الأربعاء 2 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. السيناريو البديل للكمين الأمريكى..  القمة العربية غير العادية..  ودعوة إسرائيل للحرب!

مصر أولا.. السيناريو البديل للكمين الأمريكى.. القمة العربية غير العادية.. ودعوة إسرائيل للحرب!

فى ظل التصعيد الخطير الذى يشهده قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وإلى الآن، وما يتعرض له الشعب الفلسطينى من عدوان متواصل.. كان من الطبيعى أن تنعقد القمة العربية الطارئة بالقاهرة بدعوة من مصر وبالتنسيق مع البحرين، استجابةً لطلب دولة فلسطين بعد العديد من الاتفاقات والإخفاقات دون الوصول لحل حاسم.



 

جاءت هذه القمة فى توقيت شديد الحساسية.. سواء بسبب تزامنها مع تصاعد العدوان الإسرائيلى، ووجود مخططات دولية تهدد القضية الفلسطينية، أو بسبب ما تم الإفصاح عنه من خلال مشاريع تهجير الفلسطينيين وإعادة تشكيل المشهد السياسى فى غزة وفق أجندات دولية سابقة التجهيز بين أروقة مراكز صناعة التفكير الأمريكية.

وقد أثارت نتائج القمة تباينات واضحة فى ردود الأفعال بين مختلف الأطراف ذات الصلة، إذ جاء الترحيب الفلسطينى.. فى مقابل الرفض الإسرائيلى على مخرجات القمة، فيما أبدت بعض القوى الدولية تحفظها تجاه بعض القرارات التى اتخذها القادة العرب. 

رد الفعل الإسرائيلى المتعنت.. 

أبدت إسرائيل رفضها الصريح للتوصيات الختامية للقمة العربية غير العادية، خاصة رفضها  تبنى القمة للخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة. واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية البيان الختامى للقمة بأنه (لم يعكس الواقع الجديد بعد السابع من أكتوبر 2023) فى إشارة إلى تطورات العملية العسكرية الإسرائيلية ضد غزة. كما هاجمت إسرائيل أى محاولات عربية للتدخل فى الوضع الفلسطينى، واعتبرت أن الحل يجب أن يكون وفق «المنظور الأمنى الإسرائيلى»، وليس من خلال مبادرات عربية أو دولية. وصرح بنيامين نتنياهو «رئيس الوزراء الإسرائيلى»: (أنه لديهم القوة للعودة للحرب، مؤكداً أن الجيش والسلك الدبلوماسى يقومان بعمل رائع)، وأضاف: (سنستعيد المحتجزين وسننتصر فى الحرب). 

ترفض إسرائيل توصيات القمة العربية لعدة أسباب، منها:

1 - إفشال مخططاتها المزعومة حول غزة، وسعيها لفرض واقع جديد فى القطاع، سواء عبر تهجير الشعب الفلسطينى إلى سيناء أو من خلال فرض إدارة دولية على قطاع غزة. وقد بددت القمة العربية هذه المخططات بتأكيدها رفض أى شكل من أشكال التهجير أو فرض الوصاية الدولية.

2 - رفض إسرائيل للمبادرة المصرية لإعادة الإعمار.. لرغبتها فى أن تكون هى الطرف الوحيد القادر على التحكم فى إعادة إعمار غزة، عبر فرض شروط أمنية واقتصادية تمنع الفصائل الفلسطينية من إعادة بناء بنيتها التحتية. إن تبنى القمة العربية للمبادرة المصرية.. يعنى ببساطة سحب هذا الملف من يد إسرائيل، ومشاركة أطراف اخرى ذات صلة مباشرة.

3 - نص بيان القمة الختامى على حل الدولتين، وتأكيده أن الحل الوحيد العادل للقضية الفلسطينية هو حل الدولتين، وهو ما ترفضه إسرائيل بشدة.. استمراراً لسعيها إلى تكريس الاحتلال والاستيطان.

الكمين الأمريكى..

صرح بريان هيوز «المتحدث باسم مجلس الأمن القومى فى البيت الأبيض»: (الاقتراح الحالى لا  يعكس الواقع، إذ أن غزة غير صالحة للسكن فى الوقت الراهن، ولا يمكن للناس العيش بشكل إنسانى فى منطقة مليئة بالأنقاض والذخائر غير المتفجرة). وأضاف أن (الرئيس ترامب متمسك  برؤيته لإعادة بناء غزة خالية من حماس..)

وأشارت بعض التقارير الإعلامية الأمريكية إلى أن القمة جاءت فى سياق مواجهة المخطط الأمريكى – الإسرائيلى.. لإعادة تشكيل ملامح قطاع غزة وفق رؤية جديدة. ولكن الأكيد حسب خبرة المواقف الأخيرة.. هو تحفظ الولايات المتحدة الأمريكية على نتائج القمة.. لكونها على النقيض من فرض المخطط الأمريكى المعلن بشأن قطاع غزة. والذى ينص على وضع قطاع غزة تحت إشراف إدارة دولية، وهو ما رفضته القمة شكلاً وموضوعاً. والملاحظ أيضاً، أن القمة العربية تعاملت بحذر مع التحركات الأمريكية الأخيرة، واعتبرتها محاولة لإعادة ترتيب البيت الفلسطينى وفق أجندة تخدم المصالح الإسرائيلية. كما أن تبنى القمة العربية لخطة مصرية بديلة لإعادة إعمار غزة.. يعنى أن واشنطن لم تعد الطرف الوحيد القادر على فرض رؤيتها على مستقبل القطاع.

التبعية الأوروبية ومغامرة الاستقلال..

أعرب الاتحاد الأوروبى عن دعم الجهود الدولية الرامية إلى تهدئة الأوضاع فى غزة، ودعم جهود السلام والاستقرار فى المنطقة.. استناداً إلى حل الدولتين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، مع التركيز على الحلول الإنسانية. 

ولا ينفى ما سبق، أن الدول الأوروبية.. لم تتفاعل بقوة مع القمة فى ظل المواجهات بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية بسبب أوكرانيا خلال الفترة الماضية.. وهناك انقسام فى بعض المواقف الفردية للدول الأوروبية حول القضية الفلسطينية.. فبعض الدول الأوروبية تدعم حل الدولتين، مثل: فرنسا وإسبانيا، بينما هناك دولً أخرى، مثل: ألمانيا.. تتبنى مواقف أكثر انحيازاً لإسرائيل. وتاريخياً.. كانت السياسة الأوروبية فى الشرق الأوسط غالباً ما تتبنى وتتبع القرار الأمريكى، وبالتالى فإن انتظار بعض الدول الأوروبية.. موقف واشنطن قبل اتخاذ قرارات نهائية.. هو أمر متوقع.

مواقف فلسطينية..

رحبت السلطة الوطنية الفلسطينية بالقمة ونتائجها، وفى كلمته قال الرئيس الفلسطينى محمود عباس إن (جرائم الحرب والإبادة الجماعية فى غزة مستمرة منذ 7 أشهر، وأن إسرائيل دمرت أكثر من 70 % من البنية التحتية فى غزة. وأكد على رفض تهجير الفلسطينيين وتكرار مأساة النكبة).

أما حركة حماس.. فقد قامت بدورها بالترحيب بخطة إعادة الإعمار، ولكنها أكدت على ضرورة أن تشمل إعادة الإعمار كافة قطاعات الحياة فى غزة، وألا تكون مشروطة بقرارات سياسية تقيد المقاومة.

إفشال مخطط التهجير والإبادة الجماعية..

أعتقد أن أحد أهم إنجازات القمة العربية غير العادية هو أنها وجهت رسالة حاسمة إلى المجتمع الدولى بأن أى محاولات لتهجير الفلسطينيين.. سواء إلى سيناء أو أى دولة أخرى، سيعتبر جريمة حرب لن يتم التسامح معها. ولذا حمل البيان الختامى للقمة.. التأكيد على رفض التهجير بالتأكيد على أن الدول العربية لن تقبل بأى محاولة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين. كما تم التأكيد على تفعيل الجهود الدبلوماسية من خلال وزراء الخارجية العرب بالتحرك دولياً لفضح المخطط الإسرائيلى وحشد الدعم الدولى لوقف تنفيذه ورفضه.

 البديل المصرى للسيناريو الأمريكى..

وهو ما يمكن تحديده فى نقاط محددة مستخلصة من البيان الختامى..

- رفض التهجير القسرى وجرائم الحرب الإسرائيلية.. طبقاً للقوانين والمعاهدات والمواثيق الإنسانية الدولية.

- اعتماد الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة.. كبديل عملى قابل للنقاش والتنفيذ أمام المخطط الأمريكى.

- دعم حل الدولتين.. كحل وحيد وعادل للقضية الفلسطينية. وتقديم حلول مبتكرة لإدارة قطاع غزة.. بواسطة لجنة من التكنوقراط الفنيين غير المنتمين للسلطة الفلسطينية أو لحركة حماس.

- تفعيل الجهود الدبلوماسية العربية لمواجهة المخططات الإسرائيلية.. من خلال مناقشتها دبلوماسياً على المستوى الأمريكى والدولى.

 سيناريوهات متوقعة..

السيناريو الأول: تنفيذ خطة إعادة إعمار غزة.. فى حالة إذا ما نجحت الدول العربية فى توفير التمويل والدعم اللوجستى، وهو ما سيجعل إعادة الإعمار تبدأ قريباً، ولكن هذا سيتطلب تجاوز العقبات الإسرائيلية.

السيناريو الثانى: تصعيد إسرائيلى عسكرى جديد فى سبيل عرقلة أى جهود عربية من خلال تصعيد جديد فى غزة، مما قد يؤدى إلى مواجهة أخرى.

السيناريو الثالث: تدخل دولى لحفظ السلام فى حالة تصاعد الضغوط الدولية بحيث يتم فرض قوات دولية لحفظ السلام فى الأراضى الفلسطينية.

ويظل السيناريو الأقرب للتنفيذ هو البدء فى تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة.. وبداية مفاوضات حقيقية من السلام والاستقرار لجميع الأطراف.

نقطة ومن أول السطر..

شكلت القمة العربية غير العادية بالقاهرة.. نقطة تحول مهمة فى التعامل مع الحرب الإسرائيلية على قطاع  غزة، إذ نجحت فى إقرار حد لمخططات التهجير والإبادة الجماعية.

واعتمدت خطة عربية بديلة قابلة للتطبيق العملى لإعادة الإعمار. ولا زالت التحديات قائمة، وهو ما يتطلب نجاح هذه الجهود من خلال استمرارية التنسيق العربى والدولى لدعم الحقوق الفلسطينية.>