الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. طريق «الحِوار الوطنى» للإصلاح السياسى..  العملية الانتخابية.. لا تقوم على فراغ نسبى أو مطلق!

مصر أولا.. طريق «الحِوار الوطنى» للإصلاح السياسى.. العملية الانتخابية.. لا تقوم على فراغ نسبى أو مطلق!

كان من الطبيعى أن تناقش جلسات «الحِوار الوطنى» أشكال الأنظمة الانتخابية التى تمثل الإجراءات الخاصة لترجمة أصوات الناخبين الصحيحة المشاركة فى العملية الانتخابية إلى مقاعد مخصّصة سواء لمرشحين مستقلين أو لأحزاب حسب النظام الانتخابى المتبع فى الانتخابات العامة..اختيار النظام الانتخابى هو من صميم إصلاح العملية الانتخابية، وهو أمرٌ مرتبط بمدى استجابة الدولة من خلال أجهزتها أو المؤسّسة المنوط بها تطوير إدارة العملية الانتخابية وتغييرها وتعديلها بما يتلاءم مع تحقيق انتخابات نزيهة ومنضبطة ومحايدة من خلال شفافية الإجراءات. 



 تصميم الأنظمة الانتخابية..

تحقيق اختيار نظام انتخابى محدد: نوع النظام الانتخابى، وحجم الدوائر الانتخابية وطرُق ترسيمها وتحديدها، وشكل ورقة الاقتراع، والطرُق المعتمدة لتسجيل الناخبين، وتوقيت عَقْد الانتخابات، والتخصيص (الكوتا) إن وُجِد. وهو ما يعتمد بشكل أساسى على السياق المجتمعى، وهو ما يعنى أنه لا يوجد نظام انتخابى مثالى.. يمكن تعميمه؛ بقدر ما يتم اختيار النظام الانتخابى.. طبقًا لتطوّر العملية الانتخابية فى ظل إصلاح سياسى واسع المدى. وبمعنى آخر؛ يعتمد النظام الانتخابى على السياق الاجتماعى والسياسى الخاص بكل بلد.. فلا يوجد أى نموذج موحد قابل للتطبيق فى كل دول العالم.. فالنظام الصالح لبلد ما قد لا يكون كذلك لبلاد أخرى.

وسوف نركز هنا على كل من: النظام الفردى، ونظام القائمة النسبية، ونظام القائمة المغلقة باعتبارهم محل الاهتمام والنقاش والجدل والاختلاف.

 

 النظام الفردى..

يتم تقسيم الدولة إلى عدة دوائر انتخابية تتماشى مع عدد النواب المراد انتخابهم وفقًا للدستور بحيث يكون لكل دائرة انتخابية عدد محدد من المرشحين، ولا يجوز للناخبين أن ينتخبوا أكثر منه. ويفوز فى ذلك النظام من يحصل على أغلبية الأصوات.

يُعَد النظام الفردى من أبسط نظم التعددية (الأغلبية) فى العملية الانتخابية؛ حيث يفوز المرشح الحاصل على عدد من الأصوات يفوق ما حصل عليه منافسوه فى الانتخابات. وذلك دون شرط الحصول على الأغلبية المطلقة للأصوات الصحيحة. ويتم استخدام هذا النظام فى الدوائر الانتخابية الأحادية التمثيل أى التى يتم الاقتراع فيها للمرشحين من الناخبين وليس للأحزاب.

من إيجابياته: بسيط وسهل الفهم، وله قوة فى التمثيل الجغرافى، ويمنح الناخبين اختيارات واضحة بين مرشحين محددين، ويدعم وجود معارضة قوية، ويسهم فى استبعاد الأحزاب المتشددة والمتطرفة فكريًا أو سياسيًا، ويسهم فى تشكيل حكومة تتمتع بأغلبية برلمانية.

من تحدياته: يعمل على استبعاد الأحزاب الصغيرة، ويعمل على استبعاد المرأة والأقليات العددية من التمثيل، ويؤدى إلى ضياع أعداد كبيرة من الأصوات، ويحتاج إلى ترسيم الدوائر الانتخابية، ويسهل حدوث تجاوزات لأغراض غير قانونية، ويصعب معه تنظيم عملية الاقتراع عن بُعد، وعادة ما يتم فيه إجراء انتخابات فرعية وتكميلية.

نظام القائمة النسبية..

يقوم كل حزب سياسى أو تكتل انتخابى فى ظل نظام القائمة النسبية بتقديم قائمة من المرشحين لدائرة انتخابية متعددة التمثيل، ويقوم الناخبون بالاقتراع لصالح التكتل أو الحزب. ويفوز التكتل أو الحزب بحصة من المقاعد تتناسب مع حصته أو مجموع ما حصل عليه من أصوات انتخابية. وهو ما يعنى أن القائمة التى تحصل على أغلبية الأصوات لا تستحوذ على كل المقاعد لهذه الدائرة مثلما يحدث فى نظام القائمة المغلقة.

أمّا المرشحون الفائزون فيتم إعلان حصولهم على المقاعد طبقًا لترتيبهم المتسلسل على القائمة الحزبية المرشحين عليها فى ظل القوائم النسبية المغلقة. أمّا القوائم النسبية المفتوحة أو الحُرة؛ فيكون للناخبين تأثيرٌ فى ترتيب المرشحين.. لكونها تمكنهم من الاقتراع للمرشحين المفضلين على قوائم الأحزاب، سواء مرشح أو عدة مرشحين بدل التصويت للأحزاب حتى يتم استكمال جميع المقاعد، ويتم جمع الأصوات التى حصل عليها مرشحو الحزب الواحد لتشكيل مجموع أصوات الحزب. وبهذا ينجح من وقع عليه الاختيار ويخسر الباقى.

من إيجابيات القائمة النسبية: دعم التعددية الحزبية، وزيادة فرص الفئات والأقليات العددية فى الفوز بالانتخابات، ويدعم هذا النظام حصول المرأة على فرص أكبر لتمثيلها سياسيًا، وقلة عدد الأصوات المهدرة، ويساند ارتفاع مستويات المشاركة.

أمّا تحدياتها: الاحتياج إلى دراسات دقيقة وعمليات حسابية معقدة حول عدد المقاعد فى كل دائرة انتخابية وعدد الدوائر على مستوى الدولة. وضعف التمثيل الجغرافى. ويمكن أن تصل من خلاله الأحزاب المتطرفة والمتشددة إلى المجالس المنتخبة. بالإضافة إلى تعرضه لمشكلات قانونية بسبب الدعاوى القضائية العديدة.

 القائمة المطلقة المغلقة..

هى التى يكون ترتيبُ المرشحين فيها على القائمة ثابتًا.. حسبما يعتمد من الحزب أو التكتل الذى شكّل القائمة. ولا يمكن للناخبين هنا التعبير عن أى خيارات أو تفضيلات لأى من المرشحين أو تعديل ترتيبهم. ولذا تتضمن ورقة الاقتراع أسماء الأحزاب السياسية أو التكتلات السياسية ورموزها فقط. ويختار الناخب قائمة من بين القوائم المختلفة المشاركة فى الانتخابات وبمجرد انتخاب قائمة بعينها.. تنجح هذه القائمة بجميع مَن فيها.

من إيجابيات القائمة المغلقة: سهلة التطبيق. وتضمن عدم التعرض لمشكلات قانونية ودستورية.. يترتب عليها نزاعات قضائية. ويتنافس فى الدائرة الانتخابية الواحدة أكثر من قائمة تضم عشرات المرشحين، حسبما تقرر القوانين الانتخابية. وتفوز فيها القائمة التى تحصل على 50 % أو أكثر من عدد أصوات الناخبين الصحيحة بكل مقاعد الدائرة، بينما تخسر كل القوائم الأخرى التى لم تحصل على نسبة الـ 50 % من الأصوات. وتقسّم البلاد إلى عدد محدود من الدوائر الانتخابية، وتضع القوى السياسية قوائمها الانتخابية فى هذه الدوائر المقررة، وتحافظ على تمثيل الفئات. كما تضع قوائم احتياطية يتم اللجوء إليها فى حال بُطلان أو إسقاط عضوية أو وفاة أحد أعضائها. أمّا تحدياتها فهى: أنها إمّا أن تنجح كاملة أو تخسر كاملة، فلا يمكن اختيار مرشحين من داخلها دون غيرهم.

عن النظام الانتخابى الأفضل.. 

تنوعت النظم الانتخابية فى مصر منذ تأسيس أول «مجلس شورى النواب» سنة 1866 بين الانتخاب المباشر وغير المباشر، الفردى والقائمة المفتوحة والقائمة المطلقة، والقائمة النسبية، والجمع بين النظام الفردى والقائمة المطلقة والقائمة النسبية.. ليستقر حتى آخر انتخابات بالجمع بين الفردى والقائمة.

لا يوجد نظام انتخابى جيد أو مثالى أو أفضل أو أنسب. والمهم هو اختيار النظام الانتخابى الذى يراعى احتياجات المواطن بشكل يتحقق فيه النص الدستورى.. فالنظام الملائم خلال مرحلة سياسية وزمنية محددة.. ربما لا يتوافق مع التغيير السياسى والزمنى.

لا شك أن الهدف من مناقشة اختيار النظام الانتخابى.. يرتكز على اتساقه مع الدستور والقوانين وعدم مخالفتهما، وسهولته فى التطبيق العملى من خلال مراعاة تركيبة الدوائر الانتخابية وحجم كتلتها التصويتية، ودعمه لأكبر مشاركة سياسية ممكنة من خلال تمثيل حقيقى لكل فئات المجتمع فيه بالـ(كوتا) وغيرها دون إقصاء. وفى الوقت نفسه، اتخاذ كل المعايير التى تمنع المال السياسى من التدخل فى الانتخابات.

تم إجراء الانتخابات البرلمانية بعد ثورة 30 يونيو 2013 على أساس %20 للقائمة و%80 للفردى. وتتجه دفة المقترحات الآن إلى تغيير تلك المعادلة لتصبح %25 للفردى و%75 للقوائم. وهو ما يتسق مع مبادئ القوانين والدستور، ولا يتعارض معها.. فالمادة 5 من الدستور تنص على التعددية الحزبية وليست تعددية الفردى، وتعطى الفرصة للأحزاب للتقوية والتواجد داخل المجال البرلمانى.

إن تنظيم العملية الانتخابية المصرية يحتاج إلى توافق واسع؛ خصوصًا فى اختيار شكل النظام الانتخابى الذى يتناسب مع النظام السياسى ويتواكب مع السياق الفكرى والثقافى والاجتماعى للمجتمع. وبالتالى، لا يجوز إصدار قوانين تخص العملية الانتخابية.. يصعب تعديلها. 

 نقطة ومن أول السطر..

الهدف من الاستقرار على أفضل نظام انتخابى هو الإصلاح السياسى. ولذا؛ فإن النظام الانتخابى ليس مجرد تشريع وقوانين ولوائح تنفيذية.. ولكنه يتحقق من خلال ثقافة المواطن السياسية والممارسات والإجراءات. وربما ما نحتاجه فعليًا هو: إعادة تعريف مفهوم الفئات والعمال، وإعادة النظر فى تقسيم الدوائر الانتخابية، وزيادة عدد المقاعد البرلمانية، وتحديد حالات التفرغ للنواب، وتأكيد الإشراف القضائى على الانتخابات بَعد استجابة الرئيس.

ويتواكب مع ذلك، سَن قانون جديد للأحزاب السياسية بديلاً للقانون رقم 40 لسنة 1977، وسَن قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية بديلاً للقانون رقم 45 لسنة 2014 وتعديلاته.