الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
إجازة عيد القيامة بين مبارك والبابا شنودة

إجازة عيد القيامة بين مبارك والبابا شنودة

هل رفض البابا شنودة اقتراح الرئيس السابق حسنى مبارك أن يكون يوم عيد القيامة إجازة رسمية؟ هذا السؤال تم تداوله على صفحات وسائل التواصل الاجتماعى، الأغلبية شككت فى الواقعة دون أن يكون لديها ما يثبت صحة وجهة نظرها سوى أنه من غير المعقول أن يرفض البابا المتنيح هذا العرض من الرئيس الراحل، والبعض منهم قال إن مبارك لم يعرض شيئًا على البابا واكتفى بمنح إجازة عيد الميلاد، والأقلية كتبت مؤكدة رفض البابا دون وجود سند لديها يدعم صحة الكلام، لكن الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أكد الواقعة ونشرها قبل وفاته فى كتاب بعنوان «مقاربة مع ثلاثة رؤساء ومشير» والصادر عن دار الأمل للطباعة والنشر عام 2017، كان الدكتور رفعت يحكى فى كتابه عن علاقته الوطيدة بالبابا شنودة وصداقته معه التى امتدت سنوات طويلة حاز فيها ثقته ومحبته، وهو ما جعل الرئيس مبارك يحّمله رسائل إلى البابا، ويستعين به فى التواصل معه فى بعض القضايا، والعكس أيضًا، حيث كان يحمل رسائل من البابا الى الرئيس مبارك، وكان يبلغها له بشكل مباشر أو عبر د. زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت، وفى الكتاب يحكى الدكتور رفعت هذه الواقعة: «من طرائف الوساطة التليفونية أن قداسة البابا قال وهو يضحك كعادته شاكيًا.. تصور فيه أستاذًا بكلية الطب يصمم أن يمتحن الطلبة الأقباط شفوى يوم عيد الميلاد المجيد، وأنه كان بيمتحن طالب مسيحى شفوى وسأله عن اسمه فأجاب مجدى، فسأله: مجدى إيه؟ قال: إبراهيم، قال له: إبراهيم إيه؟ فأجابه: كامل، وضّيق الأستاذ على الطالب الخناق فاضطر الأخير يفصح عن اسم أبى الجد وأجاب بطاريس فطرده الأستاذ قائلا: أنا بسقط بطرس واحد عايزنى أنجح بطاريس، ثم ضحك البابا بمرارة كبيرة».. ويضيف الدكتور رفعت: «حكيت القصة للرئيس تليفونيًا فقال كلم د. حسين كامل بهاء الدين يشوف حل مع الأستاذ ده وبلاش امتحانات يوم عيد الأقباط، واتصلت بالدكتور حسين وكان وقتها «وزير تعليم وتعليم عالى» فاعتذر قائلاً: «هذا الدكتور كان أستاذى، وفى الطب نحن نحترم الأقدميات وأنا لا أستطيع أن أجبره على شىء»، ويكمل الدكتور رفعت: «نقلت الواقعة إلى د. زكريا عزمى.. وبعدها بيوم كلمنى وقال خلاص يا سيدى الرئيس سيصدر مرسومًا باعتبار عيد الميلاد إجازة رسمية وممكن كمان نعمل عيد القيامة إجازة.. واتصلت بقداسة البابا وكان سعيدا وقال ستذكر لك الكنيسة أنك صاحب هذا العيد.. أما عيد القيامة فقد اعترض البابا قائلاً: هناك خلافات حول القيامة بين المسلمين والأقباط، واتصلت بالدكتور زكريا فقال: والله البابا طلع أشطر مننا»، هذا ما حكاه الدكتور رفعت فى كتابه ولا أظن أنه سيختلق الواقعة، وإذا صحت الرواية فربما كان البابا لا يريد أن تصدر من التيارات الإرهابية والمتطرفة وكانت وقتها قوية ردود أفعال تضر بالأقباط وتحرج النظام، ولهذا اكتفى بإجازة عيد الميلاد مؤقتًا حتى تكون هناك ظروف مواتية تسمح بإجازة عيد القيامة، وأيًا ما كان السبب الذى دعا البابا شنودة لاتخاذ هذا الموقف فإنه يوجد الآن فارق كبير بين عام 2002 عندما أصدر الرئيس مبارك مرسومه بإجازة عيد الميلاد وما بين الوقت الحالى، ففى الثلاثة وعشرين عامًا التى مضت جرت فى النهر مياه كثيرة، وأصبح معظم المجتمع متقبلاً لأفكار لم يكن يقبلها من قبل بتأثير من التيارات المتطرفة والسلفية التى كانت تسيطر على عقول العوام وتوجهها، مثل بناء الكنائس التى لم تعد تثير حفيظة بسطاء المسلمين، وكانت منابر التطرف وقتها تثير الفتنة وتصدر فتاوى تخالف رحمة الإسلام ومحبته، فقد كانوا ومازالوا- وإن كان صوتهم أصبح خافتًا- يحرمون تهنئة المسيحيين بأعيادهم رغم فتوى الأزهر بأن تهنئة المسيحيين بأعيادهم ومناسباتهم من البر المطلوب، الآن أصبح الرئيس يزور الكاتدرائية وقت قداس عيد الميلاد مهنئًا، وهو ما لم يفعله قبله أى رئيس، وتقبل المجتمع هذه الخطوة وباركها ورحب بها أغلبية المسلمين، أعتقد أنه آن الأوان لأن يصدر مرسوم بجعل يوم عيد القيامة إجازة رسمية، وهى خطوة مهمة على طريق المواطنة، وتحقيقًا للدستور الذى ينص على المساواة بين جميع المواطنين دون النظر إلى عقائدهم وأديانهم.