الخميس 26 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حافظ رمضان باشا يقول: بريطانيا تسلمنا الذخيرة على طريقة البطاقات!

سألنا سعادة حافظ رمضان باشا عن رأيه فى الهدنة فقال:



يتحدث بعض الناس عن الوسيط ومراقبيه ويتساءلون: هل يستطيعون إحكام المراقبة حتى لا تتكرر مسألة نقض الهدنة؟ أما أنا فأعتقد أن الكونت برنادوت قد تمكن فعلا من إيجاد مراقبين فحسب، ولكنه تمكن من إيجاد البوليس الدولى الذى تشدق به طويلا المسيو «آرن» رئيس هيئة الأمم المتحدة، فقد أصبح لدى الكونت عدد كبير من الضباط والمدرعات والسفن الحربية والطائرات المقاتلة، ولا ينقص هذا البوليس إلا عدد من الجنود ليصبح للهيئة الدولية البوليس الدولى الذى فشلت فى تأليفه هيئة الأمم المتحدة، وأظن أن الامتيازات التى يغرى بها المتطوعون ستزيد من عدد المتقدمين للانضمام إلى البوليس الدولى فعددهم الآن نحو خمسة آلاف، وسيزداد عددهم بسبب هذه الامتيازات، وعندئذ يمكن القول بأن البوليس الدولى قد وجد فعلا.

 

وفى فترة الهدنة، يمكن لبريطانيا وأمريكا أن تتفقا على حل لمشكلة فلسطين، وحينئذ يستطيع الكونت، أو أى رجل غيره، أن يفرض إرادته على الطرفين بالصورة التى يرتضيها الإنجليز والأمريكيون، فالوسيط فى هذه الحالة سيكون تحت تصرف بوليس دولى أشبه بالهيئة التنفيذية.

ومن الطريف أن يذاع أن إنجلترا قد وعدت بإرسال سفن للوسيط، ولكنها اعتذرت عن تعيين مراقبين لها فى فلسطين!

ويخيل إلىّ أن كل ما ترمى إليه بريطانيا من هذه المناورة، أن تبعد روسيا عن أن يكون لها نصيب من الاشتراك فى البوليس الدولى، إذ إن رغبة بريطانيا فى أن ترسل سفنا حربية دون أن يكون لها مراقبون، أمر غير مفهوم، اللهم إلا إذا كانت تقبل أن ينتزع من سفنها الجنود الإنجليز والضباط، وهذا أمر غير معقول، لأن جنود السفن الحربية وضباطها هم أهم من السفن الحربية نفسها!

وعلى هذا يكون لبريطانيا قوة مسلحة فى البوليس الدولى مهما حاولت تغطية هذا الاشتراك بالمناورات. وسألنا سعادة حافظ باشا عن رأيه فى اشتراك مصر فى حرب فلسطين،  فأجابنا على الفور:

- لقد قرأت وسمعت آراء لبعض الناس تتضارب حول اشتراك مصر فى هذه الحرب، ولا أظن أن مصر كانت تستطيع أن تتخلى عن الدول العربية فى هذه الظروف، فإن اتجاه الرأى العام العربى كان واضحا وضوح الشمس، وكان يجب إذا كان ما تدعيه بريطانيا من صداقة صحيحا أن تضع تحت تصرفنا كل ما نحتاج إليه من ذخائر طول مدة الحرب، كما يقرر الخبراء العسكريون المصريون لا أن تمدنا بالذخائر على طريقة البطاقات!

 

وقد بينت هذه الحرب أهمية إنشاء مصانع للذخيرة ومصانع لإنتاج السلاح ومنذ أن وعدت الحكومة عام 1936 بإنشاء مصانع للذخيرة وأنا أحاول عبثا وبشتى الوسائل أن أدفع الحكومة إلى تنفيذ وعدها، وإنى أذكر بنوع خاص أننى تقدمت إلى وزارة الدفاع الوطنى قبل الحرب العالمية الأخيرة بمذكرة بينت فيها ضرورة إنشاء مصانع للذخيرة - وقدمت لها لجنة من بولونيا كان يرأسها المسيو «آرن» - وهو الذى أنشأ لتركيا مصانع الطائرات والذخيرة.

ومن العبث أن أعود لهذا الماضى، فأبين شتى الأسباب التى دعت لإغفال هذه المسائل الخطيرة طوال هذه المدة كما أعتقد أنه من العبث فى هذه الظروف أن نخوض فى مثل هذه الموضوعات التى يجب أن تكون محل بحث ودراسة وخطة تضعها الحكومة، وتكون غير قابلة للتغيير أو التحويل أو الإبطاء فى التنفيذ مهما تغيرت أشخاص الحاكمين، إذ لا يصح أن نحل مسائلنا - ومركز مصر كما هو معروف - على أساس الارتجال!

ولولا هذا الارتجال لكانت مصر اليوم فى وضع غير وضعها الحالى، ولكانت مشاكلها - بما فيها مشكلة فلسطين - حلت من زمن بعيد!