الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مشاهد «مفبركة» ومعلومات مضللة وعمليات احتيال كبيرة «روسيـــــا - أوكرانيــــا» الحـرب خدعة!

يعيش العالم لحظات من الشك ومشاعر عدم اليقين طويلة الأمد، خاصة فيما يتعلق بالحروب والنزاعات المسلحة، ومؤخرا انتشرت النظرية القائلة بأن الحروب والصراعات مجرد مسرحيات هزلية لتحقيق أغراض سياسية ومطامع استعمارية، وأن الحرب «الروسية- الأوكرانية» هى أكبر خدعة عرفتها البشرية فى القرن الحادى والعشرين.



والهدف من الخدعة إجهاد المشهد الجيوسياسى العالمى وإعادة تشكيله والعودة مرة أخرى إلى عالم ثنائى القطب، وهو ما جعل التضليل طريقة عسكرية غير مباشرة أحد أهدافها الأساسية استقطاب وتقسيم الرأى العام العالمى، وكان استخدام زيلينسكى خطة روسية عبقرية، لأنه دخيل على السياسة الأوكرانية، ونشأ فى الاقتصاد الإبداعى وليس من ضمن الطبقة الأوليغارشية أو النخبة، ما منحه المصداقية والشعبية التى مكنته من قيادة حملة ضخمة لبناء تحالف عالمى لدعم أوكرانيا، وليتحول من ممثل كوميدى إلى زعيم، ووجه وقور للديمقراطية الليبرالية الأوروبية.

أسباب الغزو الروسى لأوكرانيا، والذى يعتبر أكبر حرب فى أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية متغيرة وغير مقنعة، حيث ادعى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أنها كانت لحماية روسيا من حلف شمال الأطلسى، وتطهير أوكرانيا من النازيين وحماية الناطقين بالروسية فى منطقة دونباس، واستعادة الأراضى التى كانت مملوكة لروسيا فى السابق، والغريب أن تلك الأسباب تتغير أسبوعيا بحسب الظروف التى يجد نفسه متورطًا فيها، لكن الحقيقة أنه لا يوجد سبب للحرب، حيث لم يحدث شيء، سواء فيما يتعلق بانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبى أو إلى حلف شمال الأطلسى، كما لم تحقق روسيا أهدافها ولم تتوقف الحرب حتى الآن.

ومن الواضح أنه خلال الفترة التى سبقت الحرب قامت روسيا ببذل جهود جبارة لإعطاء الانطباع بوجود خلافات متزايدة، وصدع فى العلاقات بين البلدين، مما يدعم النظرية القائلة بأن الحرب برمتها عملية احتيال كبيرة يديرها بوتين، فإذا كان غزو أوكرانيا هوالدافع الوحيد وراء هذه الحرب لكان الجيش الروسى قد حقق هدفه بالفعل فى غضون أسابيع، لكن روسيا تعمل على شيء أكبر، فالحرب هى طريقها لإعادة كتابة معادلات القوة فى العالم بأسره، وبوتين يغامر بالحرب سعيًا إلى تفكيك حلف شمال الأطلسى، ومحاولة انتزاع الاتحاد الأوروبى وخاصة ألمانيا من التحالف مع الولايات المتحدة.

 وخلال الحرب الوهمية استخدم كل من النظام الروسى والأوكرانى حملات تلاعب شعبية سيئة السمعة، استندت على استخدام وسائل التضليل التقليدية من خلال التأثير على الرأى العام، وتقديم الذات كضحية والتقليل المستمر من الخسائر، وعلت أصوات الأوكرانيين وادعائهم أنهم حطموا عقدة النقص التى كانت تلازم بلادهم باعتبارها الأخ الأصغر لروسيا، وأعلنوا أنهم لن يعيشوا مرة أخرى فى سارافان الإمبراطورية الروسية، وأنهم تفوقوا تكتيكًا وعسكريًا على المقاتلين الروس.

 مقاطع رقمية مزيفة

أصبح من الصعب فى عصر الذكاء الاصطناعى أن نصدق سيناريوالأفلام الرخيصة التى تباع على أنها حقيقة، ففى غضون ساعات من بدء روسيا غزوها الكاذب بثت مقاطع فيديو مضللة لانفجارات ضخمة تدعى أنها قنابل روسية تضرب المقرات الأوكرانية، واتضح فيما بعد أنها لا علاقة لها بالأمر، فقد كانت معظمها فى تيانجين فى الصين وبيروت، وانتشرت المقاطع على نطاق واسع عبر «فيسبوك وتويتر» وغيرهما من المنصات، واستحوذت اللقطات الدرامية على انتباه العالم، كما بدأت الوحدات السيبرانية فى نشر الشائعات والصور والمقاطع الرقمية المزيفة والمعدلة بتقنية الذكاء الاصطناعى عبر منصات التواصل الاجتماعى، وأيضا مشاركة قصص شعبية لا أساس لها من الصحة عن الأعمال الشجاعة الأوكرانية وأشهرها أسطورة شبح كييف المقاتل الذى يقال إنه تمكن بمفرده من تدمير ست طائرات روسية فى غضون ساعات من بداية الغزو.

كما تم تداول لقطات قديمة من ألعاب الفيديو وتدريبات عسكرية عالمية إلى جانب الشائعة التى حصدت ملايين المشاهدات، وقد تم تضخيم هذا الادعاء من قبل الرئيس الأوكرانى السابق بيتر وبوروشينكو، قبل أن يؤكد الجيش الأوكرانى بعد الفضيحة التى كشفها بعض الأطفال من مستخدمى ألعاب الفيديو القتالية أن «شبح كييف» كان أسطورة بطل خارق، إلى جانب نشر صور مفبركة لضحايا ومصابين.

وفى مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع ظهر مراسل إخبارى وهو يقف أمام صفوف من أكياس الجثث، وكان أحدها يتحرك، وفى الحقيقة أن المقطع مأخوذ من احتجاجات الجمعة من أجل المستقبل ضد تغير المناخ فى فيينا فى فبراير قبل ثلاثة أسابيع من بدء الغزو، للإشارة إلى أن أكياس الجثث ترفع من مخاطر انبعاثات الكربون التى تهدد الحياة على الأرض، كما تبين أن مشاهد المجازر والقتل الجماعى للمدنيين فى بلدة بوتشا التى نظمتها السلطات الأوكرانية كانت مفبركة، وكلها دمى اصطناعية، حيث أظهر مقطع فيديو سريع دمية اصطناعية يرتديها رجلان ويجهزانها.

 وأكدت ناديجدا، مساعدة مخرج فى برنامج تلفزيونى روسى، أن الفيديو أظهر موقع تصويرهم بالقرب من سانت بطرسبرغ، وليس أفرادًا من الجيش الأوكرانى.

 وأضافت إن معظم المعلومات المقدمة لا علاقة لها بالواقع ومعلومات مضللة، وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى على عمليات الخداع الإعلامى حول الحرب الروسية - الأوكرانية المزيفة، مثل عمليات التفجير الوهمية لأماكن فارغة وخارج الخدمة، ومنها الهجوم المميت على مستشفى للولادة فى مدينة ماريوبول، وأظهرت اللقطات المصورة سيدة حامل كضحية للهجوم، واتضح أنها «بلوجر» ذات شهرة محلية قامت بتمثيل دور الضحية.. وفى مقطع فيديو آخر تم تحريره رقميًا للاجئين أوكرانيين قاموا بإحراق منزل فى ألمانيا أثناء محاولتهم إشعال النار فى العلم الروسى، وكشفت التحقيقات أن لقطات حريق المنزل تعود إلى عام 2013 أى قبل عدة سنوات من بدء الحرب فى أوكرانيا، وزعم مستخدمون آخرون كذباً أن السلطات الألمانية دعت مواطنين أوكرانيين للإقامة فى معسكر اعتقال نازى سابق لحمايتهم من ويلات الحرب باستخدام صور معدلة، وبعد انتشار الشائعة قام النصب التذكارى فى ساكسنهاوزن بنفيها ووصفها بأنها مجرد كذبة .

ليس فقط الخدع الإعلامية هى التى تثبت أن الحرب مفتعلة لكن القرارات السياسة الغريبة، وأغربها كان رفض الرئيس الأوكرانى زيلينسكى للجسر الجوى الذى عرضه الرئيس الأمريكى جوبايدن فى وقت مبكر من الحرب، فهو يعد بمثابة دليل قوى أن الحرب غير حقيقية وإصراره الدائم على مواجهة أهوال الحرب مع شعبه بمفردهم على الرغم من مطاردة المرتزقة له كما يدعى، وقدرة أوكرانيا العجيبة على الصمود والتماسك الوطنى على الرغم من وجود ما يقدر بنحو 14 مليون شخص نازح، وعلى الرغم أيضا من تعرض بنيتها التحتية وشبكات الطاقة والنقل للهجوم المستمر نجحت فى الحفاظ على قدرتها على العمل بشكل طبيعى.