الأربعاء 2 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. كندا وجرينلاند وقناة بنما وخليج المكسيك..  سياسات ترامب التوسعية على طريق العولمة الأمريكية!

مصر أولا.. كندا وجرينلاند وقناة بنما وخليج المكسيك.. سياسات ترامب التوسعية على طريق العولمة الأمريكية!

أثار الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب خلال الفترة الماضية.. جدلًا واسعًا بسبب تصريحاته التى تفصح عن بعض من نواياه التوسعية، والتى شملت.. السيطرة على قناة بنما وجرينلاند التابعة لدولة الدنمارك منذ أكثر من 600 سنة، وتغيير اسم خليج المكسيك.



 

وبالطبع، تسببت تلك التصريحات فى ردود أفعال متباينة على المستويين المحلى والدولى. ولكن يظل التصريح الأكثر استفزازًا هو ضم دولة كندا لتكون ولاية جديدة تنضم للولايات المتحدة الأمريكية.

 

 خلفيات تاريخية وتهديدات

تمتد العلاقات بين الولايات المتحدة وكندا لسنوات طويلة مضت من التعاون الوثيق.. خاصة فى المجالات الاقتصادية والأمنية. وتعد كندا ثانى أكبر شريك تجارى للولايات المتحدة، وتشتركان معًا فى أطول حدود غير محمية أمنيًا فى العالم. وعلى الرغم من ذلك، شهدت العلاقات بينهما بعض التوترات، خاصة خلال فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى (يناير 2017 - يناير 2021)، حيث فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية على بعض المنتجات الكندية، مما أدى إلى توترات تجارية بين البلدين.

كما أعرب ترامب عن اهتمامه بالسيطرة على قناة بنما، مشيرًا إلى أهميتها الاستراتيجية للاقتصاد والأمن الأمريكى. ولم يستبعد استخدام القوة العسكرية لتحقيق هذا الهدف، مما أثار قلقًا دوليًا بشأن نواياه المستقبلية. وجدد ترامب رغبته فى ضم جزيرة جرينلاند إلى الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية. ولم يستبعد استخدام القوة العسكرية لتحقيق ذلك، مما أثار استياء الدنمارك، التى تتبع لها الجزيرة. وفى السياق نفسه، أعلن ترامب عن نيته تغيير اسم خليج المكسيك إلى «خليج أمريكا»، معتبرًا أن ذلك سيكون مناسبًا. وهو ما أثار انتقادات وغضب واستياء المكسيك ودول أخرى تطل على الخليج.

 الولاية 51

كرر ترامب تصريحاته أكثر من مرة بأن كندا يجب أن تصبح «الولاية 51» للولايات المتحدة الأمريكية.. مشيرًا إلى أن ذلك سيكون مفيدًا للبلدين. هذه التصريحات أثارت استياءً واسعًا فى كندا، حيث تم اعتبارها تهديدًا لسيادتها واستقلالها.

اتسم الموقف الرسمى الكندى.. بالمفاجأة حيث استقال جاستن ترودو «رئيس الوزراء الكندى» فى ظل هذه التوترات.. مؤكدًا أنه لا يمكنه البقاء فى منصبه فى ظل التهديدات المستمرة لسيادة كندا، كما أكد بوضوح (كندا لن تكون أبدًا، على الإطلاق، جزءًا من الولايات المتحدة الأمريكية). ثم تم تجميد البرلمان الكندى مؤقتًا، وهو ما يثير مخاوف بشأن الاستقرار السياسى فى كندا. كما قال ميلانى جويل «وزير الخارجية الكندى» بأن بلاده لن تنحنى أمام تهديدات ترامب.

كذلك أكد خافيير مارتينيز آشا «وزير خارجية بنما أن (سيادة بلاده على قناة بنما ليست قابلة للتفاوض).. ردًا على تهديدات ترامب بإعادة السيادة على  قناة بنما إلى الولايات المتحدة الأمريكية. كما أدانت المكسيك بشدة نية ترامب تغيير اسم خليج المكسيك، معتبرة ذلك إهانة لتاريخها وسيادتها.

وقد أثارت تصريحات ترامب.. مواقف العديد من دول العالم حيث أعربت دول الاتحاد الأوروبى عن قلقها البالغ إزاء تلك التصريحات.. مشيرة إلى ضرورة احترام سيادة الدول ورفض أى محاولات توسعية. وصرح جان نويل بارو «وزير الخارجية الفرنسى» بأن: (العالم دخل فترة البقاء للأقوى، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبى لن يسمح لدول أخرى بمهاجمة حدوده السيادية.. أيًا كانت الدول). 

 سيناريوهات متوقعة

تعكس مجمل تصريحات دونالد ترامب توجهًا نحو سياسات توسعية.. قد تؤدى إلى زعزعة استقرار الأمن القومى الدولى. وأن استخدام لغة التهديد.. سواء بالقوة العسكرية أو الاقتصادية، يشير إلى توجه أحادى.. قد يضع الولايات المتحدة فى مواجهة مع حلفائها التقليديين. كما أن هذه التصريحات قد تؤدى إلى تعزيز النزعات القومية فى الدول المستهدفة، مما يزيد من التوترات الإقليمية.

ويمكن تحديد السيناريوهات المتوقعة فى:

1 - سيناريو التصعيد الدبلوماسى: من المرجح أن يؤدى استمرار ترامب فى تصريحاته حول ضم كندا أو السيطرة على قناة بنما وجرينلاند إلى تصعيد دبلوماسى بين الولايات المتحدة والدول المعنية. والمتوقع كردود أفعال أن تتخذ كندا خطوات قانونية ودبلوماسية فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن للتصدى لأى محاولات انتهاك لسيادتها الوطنية. وقد تعزز بنما والدنمارك من شراكاتهما الدفاعية مع الاتحاد الأوروبى أو الصين للتصدى لأى تهديد أمريكى.

 

وستكون تداعيات ما سبق، تدهور العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والدانمارك والمكسيك وبنما.. مما قد يؤثر على الاستثمارات الأمريكية الخارجية من جانب. واحتمال فرض عقوبات متبادلة وتجميد للتعاون والاتفاقيات والشراكات فى مجالات متعددة من جانب آخر.

2 - سيناريو التحركات العسكرية: فى حال اتخاذ دونالد ترامب خطوات فعلية لتنفيذ تصريحاته وتهديداته، مثل إرسال قوات عسكرية أمريكية للسيطرة على جرينلاند أو قناة بنما.. سيؤدى ذلك إلى ردود فعل دولية قوية واحتمال نشوب صراعات إقليمية متصاعدة. وربما نشهد إنشاء تحالف دولى بقيادة الأمم المتحدة أو حلف الناتو لردع أى تدخل عسكرى أمريكى. وستستغل الصين وروسيا.. الفرصة لدعم الدول المتضررة وتعزيز نفوذهما الجيوسياسى. والمحتمل أن يكون هناك تزايد فى التصعيد العسكرى.. قد يؤدى إلى صراعات إقليمية فى القطب الشمالى أو أمريكا الوسطى. وما ينتج عن ذلك من تدهور صورة الولايات المتحدة كقوة ديمقراطية تحترم سيادة الدول.

3 - سيناريو عزلة دولية للولايات المتحدة: بسبب تجاهلها للقوانين والأعراف الدولية، وقد تواجه عزلة دبلوماسية واقتصادية. ويسهم فى ذلك انسحاب محتمل للدول الحليفة من اتفاقيات وشراكات مع الولايات المتحدة. وتقليص الاعتماد على الدولار الأمريكى فى التجارة الدولية. وسيترتب على ما سبق، زيادة النفوذ الصينى والروسى كبدائل للقوة الأمريكية. وخسائر اقتصادية كبيرة للشركات الأمريكية فى الأسواق الدولية.

4 - سيناريو الاحتواء الداخلى لتصريحات ترامب: قد تواجه إدارة ترامب معارضة داخلية قوية من قبل الكونجرس أو الجهات الحكومية. ويمكن تحديد رد الفعل الداخلى فى سعى الكونجرس الأمريكى إلى فرض قيود على سلطات الرئيس فى السياسة الخارجية. وقد يزيد المجتمع المدنى ووسائل الإعلام.. الضغط على الإدارة للحد من هذه التصريحات. ويمكن أن يترتب على ذلك تراجع ترامب عن تصريحاته أو التخفيف من حدتها. وعودة الولايات المتحدة إلى مسار أكثر اعتدالًا فى علاقاتها الدولية.

5 - سيناريو تعزيز التعاون الإقليمى ضد التهديدات: قد تدفع تصريحات ترامب الدول المستهدفة إلى تعزيز التعاون الإقليمى لمواجهة أى تهديدات أمريكية مستقبلية. والمحتمل أن تسعى كندا إلى توثيق علاقاتها مع الاتحاد الأوروبى أو الصين لتعزيز أمنها الاقتصادى والسياسى. وقد تتحد دول أمريكا الوسطى تحت مظلة منظمة الدول الأمريكية OAS لتعزيز مواقفها المشتركة. وما سينتج عن ذلك من زيادة عزلة الولايات المتحدة على المستوى الإقليمى. وظهور تحالفات اقتصادية وعسكرية جديدة على الساحة الدولية.

 نقطة ومن أول السطر

تعكس تصريحات الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب عن كندا وقناة بنما وخليج المكسيك وجرينلاند.. توجهًا نحو سياسات توسعية مستقبلية غير مسبوقة. قد يؤدى تنفيذها إلى زعزعة استقرار النظام الدولى والأمن الإقليمى. ومن الضرورى متابعة التطورات المستقبلية بعناية فائقة، مع التأكيد على أهمية الحوار الدبلوماسى واحترام سيادة الدول كسبيل للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

قد يفسر بعض المحللين السياسيين هذه التصريحات باعتبارها جزءًا من استراتيجيات ترامب لجذب الانتباه الإعلامى، إلا أنها فى النهاية.. تحمل مخاطر كبيرة على العلاقات الدولية والاستقرار العالمى.

ويظل السؤال الأهم: هل ستظل هذه التصريحات مجرد خطابات للاستهلاك الإعلامى، أم أنها ستتحول إلى سياسات فعلية تغير مسار العلاقات الدولية؟