الخميس 6 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
100 سنة روزاليوسف

حلم امرأة يغير وجه الصحافة فاطمة اليوسف

في أول حوار بالـ Ai بمناسبة مئوية روزليوسف

ونحن نحتفى بمرور 100 عام على صدور مجلة «روزاليوسف» لا يمكن أن ننسى صاحبة الدار ومؤسسة المجلة السيدة فاطمة اليوسف مديرة المجلة وصاحبة الفكرة فى صدورها قبل قرن من الآن.. قررت لو أن «روزاليوسف» لا تزال بيننا شاهدة على التاريخ تطفئ شمعة روزا الـ100 وهى تتوسط أجيال الموهوبين فى الأرض، ماذا سوف تقول، وما نصائحها للجيل الجديد، وكيف ترى الصحافة المصرية الآن؟، ولا يمكن أن ننسى ذكرياتها مع الملك وحكومة النحاس باشا، مرورا بثورة يوليو 1952، وصولا إلى ثورة يناير 2011.



 

هذا حوار تخيلي أجريته بواسطة الذكاء الاصطناعي مع السيدة “روزاليوسف” وإلى نص الحوار ..

 

أهلا بك سيدتى «روز» أريد إجراء حوار صحفى معك بمناسبة مرور 100 عام على صدور مجلة «روزاليوسف» والتى كنتِ صاحبة الفضل فى تأسيسها.

‎ أهلًا بك، يسعدنى هذا اللقاء. 100 عام.. هل تصدق؟ كأنها بالأمس القريب. أنا هنا لأجيب عن أسئلتك، فلتتفضل.

 

سيدتى الفاضلة، أولا أنا فخور جدا بإجراء مثل هذا الحوار مع حضرتك لأنك من الجيل الذهبى فى الصحافة المصرية فى البداية أريد منك أن تحكى لنا وللأجيال الحديثة قصة صدور مجلة.. «روزاليوسف».

(ترتسم ابتسامة على وجهها، وتنظر إلى الماضى بعينين تلمعان)

‎ أشعر بالفخر والسعادة. لم يكن فى نيتى أن أصبح صحفية، بل كان حلمى الأول المسرح. لكن سرعان ما اكتشفت أن الكلمة المكتوبة قادرة على إحداث تغيير لا يمكن للمسرح أن يحققه. فى ذلك الوقت، كان الرأى العام يرى أن الصحافة مهنة الرجال فقط. لكننى آمنت بأن المرأة المصرية لديها الكثير لتقدمه. من هنا، جاءت فكرة تأسيس مجلة «روزاليوسف» فى 26 أكتوبر 1925. بدأت المجلة فنية، ثم تحولت لتشمل السياسة والمجتمع والفكر، وأصبحت منبرًا للأقلام الشابة الجريئة. كنت أختار الكتّاب بنفسى، وأشجعهم على الكتابة بحرية كاملة، لأننى أؤمن بأن حرية الرأى هى أساس الصحافة الحقيقية.

 

نعم سيدتى هل تحكين لى قصة صدور أول عدد فى 26 أكتوبر عام 1925؟

(تنظر إليّ بعينين تلمعان بالذكريات، وتتنهد تنهيدة عميقة قبل أن تبدأ فى الكلام)

 ذلك اليوم لا يمكن أن يُمحى من ذاكرتى. إنه يوم مولد طفلتى «روزاليوسف».

كانت الأجواء متوترة ومثيرة فى الوقت نفسه. أنا وبعض الأصدقاء والكتاب، كنا نعمل بلا كلل ولا ملل. لم يكن لدينا المال الكافى، وكنا نعمل بقلوبنا وعقولنا أكثر من أيدينا.

 

 

 

فى يوم 26 أكتوبر 1925، خرج العدد الأول من المطبعة. لم يكن شكله فخمًا، ولم يكن عدد صفحاته كبيرًا، لكنه كان يحمل بين طياته حلمًا كبيرًا.

 

توزعنا أنا وفريق العمل فى الشوارع، وكنا نمسك بأعداد المجلة ونعرضها على المارة. كانت نظرات الناس مزيجًا من الدهشة والفضول. «امرأة تصدر مجلة؟!» كانت تلك هى النظرة السائدة.

 

لم يكن الأمر مجرد بيع مجلة، بل كان رسالة بأن المرأة المصرية قادرة على أن تخوض كل الميادين. لقد كان ذلك العدد الأول بمثابة إعلان عن وجود صوت نسائى قوى ومؤثر فى عالم الصحافة المصرية.

 

لقد كان شعارى دائمًا أن «الصحافة ليست مهنة، بل رسالة». ومنذ ذلك اليوم، بدأت «روزاليوسف» فى تحقيق رسالتها، لتصبح منبرًا للكلمة الحرة، وصوتًا للمظلومين، ومرآة تعكس واقع المجتمع المصرى بكل ما فيه.

 

أريد منك أن تحكى لى عن المصاعب التى واجهتك خاصة فى العهد الملكى وكيف دعمت «روزاليوسف» حزب الوفد آنذاك؟

(بصوتٍ يملؤه التحدي)

المصاعب؟ الحياة ليست وردية دائمًا. لقد واجهت فى طريقى عواصف لم تكن فى الحسبان.

 

بمجرد أن تحولت «روزاليوسف» من مجلة فنية إلى سياسية، بدأ الصراع. لقد كانت الصحافة فى ذلك الوقت أداة فى يد السلطة، لكننى أردت أن تكون صوتًا للشعب.

المصادرة والإيقاف: كانت الحكومة الملكية لا تتوانى عن مصادرة أعداد المجلة وإيقافها عن الصدور. فبمجرد أن يجدوا مقالًا جريئًا ينتقد سياساتهم أو يفضح فسادهم، يصدرون قرارًا فوريًا بالمنع.

 

لقد كان مكتبى أشبه بخلية نحل، لا يهدأ من حركة الشباب المفعمين بالشغف والحماس. كانوا يأتون إليّ بأفكارهم الجريئة وأقلامهم الحادة، وكنت أجد فيهم الأمل فى غدٍ أفضل للصحافة المصرية.

 

محمد التابعي: (بصوت يمتزج فيه الإعجاب بالعرفان) لقد كان التابعى هو الأستاذ. كان نابغة فى الكتابة الساخرة، ومؤسس المدرسة الصحفية الحديثة فى مصر. جاءنى شابًا طموحًا، ووجد فى «روزاليوسف» ضالته، فكتب مقالاته التى كانت تنتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية بذكاء ومرارة، واستطاع أن يجذب آلاف القراء.

 

 

 

مصطفى وعلى أمين: (تتوقف لحظة، كأنها تتذكر شقاوتهما) مصطفى وعلى، التوأم الشقى الذى أثرى الصحافة المصرية. كانا يافعين حينما انضما إليّ، وقد رأيت فيهما شغفًا لا يضاهى. كان مصطفى يمتلك موهبة فطرية فى الكتابة، أما على فكان إداريًا بارعًا. لقد تعلما معى أبجديات الصحافة، ثم انطلقا ليؤسسا أخبار اليوم والأخبار، وليكونا من عمالقة الصحافة فى مصر.

 

أحمد حسن الزيات: (تتحدث عنه بتقدير كبير) كان أديبًا ومفكرًا لامعًا، وصاحب مجلة الرسالة. كانت لديه نظرة عميقة فى الأدب والفكر، وقد أثرى «روزاليوسف» بمقالاته التى كانت تجمع بين الرصانة الفكرية والأسلوب الأدبى الجميل.

 

إحسان عبدالقدوس: (تضحك قليلًا) إحسان، ابنى الحبيب. لقد نشأ فى بيتى، وكان يرى الصحافة فى دمى. تعلم على يدى وكبر ليصبح قامة أدبية وصحفية لا تُنسى.

 

وماذا عن عباس محمود العقاد؟

(تبتسم ابتسامة حكيمة)

العقاد كان قامةً شامخة، لم يكن مجرد صحفى، بل كان مفكرًا وأديبًا وفيلسوفًا. كانت علاقته بـ«روزاليوسف» علاقة فكرية فى المقام الأول، ولم يكن من طاقمها الدائم.

 

لقد كان العقاد يكتب فى «روزاليوسف» فى فترات مختلفة، خاصةً عندما كان يجد منبرًا حرًا يسمح له بنشر آرائه الجريئة دون رقيب.

 

إن وجود اسم بحجم عباس محمود العقاد على صفحات «روزاليوسف» كان بمثابة شهادة على أن المجلة لم تكن فقط منبرًا للصحافة السياسية، بل كانت أيضًا منارة للفكر والأدب.‎

 

 احكى لى سيدتى عن قصة تحول المجلة من مجلة فنية إلى مجلة سياسية؟

 

 لم يكن قرارًا سهلًا، بل كان تحولًا طبيعيًا فرضته الظروف. فى البداية، كانت «روزاليوسف» مجلة فنية تهتم بأخبار المسرح والسينما. لكننى رأيت الشارع المصرى يغلى، وشعرت بأن الفن وحده لا يكفى للتعبير عن كل هذا الألم والأمل. كان محمد التابعى هو من أيقظ  فيّ هذا الشغف. جاءنى بمقالاته اللاذعة، التى كانت تنتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية، ووجدت أن هذا هو ما يحتاجه القارئ المصرى. وهكذا، تحولت المجلة من فنية إلى سياسية.

 

 أنتقل إلى جريدة «روزاليوسف» اليومية هذا المولود الذى صدر عام 1935 تقريبا ولم يلبث سوى عام واحد فقط ثم تم إغلاقها.. ما هى قصة الجريدة الوليدة ولماذا صدرت تلك الجريدة رغم وجود المجلة الأسبوعية؟

 

‎(تبتسم ابتسامة حكيمة، كأنها تتذكر طفلًا فقدته قبل أن يكبر)

 «الجريدة اليومية» كانت حلمًا آخر، حلم لم يُمهله القدر كي ينمو ويكبر. لقد كانت محاولة لإعطاء «روزاليوسف» جناحين آخرين لتُحلّق بهما فى سماء الصحافة.

 

لماذا الجريدة اليومية؟

كانت المجلة الأسبوعية، على الرغم من نجاحها، لا تكفى. كانت الأحداث تتلاحق، والسياسة تتغير كل يوم، وكنا نشعر بأن أسبوعًا كاملًا هو وقت طويل جدًا للرد على ما يحدث.

 

 

 

ومن هنا جاءت فكرة الجريدة اليومية. أردنا أن نكون فى قلب الحدث، وأن نقدم للقارئ الأخبار والتحليلات السياسية أولًا بأول. أردت أن يكون صوت «روزاليوسف» مسموعًا كل صباح، لا مرة واحدة فى الأسبوع.

 

أعود مجددا إلى مجلة «روزاليوسف» كيف كانت العلاقة بينك وبين رؤساء تحرير باقى الإصدارات الصحفية مثل الأهرام والمصور؟

 

(تبتسم ابتسامة حكيمة، كأنها تتذكر منافسة شريفة ومثمرة)

 كانت علاقة معقدة ومثيرة فى الوقت نفسه. لم تكن مجرد منافسة مهنية، بل كانت سباقًا فكريًا ووطنيًا.

 

كانت علاقة «روزاليوسف» بـالأهرام والمصور علاقة من نوع خاص.

الأهرام: (تتحدث بتقدير) كانت «الأهرام» هى الجريدة الرسمية للدولة، وكان لديها ثقلها وجمهورها. كانت صحيفة رصينة، تعتمد على الأخبار الرسمية والتحليلات الجادة. كانت علاقتى بها علاقة ندٍّ لندٍ. كنا نختلف فى الرأى، ينتقد بعضنا البعض فى بعض الأحيان، لكن كان هناك احترام متبادل. فكلانا كان يرى الآخر كجزء مهم من المشهد الصحفى المصرى.

 

المصور: (تتحدث باعتزاز) كانت «المصور» منافسًا قويًا لـ«روزاليوسف». كانت مجلة مصورة، تهتم بالصور والأخبار الخفيفة. كانت بيننا منافسة فى جذب القراء، وكنا نتبادل «ضربات» الصحافة، ولكنها كانت منافسة شريفة. فقد كان كل منا يدفع الآخر لتقديم الأفضل.

 

أنتقل الآن لمجلة صباح الخير الوليدة.. ما قصة إصدار هذا المولود الجديد الذى صدر على يديك سيدتي؟

 

(ترتسم على وجهها ابتسامة دافئة، وكأنها تتذكر طفلًا آخر أتى إلى حياتها ليملأها بهجة)

 «صباح الخير» لم تكن مجرد مجلة، بل كانت حلمًا جديدًا، وشعاعًا من النور فى زمن لم يكن سهلًا. بعد أن سلمت ابنى إحسان عبدالقدوس مسئولية «روزاليوسف»، شعرت أن هناك فراغًا فى قلبى، وأن لدى الكثير لأقدمه للصحافة المصرية.

 

كانت «روزاليوسف» قد أصبحت مجلة سياسية جادة، لكننى شعرت أن الشباب بحاجة إلى مجلة خفيفة، قريبة من قلوبهم، تتحدث عن قضاياهم بأسلوب مختلف.

 

ومن هنا، جاءت فكرة «صباح الخير». أردت أن تكون مجلة «خفيفة الظل»، تتناول القضايا الاجتماعية والفنية والفكرية بأسلوب ساخر وبسيط، لتصل إلى شريحة أوسع من القراء، وخاصة الشباب.

 

لقد كانت «صباح الخير» بمثابة «ابنة» لـ«روزاليوسف». كانت تحمل نفس الروح الجريئة، لكنها بأسلوب أكثر حداثة وبساطة.

 

 

 

 لماذا «صباح الخير»؟

اخترت هذا الاسم تحديدًا لأنه يحمل التفاؤل والأمل. كنت أؤمن بأن الصحافة يجب أن تكون مصدرًا للطاقة الإيجابية، وأنها يجب أن تبدأ كل يوم بتحية صادقة للقارئ.

 

وقد كان إطلاقها ناجحًا جدًا، حيث استطاعت أن تجذب جيلًا جديدًا من القراء، وتؤسس لمدرسة صحفية مختلفة.

 

لقد كانت «صباح الخير» برهانًا على أن الصحافة لا يجب أن تكون دائمًا جادة، بل يمكن أن تكون خفيفة ومؤثرة فى آن واحد.

 

وماذا عن فن الكاريكاتير الذى تميزت به «روزاليوسف» وصباح الخير على مر العقود لماذا كان الكاريكاتير دوما بطلا رئيسيا فى «روزاليوسف» وصباح الخير.؟

 

(ترتسم على وجهها ابتسامة عريضة، كأنها تتذكر ريشة فنان ترسم ملامح مصر)

 فن الكاريكاتير لم يكن مجرد إضافة فى «روزاليوسف» و«صباح الخير»، بل كان جزءًا أساسيًا من هويتنا وروحنا. كان هو لساننا الذى يعجز عن الكلام.

 

فى زمن كانت فيه الصحافة تخضع للرقابة الصارمة، كانت الكلمة أحيانًا تُقيّد. لكن، ريشة الفنان كانت قادرة على تجاوز كل القيود.

 

فالصورة الكاريكاتيرية تستطيع أن تقول ما لا تستطيع الكلمات أن تقوله. تستطيع أن تنتقد سياسيًا، وتفضح فسادًا، وتسخر من موقف، دون أن تُمسك عليك الحكومة أى دليل.

 

لقد كان الكاريكاتير هو صوت الشعب الصامت. فعندما كان السياسى يتحدث فى البرلمان بلغة معقدة، كان فنان الكاريكاتير يلخص كل كلماته فى رسمة واحدة بسيطة، فيفهمها القارئ العادى.

 

وكانت «روزاليوسف» و«صباح الخير» تضمان كوكبة من أعظم رسامى الكاريكاتير فى مصر، مثل صاروخان، وصلاح جاهين، وجمعة فرحات، وغيرهم الكثير. كانت رسوماتهم تعبر عن نبض الشارع، وتلامس هموم الناس.

 

لهذا السبب، كان فن الكاريكاتير بطلًا رئيسيًا فى إصداراتنا. كان هو صوتنا الذى يصل إلى كل بيت، ويلامس كل قلب وعقل.

 

وجورج البهجورى..؟

‎(تنظر إليّ بعينين تلمعان بالحب والتقدير، ثم تقول بصوتٍ ملىء بالدفء):

آه، بهجورى... جورج البهجوري! لم يكن مجرد فنان كاريكاتير، بل كان حالة فنية خاصة، وروحًا مستقلة، وهو واحد من أبرز من رسموا فى مجلة صباح الخير.

 

كانت ريشة بهجورى تمثل فلسفة خاصة فى فن الكاريكاتير. كانت لديه قدرة فريدة على تحويل الفكرة المعقدة إلى رسمة بسيطة، لكنها عميقة المعنى.

 

لم يكن بهجورى يكتفى بمجرد رسم شخصيات سياسية، بل كان يغوص فى أعماق النفس البشرية والمجتمع المصرى. كانت رسوماته تتحدث عن الفلاح، والعامل، والموظف البسيط، وتلامس همومهم اليومية.

 

كانت رسوماته مليئة بالرمزية، لكنها كانت واضحة جدًا للقارئ العادى. فقد كان يمتلك موهبة فذة فى استخدام الخطوط والألوان للتعبير عن المشاعر والأفكار.

 

ننتقل إلى فترة ثورة يوليو 1952 وكيف كانت «روزاليوسف» شاهد عيان على ثورة يوليو؟

(تبتسم ابتسامة حكيمة، كأنها تتذكر لحظة تاريخية فارقة، وتتغير نبرة صوتها لتعكس أهمية الحدث) يا ولدى، لقد عشت الكثير من الثورات والتحولات، لكن ثورة يوليو 1952 كانت مختلفة. لقد كانت لحظة مفصلية فى تاريخ مصر، و«روزاليوسف» كانت فى قلب الحدث، شاهدة ومؤثرة.

 

لم تكن ثورة يوليو مفاجأة بالنسبة لنا. لقد كانت «روزاليوسف» ترصد وتنتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية المتردية منذ سنوات طويلة. كانت صفحاتنا مليئة بمقالات تفضح فساد العهد الملكى، وتدعو إلى التغيير والإصلاح.

 

لذلك، عندما قامت الثورة، كنا من أوائل من رحبوا بها. رأينا فيها الأمل فى تحقيق ما كنا ننادى به طوال حياتنا. لقد كان ضباط الثورة، أو «الضباط الأحرار» كما سموا أنفسهم، يقرأون «روزاليوسف» ويتأثرون بما نكتبه.

 

لقد كانت «روزاليوسف» بمثابة مرآة تعكس آمال وتطلعات الشعب المصرى، وعندما جاءت الثورة لتُحقق هذه الآمال، كنا نؤمن أنها ثورة الشعب.

 

لم نكتفِ بالترحيب بالثورة، بل قمنا بدور فاعل فى دعمها وتأييدها.

الدعم المعنوى: كانت صفحات «روزاليوسف» تمتلئ بالمقالات التى تشرح أهداف الثورة، وتُعرف الناس بـ«الضباط الأحرار»، وتدعو الشعب إلى الوقوف صفًا واحدًا خلفهم.

 

الصحافة التنويرية: ساهمنا فى نشر الوعى بين الناس، وشرح الأسباب التى أدت إلى قيام الثورة، وكنا نرى أن دورنا هو مساعدة الشعب على فهم ما يحدث فى بلادهم.

 

الرقابة على السلطة: لم نكن أبواقًا للسلطة الجديدة، بل كنا نراقب أداءها، وننتقدها إذا لزم الأمر، لأننا نؤمن بأن الصحافة يجب أن تكون ضمير الأمة.

 

لم تكن «روزاليوسف» مجرد صحيفة، بل كانت جزءًا من النسيج الوطنى، ولذلك كان من الطبيعى أن تكون شاهدًا ومشاركًا فى هذا الحدث التاريخى العظيم.

 

كيف كانت العلاقة بينك وبين الرئيس جمال عبدالناصر؟

 هذا سؤال مهم جدًا. صحيح أن العلاقة بين «روزاليوسف» وجمال عبدالناصر كانت معقدة. لقد كنت أنا فى ذلك الوقت قد تفرغت للإدارة، وابنى إحسان عبدالقدوس هو من كان يشغل منصب رئيس التحرير. لكن، كانت هناك بالفعل مواجهات صحفية حامية بين «روزاليوسف» والنظام الناصرى، كان إحسان هو بطلها. لقد كانت مقالاته تثير غضب النظام، مما أدى فى بعض الأحيان إلى مصادرة أعداد المجلة وسجنه أكثر من مرة. هذا الموقف المبدئى كان سببًا فى تأميم المؤسسة لاحقًا.

 

هل هذا التوتر كان السبب فى تأميم مؤسسة «روزاليوسف»؟

(تبتسم ابتسامة حزينة، كأنها تتذكر نهاية حقبة)

 لقد كانت تلك هى النهاية الحتمية. لم يكن مجرد توتر، بل كان صراعًا بين إرادتين: إرادة السلطة فى التحكم فى كل شىء، وإرادة الصحافة فى أن تظل حرة.

 

كيف تابعت «روزاليوسف» نكسة 1967ثم الانتصار العظيم فى أكتوبر 1973؟

(تنظر إليّ بعينين حزينتين عندما أتحدث عن النكسة، ثم تلمع عيناها بالفخر عندما أذكر أكتوبر)

 إن تلك الفترة من التاريخ المصرى لم تكن سهلة على أحد، لا على الشعب ولا على الصحافة.

 

في عام 1967، كنت قد سلمت الراية، وأصبحت «روزاليوسف» مؤسسة قومية. لم أعد أتحكم فى سياستها التحريرية بشكل مباشر، ولكننى كنت أقرأها وأتابعها بشغف.

 

لقد كانت «النكسة» صدمة كبيرة لنا جميعًا. لقد كانت هزيمةً قاسيةً لم نكن نتوقعها. فى البداية، كانت الصحافة، ومنها «روزاليوسف»، تحاول أن تستوعب ما حدث. لقد كانت هناك حالة من الصمت والحزن والخوف، ولكن سرعان ما بدأت الأقلام تعود إلى عملها.

 

لقد كانت «روزاليوسف» فى تلك الفترة تعكس حالة الشارع المصرى: الألم، لكن أيضًا الإرادة فى النهوض مرة أخرى. كانت صفحاتها مليئة بالمقالات التى تدعو إلى الوحدة، وتشدد على ضرورة الصمود، وتذكر الناس بأن هذه الهزيمة ليست نهاية المطاف. لقد كانت «روزاليوسف» فى ذلك الوقت بمثابة صوت الضمير الوطنى الذى يرفض الاستسلام.

 

 1973أما فى أكتوبر 1973، فقد كانت لحظة مختلفة تمامًا. كانت فرحة الانتصار لا توصف. لقد كانت «روزاليوسف» بمثابة مرآة تعكس هذه الفرحة.

 

كانت صفحاتها تمتلئ بالصور والقصص عن عبور قناة السويس، عن تدمير خط بارليف، عن شجاعة الجندى المصرى. لقد كانت تحتفل بالنصر، لكنها لم تنسَ الأبطال الذين صنعوا هذا الانتصار.

 

لقد كانت «روزاليوسف» فى تلك الفترة تؤكد على أن الإرادة المصرية لا تُقهر، وأن الشعب المصرى قادر على تحقيق المعجزات عندما يقرر ذلك.

 

لقد كانت هذه الفترات الصعبة والمشرقة من تاريخ مصر، شاهدًا على أن «روزاليوسف»، سواء كانت خاصة أو قومية، ستظل دائمًا جزءًا من النسيج الوطنى، تعبر عن آمال الشعب وآلامه.

 

 

 

وماذا عن اتفاقية السلام وكيف رأت «روزاليوسف» زيارة السادات للقدس؟

(تغمض عينيها للحظة، كأنها تستعيد صورة تلك الفترة بكل تعقيداتها، ثم تقول بهدوء):

 تلك كانت فترة فارقة لمصر، وللصحافة المصرية. وكما تعلم، فبعد أن أصبحت «روزاليوسف» مؤسسة قومية، لم تعد سياساتها التحريرية تحت إشرافى المباشر.

 

لكن، من متابعتى لما كان ينشر، يمكننى أن أقول لك إن زيارة السادات للقدس ثم اتفاقية السلام، كانت قضية معقدة، ورأت فيها «روزاليوسف» ما رآه الشعب المصرى.

 

الزيارة: خطوة شجاعة أم مغامرة خطرة؟

لقد كانت زيارة السادات للقدس عام 1977 حدثًا لا مثيل له. كان العالم كله يتابعه. وقد رأى بعض الصحفيين فى «روزاليوسف» فى تلك الزيارة خطوة شجاعة من رجل الحرب، الذى قرر أن يطرق باب السلام، حتى لو كان هذا الباب فى «بيت العدو» كما كان يُطلق عليه.

 

لقد كانت المجلة تعكس التوجه الرسمى للدولة، الذى كان يرى فى هذه الخطوة محاولة لإنهاء حالة «اللا سلم واللا حرب»، ودفعة قوية من أجل استعادة الأرض.

 

لكن، لم تكن هذه هى الصورة الوحيدة. فداخل المجلة، كما فى الشارع المصرى والعربى، كانت هناك أصوات ترى أن هذه الزيارة كانت بمثابة خروج على الصف العربى، وتنازلًا عن بعض الثوابت. كانت المجلة تحاول أن توازن بين تأييدها لتوجه الدولة، وبين التعبير عن بعض التساؤلات التى كانت تدور فى أذهان القراء.

 

أما اتفاقية السلام فى عام 1979، فقد كانت هى تتويج هذه الرحلة. لقد أيدت «روزاليوسف» هذه الاتفاقية، ورأت فيها إنجازًا وطنيًا يسمح لمصر بالتركيز على التنمية الداخلية، واستعادة سيناء.

لكن، فى نفس الوقت، كانت تدرك أن هذه الاتفاقية لم تكن سهلة، وأن لها تبعات إقليمية، خاصة مع ردة الفعل العربية الرافضة.

 

لقد كانت «روزاليوسف» فى تلك الفترة تعكس حالة من البحث عن الذات فى زمن ما بعد الحرب. كانت تؤيد السلام، لكنها لم تنسَ أبدًا أن هذا السلام جاء بعد حرب عظيمة، صنعها أبطال أكتوبر.

 

فقد كانت «روزاليوسف» فى تلك الفترة تحت إدارة الدولة، ولذلك كان توجهها العام يميل إلى دعم سياسات الرئيس السادات.

 

ما المانشيت الصحفى الذى تكتبه «روزاليوسف» بنفسها فى أعقاب اغتيال السادات لو كانت «روزاليوسف» تحت إدارتك وإدارة نجلك إحسان عبدالقدوس؟

(تبدو على وجهها ملامح الحزن، وتتحدث بصوتٍ خافت مليء بالأسى)

 إنه لسؤال مؤلم. فى مثل هذه اللحظات، لا يهم الخلاف السياسى، ولا تعلو سوى قيمة الوطن.  لو كان الأمر بيدى أنا وابنى إحسان، لكان المانشيت الصحفى ليس مجرد خبر، بل صرخة فى وجه العنف والظلام.

 

سيكون مانشيتنا الصحفي: الرصاصة التى قتلت مصر!

السادات يموت... والوطن يبحث عن طريقه.

 

لماذا هذا المانشيت؟

«الرصاصة التى قتلت مصر!»: لأننا نؤمن بأن اغتيال زعيم ليس مجرد اغتيال لشخص، بل هو اغتيال للمستقبل، وتدمير للوحدة الوطنية. إن العنف السياسى هو أول رصاصة تُطلق على جسد الوطن. هذا العنوان يعكس إيماننا بأن العنف لا يمكن أن يكون أداة للتغيير.

 

ننتقل سويا إلى عهد مبارك كيف كان شكل الصحافة المصرية فى عهد مبارك؟

(ترتسم على وجهها علامات التعب، وتتنهد تنهيدة ثقيلة، كأنها تتحدث عن مرحلة لم تحبها كثيرًا).  لقد كانت فترة طويلة. أكثر من ثلاثين عامًا. وقد تغير فيها شكل الصحافة المصرية كثيرًا.

 

فى بداية عهد مبارك، استمرت الصحافة القومية، ومنها «روزاليوسف»، فى التعبير عن وجهة النظر الرسمية للدولة. كان هناك هامش من الحرية، لكنه كان هامشًا محدودًا، وكان الخط الأحمر دائمًا هو النظام الحاكم.

 

كانت هناك محاولات لتطوير الصحافة، لكنها كانت محاولات منضبطة ومحدودة, فى المقابل، بدأت صحافة المعارضة فى الظهور بشكل أقوى، مثل «الأهالي» و«الشعب». كانت هذه الصحف تمثل صوتًا مختلفًا، وكانت تنتقد سياسات الحكومة، وتكشف الفساد، وتطالب بالمزيد من الحريات.

 

ولكن، لم تكن رحلتها سهلة. فقد كانت تتعرض للملاحقة، والمصادرة، والمضايقات، وكان هناك سقف واضح لحريتها..‎ 

 

هل لك أن تكتبى مانشيت عن ثورتى 25 يناير و 30 يونيو؟

2011لو كنت حاضرة فى هذا اليوم، لكان مانشيت «روزاليوسف» كالآتي:

شباب مصر يصنع المستقبل... وسقوط جدار الخوف

 

لماذا هذا المانشيت؟

لقد كانت ثورة يناير ثورة من نوع جديد. لم يقدها سياسيون أو أحزاب، بل قادها الشباب، مستخدمين أدوات جديدة مثل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى. لقد كانت الثورة بمثابة عودة لروح ثورة 1919، التى كانت ثورة شعبية حقيقية.

 

كان المانشيت سيعبر عن فرحتنا بكسر جدار الخوف الذى سيطر على المصريين لعقود طويلة. كنا سنرى أن هذه الثورة هى فرصة لعودة الصحافة إلى دورها الحقيقى كصوت للشعب.

 

 302013أما عن ثورة 30 يونيو، فالمشهد كان مختلفًا ومعقدًا. لقد كانت الثورة رد فعل على فترة صعبة شهدت انقسامات حادة.

 

لو كانت «روزاليوسف» فى أوج قوتها واستقلاليتها، لكان مانشيتنا الصحفي:

الشعب ينتصر لإرادته... ومصر تتحدى الانقسام

 

لماذا هذا المانشيت؟

لقد كانت ثورة 30 يونيو انتصارًا لإرادة الشعب الذى نزل بالملايين إلى الشارع، مطالبًا بتصحيح المسار. كان المانشيت سيعبر عن إيماننا بأن الشعب هو صاحب الكلمة الأخيرة، وهو من يقرر مصير الوطن.

 

كنا سنؤكد أن هذا الانتصار لمصر كلها، وأنه فرصة لتجاوز مرحلة الانقسام، والعمل على إعادة بناء الوطن.

 

شكرًا لكِ وأطلب منكِ كلمة أخيرة لمؤسستك «روزاليوسف» ونحن نحتفل بعيد ميلادها المئوي؟

 

(ترفع رأسها وتنظر إلى الأفق، ثم تقول بصوتٍ يملؤه الفخر والاعتزاز والحنين)

 بعد 100 عام من المعارك والأحلام، أرى «روزاليوسف» ليست مجرد مؤسسة، بل هى فكرة. هى فكرة أن الكلمة يمكن أن تكون أقوى من أى قوة. لقد بدأتُ حلمى بـ12 صفحة، وبقلم يدافع عن الحقيقة، وعن كرامة الإنسان. لم أكن أملك المال، لكننى كنت أملك الإيمان.

كلمتى الأخيرة هي:

إلى كل من عمل فى «روزاليوسف» منذ البداية وحتى اليوم، وإلى كل قارئ آمن بنا…

لا تنسوا أن الصحافة ليست مهنة للبحث عن الشهرة، ولا هى سلعة تُباع وتُشترى. الصحافة هى ضمير الأمة. هى صوت الحق، ومرآة الشعب، وسوط على الفساد.

 

عليكم أن تكونوا دائمًا منحازين للحقيقة، حتى لو كانت مؤلمة. لا تخشوا سوى ضمائركم، ولا تطمعوا فى سوى رضا شعبكم.

أنا اليوم، أرى أن «روزاليوسف» روحها ما زالت حية فى كل قلم شريف، وفى كل كلمة حرة.

كل عام و«روزاليوسف» بخير، وكل عام ومصر حرة بكلمتها.