السبت 12 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد فوزه الكاسح الأسئلة الصعبة فى أول 100 يوم لإدارة ترامب؟

الانتخابات الأمريكية، شهدت الكثير من التحديات والانعطافات غير المسبوقة، كانت نتيجتها عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض متغلبا على كامالا هاريس بفارق غير متوقع، هذا الانتصار يعيد الجمهورى البالغ 78 عاما إلى الرئاسة فى عودة غير متوقعة أشعلت انقساما فى الولايات المتحدة بين مؤيدين مهللين ومنتقدين قلقين من سياساته المقبلة، خاصة وعوده المثيرة للجدل حول الهجرة والنفط، وسط ترحيب الأسواق وتوتر دولى حيال أچندته المقبلة.. ترامب الرئيس الـ74 للولايات المتحدة الأمريكية يبدأ من اللحظات الأولى من إعلان فوزه مرحلة جديدة قد تكون مقلقة للبعض لكنها تعنى نهاية فترة عصيبة من حكم الديمقراطيين للبيت الأبيض خاصة على الشعب الأمريكى.. أو ربما على العالم كله.



 

 ملك العودة

تستقبل الولايات المتحدة ودول العالم أجمع مرحلة جديدة بعد فوز مرشح الحزب الجمهورى دونالد ترامب بكرسى الرئاسة مرة أخرى فى سباق العودة إلى البيت الأبيض، محطما بذلك جميع التوقعات واستطلاعات الرأى بتفوقه الكبير على مرشحة الحزب الديمقراطى كامالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن، والمعروفة بأنها امتداد للرئيس الأسبق باراك أوباما.

عودة ترامب البالغ من العمر 78 عاما تعتبر استثنائية للغاية، حيث جاءت حملته الثالثة مليئة بالتحديات بما فى ذلك محاولتا اغتيال وأربع لوائح اتهام وإدانة جنائية.

واعتبرت مجلة «نيوزويك» الأمريكية، فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، بمثابة نهاية لفترة من المتاعب للمرشح الجمهورى، الذى رفض الاعتراف بالهزيمة قبل أربع سنوات. وتبع ذلك هجوم عنيف على مبنى الكابيتول من قبل أنصاره المعروفة بـ«الترامبيستا»، أعقبه أربع لوائح اتهام جنائية، وإدانة بجناية فى 91 تهمة، وحكم بقيمة 354 مليون دولار فى قضية مدنية ضده وضد أعماله، وهيئة محلفين أخرى وجدته مسئولًا عن الاعتداء الجنسى والتشهير. والآن إما أن القضايا القانونية المعلقة ضده قد وصلت مرحلة الموت التام أو تعطلت بشدة.

من جهة أخرى، فقد أحدثت عودة ترامب إلى البيت الأبيض حالة من النشوة بين مؤيديه الذين ارتدوا القبعات الحمراء، بينما أثارت القلق بين معارضيه الذين يخشون تأثير خطابه المتشدد.

وبهذا الفوز، أصبح ترامب ثانى رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة يفوز بولايتين غير متتاليتين، بعد الرئيس غروفر كليفلاند الذى شغل المنصب بين عامى 1885 و1889، ثم بين 1893 و1897.. ورحبت وسائل الإعلام بفوزه، ووصفت بعضها ترامب بـ«ملك العودة»، بينما حققت الأسواق مكاسب ملحوظة حيث ارتفع الدولار وسجلت بورصة وول ستريت صعودا كبيرا.

 وعود «مضطربة»

ورغم حالة التفاؤل بين مؤيدى ترامب وحزبه الجمهورى، إلا أن ولايته الجديدة والأخيرة قد تحمل تحديات ووعودا مثيرة للجدل، حيث تعهد بترحيل المهاجرين «بأعداد ضخمة» من اليوم الأول، قد تصل إلى مليون مهاجر، وفق وعوده السابقة.

كما أبدى استياءه من الأموال التى تنفق فى دعم أوكرانيا ووعد بإنهاء الحرب فى الشرق الأوسط، دون تقديم تفاصيل واضحة حول خططه لتحقيق ذلك.

وفى خطاب النصر، دعا ترامب الأمريكيين إلى الوحدة وتجاوز الانقسامات التى طغت خلال السنوات الأربع الماضية، معلنا عن توليه المنصب رسميا فى 20 يناير.

وتأتى هذه الدعوة بعد حملة انتخابية شرسة، هاجم فيها ترامب منافسته بحدة واتهم المهاجرين بـ«تسميم دماء البلاد».

ورغم غموض خططه بشأن إدارة حكومته، ذكر ترامب أن الملياردير إيلون ماسك سيكون له دور كبير، بعد دعمه المالى الضخم لحملة الحزب الجمهورى.

مع تولى ترامب المنصب فى يناير المقبل، سيصبح أكبر رئيس أمريكى عند أداء اليمين الدستورية.

 الرئيس الميت

وفى تصريحات لجون كينج الصحفى والمذيع الشهير لشبكة «سى إن إن» قال فيها: «الرئيس الأمريكى السابق الذى كان يعتبر ميتًا بعد السادس من يناير 2021، أصبح الآن أقوى مما كان عليه فى الحملة الأخيرة»، مشيرًا إلى أن ترامب يتقدم على أدائه فى عام 2020 بثلاث نقاط على المستوى الوطنى.

وقال الخبير السياسى ستيف شير، لصحيفة نيوزويك: «لقد تحدى ترامب التاريخ وأنشأ تحالفًا جديدًا ومتنوعًا. إنه إنجاز غير عادى فى تاريخ الرئاسة».

وسيتولى الرئيس المنتخب منصبه والرياح تدعمه، إذ استعاد الجمهوريون السيطرة على مجلس الشيوخ، ما يعنى أن تعييناته الوزارية والقضائية من المرجح أن تواجه مقاومة ضئيلة.

والآن، بدلًا من إنهاء مسيرته المهنية على نغمة خاسرة، كرئيس تم عزله مرتين، ورئيس لفترة واحدة ومجرم مدان، سيكون أمام ترامب أربع سنوات أخرى لإعادة تشكيل الحكومة، وفرصة لتعزيز إرثه باعتباره الرئيس الجمهورى الأكثر أهمية منذ رونالد ريجان.

ولكن على النقيض من الانتصار الساحق الذى حققه ريجان قبل أربعين عامًا، قد لا يعود ترامب إلى البيت الأبيض بتفويض حكم شامل. لكن إذا كان يرى انتصاره تفويضًا، فهذه قصة أخرى، وفق «نيوزويك».

ومن المفارقة أن هاريس باعتبارها نائبة للرئيس، ستتولى رئاسة عملية تصديق الكونجرس على فوز ترامب فى السادس من يناير من العام المقبل، بعد أربع سنوات من أعمال الشغب فى الكابيتول التى بدت فى ذلك الوقت وكأنها سترسل خصمها إلى سلة المهملات.

 السيطرة الكاملة

عودة ترامب للمكتب البيضاوى، بالإضافة إلى سيطرة حزبه الجمهورى على مجلس الشيوخ وربما مجلس النواب، ستكون لديه مساحة أكبر لتنفيذ برنامجه أكثر مما كان عليه الحال فى 2016، فى ظل عوامل ساهمت بشدة فى اعتلائه قمة البيت الأبيض.

ففى 2016 فاز ترامب برئاسة البيت الأبيض مع أغلبية جمهورية فى الكونجرس لكن الأغلبية لم تكن متماشية تماما مع أجندته، إلا أنه هذه المرة سيحظى بدعم تشريعى واضح يسمح له بتمرير سياساته أيا كانت، بصورة سريعة وبمقاومة أقل من داخل الحزب.

وبالمقارنة مع عام 2016 كانت هناك انقسامات حينذاك داخل الحزب الجمهورى، وكان ترامب يواجه اعتراضات من الجانبين الجمهوريين والديمقراطيين، أما هذه المرة فالكثير من المرشحين الجمهوريين يتماشون مع أجندته، رغم انقسام قلة منهم، ما يقلل المعارضة داخل الحزب ويوجِد توجها أكثر تركيزا على سياساته الداخلية والخارجية.

باختصار، فوز ترامب فى 2024 مع حكومة موحدة سيمنحه سيطرة غير مسبوقة، ولكن مع مسئولية أكبر، واحتمال متزايد للاستقطاب، وضوابط داخلية أقل مقارنة بعام 2016.

 أسباب الفوز

وفق محللين فإن هناك ثلاث قوى رفعت من أسهم ترامب وجعلته يتبوأ هذا المنصب بمنتهى السهولة وهم الإنجيليون التقليديون والقوى المحافظة من الجمهوريين إضافة إلى كتلة من رجال الأعمال الموجودين فى وادى السليكون.

وقد عمل رجال الأعمال بصورة موحدة وقوية لعودة ترامب إلى منصبه الرئاسى، إلا أن هذه الكتلة ستعمل على تحقيق مكاسبها وأهدافها من خلال ترامب دون أى معارضة منه، وهو ما يعد موضع تساؤل بشأن مدى تجاوب ترامب مع ذلك.

كما أن هناك بعض نقاط التلاقى بين ترامب ونخبة رجال الأعمال أبرزها اتجاه «الرئيس الأمريكى الجديد» نحو تفكيك العولمة منذ مدة لا سيما بعد ما وضع فى السابق حواجز اقتصادية على أوروبا والصين واليابان.

كذلك التخلص من مسئولية الولايات المتحدة عن إدارة الاقتصاد العالمى، ويسعى إلى نفض يد الولايات المتحدة من التدخل العسكرى فى العالم، وكذلك اعتبار واشنطن ليست مسئولة عن حماية الطرق البحرية وعما يجرى فى العالم.

هذه السياسات سيرافقها عدم التوجه نحو الحروب وترك كل إقليم فى العالم يعيد تعديل الموازين الاستراتيجية فيه دون تدخل الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى أين ستذهب الأمور فى كندا والصين وأوروبا التى قد يصعد فيها اليمين المتطرف.

 مخاوف ديمقراطية

من جهة أخرى فهناك بعض المخاوف لدى الحزب الديمقراطى من هذا الفوز الساحق للجمهوريين، أهمها المخاوف من إسرائيل نفسها، وكيف سيتعاطى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مع فوز ترامب بعد أن توترت العلاقات بينهما فى آخر سنة من فترة حكم ترامب الأولى.

كذلك إيران، وكيف سيتعامل ترامب مع المرشد الإيرانى على خامنئى وهل يمكن للرجل الذى ألغى الاتفاق النووى أن يكون وسيلة لاتفاق نووى جديد أم ستكون فترة قطيعة فى فترة حكم ترامب؟

أما فيما يتعلق بروسيا، فيبدو أن بوتين سيكون أفضل فى التعامل مع ترامب عن إدارة جو بايدن والديمقراطية، بل يمكن للأمر أن يعطى للرئيس الروسى ضوءا أخضر فى استكمال مشروعه بالحرب الأوكرانية، حيث أكد ترامب مرارًا أن حرب أوكرانيا وروسيا يمكن إنهاؤها خلال 24 ساعة فقط، لكنه لم يوضح الوسيلة التى سيتبعها لإنهاء الحرب، هل بتنازل أوكرانيا عن أراضيها والرضوخ إلى روسيا.. ربما يكون هذا هو الحل الوحيد لإنهاء هذه الحرب.

أما فيما يتعلق بالصين وأزمة تايوان وكوريا الشمالية.. فمازال الوقت مبكرًا لتحديد اتجاه ترامب نحو هذه القضايا ولكن الشكل الواضح أنه سيكون فى اتجاه معاكس تمامًا عن الحزب الديمقراطى بكل قيادته سواء من داخل البيت الأبيض أو فى الكونجرس.