الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. فى سبيل تحقيق الدولة المدنية المصرية..  محرمات ما قبل 30 يونيو..  المناصب العليا وتغيير الدين!

مصر أولا.. فى سبيل تحقيق الدولة المدنية المصرية.. محرمات ما قبل 30 يونيو.. المناصب العليا وتغيير الدين!

ضمن من استهدفهم التطرف والإرهاب بعد أحداث 25 يناير 2011.. المواطنون المسيحيون المصريون حتى استطاعت الدولة المصرية استرداد أمنها واسترجاع أمانها بالشكل الذى أعاد للمجتمع المصرى بأكمله حالة الاستقرار التى أصبحت مفقودة فى العديد من دول الجوار. ولكن يظل الفكر المتطرف وبعض التصرفات العشوائية من المجتمع هى الأمر الواقع حاليًا.. الذى يحتاج إلى مواجهة فعلية سريعة.



 

واجهت الدولة المصرية ما سبق بحزم وحسم بعد ثورة 30 يونيو، وكانت الدعوة مستمرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى بتجديد الفكر الدينى الذى يرتكز على قيم المواطنة الحقيقية من قبول الاختلاف والتسامح والحوار والعدالة والمساواة بين كافة المواطنين المصريين بغض النظر عن كافة أشكال الاختلاف ومن بينها التنوع الدينى والتعددية الفكرية والسياسية والاجتماعية. 

أكتب هذه الكلمات بناء على ما وصلنى من تعليقات واتصالات على مقال الأسبوع الماضى بعنوان «المواطنون المسيحيون المصريون ولعبة الأرقام.. ضد معيار تحقيق الدولة المدنية»، والذى تناولت فيه تصريحات البابا تواضروس بأن (عدد المسيحيين فى مصر يقارب 15 مليون مواطن، وما يقرب من مليونى مواطن فى المهجر). ومن أهم نقاط التفاعل مع المقال:

1 – التشكيك فى إجمالى التعداد المذكور بأنه أقل من المتوقع، وأن التعداد أكبر من ذلك بكثير.

2 – لماذا يعلن البابا هذا الرقم الآن رغم أنه اختصاص أصيل للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فقط؟

3 – السؤال عن سبب الإعلان عنه الآن تحديدًا.. رغم أنه غير مطروح للنقاش الآن.

4 – ترجمة البعض لهذا التصريح بعلاقة التعداد بالحصول على المناصب العليا والقيادية.

 

للتاريخ..

 

أشاد كل من تناول بالرصد والتحليل العلاقات المسيحية – الإسلامية فى مصر بعلاقة البابا كيرلس السادس بالرئيس جمال عبدالناصر رغم أن تلك المرحلة هى بداية ترسيخ الطائفية فى المجتمع المصرى. وبغض النظر عن تناول تلك الفترة كنموذج إيجابى للعلاقات، فإن علاقة الرئيس عبدالفتاح السيسى مع المواطنين المسيحيين المصريين ومع الكنيسة المصرية فاقت كل المقارنات السابقة للإطار الحاكم لها من التقدير والاحترام. والذى تم ترجمته فعليًا سواء بالذهاب أثناء صلوات الأعياد إلى الكاتدرائية لتقديم التهنئة، وبالحرص على وجود كنيسة فى كافة المدن الجديدة. وما ترتب على ذلك من حالة التشبع من بناء الكنائس التى أصبحت مع مرور الوقت وصدور القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن بناء وترميم الكنائس أمرًا قانونيًا طبيعيًا، وليس طائفيًا. وهو ما يؤكد أن قوة الدولة فى تنظيم شئون الكنائس من خلال إصدار قانون لها.. أعفى المجتمع والدولة من أزمات وتوترات طائفية تراكمت على مدار سنوات طويلة دون حل حقيقى، بل وبخوف وترهيب وتجنب لرد فعل متخيل من التيارات المتشددة.

كما أذكر هنا أيضًا، ما تضمنته مفردات خطاب الرئيس التى تكن كل التقدير والاحترام للمواطنين المسيحيين المصريين مثلما يخاطب المرأة المصرية والأشخاص ذوى الإعاقة من أصحاب الهمم.

 

بناء الثقة..

 

أعتقد أننا نحتاج إلى استكمال خطوات لبناء الثقة بين المواطنين المسيحيين المصريين وبين الدولة فى مواجهة كافة أشكال العقليات المتطرفة والمتشددة التى تحتاج لمواجهة حقيقية فى سبيل استعادة الوعى الوطنى للشارع المصرى، وذلك على غرار:

 

 

التمييز الدينى..

 

تعد ظاهرة التمييز على أساس الدين من أخطر أنواع الظواهر الاجتماعية التى تفاقمت فى السنوات الأخيرة فى الشارع المصرى، لما لها من تداعيات مباشرة على تقسيم المجتمع المصرى طائفيًا، وتمزيق وحدته فى ظل إشاعة مناخ من الفرز والاستبعاد والتهميش والإقصاء. ومن أكثر الأمثلة وضوحًا لما سبق هو التعصب الوظيفى، على غرار استغلال معرفة دين طالب الخدمة أو العمل أو.. من خلال الاسم أو بطاقة الرقم القومى لممارسة نوع من التمييز ضد المواطنين المسيحيين المصريين.. بأشكال متعددة وغير مباشرة.. لا يمكن إثباتها فى العديد من الأحيان.

 

الحل هنا - حسبما طالب الصديق أسامة سلامة عدة مرات على صفحات مجلة روزاليوسف - بسرعة إنشاء مفوضية التمييز حسب نص المادة 53 من الدستور المصرى حيث تشمل كلًا من: المرأة، والمواطنين المسيحيين، والأشخاص ذوى الإعاقة من أصحاب الهمم، وأبناء الحضر أو الريف، وأبناء النوبة، وغيرهم، أو بمعنى أدق.. فهى تشمل جميع المواطنين المصريين دون استثناء. وعلى أن يصاحب ذلك بيئة تشريعية وقانونية.. تجرم التمييز لكونه الوسيلة المتبقية التى يستخدمها المتشددون والمتطرفون والسلفيون لإحداث حالة من الانقسام والتشرذم فى المجتمع المصرى.  

 

المناصب العليا والقيادية..

 

عانى العديد من المواطنين المصريين خلال سنوات عديدة ما قبل ثورة 30 يونيو حالة من الاستبعاد فى الوصول إلى المناصب العليا. وهو الأمر الذى واجهته الدولة بقوة وحسم من جهة، وتقنين معايير واضحة للترقى وتولى أصحاب الخبرة والكفاءة المشهودة لهم فى مجالاتهم.. وأصبحت المناصب العليا طبقًا للكفاءة بعيدًا عن الوساطة والمحسوبية من جهة أخرى. ولا تزال تكمن المشكلة فى عدم تعيين مواطنين مسيحيين مصريين من أصحاب الكفاءة والتميز والخبرة والاقتدار فى بعض المناصب العليا كما هو معلوم ويروج له، على غرار: مدراء الأمن – رؤساء الجامعات – عمداء الكليات – رؤساء الأحياء.…

 

والآن، لا يوجد سوى سيدة مسيحية مصرية فقط تتولى منصب محافظ دمياط، وهو ما فتح باب التعليقات بالحديث عن عدم وجود محافظة تصلح لأن يتولاها مواطن مسيحى مصرى أو امرأة مصرية أخرى، أو وكأنه لا توجد كفاءات منهم تصلح لهذا المنصب.

 

وتكريس فكرة حجز وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج لكى تتولاها مسيحية مصرية، وكأن باقى الوزارات لا تصلح لأن يتولاها من أصحاب الخبرة من المواطنين المسيحيين المصريين.

 

نحتاج إلى تمكين المواطنين المسيحيين المصريين من تولى المناصب العليا والتنفيذية.. ليس من منطلق الاستناد إلى الهوية الدينية بقدر ما هو الاستناد إلى الكفاءة والاقتدار والخبرة والتميز. 

 

حرية العقيدة..

 

تتصاعد بعض الأزمات بسبب تغيير الدين لمواطن أو مواطنة مسيحية مصرية، أو بسبب الرجوع عن تغيير الدين (من الديانة المسيحية إلى الديانة الإسلامية، والعودة مرة ثانية للمسيحية).. وهو الأمر الذى جعل البعض يرجع ذلك إلى قرار إلغاء جلسات النصح والإرشاد. 

 

وفى تقديرى، أن الأفضل لضمان حرية العقيدة هو ترك أمر تغيير الدين والتحول من دين إلى دين.. للجنة تابعة للمجلس القومى لحقوق الإنسان لحياد أعضائه، ومع وجود عضو ممثل من وزارة العدل.. للتأكد من عدم التعرض للإجبار والإكراه والضغط الأسرى مثلما يحدث إلى الآن.. خاصة مع القاصرات، وعلى أن يتم تنفيذ توصياته بشأن كل حالة على حدة طالما كان المتحول دينيًا راشدًا وكامل الأهلية. وهو ما من شأنه أن يؤكد على:

 

- أن الدستور المصرى ينص على كفالة «حرية العقيدة»، وهى من الحريات الشخصية التى تتسم بالخصوصية والمساواة.

 

- التعامل مع حالات التحول الدينى بشفافية ووضوح.. خاصة فى ظل وجود اتهامات افتراضية بالاختفاء القصرى بسبب وجود جماعات وتنظيمات للأسلمة.

 

- وجود «فرصة» لعائلة المتحول دينيًا ورجال الدين لعقد جلسة نقاش ودى.. للتأكد من وجود رغبة حقيقية دون ضغوط أو تهديدات لتهدئة العائلات.

 

- الاطمئنان بأن قرار تغيير الدين لم يتم بضغوط خارجية أو استغلالًا لظروف مجتمعية ومشكلات أسرية ومالية صعبة.

 

- احترام رغبة المتحول دينيًا فى حال تغيير الديانة لأسباب شخصية سواء كانت عقائدية أو غيرها.

 

- تضمين قوانين الأحوال الشخصية ما يحافظ على مفهوم «التبنى» فى المسيحية، و«التكافل» فى الإسلام حسب الشروط والقواعد الدينية لكل طرف.. تفاديًا لتوتر مفتعل مثل «أزمة الطفل شنودة».

 

نقطة ومن أول السطر..

 

فى سبيل تأكيد منظومة المواطنة التى تحقق الدولة المدنية المصرية بقوة قانونها ونفاذ عدالتها، يجب تبنى سيناريوهات الحلول السريعة وتفعيلها، على غرار: إصدار قرار بتحويل كافة قضايا التحول الدينى (تغيير الدين) للمجلس القومى لحقوق الإنسان. والتوسع فى تعيين الخبرات والكفاءات المسيحية فى المناصب القيادية والعليا.