الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. تحديات اقتصادية غير مسبوقة.. حولت الدولار من عملة إلى سلعة.. الحل.. تخارج الدولة والتنافسية وتغيير أنماطنا الاستهلاكية!

مصر أولا.. تحديات اقتصادية غير مسبوقة.. حولت الدولار من عملة إلى سلعة.. الحل.. تخارج الدولة والتنافسية وتغيير أنماطنا الاستهلاكية!

يستكمل الحوار الوطنى المرحلة الثانية من جلساته.. فى التركيز على المحور الاقتصادى على اعتبار أن الأزمة الاقتصادية هى ضمن أولويات المرحلة القادمة فى ظل ولاية رئاسية جديدة.



ما يعانيه الاقتصاد المصرى هو نتيجة مباشرة لإرث سنوات قديمة لبعض الممارسات الخاطئة للإصلاح الاقتصادى خاصة فى ظل التحولات الضخمة لهويتنا الاقتصادية منذ ثورة يوليو 52، فضلًا عما يحدث من متغيرات عالمية تؤثر فينا مثلما تؤثر فى غيرنا بدرجات متفاوتة.

نحتاج إصلاحًا اقتصاديًا حقيقيًا وشاملًا.. يعيد للمواطن المصرى الأمل، وينعش الأسواق، ويعيد الثقة للمستثمرين من أجل أن يستعيد الاقتصاد المصرى المكانة التى يستحقها.

التنمية بالسياسات..

ركز النظام السياسى المصرى خلال السنوات الثمانى الماضية على البناء الداخلى فى سبيل تأسيس بنية أساسية قوية، وقد حققت نموًا إيجابيًا فى هذا المضمار رغم الأزمات العالمية (وباء كورونا وتجميد حركة العالم، الحرب الأوكرانية وما ترتب عليها من أزمات فى حركة التجارة الدولية، الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى المتصاعد وأد كل محاولات الوصول للسلام، أزمة السودان التى تتفاقم بعيدًا عن شاشات تفاعلات السياسة الدولية، عدم استقرار ليبيا والمزيد من الانقسامات، تهديد الحوثيين وهجماتهم فى باب المندب وإعاقة حركة الملاحة الدولية). وهى أزمات كان لها تأثير علني بشكل أو بآخر، وبدرجات متفاوتة ومتباينة.. باعتبارها ظروفًا معاكسة لكل الجهود المبذولة للجمهورية الجديدة.

ولذا فإنه رغم كل ما سبق، نجد أن السياسة المصرية صممت على اتباع نموذج تنموي مرتكز على المشروعات الكبرى فى كل من: النقل: (مطارات وموانئ، وقطارات متنوعة..)، والطرق (شوارع وكبارى ومحاور)، والكهرباء (بعدة وسائل متنوعة حديثة تكنولوجيًا)، والمناطق العمرانية الجديدة (للتخلص من العشوائيات الخطرة من خلال إحلالها بمناطق أمنة)، واستصلاح الأراضى (باستخدام أساليب الرى الحديثة وزيادة الرقعة الزراعية).

تحديات استثنائية..

التحدى الأول هو أنه لا يزال الجزء الأكبر مما نحصل عليه من الدولار هو من جهود إرث الأجداد سواء من السياحة أو من إيرادات قناة السويس. أما التحدى الثانى، فهو تعرض المستثمر المصرى لتحديات إدارية ومشكلات ضريبية لا حصر لها.. تستهدفه وتعطله وتعرقله فى مقابل العكس تمامًا مع المستثمر الأجنبى. وهناك أيضًا، تحديات اقتصادية تاريخية، منها: أننا على مر التاريخ قد حاولنا ضبط الأسعار بقرارات إدارية. واللجوء إلى زيادة تكاليف الخدمات بنسب متضاعفة. وإعداد وتنفيذ برامج طويلة الأجل دون العناية بمصادر تمويلها. وأخيرًا إرجاء التصدى للمشاكل العاجلة لأجل غير مسمى.

بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن تحدى سنة 2024 باعتبارها سنة صعبة، يعود إلى أن مصر ملتزمة فيها بتسديد خدمة الدين.. فى ظل زيادة مصروفات الدولة، وتراجع الإيرادات. وضعف وتراجع الموسم السياحى الحالى بسبب الأجواء التى تعيشها المنطقة. وتراجع تحويلات المصريين فى الخارج. وانخفاض إيرادات قناة السويس بسبب التوترات عند باب المندب. فضلًا عن تغطية الالتزامات الأساسية الشهرية لشركات البترول الأجنبية، وأرباح الشركات الأجنبية. وسداد ودائع انتهت مهلتها الزمنية.

مقترحات الحلول..

1 - تفعيل وثيقة ملكية الدولة لتخارج الدولة من بعض المشروعات الاقتصادية لدعم ازدهار القطاع الخاص وتمكينه من العمل فى إطار الالتزام بالتنافسية.

2 - دعم الاستثمار الوطنى الخاص قبل الحديث عن جذب أى فرص خارجية. وذلك من خلال التأكيد على أن المستثمر المصرى له أولويات وامتيازات.

3 - استعادة الثقة للمستثمر المصرى قبل الأجنبى من خلال حوافز استثمارية سواء كانت تخصيص أراض مجانية، أو إعفاءات ضريبية، أو امتيازات تأمينية، أو تسهيلات وتيسيرات إدارية مثل «الشباك الواحد»…

4 - بناء المصانع وتوطين صناعات جديدة باستثمارات داخلية وطنية.. هو نموذج عبور الاستثمار الأجنبى لمصر ليقينه حينها أن هناك مناخًا عامًا منضبطًا قانونيًا وصديقًا للاستثمار وجاذبًا وميسرًا له.

5 - نجاح ما سبق، من شأنه جذب الاستثمارات الأجنبية بامتيازات وإعفاءات متنوعة ومتعددة، وهو أمر مطلوب ومرغوب. 

6 - تعاون وتشجيع المسئولين التنفيذيين والقيادات الحكومية فى الوزارات المعنية وذات الصلة بالاستثمار والمشروعات للإنجاز دون عرقلة.

7 - إتاحة فرص استثمارية حقيقية بعدما أصبح لدينا أعلى حوافز جاذبة للاستثمار فى المنطقة كلها. وهو ما يحتاج الإعلان عنه بشكل مكثف داخليًا وخارجيًا على السواء.

8 - التسويق للاستثمار فى مصر على أسس علمية حديثة فى المنتديات الاقتصادية الدولية.

9 - دعم مبادرة «أبدأ» لتطوير الصناعة المصرية التى استطاعت دعم طريق توطين بعض الصناعات الحديثة.

10 - مواجهة الاقتصاد غير الرسمى (الباعة الجائلين، ومصانع بير السلم، والبقشيش الذى يعد أكبر سوق للأموال المدفوعة مقدمًا دون مقابل رسمى).

الخصخصة..

التوعية الاقتصادية والاستثمارية من خلال مواجهة الشعارات سابقة التجهيز التى يطلقها البعض باعتباره من الوكلاء الحصريين للدفاع عن الشعب المصرى، وعدم ترويج الشائعات لوقف أى إجراء مثلما يحدث من إطلاق شعارات الإنذار المبكر على غرار: باعوا مصر، والخصخصة، وتمليك الأجانب.. وغيرها من شعارات جوفاء لا تقدم، بل تؤخر. وسيسهم الإعلان والشفافية فى الإعلان والإجراءات والمعايير المتبعة على إفشال مثل تلك الشائعات الموجهة.

يحتاج الاقتصاد المصرى إلى زيادة مساحة القطاع الخاص للمزيد من المشروعات الجديدة. وما يتواكب مع ذلك من سرعة تنفيذ حلول هيكلية للتخارج الجزئى للدولة كما ذكرت من قبل من بعض القطاعات والاستمرار فى بعض القطاعات الأخرى من خلال تخطيط دقيق لترسيخ الصناعات الوطنية ودعم وجود المزيد من المستثمرين المصريين. 

انفجار الأسعار..

يجب تشريع قوانين استثنائية سريعة تترجم لإجراءات وآليات تنفيذية فى سبيل:

- القضاء على الاحتكار وتحكم بعض التجار فى السوق بشكل لا يستهدف سوى تحقيق أكبر قدر مضاعف من الربح مثلما كان يحدث.

- استمرار إصدار قرارات للحماية الاجتماعية ودعم المواطن فى ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، وفى ظل تطورات الأزمة الاقتصادية الجارية.

- اتخاذ إجراءات حكومية صارمة من خلال أجهزتها الرقابية خاصة جهاز حماية المستهلك بتكثيف حملات ضبط الأسواق ومراقبة أسعار السلع والخدمات لمنع أى زيادة فى أسعار السلع الأساسية والاستراتيجية للحد من التضخم، وتحقيق الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلى.

- إعداد حملات توعية المواطن المصرى بدوره الأساسى فى عملية مراقبة الأسعار، والإبلاغ عن التجار الجشعين وحجب السلع واحتكارها.

- التسعير الإجبارى، والالتزام بوضع الأسعار على جميع المنتجات بشكل تدريجى خلال مدة زمنية محددة. - تجريم تخزين السلع أو إخفائها أو الامتناع عن بيعها أو عدم طرحها للبيع أو تعطيش السوق، أو التلاعب بالأسعار.

عملة، وليس سلعة..

نحتاج إلى تحرير سعر الصرف بشكل كامل للتعامل مع قيمة الدولار الحقيقية كعملة للاستيراد والتبادل التجارى، وليس كسلعة يتم التعامل معها بمنطق التخزين وتعطيش السوق والبيع بأعلى سعر فى السوق السوداء لوقف التعامل مع الدولار باعتباره سلعة للبيع والشراء. أن تحرير سعر الصرف بالتركيز على توفير سيولة دولارية كبيرة لحل التراكمات الموجودة فى السوق لضبط سعر الصرف من شأنه دعم ثقة المستثمرين فى القطاع المصرفى. واجتذاب سيولة دولارية معتبرة عبر ضخ استثمارات دولية فى الاقتصاد المصرى. والقدرة على استمرار المفاوضات المستقبلية الجارية مع صندوق النقد. وفتح سبل تعزيز اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية مع دول الاتحاد الأوروبى.

نقطة ومن أول السطر..

فى اعتقادى، أن كل ما سبق.. يحتاج أن يتواكب معه إعداد حملات توعية غير مباشرة لاستبدال بعض عاداتنا الاستهلاكية المدمرة لأنماط استهلاك جديدة، على غرار أن تخفيضنا 10 % فقط من استهلاكنا اليومى للكهرباء.. سيمنع قطع الكهرباء نهائيًا. أو على غرار التعامل المفرط فى استهلاك رغيف العيش بشكل غير سليم فيه إهدار. 

تغيير أشكال وأساليب وأنماط استهلاكنا.. من شأنه أن يحدث اختلافًا فى مواجهة الأزمات الاقتصادية للمواطن وللدولة.