الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

علماء النفس والاجتماع يطرحون مقترحاتهم قضايا مهمة تناقشها لجنة الأسرة والتماسك المجتمعى بالحوار الوطنى البحث عن حلول لظاهرة الطلاق ومواجهة العنف الأسرى

منذ بدء الحديث حول المحور المجتمعى فى الحوار الوطنى تصدرت قضايا الأسرة المصرية قائمة الاهتمام على طاولة النقاش، وكان من بين أهم القضايا التى تم طرحها فى لجنة الأسرة والتماسك المجتمعى ارتفاع حالات الطلاق، وأيضًا تفشى العنف الأسرى بكل أشكاله المادية والمعنوية ومخاطر التكنولوجيا على بناء وتماسك الأسرة والمجتمع.



 

وتبين خلال جلسات الحوار أن كل ظاهرة من تلك الظواهر مرتبطة ببعضها البعض وأن كل جوانب المحور المجتمعى ما هى إلا نقاط مبنية على بعضها البعض ولا يصلح كلها إلا بإصلاح تفاصيلها الدقيقة.

وكان الجهازالمركزى للتعبئة العامة والإحصاء قد أصدر عددًا من التقارير التى بيّنت ارتفاع حالات الطلاق بنسبة 14.7 % خلال عام واحد. 

وأكد الجهاز أنّ حالات الطلاق على مستوى الجمهورية وفقاً لآخر إحصاء لعام 2021 قد بلغت 254,777 حالة طلاق، مقارنة بالعام الذى سبقه والذى شهد تسجيل 222,039 حالة طلاق.

فيما يشير المسح الصحى للأسرة المصرية، الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى عام 2022، إلى أن حوالى ثلث السيدات اللاتى سبق لهن الزواج فى العمر 15-49 قد تعرضن لصورة من صور العنف من قبل الزوج. وبشكل عام، فتتعرض النساء داخل نطاق الأسرة إلى العنف الجسدى بنسبة 25 %، وتتعرض 22 % إلى العنف النفسى، وحوالى 6 % يتعرضن إلى العنف الجنسى.

ومن هذا المنطلق قامت «روزاليوسف» بمحاورة عدد من أساتذة علم النفس والاجتماع وطرح عدد من الأسئلة عليهم فيما يتعلق بأسباب حدوث هذه الظواهر فى المجتمع المصرى وهل يمكن اعتبارها ظواهر أم أنها لم ترقَ إلى هذا الحد وأيضًا الحصول على عدد من الحلول والمقترحات التى قد تسهم فى الحد من تلك الطواهر التى انتشرت مؤخرا بشكل مبالغ به فى المجتمع المصرى. وفى هذا السياق يؤكد د. رشاد أحمد عبداللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان أنه يمكن اعتبار الظواهر مثل الطلاق أو العنف الأسرى هى ظواهر اجتماعية جديدة على المجتمع المصرى، فالمتعارف عليه أن الأسرة المصرية تتميز بالقوة والترابط بين أفرادها وتماسكهم الاجتماعى؛ ولكن ظهر عدد من الأسباب التى أدت لتفشى مثل تلك الظواهر التى تجاوزت نسبة 40 % من النسبة الكلية للمجتمع والتى تخطت نسبة 80 % عند الأخذ فى الاعتبار الطلاق النفسى والصامت. وترجع تلك الأسباب فى المقام الأول فيما يتعلق بالطلاق إلى سوء الاختيار والتركيز على النواحى الشكلية مثل الجمال والغنى، أما العامل الثانى فهو إهمال الجانب الدينى، حيث إن أى زواج يبتعد عن الالتزام الأخلاقى والقيم لا يتم فى إطاره احترام قدسية الأديان، وبالتالى تحدث الإساءة للزوجة أو الزوج وأيضًا الأبناء وينتج عنها فشل الأسرة. والعامل الثالث وهو عدم تقدير كل طرف للطرف الآخر. فالزوج لا يُقدر تعب الزوجة والعكس صحيح فالزوجة لا تقدر تعب زوجها، أما العامل الرابع فهو العند والمكابرة فكل طرف يصر على رأيه، والعامل الخامس اختلاف العادات والتقاليد، والعامل السادس الاستقواء حيث يميل كل طرف إلى فرض سيطرته على الطرف الآخر، والعامل السابع تدخل الأهل والأقارب فى الشئون الشخصية للزوجين، والعامل الثامن انعدام الكلمة الحلوة بين الزوجين. والعامل التاسع وهو عدم التسامح ونسيان الأخطاء، والعامل العاشر عدم القدرة على تجاوز المشكلات البسيطة نظرًا لغياب كبير العائلة الحكيم والقادر على احتواء المشكلات، والعامل الأخير وهو تهميش الدور الاجتماعى للإخصائى الاجتماعى سواء من جانب الزوجين أو جانب الإخصائى الاجتماعى نفسه. والعنف الأسرى بدوره قد يكون أحد الأسباب المؤدية للطلاق.

ومن هنا تبين أن الحفاظ على الأسرة ليس بالأمر العسير، وإنما يكمن فى بعض التفاصيل الصغيرة مثل ترسيخ عدد من المبادئ الأخلاقية بين أفراد الأسرة الواحدة مثل الاعتذار، والتسامح، والمودة والرحمة، والكلمة الطيبة، ومن ناحية أخرى هناك بعض الحلول التى قد تتطلب أن يكون أفراد الأسرة على تواصل بالكبار لما لديهم من حكمة، أو من ناحية أخرى اللجوء لمكاتب الاستشارات الأسرية عند الشعور بتدهور الأوضاع أو اللجوء إلى متخصص اجتماعى خاص مثل الطبيب، وهذا أمر غير متوافر لعدم وجود رخصة مهنية يمارس فى إطارها الإخصائى الاجتماعى دوره، وإنما يمارس الأمر بعشوائية. وأيضًا توفير خدمة الـhot line أو الخط الساخن لحل المسَلمات من المشكلات، وأبسط الحالات أن يكون هناك شيخ الحارة من المتخصصين اجتماعيًا وكذلك الحال فى القرى أو البلدان. لحل تلك المشكلات مثل الطلاق والعنف الأسرى.

فيما يرى دكتور محب ألفونس استشارى الصحة النفسية وعلاج الإدمان، أننا لكى نستطيع الوصول لحلول لمشكلات الطلاق مثلاً لا بد من التعرف على الدوافع التى يُبنى عليها الزواج أولا فى الوقت الحالى والتى تكون فى أغلبها دوافع غير صحية مبنية على معتقدات غير صحيحة ومفاهيم مغلوطة عن الرجل والمرأة والزواج فى حد ذاته. فالبعض ينظر للزواج على أنه يكمل الصورة الاجتماعية وعندها يكون الاختيار قائمًا على الإمكانيات أو الشكل فقط. والدافع الثانى يكون السن، فإذا وصلت الفتاة لسن معينة دون زواج تصبح «عانسًا»، وبالنسبة للشاب عند وصوله لسن معينة «نجوزه بدل ما ينحرف». والمشترك فى هذه الدوافع هو ضغط الأهل اهتمامًا برأى الناس والخوف بشكل عام ومن المجتمع بشكل خاص. ولا بد من الأخذ فى الاعتبار أن الحماية الزائدة تخلق شخصًا اعتماديًا، وبالزواج ينتقل صك اعتماده على الأهل لشخص آخر. والشخص الاعتمادى يكون فى الأغلب شخصًا غير مسئول.

والدافع الأخرى للزواج تتمثل فى محاولة للوصول لصورة معينة تصدرها مواقع التواصل وهى صورة غير حقيقية وغير قابلة للتحقيق على أرض الواقع، علاوة على دوافع أخرى مثل الهروب من التحكم داخل بيت الأهل أو محاولة بائسة للبحث عن الأمان وحتى لو كان هذا الأمان أمانًا مزيفًا من شدة الألم فى الوضع الحالى الناتج عن الانتهاكات والعنف والاستغلال. وهنا لا بد من الأخذ فى الاعتبار أن عدم الوعى هو عامل مشترك مثلما ذكرنا فلا يستطيع الأشخاص التفريق بين الانجذاب والحب. ومن بين الدوافع أيضًا ارتباط الشخص بمواقع التواصل وهو ما ينتج عنه الانعزال isolation وغياب الارتباط الأسرى والمشاركة، وينتج عن هذا البحث عن السعادة والأمان المزيف وهو أيضًا معتقد غير صحى ومشوه. فيظهر هنا اللجوء للتكنولوجيا بطريقة سلبية لتلبية الاحتياجات النفسية بدلاً عن العلاقات الحقيقية. وبسبب كل ما سبق أصبحت القيم مختلفة ومشوهة، وذلك بسبب إساءة استخدام الإلكترونيات بكل أشكالها حتى أصبحت نوعًا من أنواع الإدمانات الخفية (وإن كانت ظاهرة لصاحبها).

وبالتالى يمكن القول أن كل هذه الأسباب أدت لتفكك الروابط الزوجية والأسرية ككل، وبالتالى زيادة حالات الطلاق. 

ومن ناحية أخرى فإن الضغط النفسى الناتج عن مفاهيم مغلوطة البوابة الرئيسية للأمراض والاضطرابات النفسية بجانب الاستعداد الجينى أو التاريخ الأسرى فى العائلة.

والذى قد ينتج فى معظم الأحيان لنقص المهارات الحياتية مثل مهارة التعامل مع الضغوط أو مهارة حل المشكلات أو اتخاذ القرارات أو التواصل الإيجابى، بل فى بعض الأحيان اللجوء لغير المتخصصين قد ينتج عن ذلك الانتحار بسبب الدوران فى دائرة مفرغة من الصدمات والنكسات والإحباط من الوصول لسقف التوقعات العالية غير القابلة للتحقيق التى صدرتها وسائل التواصل والميديا والشعور بعدم الرضا والسعادة.

وهنا يتمثل الحل فى عدد من النقاط أولها الوعى ويتمثل فى تصحيح المفاهيم.

وعند حدوث مشاكل أثناء الزواج عليك باللجوء لمتخصص وعدم الإنجاب إلا بعد التأهيل النفسى (الوعى) والتأكيد أن الزوجين شريكان وليسا متنافسين أو عدوين).

ومن جانبها تقول د. إيمان عبدالله المعالج الأسرى ورئيس مجلس مؤسسة الإيمان للإرشاد الأسرى: تتنوع أسباب الطلاق وأهمها عدم التوافق والتكافؤ المادى والاجتماعى والتعليمى والثقافى، فمع التواصل الاجتماعى والتعامل يظهر الاختلاف، وقد تكون بعض التصرفات عند شريك الحياة غير عقلانية وتؤدى لعدم القدرة على حل المشكلة، حتى إن العنف الأسرى هو أحد الأسباب المؤدية للطلاق بكل أشكاله الضرب والإهانة والحرمان والتعنيف والمقارنة والعنف داخل الحياة الزوجية وعدم الاهتمام والذى يُعد بدوره من أشكال الإساءة، وهناك دراسة أجريت حول أسباب الطلاق ووُجد أن 25 % من الحالات يقرون أن السبب هو العنف المنزلى أو الأسرى.

وقد يظهر العنف فى شكل آخر وهو إهمال الأسرة فلا يكون للزوج أى دور كأب أو كزوج والتدهور الاقتصادى للأسرة المادى للأسرة وغلاء الأسعار وحوالى 41 % من حالات الطلاق تنتج عن المشكلات المادية فتحدث المشكلات حسب المناسبات الاجتماعية أو الدينية، فلا تقوم الأسرة بوضع خطة مالية لنفسها، وبالتالى من الضرورى دراسة الجانب الاقتصادى للأسرة.

ومن الأسباب التى ألحظها بشكل واضح هذه الفترة عدم التأهيل النفسى قبل الزواج سواء بالنصح والإرشاد أو بفقدان النموذج الأسرى من خلال الأسر المفككة أو المعنفة أو الأسر العدوانية وإهمال كورس التأهيل قبل الزواج والذى لا بد أن تقوم الحكومة بتدريسه بشكل موثق، حيث يُطرح فيه نقاط مهمة مثل الميزانية الأسرية واختيار الشريك وسيكولوجية الشريك وكيفية التعامل والحديث والتفكير وكيفية وضع خطط استرتيجية بدلاً عن الطلاق. فلا بد من دراسة تلك الحياة المقدسة دينيًا واجتماعيًا واقتصاديًا ونفسيًا وأيضا الأسر التى تقدم على الزواج وهى مكبلة بالديون، وتعاطى المخدرات بجميع أنواعها أدى لتفكك الأسرة وتهديد أمنها والمجتمع، وهى من المشكلات التى نعجز عن حلها وهى قد تؤدى للعنف الذى قد يفضى للقتل علاوة على الانفتاح المعلوماتى أدى إلى عدم التواصل بين الشريكين.

وتضيف د. إيمان: إن حل ارتفاع حالات الطلاق يكمن فى فهم الأسباب التى تكمن وراءها والعمل على الوقاية منها، وفيما يتعلق بالعنف الأسرى لا بد من استبداله بالحوار وجلسات تعديل السلوك بين الزوجين، ويأتى هذا بالتدريب والتأهيل على الحياة الزوجية للأسرة بالدورات وشغل وقت الفراغ، والتثقيف الدينى والجنسى، وعلاج الأمراض قبل الزواج.

ومن جانبها ترى الدكتورة هالة منصور أستاذ علم الاجتماع أن التحرك فى مثل هذه القضايا لا بد أن يكون على مستوى قومى وعلى ثلاثة محاور قائلة: «إن طرح القضايا المجتمعية أى مجموعة المشكلات التى تعانى منها الأسرة المصرية مثل الطلاق أو العنف الأسرى أو تأثير التكنولوجيا السلبى على التماسك الأسرى تعنى أن الأسرة المصرية فى خطر.

ولا بد من حماية الأسرة المصرية والتى يمكن من خلالها علاج جزء كبير من هذه المشكلات ومشكلات أخرى لم يتم طرحها، وهذا يتم بالعمل على 3 محاور أساسية المحور الأول هو قيم الأسرة «ما معنى زوج، أبناء، مسئولية، أسرة»، وكل تلك المفاهيم مرتبطة بحالة من حالات الوعى الثقافى والمجتمعى والدينى والأخلاقى لا بد لكل أجهزة المجتمع أن تتشابك وتتكاتف لتحقيق هذا الوعى بشكل إيجابى بقدر من التدرج فى نقل هذا الوعى وفقًا للمستوى الثقافى والاجتماعى للأسر والمراحل العمرية، فمن المهم طرح حالة من حالات الوعى بأهمية القيم الأسرية المصرية. 

والمحور الثانى وهو طبيعة العلاقات داخل الأسرة مؤسسات الدولة الأسرة لحمايتها لأنها تمثل اللبنة الأساسية فى المجتمع ولكى تقوم المؤسسات بهذا الأمر لا بد من البحث حول المشكلات أو الضغوط التى تتعرض لها الأسرة المصرية، ومن أهمها غياب الأب والأم وانشغالهما بدرجة كبيرة فى عجلة الحياة اليومية لتوفير لقمة العيش فأصبحت عجلة الحوار نائمة ولا مجال للحوار والتعامل بين أفراد الأسرة فالأبناء منشغلون بوهم العملية التعليمية لأنه لم يعد التعليم مرتبطًا بالذهاب للمدرسة، ولكن أصبح الأبناء أيضًا أغلب الوقت خارج المنزل سعيًا وراء الحصول على التعليم من خلال المدرسة والدروس والخروج للتحصيل وانشغلوا أيضًا بظروف الحياة فأصبح البيت مفرغًا من الأمن الاجتماعى داخل الأسرة فكل منهم منشغل بدرجة كبيرة، وذلك مع وجود التكنولوجيا واختراقها للحياة وعدم تنظيم سواء السوشيال ميديا للحماية ولا تنظيم الاعلام الطبيعى من خلال المادة التى تقدم على وسائل الإعلام المختلفة. 

والمحور الثالث وهو الأدوار داخل الأسرة سواء أدوار أفراد الأسرة تجاه بعضهم البعض أو أدوار الأسرة تجاه المجتمع، حدث خلل فى الأدوار وذلك نتيجة حدوث تغيرات فى طبيعة الدور فكانت المرأة زمان تنحصر أدوارها داخل البيت والرجل يرتبط دوره بكل ما يدور خارج البيت حدثت تغيرات كثيرة فأصبحت المرأة تخرج لمجال العمل وتشارك فى أدوار خارجية خارج البيت والرجل أصبح أيضًا يصارع فى الحياة العملية فأصبح هناك صراع أدوار.. عند المرأة المكبلة بالعديد من الأدوار داخل البيت، بل بالعكس فإن ضعف المؤسسات أصبح يكبل المرأة أيضًا بأدوار أخرى تعليمية خلقت نوعا من أنواع الصراع داخل الحالة الأسرية صراع أدوار سواء أدوار المرأة أو الرجل وعندما يشارك أى طرف من الأطراف فى هذه الأدوار فهو يشارك بمنطق المتفضل، وبالتالى لا يؤدى دوره بالكفاءة المطلوبة مع انصراف الأبناء للأدوار الحصول على الحقوق فقط وليس الواجبات، وبالتالى حدث خلل فى الأدوار داخل الأسرة انعكس على طبيعة العلاقات وانعكس على ارتفاع معدلات الطلاق وانعكس على العنف داخل الأسرة.. لا بد من وضع المحاور الثلاثة فى منظومة يتكاتف فيها الجميع لحل المشكلات.. مسألة الوعى والقيم ومسألة العلاقات والمعاملات والشراكة المجتمعية ومسألة البيئة الاجتماعية سواء كانت قانونية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية لخدمة الحياة الأسرية بشكل جيد.. ومن المفترض أن نتحرك جميعًا كعلماء وأجهزة الدولة والمسئولين لوضع الاستراتيجية الأساسية للحماية الأسرية.. وذلك من خلال التحرك على المحاور الثلاثة السابقة وكل مختص يدلى بدلوه ويكون التعامل بشكل تكاملى بين كل الإدارات والهدف الرئيسى الذى يحركنا هو حماية الأسرة المصرية والحفاظ عليها لأنها أساس المجتمع.