الثلاثاء 13 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أنا وقـلمى.. «ترامب» وقناة السويس

أنا وقـلمى.. «ترامب» وقناة السويس

أثار الرئيس الأمريكى«دونالد ترامب» ضجة واسعة أخرى عقب تصريحه الذى كتبه على منصة «تروث سوشيال» الذى تضمن السماح للسفن الأمريكية -التجارية والعسكرية على حد سواء- بالمرور مجاناً عبر قناتى بنما والسويس، مبرراً ذلك بأن هاتين القناتين ما كانتا لتوجدا لوﻻ الوﻻيات المتحدة الأمريكية، أستطيع أن أتفهم قليلاً هذا الطرح بالنسبة لقناة «بنما» عندما مارس الرئيس الأمريكى الحالى -وبعد نجاحه فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة- ضغوطاً كبيرة على السلطات البنمية لعبور السفن الأمريكية قناة بنما دون فرض رسوم مرور عليها، لأن ذلك من شأنه توفير ملايين الدوﻻرات سنوياً على الحكومة الأمريكية، كما أنه من الظلم أن تكون الوﻻيات المتحدة في وضع يسمح لها بالدفاع عن الممر المائى الحيوى وفى نفس الوقت تدفع رسوماً لاستخدامه، أما بالنسبة لقناة «السويس المصرية» الوضع مختلف، فهى نشأت منذ أكثر من «200» عام - أى قبل أن يولد هذا الترامب - بأيادٍ ودماء وأرواح مصرية خالصة، إلى أن خرجت إلى النور لتكون ممراً وشرياناً مهماً وحيوياً للتجارة العالمية، ناهيك عن أن - وحسب الموقع الرسمى لهيئة قناة السويس- هناك إجماع من المؤرخين على أن فرعون مصر «سنوسرت الثالث من الأسرة الثانية عشرة قبل الميلاد» كان أول من فكر فى شق قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، وذلك بهدف توطيد التجارة وتيسير المواصلات بين الشرق والغرب، وما زالت آثار هذه القناة موجودة حتى اليوم فى منطقة جنيفة بالقرب من مدينة السويس شرق مصر، كما كشفت الهيئة أنه فى عام «610» قبل الميلاد امتلأت هذه القناة بالأتربة وتكوَّن فيها سد أرضى عزل البحيرات المُرة عن البحر الأحمر، لافتقارها إلى الصيانة فترة طويلة من الزمان، بالإضافة إلى قيام الفرعون « نخاو الثانى»  - المعروف باسم نيقوس - ببذل جهد كبير لإعادة شق القناة، ونجح بالفعل فى توصيل النيل بالبحيرات المُرة، ولكنه فشل في توصيلها بالبحر الأحمر، وفى عام «510» قبل الميلاد اهتم ملك الفرس «دارا الأول» بالقناة، فأعاد ربط النيل بالبحيرات المرة غير أنه لم ينجح - كسلفه - فى توصيل البحيرات المُرة بالبحر الأحمر إﻻ بواسطة قنوات صغيرة لم تكن صالحة للملاحة إﻻ فى موسم فيضان النيل فقط، وفى عام «285» قبل الميلاد تغلّب «بطليموس الثانى» على كل الصعوبات التى اعترضت سبل سابقيه، فتمكن من إعادة الملاحة إلى القناة بأكملها، ورأى الرومان إعادة استخدام القناة للملاحة لضرورة التجارة، فحفر الإمبراطور الرومانى «تراجان» قناة جديدة فى العام «98» ميلادية تبدأ من القاهرة عند «فُم الخليج» وتنتهى فى العباسية، حيث تتصل بالفرع القديم عند الزقازيق بمحافظة الشرقية، وفى عام «641» ميلادية أطلق «عمرو بن العاص» عليها اسم قناة «أمير المؤمنين»، وفى عام «1820» أمر حاكم مصر وقتها «محمد على» بإصلاح جزء من القناة لرى المنطقة الواقعة بين العباسية والقصاصين بمنطقة الإسماعيلية، لكن التاريخ الفعلى لقناة السويس بدأ من فرمان الامتياز الأول فى العام «1854» وما تلاه من فرامانات وصوﻻً إلى عملية الحفر التى بدأت فى «25» أبريل «1859» حيث ضُرِبت الفأس الأولى فى أعمال حفر قناة السويس فى مدينة بورسعيد بمشاركة «20» ألف عامل مصرى وصوﻻً إلى انتهاء أعمال الحفر فى «18» أغسطس من العام «1869» وأُعلِن عن حفل افتتاح أسطورى بحضور ستة آﻻف مدعو، وعبرت القناة فى ذلك اليوم «17» نوفمبر من العام «1896» السفينة «ايغيل» وعلى متنها كبار المدعوين، تتبعها «77» سفينة، منها «50» سفينة حربية، وبعد «87» عاماً أعلن الرئيس «جمال عبدالناصر» فى خطابه فى مدينة الإسكندرية فى «26» يوليو «1956» قرار تأميم قناة السويس وتعويض المساهمين وحملة حصص التأسيس عما يملكون من أسهم وحصص بقيمتها، مع التزام الحكومة المصرية بسداد هذا التعويض.



وفى العام «2015» افتتحت السلطات المصرية قناة السويس الجديدة، بهدف توسيع المجرى الملاحى، وتقليل زمن العبور واستيعاب أكبر عدد ممكن من السفن.. خلاصة هذا السرد والعرض لتاريخ نشأة قناة السويس، أن « ترامب» فى حاجة ماسة إلى قراءة التاريخ، ويجب أن يعلم أن مصر لن تقبل بأى ابتزاز أو ضغوط، وأن هناك قواعد دولية يجب احترامها، وأن هناك قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم «30» لسنة «1957» لتحديد رسوم عبور السفن يجب مراعاته.. وتحيا مصر..