السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. ضد التمييز والإقصاء والاستبعاد والتهميش.. المواطنة فى طريق الدولة المدنية المصرية!

مصر أولا.. ضد التمييز والإقصاء والاستبعاد والتهميش.. المواطنة فى طريق الدولة المدنية المصرية!

أؤمن أن المواطنة هى فلسفة حقوق، وأن أهم ما يميزها أنها لا يوجد بها أى تخصيص لفئة أو تمييز لمواطن على حساب مواطن. كما أنها تتجاوز ذلك لكونها فلسفة للمساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن النوع الاجتماعى (رجل أو امرأة)، والمرحلة العمرية (كبير أو صغير السن)، والانتماء الجغرافى (الريف أو الحضر)، والانتماء العرقى (أبناء النوبة أو أبناء البدو)، أو العقيدة الدينية (يهودى أو مسيحى أو مسلم أو غير ذلك)، ومن أصحاب البشرة البيضاء أو السمراء، وغنى ماديًا أو غير مقتدر. إنها فلسفة الإنسان.



رواد المواطنة

صدر أخيرًا الجزء الأول من كتاب «رواد المواطنة فى مصر» للدكتور محمد حسينى الحلفاوى. يضم الكتاب 12 شخصية.. يرى أن رسالتهم كانت الدفاع عن الوحدة الوطنية ومبدأ المواطنة بين المصريين. والكتاب بهذا الشكل بمثابة موسوعة لشخصيات المواطنة وروادها من خلال مواقفها وآرائها. وربما لم يستخدم بعضهم مفهوم «المواطنة» فى إسهاماته الفكرية بشكل مباشر لكونه مصطلح ومفهوم حديث نسبيًا.. غير أنهم كتبوا ودافعوا عن مضمونه ومحتواه بشكل حقوقى وإنسانى.

دافع غالبية رواد المواطنة حسبما جاء ذكرهم فى الكتاب عن حقوق المواطنين المصريين سواء فى حق العبادة وحرية الاعتقاد وتولى المناصب العليا حسب الكفاءة والاقتدار، واقتصار التعريف الدينى على العلاقة الشخصية بين كل مواطن مصرى وربه.شخصيات المواطنة

1- القمص سرجيوس.. أيقونة الوحدة الوطنية، مناضل وطنى ومصلح دينى. أثبت وطنيته بمواقف معلنة من على المنابر الدينية ضد الاحتلال، ومع استقلال مصر ورحيل الاستعمار بجرأة لم تتكرر بعد ذلك.

2 - الزعيم مكرم عبيد.. فارس المواطنة المصرية. السياسى المفوه الذى استطاع أن يحجز لنفسه مكانة خاصة ضمن السياسيين المصريين. وكان دائمًا قدوة للكثير من الشباب المصرى الذى طمح أن يكون له دور فى العمل السياسى.

3 - كامل منصور.. فيلسوف التضافر بين الأحياء. عالم كبير وخبير تطوير التعليم الجامعى، وأحد أهم رواد الثقافة العلمية.

4 - المفكر خالد محمد خالد.. والمواطنة الكاملة. دافع عن العدالة الاجتماعية، وحقوق المرأة، والديمقراطية، والوحدة الوطنية. وهو ما نقرأه فى «من هنا نبدأ»، و«مواطنون لا رعايا»، و«الدولة فى الإسلام».

5 - القاضى المفكر وليم سليمان قلادة.. ومبدأ المواطنة. مفكر وطنى مرموق، كان له دور معتبر فى تأسيس فكر المواطنة وشرحه وتثبيته ونشره فى إطار الجماعة المصرية التى عاش وهو شديد الانتماء إليها.. فكانت الوطنية المصرية هى الهدف والغاية التى عاش لها ومن أجلها.

6 - ميلاد  حنا..  مهندس المواطنة المصرية. قام بدور فكرى معتبر فى ترسيخ أعمدة الشخصية المصرية السبعة التى تستند إلى الحضارات والثقافات المتعددة دون إهمال أو تصعيد لواحدة عن أخرى. كما يحسب له دوره الدبلوماسى فى العلاقات «المصرية - السودانية» التى كان أحد روادها. 

7 - الدكتورة ليلى تكلا.. بنك الأفكار. أسهمت بالكثير من الأطروحات فى سبيل دعم المواطنة المصرية بشكل وطنى. كما يحسب لها الأدوار التى قامت بها خلال توليها لجنة المواطنة بالمجلس الأعلى للثقافة، ودورها فى احتواء الكثير من الأزمات والتوترات الطائفية.

8 - جمال بدوى..  عاشق التاريخ. استطاع أن  يتناول  تاريخ مصر القديم والعظيم ليثبت أن حضارتنا كان لها أكبر الأثر فى تشكيل وعينا الذى حاول البعض كثيرًا اختطافه. ولكن أثبتت الأيام أن المارد المصرى العظيم يظهر فى الأزمات والكوارث. 

9- مصطفى الفقى..  دبلوماسى المواطنة المصرية. سياسى ورجل دولة ومؤرخ.. درس علاقة مكونات الشخصية المصرية من خلال نموذج مكرم عبيد. ويعد واحدًا من أهم الشخصيات التى قامت خلال سنوات طويلة ليس فقط فى احتواء الأزمات الطائفية، ولكن بالتواصل وتقريب وجهات النظر بين الكنيسة والدولة.

10- المناضل أحمد الجمال.. والضفيرة الحضارية المصرية. تتفق أو تختلف معه، ولكنه يظل واحدًا من أهم المثقفين الحقيقيين الذى يتسم بالموسوعية والعمق فى تناول الأفكار وتحليل القضايا والأفكار.

11- جمال أسعد.. أيام مصرية. سياسى محنك، ظلمه الرأى العام كثيرًا لآرائه الصادمة والجدلية فى المؤسسة الدينية. ولكنه يظل سياسيًا من طراز خاص.. لم يتكسب من العمل السياسى، ولم يستغل دوره فى تحقيق مكاسب شخصية.

21- حمدى رزق.. كيرياليسون. الذى دائمًا ما يتناول قضايا العلاقات المسيحية - الإسلامية من منظور وطنى بحرص شديد.. يرتكز على معرفة ومعلومات.  وهو ما جعله رمزًا من رموز الوطنية المصرية.  

المواطنة فى المانيفستو

أكتب هنا ملاحظات مهمة عن تطور اعتقادى فى منظومة المواطنة حسبما ذكرت فى الحوار القيم الذى دار بينى وبين الصديق الأستاذ أحمد الطاهرى فى برنامج «المانيفستو» يوم الثلاثاء الماضى على الراديو 9090 لكونها تمثل اشتباكًا فى مساحة.. ظلت لفترة دون حراك حقيقى.

1 - اقتصر مفهوم المواطنة قبل ثورة 30 يونيو باعتباره مجرد مصطلح تمت إضافته لنص الدستور، وهو ما جعله من أكثر المفاهيم تداولًا سواء فى كتابات المثقفين والمفكرين، أو فى حلقات التوك شو، أو فى برامج منظمات المجتمع المدنى ومراكزه من خلال برامجه وأنشطته ومشروعاته. كما تناولته المؤسسات الدينية فى إطار الحديث عن تجديد الخطاب الدينى حينذاك.. شكلًا وليس مضمونًا.

2 - بعد ثورة 30 يوينو.. حدث تغيُّر أساسى فى تحول مفهوم «المواطنة» من الجانب النظرى الفكرى إلى التطبيق العملى والتنفيذى على أرض الواقع، استطاعت دولة 30 يونيو من خلال رئيس الجمهورية فى مواقف مباشرة تفعيل المواطنة بالشكل الذى جعل المواطن المصرى يشعر بأهميته وإنسانيته وكرامته.. رغم عدم ترديدها واستخدامها كثيرًا فى الخطاب السياسى لدولة 30 يونيو.

3 -  ذهب الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إحدى عظيمات مصر التى تم التحرش بها أثناء الانتخابات الرئاسية فى ميدان التحرير. وكانت نقطة انطلاق وإشارة إلى جميع أجهزة الدولة التنفيذية.. للتأكيد على أن هناك صيغة جديدة مرتكزة على الاحترام والمساواة فى نظرة الدولة ونظامها السياسى للمرأة المصرية. وهو ما جعلها تستعيد حقوقها المسلوبة لسنوات طويلة بشكل قانونى.

4 - تعامل الرئيس عبدالفتاح السيسى مع المواطنين المسيحيين المصريين وكنيستهم بشكل يحمل نوعًا من التقدير والاحترام بشكل لم يسبق له مثيل قبل ذلك منذ ثورة يوليو 52. خاصة أن علاقة الرئيس جمال عبدالناصر بالكنيسة.. قد اقتصرت على علاقة شخصية مع البابا كيرلس.. لم تنعكس فعليًا على منظومة الحقوق للمواطنين المسيحيين المصريين.

5 - تعامل الرئيس عبدالفتاح السيسى مع قضية بناء الكنائس باعتبارها «بيوت للصلاة والعبادة». ودعم صدور قانون «بناء وترميم الكنائس»، وأصبح وجود الكنائس أمرًا طبيعيًا.. لا يتسبب فى مشاكل مجتمعية. وبذلك يكون رسخ وضعًا قانونيًا وطبيعيًا.. على عكس ما كان يروج له قبل ثورة 30 يونيو من أن بناء الكنائس سيتسبب فى أزمات وتوترات طائفية مع تيارات الإسلام السياسى والحركات السلفية.

6 - قبل ثورة 30 يونيو، كان بناء الكنائس وترميمها يمثل ما لا يقل عن %50 من الأزمات والتوترات الطائفية التى شهدها المجتمع المصرى. والآن بعد مرور أكثر من 10 سنوات على 30 يونيو.. أصبح هناك وفرة حقيقية فى الكنائس للدرجة التى جعلت الأجيال الجديدة لا تستوعب تداعيات ذلك لأكثر 60 سنة تقريبًا.

7 - حدث اهتمام إنسانى حقيقى من دولة 30 يونيو بالأشخاص ذوى الإعاقة، ولم يكن من الوارد قبل ذلك أن يلتقوا بالرئيس وجهًا لوجه قبل ذلك. وهو ما انعكس على اهتمام أجهزة الدولة التنفيذية بهم. وهو ما نراه الآن من البرامج المتخصصة لتأهيلهم وتمكينهم لممارسة حياتهم بشكل إنسانى طبيعى من خلال إتاحة الأماكن والمواصلات العامة وغيرهما.

8 -  رسخت دولة 30 يونيو كرامة المواطن المصرى داخليًا من خلال تطور علاقة رجل الشرطة بالمواطن المصرى على أساس قانونى وإنسانى، واستعادة الثقة وعدم الخوف من الدخول لأقسام الشرطة. وخارجيًا من خلال ترسيخ مبدأ المعاملة بالمثل دبلوماسيًا، والحرص على كرامة المواطن المصرى وحل مشاكله فى أى دولة لدرجة ذهاب وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج لحل مشكلة مواطن مصرى واحد فقط.  

نقطة ومن أول السطر

قبل أحداث 25 يناير 2011، كنت أكتب عن المواطنة بشكل نظرى وصيغة فلسفية أكثر من اللازم. ولكن تغيرت كتاباتى بعد ثورة 30 يونيو.. بعد أن تحولت المواطنة إلى فلسفة وطنية لا يمكن التراجع عنها. كما أصبحت تعبر عن مسئولية إنسانية لدولة 30 يونيو التى هى الجمهورية الجديدة.