السبت 12 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

محاكمته بتهمة الفساد مستمرة نتنياهو يضع إسرائيل على حافة الانقسام الداخلى

تتأرجح إسرائيل على حافة الصراع الخارجى والانقسام الداخلى الذى خلقه نتنياهو بنفسه، إذ يسعى بكل جهد للحفاظ على الوضع القائم من خلال تصعيد الحرب الخارجية وتضخيم الانقسامات الداخلية العميقة لضمان بقائه فى السلطة، عن طريق ائتلافه الأكثر تطرفًا ومعاداة للديمقراطية فى إسرائيل والسلام فى المنطقة. 



ويفرض هذا الائتلاف استراتيجيته العدوانية عالية المخاطر، ليس فقط ضد الفلسطينيين واللبنانيين، ولكن فى مواجهة شعبه أيضا.

ونجح نتنياهو فى عزل إسرائيل فى وقت تحتاج فيه إلى حلفائها أكثر من أى وقت مضى، والواقع أن النتائج المترتبة على ذلك وخيمة، حيث تعمق العداء بين نتنياهو والشعب الإسرائيلى وأجهزة الدولة أيضًا بشأن عدد من القضايا أهمها حرب غزة ولبنان المستمرة دون نهاية تلوح فى الأفق، وقضية الرهائن المحتجزين لدى حماس، وأزمة ما يقرب من مائة وعشرين ألف نازح من المدن الواقعة على طول الحدود بين غزة ولبنان والذين ينتظرون العودة إلى مستوطناتهم، والاقتصاد المتعثر، وأي من هذه القضايا من شأنه أن يكون كافيًا لإسقاطه، لكن التهديد الأعظم أمامه اليوم هو مواجهته مع أجهزة الدولة فى قضية مراجعة الاستخبارات، وأزمات الجيش من نقص فى أعداد الجنود، وارتفاع حالات الاضطراب النفسى والانتحار وتجنيد المتشددين، وهى القضية التى ظلت تغلى دون حل لأكثر من عشرين عامًا.

 المواجهة مع الموساد

وصل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى أعلى مستويات السلطة الدكتاتورية من خلال محاولاته المتكررة لتسييس أجهزة الأمن والجيش الإسرائيلى، فى خطوة من شأنها تعزيز سيطرته على تدفق المعلومات السرية.

ومن المقرر أن تشكل اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع، قسم استخبارات جديد تابعًا مباشرة لنتنياهو، بغرض تقديم معلومات بديلة تساعد فى اتخاذ أى قرارات تتعلق بالأمن، وقدم هذا الاقتراح عضو الكنيست عن حزب الليكود المخلص لنتنياهو أميت هاليفى.

ويقضى مشروع القانون بإنشاء وحدة استخبارات جديدة تتمتع بصلاحيات مفتوحة، تسمح بتقديم طلبات مباشرة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لتزويدها بالمعلومات، كما سيتم تعيين مديرها مباشرة من قبل نتنياهو الذى سيكون له أيضًا الحق فى فصل هذا المسئول على الفور، وسيتألف طاقم الوحدة من مدنيين لا ينضمون إلى طاقم العمل إلا بعد فترة تهدئة مدتها عامان من خدمتهم فى الجيش أو فى وكالة أمنية أو استخباراتية، ولا تخضع لإجراءات إنهاء خدمة العاملين فى الحكومة.

على الفور عارض الموساد وأجهزة الاستخبارات الأخرى خطة هاليفى التى يقف وراءها نتنياهو بكل وضوح، وفى ورقة موقف قدمها الموساد للجنة الوزارية للتشريع، أعرب عن قلقه البالغ من احتمال تسرب معلومات سرية دقيقة، وتعريض مصادر استخباراتية للخطر، وتقويض عمل مجلس الأمن القومى والموساد وأجهزة الدولة الأخرى.

 وأكد الخبراء الاستخباراتيون، أن هذا هو هدف نتنياهو طوال 15 عامًا من توليه منصب رئيس الوزراء، أن يكون جهاز الأمن الداخلى (شين بيت) والموساد، ومجلس الأمن القومى، ومديرية السايبر الوطنية كلها تابعة له، وتعرضت بالفعل المؤسسة الأمنية فى السنوات الأخيرة لهجوم مستمر من قبل نتنياهو وأتباعه، فى محاولة لتقويض الديمقراطية المزعومة فى إسرائيل واستبدالها بنظام استبدادى. 

 نتنياهو وأزمات الجيش 

يعانى جيش الاحتلال الإسرائيلى من عدة أزمات طاحنة فى وقت عصيب، ويقف وراء تلك الأزمات رئيس الوزراء الإسرائيلى بشكل مباشر، بسبب تقويضه لعمل الجنرالات، وتدخله فى القرارات العسكرية، وتكمن أهم الأزمات فى الانخفاض الحاد فى أعداد جنود الاحتياط الراغبين فى الخدمة والحرب التى لا تزال مستمرة على جبهتى غزة ولبنان.

وحسب تقرير للجيش الإسرائيلى نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فإن نسبة الانخفاض تتراوح بين 15 و25 % فى أعداد جنود الاحتياط الراغبين فى الالتحاق بجولة جديدة من الخدمة، بما فى ذلك الوحدات القتالية الأساسية التى تقاتل فى الحرب الدائرة فى غزة ولبنان.

ورغم شكوى قيادات الجيش من افتقارهم إلى الأفراد اللازمين لإدارة الحرب بفعالية بسبب ارتفاع أعداد الضحايا الإسرائيليين، وإرسالهم بالفعل آلاف الإخطارات بالتجنيد إلى الشباب من اليهود المتشددين (الحريديم)، بعد أن أمرت المحكمة العليا فى إسرائيل الحكومة بإلغاء نظام الإعفاءات، إلا أن نتنياهو لم ينفذ الحكم خوفًا على ائتلافه الحاكم الذى يعتمد على الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة بشكل كبير.

وبرزت من جديد التساؤلات حول الإعفاءات التى يتمتع بها الحريديم، من ناحية أهالى الجنود والرهائن والضحايا أيضا، وإلى جانب أزمة التجنيد يعانى الجيش من ارتفاع  كبير فى حالات الانتحار بين الجنود والضباط الذين أطلقوا النار على أنفسهم للتخلص من ويلات الحرب والأزمات النفسية.

 ورغم أن الجيش الإسرائيلى يخفى الأعداد أو التفاصيل حول حالات انتحار جنوده، ويواصل التعتيم على هذه القضية؛ فإن الصحف الإسرائيلية رصدت أكثر من عشر حالات انتحار فى الأسابيع الأخيرة، بعد أن أصبح الانتحار بين الجنود الإسرائيليين اتجاهًا شائعًا يظهر من خلال وسائل الإعلام مرارًا وتكرارًا فى شكل حوادث متفرقة عن حرق النفس، والشنق، وإطلاق النار على الذات من قبل رجال القوات العسكرية.

كما كشفت إدارة التأهيل التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية أنها استقبلت أكثر من 12 ألف جندى منذ بدء الحرب، تم تشخيص إصابتهم باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، ويعانى حوالى 43 % من الجنود البالغ عددهم 12 ألف جندى من اضطراب ما بعد الصدمة، وبعض حالات الخلل العقلى، والاضطراب النفسى الحاد. 

قرارات متهورة

كانت إقالة وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت بمثابة حرب علنية بين نتنياهو والشعب الإسرائيلى، ورغم أن الإقالة لا تتعلق بالمخاوف الأمنية فقط، بل بالسياسة الداخلية، حيث يعتبر الإسرائيليون جالانت هو العقل الرصين الوحيد فى العقول العشوائية التى تقود إسرائيل، وخرجت احتجاجات عفوية شارك فيها عشرات الآلاف من الشعب الإسرائيلى بعد إقالة جالانت بما فى ذلك المظاهرات الفوضوية التى أغلقت الطرق السريعة الرئيسية فى تل أبيب، وبالقرب من القدس، وأمام مقر إقامة نتنياهو، واحتج النشطاء دعمًا لجالانت، والعديد من القضايا التى اختلف بشأنها مع نتنياهو. وفى الاحتجاجات دعا النشطاء إلى تحقيق مطالب جالانت الثلاث، وهى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين فى غزة، وإلغاء مشروع قانون مخطط يهدف إلى ترسيخ الإعفاءات من الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية اليهودية المتطرفة، وتشكيل لجنة تحقيق حكومية فى الإخفاقات المحيطة بهجوم حماس فى السابع من أكتوبر.

وفى خطوة تصعيدية استفزازية أخرى عين نتنياهو إرهابيًا سابقًا سفيرًا لإسرائيل فى واشنطن، حيث أعلنت حكومة نتنياهو اليمينية عن اتجاهاتها المتطرفة والعدوانية من خلال هذا الترشيح ليحيئيل لايتر سفيرًا خلفا لمايكل هيرتسوغ الذى سيظل فى منصبه حتى تنصيب الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب فى 20 يناير المقبل.

 كان لايتر عضوًا فى حركة كاهانا الإرهابية (رابطة الدفاع اليهودية) فى الولايات المتحدة فى شبابه، وهى الرابطة التى أسسها الحاخام اليمينى المتطرف مائير كاهانا، والتى صنفتها وزارة الخارجية الأمريكية كمنظمة إرهابية فى عام 2004، كما ينتمى لايتر إلى تيارات سياسية متشددة، ويعرف بمواقفه وتأييده للتوسع الاستيطانى فى الضفة الغربية، والعداء الشديد للفلسطينيين. 

ويرى المراقبون أن تعيينه سفيرا لإسرائيل فى واشنطن يعد مؤشرًا على تعزيز نفوذ المستوطنين داخل الهيئات الحكومية الإسرائيلية.