تنفيذ إطار «سنداى» ضرورة حتمية"إعلان الكويت" وثيقـــة إنقـــاذ المنطقــــة العربيـــة من تسارع وتيرة الكوارث الطبيعية

الكويت: ألفت سعد
حان الآن اتخاذ قرارات تنفيذية بشأن ما واجهته المنطقة العربية من كوارث أودت بالأرواح والممتلكات.. لذا جاء إعلان الكويت الصادر عن المنتدى الإقليمى السادس للحد من مخاطر الكوارث تحت شعار «بناء مجتمعات عربية قادرة على الصمود: من الفهم إلى العمل» معبرًا عن مطالب الجماعات المعنية بمواجهة الكوارث من حكومات ومجموعات أصحاب المصلحة لتسريع تنفيذ إطار سنداى.. هذا المنتدى الذى افتتحه الشيخ فهد يوسف الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية بمشاركة 22 دولة عربية وممثلين عن منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الأممية، والعلماء والخبراء، ومجموعات أصحاب المصلحة من الشباب والمرأة، والإعلام وذوى الهمم.
- أهم ما جاء فى إعلان الكويت الصادر عن الوزراء ورؤساء الوفود وممثلى الدول العربية الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية:
•الوعى التام بتواتر الكوارث بجميع أنواعها والتى تسبب خسائر بشرية واقتصادية تحد من تحقيق التنمية المستدامة.
•التأكيد على أهداف وأولويات إطار عمل سنداى والاستراتيجية العربية للحد من مخاطر الكوارث 2030.
•ضرورة تقديم الدعم اللازم والعاجل للدول العربية المتضررة من الاحتلال الإسرائيلى وعلى وجه الخصوص دولة فلسطين من خلال المساهمة الفاعلة فى دعم جهود الحكومة الفلسطينية فى إعادة إعمار المناطق المتضررة فى قطاع غزة والضفة الغربية من خلال خطة الإغاثة والتعافى.
• الاستفادة من قرارات قمم المناخ والتصحر بما فى ذلك آليات التمويل المناخى.
• إدراج الحد من مخاطر الكوارث ضمن جدول أعمال كل المجالس الوزارية العربية.
• الاستفادة من نتائج الدراسة التى نفذتها الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» عن النزوح الناتج عن الكوارث فى المنطقة العربية.
ـ ودعا إعلان الكويت الحكومات العربية والشركاء إلى زيادة الاستثمارات المالية فى الحد من مخاطر الكوارث خاصة مشاريع البنية التحتية القادرة على الصمود وتعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومى والخاص، وتعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة لتنفيذ حلول مبتكرة لإدارة مخاطر الكوارث،و استخدام التقنيات المتقدمة بأنظمة الإنذار المبكر وتحليل البيانات ووسائل الذكاء الاصطناعي والاعتماد على أحدث مشروعات العلمية والتكنولوجية.
قبل الدخول فى تفاصيل المنتدى الإقليمى السادس، قد لا يعرف الكثيرون ما هو إطار عمل سنداى للحد من مخاطر الكوارث.. سنداى هى المدينة اليابانية التى أطاح بها إعصار هائل خلَّف مئات القتلى والمصابين ودمر آلاف المبانى والممتلكات وهو ما دفع الأمم المتحدة بعقد مؤتمر مهم فى المدينة نفسها وخرج بإطار يحدد إجراءات ملموسة يمكن للدول اتخاذها حماية للمكاسب التنموية، وصادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إطار سنداى عام 2015 تحت إدارة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، ويقر بدور الدول فى الحد من مخاطر الكوارث مع تقاسم المسئولية مع أصحاب المصلحة مثل القطاع الخاص والجمعيات الأهلية وجميع الفئات المستهدفة.. بنود الإطار محددة فى أربع أولويات هى فهم ومعرفة مخاطر الكوارث بجميع أبعادها المتمثلة فى تضرر الأشخاص والممتلكات وتسخير هذه المعرفة لتقييم المخاطر بهدف الوقاية والتخفيف والتأهب والاستجابة، تعزيز سبل حوكمة مخاطر الكوارث، الاستثمار فى مجال الحد من مخاطر الكوارث بهدف زيادة القدرة على الصمود، تعزيز التأهب للكوارث من أجل الاستجابة الفعالة وإعادة البناء بشكل أفضل فى مرحلة التعافى وإعادة الإعمار. إطار سنداى يتابع بشكل دورى من خلال المنتديات والقياسات مدى التقدم الذى أحرزته البلدان للحد من مخاطر الكوارث بحلول 2030.
من مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث انبثق عدد من المكاتب الإقليمية التابعة لبرنامج الأمم المتحدة منها المكتب الإقليمي العربى الذى تحمل فى السنوات الماضية كثيرًا من الأعباء والمسئوليات لحدوث كوارث طبيعية متسارعة.
لذلك يأتى المنتدى الإقليمى السادس فى ظروف صعبة؛ حيث تواجه الدول العربية مخاطر طبيعية نتيجة التدهور البيئي مما سبب أضرارًا اقتصادية واجتماعية، لذلك كان لابد من وضع نهج مختلف يتحول فعليًا من الفهم إلى العمل لضمان الاستعداد لمواجهة الكوارث وسرعة التعافى منها.. ذلك يحتاج إلى تطوير وتنفيذ استراتيجيات فعالة للحد من المخاطر ويتطلب الاستثمار فى البحث وجمع البيانات وأنظمة الإنذار المبكر، والوصول إلى المجتمعات فى المناطق المحتمل تعرضها للكوارث.
الشيخ فهد يوسف الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية الكويتى أكد فى افتتاح المنتدى الإقليمى السادس أن إعلان الكويت ليس مجرد وثيقة سياسية فقط؛ لكنه إعلان ملزم للدول العربية لتكون أكثر صمودًا وقادرة على التكيف، مشيرًا إلى أهمية تعزيز التعاون العربى وبناء القدرات من أجل التصدى للمخاطر المتسارع حدوثها، مشيرًا إلى أن الكويت اتخذت العديد من المبادرات الوطنية وحققت تقدمًا ملموسًا فى تعزيز الحوكمة.
عبد الله ناصف مدير تدبير المخاطر الطبيعية بوزارة الداخلية المغربية ورئيس المنتدى الإقليمى الخامس الذى عقِد بالمغرب وتسلمت الكويت رئاسته، نوه إلى أهمية هذا الحدث لتنفيذ إطار سنداى والاستراتيجية العربية وضرورة الأخذ فى الاعتبار الأولويات الإقليمية للحد من مخاطر الكوارث وتعميق المشاورات بشأن خطة العمل لتحقيق تنمية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار المخاطر المحتملة.
الشخصيات المحورية التى أخذت على عاتقها مسئولية إنجاح المنتدى تبدأ من كمال كيشور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث الذى أشار فى افتتاح الحدث إلى أن المنطقة العربية أصبحت مهددة بالزلازل والسيول والعواصف الرملية محددًا ثلاثة محاور تقوم عليها أعمال المنتدى.. أولا: الفهم المشترك للمخاطر بما لها من خسائر وأضرار، ثانيًا: الاستعانة بأنظمة الإنذار المبكر، علما بأن 60 ٪ من دول المنطقة تحظى بتلك الأنظمة ونسعى لتتواجد فى كل الدول العربية، ثالثًا: الالتزام بتحقيق أهداف سنداى.
نورا الأشقر مديرة المكتب الإقليمى لبرنامج الأمم للحد من مخاطر الكوارثأكدت أن مخاطر تغيُّر المناخ وارتفاع معدلات الحرارة فى المنطقة العربية باتت تعطى مؤشرًا بحدوث أخطار متزايدة فى الفترات القادمة خاصة بعد ما شهد عام 2024 معدلات قصوى للحرارة وفيضانات وسيول.. أشارت الأشقر إلى أنه بتنفيذ إطار سنداى فيما يخص أنظمة الإنذار المبكر أدى إلى إنقاذ الكثير من الأرواح والتقليل من الخسائر المادية.. وما زالت هناك تحديات كبيرة تقف عائقًا أمام تحقيق الأهداف فرغم أن 131 دولة لديها استراتيجية وطنية للحد من المخاطر لكن قليل من الدول لديها خطط التكيف.
محمد على شمسان رئيس قوة الإطفاء بدولة الكويت الذى تولى مسئولية رئاسة المنتدى أكد أن الكويت ستسعى مع إصدار إعلان الكويت دعم مخرجات المنتدى ووضع حلول عملية قادرة على الصمود، أيضًا نقل التجربة الوطنية من خلال إقامة شراكات ودعم بناء المؤسسات والكوادر.
حملت جلسات البيانات والمناقشات وعرض الحلول أهمها كيفية زيادة الوعى لدى المواطنين، وقدرة الحكومات على توفير البنية التحتية وأنظمة الإنذار المبكر وخطط إجلاء الأهالى ثم التعافى والعودة وكيف يتم ذلك فى غياب صناديق التمويل وانعدام الأجهزة المساعدة فى بعض المناطق ومدى شراكة الحكومة مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وكل أصحاب المصلحة.
شهد المنتدى تجمعًا هائلًا من مختلف القطاعات بدءًا من الوفود الرسمية العربية، والجامعة العربية، والعلماء الخبراء والأكاديميين، وأصحاب المشروعات المتعلقة بمخاطر الكوارث، وممثلين عن منظمات المجتمع المدنى، والمرأة، والشباب، وذوى الهمم، الإعلاميين، وممثلى المنظمات الأممية من «الفاو» ومنظمة الصحة العالمية، الهلال والصليب الأحمر وغيرها.
فى الجلسات الخاصة بالبنية التحتية التى تعانى فى كثير من المناطق من الهشاشة لتتداعى سريعًا أمام السيول أو الفيضانات والزلازل، ولو علمنا من خلال المتحدثين أن 5 ٪ من إنفاق معظم الدول العربية تكرس لتخفيف خطر الكوارث.. ما أثر على عودة الحياة لطبيعتها قبل وقوع الكارثة وأدى إلى نزوح الأهالى بالمناطق المنكوبة، حدث ذلك فى مدينة درنة بليبيا إعصار هائل وموجة من الأمطار والسيول تسببت فى انهيار سدين بالمدينة وجرف إحياء كاملة أدت إلى وفاة 4 آلاف شخص وفقدان ما يقرب من 11 ألف شخص.. كما أدى زلزال سوريا إلى وفاة 3 آلاف شخص وإصابة 6 آلاف، فى العراق تعرضت محافظة الديوانية إلى تناقص المياه وزيادة التصحر بنسبة 70 ٪، فى الأردن حدثت سيول شديدة فى مدينة البترا التاريخية ولأنها وادٍ منخفض واجه المواطنون مصاعب شديدة للهروب صعودا ما أدى إلى وفاة 11 شخصًا ثم سيول البحر الميت الذى يعتبر أخفض نقطة على الكرة الأرضية التى تسببت فى انهيار أحد الجسور ووفاة 21 طفلًا وإصابة 43 من الطلاب.. أيضا سيول قرية قسطل بالنوبة فى أسوان أتت على الممتلكات والزراعات.. ناشد المختصون فى شأن التمويل بأهمية إنشاء صندوق عربى مخصص لمواجهة أخطار الكوارث قبل وبعد حدوثها.. حيث نوه مدير الصندوق الكويتى للتنمية لدور الصندوق الذى يبلغ حجمه 650 مليون دولار فى دعم الأضرار التى وقعت فى كثير من الدول العربية.
أنظمة الإنذار المبكر وآليات التنبؤ المسبق لهما الأثر الكبير لتقليل آثار الكارثة وهذا ما أكد عليه تاسيو كامارو بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية على دعوة المنظمات الدولية والوطنية للتعاون مع القطاع الخاص لإرساء تقنيات الإنذار والتنبؤ وأيضا توفير الطرق والمسارات التى يستخدمها الناس قبل أو عند حدوث الخطر.
الشراكة مع القطاع الخاص كما أشار الحاضرون تستلزم قوانين مرنة تتيح استيراد أو تصنيع تلك الأنظمة وأيضا هناك مسئولية مجتمعية على القطاع الخاص خاصة شركات الاتصالات لإصدار بيانات التحذير.
النزوح الداخلى من أسوأ نتائج الكوارث لأن العديد من الأسر التى تخسر ممتلكاتها ومواردها الاقتصادية كالأراضى أو المهن التى يرزقون منها، علاوة على أن النزوح يؤدى إلى تفاقم الصراعات بين النازحين والمقيمين، وهذا ما أشار إليه الدكتور عماد الدين عدلى رئيس الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» قائلا: كيف اهتمت الشبكة فى بداية تغيُّر المناخ بتكوين ما يسمى المجتمعات الطوعية ومثال ذلك تم التعاون مع الحكومة المصرية لمواجهة آثار السيول الجارفة التى اقتلعت الزراعات فى قرى النوبارية وبنجر السكر ثم موجات الجفاف فى أوقات أخرى، ولأن الشبكة تضم أعضاء من جميع الدول العربية قدمنا دراسات حول المناطق المعرضة للمخاطر لتقليل ظاهرة النزوح والهجرة الداخلية، ونتيجة جهودنا كما قال الدكتور عدلى أقرت جامعة الدول العربية ظاهرة النزوح فى جدول أعمالها لذلك ستقوم منظمات المجتمع المدني بإقامة منصة دولية للحد من مخاطر الكوارث فى يونيو القادم بچنيف لوضع البيانات الطوعية التى ستقدم خلال المنتدى الحالى.
الأرقام الصادمة عن النزوح الداخلى قدمها مركز رصد النزوح الداخلى بجينيف والذى ترأسه الكسندرا ميلاك ويتبع المجلس النرويجى للاجئين، وذلك من خلال التقرير العالمى عن عام 2023 ويتضمن جزءًا عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. تشير الأرقام إلى أن سوريا أعلى دولة فى النزوح الداخلى بعدد 7 ملايين، و248 ألف نازح ثم اليمن 4 ملايين، 516 ألفًا - فلسطين 1 مليون، 710 آلاف - العراق 4 ملايين، 710 آلاف.. معظم النزوح هنا نتيجة الصراعات الداخلية من تلك الأعداد إجمالى النزوح فى الشرق الأوسط بسبب الكوارث 285 ألف نازح.
الحضور المصرى كان مؤثرا فى فعاليات المنتدى الإقليمى السادس بالكويت بوجود الوفد والخبراء من الجامعات والمراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدنى.. اللواء محمد عبدالمقصود مساعد أمين عام مجلس الوزراء ورئيس اللجنة القومية لإدارة الأزمات والكوارث ألقى كلمة مصر فى المنتدى وأشار خلاله إلى النجاحات التى حققتها رئاسة مصر فى قمة المناخ بإنشاء صندوق الخسائر والأضرار بما يدعم الدول الفقيرة والنامية فى مواجهة مخاطر الكوارث، فضلًا عن دعم مصر مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة عن خطة عمل «الإنذار المبكر للجميع» والتى تدعو إلى استثمارات أولية جديدة بقيمة 3,1 مليار دولار بين عامى «2023-2027».. كما أوضح فى كلمته دور مبادرة حياة كريمة فى خدمة ما يزيد على 58 مليون مصرى بتوفير المسكن الآمن والمياه وتطوير البنية التحتية، إضافة إلى المبادرات الرئاسية فى قطاع الصحة.. وحرص مصر على دعمها لدول المنطقة العربية التى تواجه الأزمات والكوارث المختلفة مع تقديم جميع أشكال الدعم للأشقاء الفلسطينيين.
من أهم الجلسات التى أثارت تفاعلا إيجابيا داخل المنتدى الإقليمى المتعلقة بمجموعات أصحاب المصلحة منها الإعلام الذى كان له دور مفصلى فى توصيل الرسالة الإعلامية سواء إلى صانع القرار أو إلى المواطنين ويمثل أهم دعائم الإنذار المبكر..الإعلامية المصرية مى الشافعى لم تكتف بكونها إذاعية ناجحة فى الشأن العلمى والبيئى لكنها بذلت كل جهدها لحل المشاكل والقضايا البيئية، تنتقل من محافظة لمحافظة ومن قرية لقرية للتأكد من نتائج التوعية الإعلامية، لتنخرط أكثر فى ظاهرة الكوارث الطبيعية منذ إطلاق إطار سنداى حتى أصبحت منسقة الشبكة الإعلامية العربية للحد من مخاطر الكوارث.. أكدت مى الشافعى أن أعضاء الشبكة الإعلامية ليسوا مجرد إعلاميين يقومون بالتغطية الصحفية لكنهم تحولوا إلى متخصصين فى القضايا البيئية، مشيرة إلى رغبة الإعلاميين فى التوسع كمًا وكيفًا ليتحول إلى منتدى إعلامى عربى للحد من مخاطر الكوارث بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية ومجموعات أصحاب المصالح ليكون الإعلام مشاركا فى استراتيجيات مواجهة المخاطر قبل وأثناء وبعد حدوثها.... ونوهت الإعلامية مى الشافعى إلى أهمية بناء قدرات العاملين فى المجال الإعلامى علميًا والاعتماد على تقارير عربية وليست عالمية.