
الفت سعد
أحلف بسماها .. معركة حنكوراب «1»
وصلتنى كما وصلت إلى كل المعنيين بالشأن البيئى من الإعلام أو منظمات المجتمع المدنى، نداءات واستغاثات من نشطاء بيئيين ومهتمين بالطبيعة لإنقاذ شاطئ حنكوراب بمحمية وادى الجمال على البحر الأحمر من تعديات قام بها مستثمرون استولوا على الشاطئ، وقد نجحت الحملة التى أطلقتها جمعية حماية الطبيعة تحت عنوان «أنقذوا حنكوراب» فى خلق رأى عام ضد هذا الاعتداء.. حيث تمثل منطقة حنكوراب أهم المواقع الطبيعية المصنفة عالميا، وتعد من أكثر الأنظمة البيئية تميزًا حيث تضم أندر الشعاب المرجانية والدلافين وغابات المانجروف، أماكن تعشيش السلاحف المهددة بالانقراض ومنطقة تجمع الطيور المهاجرة والمقيمة، حتى إن صحيفة ميرور البريطانية اختارت شاطئ حنكوراب ضمن أجمل 19 شاطئا على مستوى العالم.
المعلومات التى انتشرت كالنار فى الهشيم أشارت إلى محاولات فرض أصحاب الأعمال من خلال إحدى الشركات الاستثمارية نفوذهم بتواجد الشركة فى مساحات بعينها لإقامة مشروعات سياحية من فنادق ومارينا ويخوت سياحية، ورغم اتخاذ الإجراءات القانونية لمنع الشركة والقائمين على المشروع من التواجد أو القيام من أعمال الحفر وإزالة الخيام التابعة للشركة، إلا أنها عادت بقرار تخصيص لنفس مساحة الأرض بالمحمية الطبيعية، بل فرضت رسم دخول قيمته 5 دولارات.
ما أكد صحة المعلومات طلب الإحاطة الذى تقدمت به النائبة مها عبدالناصر عضو مجلس النواب عن الحزب المصرى الديمقراطى موجها إلى رئيس مجلس الوزراء ووزيرى السياحة والآثار والبيئة بشأن التعديات السافرة على محمية وادى الجمال التى تمثل خطرًا بيئيًا جسيما وتخالف القوانين المنظمة للمحميات الطبيعية، وتساءلت النائبة فى طلب الإحاطة عن مدى قدرة الجهات المعنية على فرض سيادة القانون ومنع أى مخالفات تمس الثروات القومية للبلاد والتصدى لهيمنة المال على المناطق المحمية النادرة المملوكة للدولة والشعب، لأن الإجراءات القانونية ضد المخالفين لم تكن كافية لردعهم، بل استمروا فى التواجد مما يتطلب مراجعة مدى فاعلية القوانين الحالية والثغرات التى يمكن استغلالها للتحايل على تلك القوانين.
ردا على حملات منظمات المجتمع المدنى للدفاع عن حنكوراب وتأثيرها الكبير على مواقع التواصل الاجتماعى أصدرت وزارة البيئة بيانا أكدت خلاله على أن المحميات الطبيعية من أملاك الدولة وأن جميع الأنشطة المسموح بممارستها تتم وفق ضوابط وقوانين منظمة بما لا يخل أو يؤدى إلى الإضرار بالموارد والموائل الطبيعية بالمحميات، وأشار البيان إلى أن منطقة حنكوراب من أهم المقاصد السياحية ذات الطابع البيئى، ما يتطلب القيام بشكل دورى بتطوير البنية التحتية بالشكل الذى يضمن تحقيق أقصى معدلات السلامة للزوار والحفاظ على الموارد الطبيعية، وأنه يتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية حيال أى مخالفات تتم بنطاق المحميات الطبيعية بما يكفل صونها والحفاظ عليها.
إلا أن هذا البيان لم يستجب أو يرد على تساؤلات أعضاء البرلمان أو المنظمات الأهلية ورجل الشارع، بل زادت الشكوك والريبة فى تفوق الفكر الاستثمارى على قوانين الدولة، ما دعا جمعية المكتب العربى للشباب والبيئة إلى إقامة حوار مجتمعى حول الوضع البيئى فى خليج حنكوراب تم خلاله دعوة الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة التى أوضحت بكل شفافية وضع حنكوراب على أرض الواقع.. وللحق أن الدكتور عماد الدين عدلى عند وقوع أى حدث يضر بالبيئة فى مصر أو المنطقة العربية يحرص على دعوة جميع الجهات المعنية من مسئولين ونواب وجمعيات أهلية وخبراء وإعلام.. الحوار المجتمعى كان إيجابيا للغاية، الأمر الذى يدفع فى المستقبل لمراجعة مخططات التطوير وفرض الرقابة الشعبية على المحميات الطبيعية وهو ما نتابعه فى المقال القادم.