سراح المعتقلين بالسرعة الممكنة مع تعويضهم ماليا عن مدة اعتقالهم وهذه هى مطالب العرب السنة التى تنتظر أيضا وقف الاعتداءات على مدن الرمادى والفلوجة وإعادة إعمار المدينتين وإعادة المهجرين الى منازلهم وكذلك تعويضهم.
أما المطالب الكردية والتى يسعى الكرد لإيجاد حل سريع لها فهى تتمثل فى تطبيق المادة 140 من الدستور العراقى التى تتحدث عن حل مشكلة المناطق المتنازع عليها وفى المقدمة منها مدينة كركوك وإقرار وتعديل ميزانية الإقليم ويربط الكرد تنفيذ هذه المطالب قبل الدخول فى الشراكة الحقيقية فى حكومة العبادى.
ويطالب الكرد أيضا بإصدار قانون النفط والغاز حسب نص الدستور الذى يسمح للإقليم بالتعاقد والتنقيب واستخراج وتصدير النفط، على أن تعود الأموال إلى الحكومة المركزية والأهم من كل ما سبق هو اشتراط الكرد عدم المطالبة بالعودة إلى ما قبل 10 يونيو وهو تاريخ احتلال داعش للموصل، حيث من المعروف أن البشمركة الكردية استطاعت السيطرة على المناطق المتنازع عليها ولا تنوى الخروج منها وهناك تخوفات كردية من احتمال مطالبة الأمريكان والإيرانيين لهم بالعودة إلى الأوضاع التى كانت قبل 10 يونيو بعد الدعم الذى تم تقديمه من كلا الدولتين.
ويبقى أمام رئيس الوزراء الجديد المشكلة الأهم والأخطر وهى كيفية تخليص العراق من التنظيم الإرهابى داعش الذى بات يسيطر على عدة محافظات فى غرب العراق ووسطه والسؤال الذى يطرح نفسه هل بإمكان الجيش العراقى دحر داعش أم سيطلب رئيس الحكومة من أمريكا التدخل وهل ستستجيب الإدارة الامريكية لهذا الطلب.
كل الدلائل تشير إلى أن أمريكا لا تحبذ التدخل العسكرى البرى فى العراق مرة أخرى وأنها تسعى إلى الحلول الوسط التى تتلافى فيها اصطدام مصالحها مع رغبات أخرى فى الشرق الأوسط.
فأمريكا تدرك تماما رغم أنها القوى العظمى إلا أنها ليست اللاعب الوحيد فى الميدان العراقى أو السورى، حيث تشاطرها إيران النفوذ الروحى وهو أقوى بكثير من النفوذ السياسى.
ولذلك فإن الإدارة الأمريكية اعتمدت سياسة التوازنات للحفاظ على تفاهماتها المستقبلية مع إيران فى مفاوضات البرنامج النووى ولذلك فإن الإدارة الأمريكية تواجه موقفا صعبا فى العراق فهى لا تريد التخلى عن العراق وفى الوقت نفسه لا تريد مهاجمة داعش والقضاء عليه، ولذلك فإن سعى أمريكا إلى وجود حكومة عراقية توافقية يكون للسنة فيها نصيب عادل ربما تستطيع فى ظل هذا الوضع القضاء على داعش وإخراجها من العراق.
سبب آخر يمنع أمريكا من القضاء على داعش تحت مقولة أن الدوافع الإنسانية وما يرتكب ضد المسيحيين والإيزديين من جرائم يدفعها إلى التدخل فهى تدرك تماما أن العرب السنة سيقولون أين كانت أمريكا من قتل السنة وتدمير مدنهم فى الرمادى والفالوجة وحصارهم المستمر حتى الآن.
الخلاصة أن أمريكا لا تريد القضاء على داعش بجيش أمريكى وإنما تريد فقط وقف زحفه تجاه الشمال ولذلك قامت بضرباتها الجوية المحدودة لتشعر الأقلية المسيحية والإيزديين بشىء من المصداقية والوفاء بالتزامها بحمايتهم.