الأربعاء 2 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. سيناريو الأزمة.. نتنياهو فى أمريكا..  الحكم الذاتى الموسع للفلسطينيين تحت الهيمنة الإسرائيلية!

مصر أولا.. سيناريو الأزمة.. نتنياهو فى أمريكا.. الحكم الذاتى الموسع للفلسطينيين تحت الهيمنة الإسرائيلية!

تشهد منطقة الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر 2023 وإلى الآن.. تطورات متسارعة أثرت بشكل كبير على مسار عملية السلام بوجه عام والصراع الفلسطينى - الإسرائيلى بوجه خاص. وهو ما يستدعى تحليل الأحداث بدقة بالرجوع للخلفيات التاريخية والمواقف السياسية المختلفة، بالإضافة إلى استشراف السيناريوهات المحتملة والمتوقعة لمستقبل السلام فى المنطقة بعد زيارة بنيامين نتنياهو «رئيس الوزراء الإسرائيلى» إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وما يتبعها من لقاءات إقليمية أخرى.



 

 تنشيط ذاكرة الأحداث

شنت حركة حماس فى 7 أكتوبر 2023 ما تم الترويج له إعلاميًا باسم «طوفان الأقصى» باعتباره هجومًا مفاجئًا على جنوب إسرائيل. وجاء هذا الهجوم تزامنًا مع وجود جهود دبلوماسية تسعى نحو تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية، وهى الجهود التى تطرقت إلى مناقشات حول إقامة دولة فلسطينية. غير أن هذا الهجوم أدى إلى تصعيد عسكرى واسع النطاق، حيث شنت إسرائيل عمليات عسكرية مكثفة ومستمرة لفترات طويلة فى قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير شبه كامل للبنية التحتية. وسرعان ما امتد الصراع أيضًا إلى جبهات أخرى، بما فى ذلك داخل لبنان.. فى ظل تصاعد التوترات مع حزب الله، وزيادة التوتر مع إيران.

 بايدن وإسرائيل

استمرت الولايات المتحدة الأمريكية خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن فى دعمها التقليدى لإسرائيل، وتبنى التركيز على حل الدولتين كمسار لتحقيق السلام. والملاحظ أن هذه المرحلة، شهدت تحولًا فى مواقف بعض الأوساط الأمريكية تجاه إسرائيل، خاصة بين الأجيال الشابة داخل الحزب الديمقراطى مما أدى إلى زيادة تصاعد نبرة الانتقاد للسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. بالإضافة إلى ذلك، سعت إدارة بايدن إلى تحقيق توازن بين دعمها لإسرائيل والضغط من أجل احترام حقوق الإنسان والقانون الدولى.

 ترامب وإسرائيل

مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى الرئاسة فى يناير 2025، شهدت السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل تحولًا ملحوظًا.. حيث أصبح دعمه لإسرائيل أكثر وضوحًا وصراحة ودون أى تحفظات.

والبداية كانت مع إعلان إدارة ترامب عن صفقة أسلحة بقيمة 7 مليارات دولار لإسرائيل، متجاوزة بعض القيود التى فرضتها الإدارة الأمريكية السابقة. كما ألغت الإدارة حظرًا كان مفروضًا على تزويد إسرائيل بقنابل زنة 2000 رطل، وهو الحظر الذى تم فرضه بسبب معارضة الإدارة السابقة لاستخدام إسرائيل للقوة المفرطة فى قطاع غزة.

نتنياهو فى الولايات المتحدة الأمريكية

قام بنيامين نتنياهو «رئيس الوزراء الإسرائيلى» خلال الأيام الماضية.. بزيارة إلى واشنطن للقاء الرئيس دونالد ترامب. والمعلن من الزيارة هو تعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة التحديات الأمنية فى المنطقة. وتؤكد المؤشرات أن هدف هذه الزيارة فى ظل تصاعد التوترات فى الشرق الأوسط هو مؤشر على تعزيز التحالف الأمريكى- الإسرائيلى فى مواجهة التهديدات المشتركة، خاصة من إيران والجماعات المسلحة فى المنطقة من جانب، وفى ظل استبدال المحور الشيعى الموالى بمحور سنى فى بعض البلاد ومحور شيعى محلى فى بلاد أخرى من جانب آخر.

 توقعات الفترة القادمة

المتوقع أن يستمر التصعيد العسكرى فى المنطقة، ومع احتمال توسيع نطاق الصراع ليشمل جبهات جديدة، قد تستهدف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.. تعزيز تحالفاتهما الإقليمية لمواجهة التهديدات المشتركة، خاصة من إيران. وفى المقابل، قد تشهد المنطقة جهودًا دبلوماسية متزايدة لاحتواء التصعيد، خاصة من قبل الدول العربية والأوروبية التى تسعى إلى تحقيق استقرار أكبر فى الشرق الأوسط.

سيناريوهات الحلول المحتملة

فى ظل الرفض القاطع لتهجير الشعب الفلسطينى، تبرز عدة سيناريوهات محتملة لحل الصراع:

 

 حل الدولتين: الذى يستند إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، مع تحديد حدود معترف بها دوليًا. ويتطلب هذا الحل تنازلات متبادلة وضمانات أمنية لكلا الطرفين.

 

حل الدولة الواحدة: يقترح هذا السيناريو إقامة دولة واحدة تضم الإسرائيليين والفلسطينيين، مع ضمان حقوق متساوية لجميع المواطنين. يواجه هذا الحل تحديات كبيرة تتعلق بالهوية الوطنية والتركيبة الديموجرافية التى سيطرأ عليها تحولات جوهرية.

 الحكم الذاتى الموسع: قد يتم التوصل إلى اتفاق يمنح الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا موسعًا فى مناطق معينة، مع استمرار السيطرة الإسرائيلية على القضايا الأمنية والحدود.

 التدخل الدولى: قد يتطلب الوضع تدخلًا دوليًا أكبر، سواء من خلال قوات حفظ سلام أو عبر مبادرات دبلوماسية تقودها الأمم المتحدة أو قوى دولية أخرى، لفرض حل يضمن حقوق الطرفين.

 السيناريو المرجح

أعتقد أن السيناريو الأقرب للطرح حاليًا فى ظل هذه السياسات المتبادلة (الإسرائيلية– الأمريكية) هو «الحكم الذاتى الموسع للفلسطينيين تحت الهيمنة الإسرائيلية». ويمكن تحديد أسباب ترجيح هذا السيناريو فى ظل سياسات ترامب وتصريحاته فيما يلى:

1 - الدعم الأمريكى غير المشروط لإسرائيل: حيث منح ترامب فى ولايته الأولى إسرائيل مكاسب تاريخية مثل: الاعتراف بالقدس عاصمة لها، والاعتراف بسيادتها على الجولان. وفى ولايته الحالية، يعزز هذا التوجه بدعم عسكرى غير مسبوق. مما يجعل إسرائيل أقل استعدادًا للتفاوض وتقديم تنازلات كبيرة. ثم قراره بإلغاء القيود التى فرضتها إدارة بايدن على تزويد إسرائيل بأسلحة ثقيلة يؤكد استمرار نهج التصعيد بدلًا من الحلول الدبلوماسية.

2 - رفض حل الدولتين واستبعاد حل الدولة الواحدة: من الواضح جدًا أن ترامب وإدارته لا يدعمون حل الدولتين، بل وأعلنوا أكثر من مرة أن هذا الخيار (غير واقعى) فى ظل الظروف الحالية. أما حل الدولة الواحدة، فهو مرفوض من إسرائيل لأنه قد يؤدى إلى تغيير ديموجرافى لصالح الفلسطينيين.

3 - تشجيع التطبيع العربى- الإسرائيلى دون حل القضية الفلسطينية: حيث نجحت إدارة ترامب خلال ولايته الأولى فى توقيع «اتفاقيات أبراهام»، وتسعى لتعزيزها الآن مع الولاية الثانية من خلال ضم دول عربية أخرى، دون ربط ذلك بإنهاء الاحتلال الإسرائيلى أو إقامة دولة فلسطينية.

4 - إمكانية فرض تسوية اقتصادية: حيث يسعى ترامب وفريقه إلى تنفيذ نسخة معدلة من «صفقة القرن»، تتضمن منح الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا موسعًا فى الضفة الغربية وغزة، ولكن تحت سيطرة أمنية إسرائيلية، مع دعم مالى خليجى لإعادة إعمار غزة. وتلقى هذه الفكرة قبولًا ضمنيًا من بعض الأنظمة العربية، التى قد تدعمه لضمان الاستقرار وتخفيف الضغوط الدولية.

وتظل العقبات التى تواجه هذا السيناريو.. تتلخص أولًا فى رفض الفلسطينيين لأى حل لا يضمن السيادة الكاملة. وثانيًا فى مقاومة الفصائل الفلسطينية المسلحة، مما قد يؤدى إلى استمرار التصعيد العسكرى. وثالثًا فى معارضة بعض الدول الأوروبية التى لا تزال تدعم حل الدولتين.

 نقطة ومن أول السطر

فى ظل سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الداعمة لإسرائيل بلا شروط، فإن السيناريو الأقرب للتنفيذ هو منح الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت الهيمنة والسيطرة الإسرائيلية فى ظل وجود تمويل عربى وغربى لإعادة الإعمار، ولكن دون أى التزام بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.

وهو ما يعنى أن مستقبل عملية السلام فى الشرق الأوسط قد أصبح أكثر تعقيدًا ومليئًا بالتحديات. ولا يزال تحقيق عملية السلام الدائم يتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة، وتنازلات متبادلة، ودعمًا من المجتمع الدولى لضمان حقوق وأمن جميع شعوب المنطقة.